حفرية فى الأبجد ونبش فى التاريخ وأحواله وشؤونه قد ينفع القارىء وقد يستحيل إلى ثرثرة جوفاء وهو على كل حال من بعض فراغ النفس فيه ما فيها من ذبذبة وتعقيد
كانت زليخا زوج المعز بن باديس من ربات البر والجمال والعقل ، أسعفت الشعب فى الوباء الذى نزل بافريقية عام 425 هجرى بستين ألف كفن .
قالت : ... والوباء من بعض حركة الكون تارة نظام وانسجام حكمة وطورا ينتاب الحركة خلل وتحيد به فوضى .
حدث الحارث بن أبى خليل الاسكافى قال :
حدث وباء بافريقية عام 425 من هجرة الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم ومات خلق كثير وأحرق الأهالى جثث موتاهم وآنقطعت طرق البر والبحر وكانت النكبة العظمى أرادها الله امتحانا للمؤمنين الصابرين .
جاء في سرد سرة الحارث بن أبي خليل الاسكافي ما يلى : . . . ومات الحارث من جراء الوباء عام 425 هجرى . . .
قال المسعدى فى السد :
"عاشوا وارتحلوا ونزلوا وأحبوا وكرهوا وقطعوا بين المجنون وليل وفعلوا ما فعلوا وقالوا ما قالوا ليكونوا قصة من قصص الأدب . . . "
قلت : عجيب أمر التاريخ . قالت : لعمري كيف تستحيل أحداثه إلى ما يضارع الحلم إسفافا ورؤيا . قلت : ذلك من أمر الكون .
كتب أبو حيان التوحيدى قال : " أنا أسعى بالعقل الى البناء والعالم يسعى بالطبيعة الى التحطيم " .
قلت للراقنة أكتبي :
. . . وبعد سنوات الجدب . تم العثور على بعض حالات من الكوليرة محدودة الخطر . . كما أن البلاد عانت من الفيضانات التى أجتاحتها ، وأخيرا سجلت عدة رجات أرضية خفيفة ، شققت من جرائها البيوت ولم تتسبب فى خسائر بشرية . ولذلك وجب التفكير فى أخذ كل الاحتياطات لمواجهة مثل هذا الكوارث .
فكتبت الراقنة :
تـ تـ تك تك تـ تـ تك تـ تك تك تت تت تك تك تك تـ تك .
واصل المسعدى يقول فى السد : . . . فنحن لا بد أن نبقى أحياء الى آخر القصة . الحياة والموت لا قدر فيهما ولا قضاء يا ميمونة . إنما هما من أمر القصة .
رسالة مطلب عمل كتبها صاحبها وننقلها بأخطائها وهوامشها : الحمد لله وحده والله ولى التوفيق .
إلى سيد حظرة الرئيس المدير العامي لشريكة كذا كذا سيدى وقرة عيني
أنا المضكور أسفله بطال فقير الحال منذ عشر سنين وعندى ستة أولاد يقراو فى المدرسة ولازمهم كما تعلموا كراريس وكتب وأردوازات . وأنا يا سيدى لا عندى طعام اليوم وأطلب من الجناب خدمة كناس أو عساس في الشريكة أو يا سيدى اخدم جردينى فى دار سيادتكم . وأبقاكم الله عز وجل لاولادكم وللشريكة ضخرا . من كاتب الجواب الطامع فى فضلكم بلقاسم بن عمر بن فرحات ألخ ألخ ألح .
جاء فى كتاب المجموعة الكبرى التى تحتوى على الاحاديث القضاعية والعقيدة السيوطية وجوامع الكلم ومنظومة الدمنهورى ولامية ابن الوردى مع شرحها وهدية الآداب وحكم قرآنية . ما يلى :
" وإن السعادة والشقاء والغنى والفقر ليس من عزم الفتى ولا من كسله بل ذلك بيد الله تعالى ودليله قوله تعالى : ) نحن قسمنا بينهم معيشتهم فى الحياة الدنيا ) صدق الله العظيم .
٠٠ ومن نداءات المتسولين جمع الدكتور الطاهر الخميري : حويجة لله يا مؤمنين . لله لربى يا موحدين .
يشدك فى صحيحتك ويفوح ريحتك . لا يفرغلك مكتوب بجاه النبى المحبوب ( ويقال جيبوب ) .
قالت : وماذا يحكى فرناندو أرابال فى شريط " يحيا الموت " ؟
قلت هو الكائن النطفه ينطلق من بين الصلب والترائب هو المغشوش الواقع فى الشرك ، كلمة منطوقة بين الصمت والصمت أو هو الصيحة أو الشهقة المكتومة دهرا هو الحق .
قالت : تحيا الحياة .
قلت : الحياة شطحه صوفية تخمرة عيساوية وذكر لا ينقطع ينطلق من افواه درداء فى مدينه خلاء ويعجعج البخور وتذرى السناجق سنجق سيدى
عبد السلام الاخضر ذو الحواشى المزركشة بالفضة وسنجق سيدى بوكمشة الاحمر فيه هلال طرزته خديجة بنت على بنت عم على الفرانقى وكانت بكماء وبائرة . الحياة كذلك ثرثرة وفراغ دزان بيدق كذب بهتان .
قالت : وماذا يعنى أراببال بعنوان الشريط " يحيا الموت " ؟ قلت : هو نداء القتل عنوان الابادة لدى الفاشست.
قالت : تحيا الحرية .
وعبرت الشارع فى خفة ودلال وكانت فتاة بالغة العفة والجمال وجهها صباح منبثق وينبوع متفجر زلال طفولة تقع بين التقوى والانبلاج ، وهى من بعض الاحلام وبعض الخيال فاكهة محرمة .
هنا أبو طرطور المشاهدة أقوى دليل جرب وشوف يا وليدى نقص خشم بنادم ونركبو لا باس عليه لا سوء لا سوية هنا بو طرطور صاحب المعجزات تقدم اتفرج عشرين مليم يا عباد ربي بو طرطور تعلم السحر من كبار السحارة فى الهند والسند وبلاد الواقواق بو طرطور لا حيلة لا تشيطين لا طلامس فى العينين .
وواصل المسعدى بناء شخصية غيلان حتى أتم هذا بناء السد فكان سدا عملاقا خيرا يحمل الحياة للقفر اليباب وقال غيلان : انهار السد ، كما قال صاحب الحمار : يا خبة الثورات . كان صاحب الحمار ينوى الاطاحة بالدولة الفاطمية وكان يرفع شعارات الحرية زيفا وتدليسا . . فليس كالتاريخ حكم وليس كالزمن عدل .
قال صاحبى وقد ضاق بي ضيقا وشق عليه أن أستمر في هذا الكلام : أنت متناقض مع نفسك لا تستقر على حقيقة ، ألم تقل أن التاريخ وهم وحلم ورؤيا . . فكيف تقول الآن أنه حكم عدل ؟
أنت يا اخى ميكانيسيان تخدم خدمة روتينية تعيش في الواقع أما أنا ففنان احمل بذرة جنون وأعيش لا فى الواقع وإنما فى الحقيقة .
حدق أستاذ التاريخ فى تلاميذه ، فألفاهم وجوها ناظرة منتظرة وانفاسا تصاعد فى هدوء ، ألفاهم مسغبين للمعرفة ، ساعين فى حفرياته الذهنية مدى الزمن الغابر ، إن فجورا وإن تقوى ، وقال أحدهم وهو تلميذ شهر بكسله وذكائه :
- ما التاريخ سوى ثورات متلاحقة . شعوب تتحرك كالبحر موجا هائلا وزبدا فوارا .
أعلنت صفارة المعهد إنتهاء الساعة ، فاندفع التلاميذ نحو الساحة وبقى استاذ التاريخ أمام درس المعز بن باديس مكتوبا على السبورة :
" . . اسعفت الشعب فى الوباء الذى نزل إفريقية عام 425 هجرى بستين ألف كفن " .

