يحتفل العالم المسيحي في كل عام بالعيد الميلادي الواقع فى ٢٥ من شهر كانون الاول ( ديسمبر ) ولكن هل هذا اليوم هو اليوم الحقيقي لمولد المسيح عليه السلام ؟
ولكي نحصل على الجواب الصحيح لا بد أن نعرف أن اليوم الذي ولد فيه المسيح لم يكن معلوما على التحقيق ، ولذا كان ولم يزل مثيرا للاختلافات الشديدة بين المؤرخين قديما وحديثا ، وذلك لان الانجيل - الكتاب الوحيد الذي يؤمن به جميع الشيع المسيحية ، والذي يجب الاعتماد عليه فى مثل هذا الموضوع - قد سكت عن ذكر اليوم الذي ولد فيه المسيح عليه السلام .
وقد جاء فى كتاب دائرة معارف الاديان والآداب لهستنغ تحت كلمة ( عيد الميلاد :
ان اليوم السادس من يناير هو اليوم المعتبر عند المسيحية كيوم ميلاد المسيح ، وفي عام ٣٥٣ بدله البابا ليبيريوس باليوم الخامس والعشرين من ديسمبر.
وفي كتاب المقارنة بين المسيحية والمجوسية ص ٢٦ - ان البابا ليبيريوس هو أول من اخترع القول بأن المسيح ولد فى ٢٥ ديسمبر ، وذلك فى عام ٣٥٣ بعد التقويم
الحالي . وفي عام ٥٣٠ قام القس ديونيسيوس على تأييد قول البابا المذكور واقناع اتباعه على اتخاذ اليوم ٢٥ ديسمبر عيدا لمولد المسيح ، وبعد اربع سنوات ، أى فى عام ٥٣٤ - احتفل بعض المسيحيين بعيد الميلاد فى ٢٥ ديسمبر ، وهو أول احتفال بعيد الميلاد في تاريخ المسيحية .
وفي القرن السادس عشر اتفق اغلب الشيع المسيحية على الاحتفال بعيد الميلاد فى اليوم ٢٥ من شهر ديسمبر تأييدا للبدعة التى اخترعها البابا ليبيريوس المذكور.
وجاء في كتاب اصول الديانة المسيحية ص ٣٢ - للسيد خواجة كمال الدين : ان طائفة الكنيسة الاغريقية تعتبر مولد
المسيح اليوم السابع من يناير للسنة الاولى الميلادية . وهذه الطائفة لا تحتفل الا في ذلك اليوم .
وفي كتاب ( ليكن الله صادقا ص ٤٧ تاليف طائفة شها يهوه ) ان المسيح ولد فى حوالى اليوم الال فى شهر اكتوبر للسنة الثانية قبل التقويم الحالى
واذا تركنا هذه الاختلافات جانبا ورجعنا إلى الانجيل نجد فى الاصحاح الثاني من انجيل متى ان المسيح ولد فى ايام ( هيرودس ) ملك اليهود بدون اقل اشارة الى اليوم او الشهر . ثم إذا بحثنا عن كلمة ) هيرودس ( فى كتب التاريخ نجد ان هيرودس كان ملك اليهودية وانه ارتقى عرش المملكة اليهودية من عام ٢٧ الى عام ) ٤ ( قبل الميلاد المقدر . وهذا يجعل حصول مولد المسيح عليه السلام فى ٢٥ ديسمبر من المستحيل . وذلك لان هيرودس يكون قد مات باربعة اعوام قبل ميلاد المسيح . وهذا مستحيل بنص الانجيل الذي ذكرنا آنفا . فثبت انه لم يولد فى ٢٥ ديسمبر . وخصوصا ان لوقا قد ذكر في انجيله ( الاصحاح الثاني ) ظهور جمهور من الجند السماوى ( الملائكة ) مسبحين الله ومبشرين بمولد المسيح لرعاة يحرسون حراسات الليل على رعيتهم فى ليلة اليوم الذى ولد المسيح عليه السلام مما جعل حصول ولادته عليه السلام في ٢٥ ديسمبر مستحيلا . وذلك لان شهر ديسمبر كان فى فصل الشتاء حيث تهطل الامطار ، بكثرة فائقة ، ويشتد الزمهرير فى اليهودية . ومن المستحيل ان يكون الرعاة بالليل مع حراساتهم في صعيد بيت لحم . .
واذا لفتنا النظر الى كتب تاريخ الأديان الآسيوية نجد أن اتباع بوذا يقولون بوقوع مولد ( بوذا ) فى ٢٥ ديسمبر ، وكذلك اتباع كرشنة فى الهند ، واتباع ( كونفيشيوس في الصين ) واتباع "ابولو" فى اليونانية . واتباع ( هركيولس ) فى رومة ، واتباع ( مثرا ) فى فارس ، واتباع "ادونى" فى سورية ، واتباع " أوزيس ، وايزيس ، وهورس " فى مصر وأتباع "استرت" فى قرطاجنة ، واتباع ( بعل ) فى بابل ، وكل هؤلاء سبقوا المسيحيين الى هذا القول بقرون .
ولا شك ان المسيحيين كانوا اخذوا هذا القول من اتباع " بعل " حينما وقعوا اسارى فى ايدى البابليين حيث كانت البعلية - الدين الرسمى.
وخلاصة البحث هى : انه حتى الآن لم يهتد احد الى تحقيق اليوم الذي ولد فيه المسيح عليه السلام ، وان كل ما فى الكتب التاريخية من تعيين اليوم او الشهر انما هو تقادير وتخمينات واهية ، وهذا هو الحق الذى لا مشاحة فيه .
( ذلك من انباء الغيب نوحيها اليك وما كنت لديهم اذ يلقون اقلامهم ايهم يكفل مريم، وما كنت لديهم اذ يختصمون ) الآية ( ٤٣ ) آل عمران .. صدق الله العظيم.
