الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 1الرجوع إلى "المنهل"

خطاب جلالة الملك فيصل المعظم

Share

" ننشر فيما يلى الخطاب الاسلامي الجامع الذي ارتجله جلالة الملك فيصل المعظم في الحفل السنوى الذي اقامه جلالته بقصره العامر بمكة المكرمة تكريما لحجاج بيت الله الحرام وذلك في ليلة ٧ ذى الحجة ١٣٨٨ ه وقد اصغي اليه ملايين من العالم الاسلامي في الداخل والخارج وملايين من العالم "

بسم الله الرحمن الرحيم

ايها الاخوة المسلمون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فى هذه اللحظات المباركة ، يسعدني ويملؤني فخرا كفرد من أفراد هذا الوطن الذين أعزهم الله واكرمهم ومن عليهم بالقيام بخدمة هذه الاماكن المقدسة والسهر على راحة وفود بيت الله الحرام - ان اتقدم اليكم بخالص الترحيب من قلوب تشعر بما للاخوة الاسلامية والروابط الدينية من اواصر تشد بعضها الى بعض وتمسك بعضها بالبعض الآخر . فانني في هذه اللحظات ، ومع تقديم التهانى لاخوانى حجاج بيت الله الحرام بسلامة الوصول راجيا من المولى الكريم ان يكمل حجهم وان يهبهم الغفران والثواب ، ارجوه سبحانه وتعالى ان يمن علينا بالمزيد من شكره والايمان به والتمسك بعقيدتنا الغراء كما انزلت من العلي القدير سبحانه وتعالى وكما اخبر عنها المصطفى صلوات الله وسلامه عليه .

اخواني

اننى لا اعدو الحقيقة اذا قلت لكم انه من اسعد ايام ابناء هذا الوطن الشقيق لكم ان يروكم بين ظهرانيهم متمتعين بكل راحة وبكل امن وبكل استقرار فى اداء مناسككم وفى التبتل الى الله سبحانه وتعالى ان يغفر ذنوبنا ويكفر عنا خطايانا وان يهدينا جميعا الى سبل الرشاد وان يرزقنا الهداية والاستقامة انه على كل شئ قدير

ايها الاخوة

فى هذا الوقت الذى نعيش فيه فى اوطاننا وبيوتنا ونرتع فى رغد من العيش ، رجو أن لا ينسينا هذا أن هناك حرما ثالثا ، أولى القبلتين وموضع معراج الرسو صلوات الله وسلامه عليه ، لقد استباحت حرمته طغمة من الناس كان دابها منذ فجر التاريخ ، العدوان والاستكبار ونكران اوامرالله سبحانه وتعالى وقد سبق لهم أن تحدوا نبيهم صلوات الله وسلامه عليه حينما أمرهم بأمر ربه ان يدخلوا القرية وان يقاتلوا في سبيله فكان جوابهم له ، اذهب انت وربك فقاتلا انا ها هنا قاعدون . فهل هناك تحد للارادة الالهية واستهزاء بالجبروت السماوى اكبر من هذا . فماذا ننتظر منهم نحن فى هذا الوقت وفي هذا الزمن الذي - لسوء الحظ - تغلبت فيه الاهواء وتغلبت فيه المطامع وصاحبها تيارجارف يهدم العقائد الصحيحة ويهدم الاخلاق الفاضلة ويهدم المبادئ السليمة ليحل محلها الفوضى والانحلال والفسق والاجرام فكل هذه الجرائم وكل هذه المباذل اتت من هذه الزمرة الفاجرة التى تحاول ان تفرض سيطرتها على العالم اجمع وليس على العرب وإذا كنت اشير الى العرب فقط فلانها تمثل الآن اجرامها واستهانتها بالضمير وبكل المبادى ، الانسانية على ارض عربية . ولكن هذه الارض ، لا تخص العرب وحدهم وانما تخص جميع المسلمين وجميع المؤمنين بالله الذين يحاربون الزيف ويحاربون الالحاد والانحلال والتهتك .

لا ارانى في حاجة الى ان اشرح لكم ايها الاخوة ماذا يجرى الآن في ثالث الحرمين واولى القبلتين من الاستهانة بكل المقدسات والكرامات والاخلاق . لقد وصل بهم النزق الى ان وصلوا الى أن يمثلوا الاخلاق الرذيلة والاباحية بين جدران المسجد وفي المعابد ليظهروا للعالم اجمع انهم لا يعباون بأي كان مهما كانت قدرته او مهما كانت اتجاهاته .

اخوانى

ماذا ننتظر ، هل ننتظر الضمير العالمي ؟ أين هو الضمير العالمي الذي يرى ويلمس هذه المهازل وهذا الاجرام يمثل ويمارس امام كل ذى بصر او بصيرة لم يهتز لها اى ضمير ولو حتى من قبيل الحياء ، إذا لم يستحيوا من الله فليستحيوا من خلقه . ومع ذلك خراهم في كثير من الامور يناصرون هؤلاء المعتدين ويؤيدونهم

فى اعتداءاتهم فهل ننتظر ايها الاخوة الى ان نصل الى الوقت الذى لا يوجد على وجه الارض من يقول : " الله " ؟ لا حول ولا قوة الا بالله .

اخوانى

ان القدس الشريف بناديكم ويستغيثكم ايها الاخوة لتنقذوه من محنته ومما ابتلى به . فماذا ننتظر ؟ وإي متى ننتظر ؟ ومقدساتنا وحرماتنا تنتهك بابشع صور ، ماذا يخيفنا هل نخشى الموت وهل هناك موتة افضل واكرم من ان يموت الانسان مجاهدا ف سبيل الله ؟

ايها الاخوة المسلمون :

 نريدها غضبة ونهضة اسلامية ليس فيها قومية ولا عنصرية ولا حزبية وانما دعوة اسلامية ، دعوة الى الجهاد في سبيل الله في سبيل ديننا وعقيدتنا دفاعا عن مقدساتنا وحرماتنا واسأل الله سبحانه ان يكتب لي الموت شهيدا فى سبيل الله .

اخوانى

ارجو ان تعذروني اذا ارتج على ، فانني حينما اتذكر حرمنا الشريف ومقدساتنا تنتهك وتستباح وتمثل فيها المفاسد والمعاصي والانحلال الخلقي فانني ادعو الله مخلصا إذا لم يكتب لنا الجهاد وتخليص هذه المقدسات الا يبقيني لحظة واحدة على قيد الحياة .

ايها الاخوان

لا اريد ان اتكلم في أي شئ اخر لاننا امام الامر الواقع الذي نجابهه اليوم فكل الامور الاخرى ثانوية ، إذا قورنت بالدفاع عن عقيدتنا وعن مقد ساتنا وعن حرياتنا وعن كرامتنا ، وادعو اخواني المسلمين في جميع اقطار الارض أن يتنادوا وان لا يلتفتوا الى شئ اخر وان ينبذوا خلافاتهم وان يتناسوا كل المشاكل التى تحدث بينهم ، وان نلبى داعى الله ولينفروا خفافا وثقالا للجهاد في سبيل الله ولينقذوا حرم الله من الطغمة الفاجرة التى استباحت ثالث الحرمين واولى القبلتين وان لا يلتفتوا الى شئ آخر فكل شخص وكل دولة تترك خلافاتها ومشاكلها على الرف ويسعون الى توحيد صفوفهم ، ابتداء من البلد الواحد نفسه الذي عليه ان يوحد صفوفه ، وان تحل في كل بلد الوحدة والتعاون بين ابنائه ثم الوحدة الاسلامية للجهاد فى سبيل الله والدفاع عن مقدساتنا حتى ينصرنا الله بحوله وقوته والله سبحانه وتعالى ضامن لنا النصر اذا نصرناه . وهو سبحانه ليس بحاجة لان نجيش الجيوش له او ندفع الاموال له

او نعينه باى شىء من مجهودنا ، فالله هو الموجد لنا وهو المدبر لنا وانما نصرنا له سبحانه هو الإيمان به واتباع ما يأمر به واجتناب ما ينهى عنه فهذا نصرنا لله ، و اسهل هذا علينا اذا اردنا الحق وإذا أردنا أن ننتصر .

اخواني

اعود فارحب بكم فى هذه الاماكن المقدسة وارجوه سبحانه ان يمن علينا بان نتمسك بعقيدتنا وان نخلص في ايماننا لله تعالى ، وان نوحد صفوفنا للتعاون على البر والتقوى لا على الاثم والعدوان . وان نلتقي في العام القادم ان شاء الله ونحن قد زالت عنا آثار العدوان واستعيدت مقدساتنا واراضينا ونرى اخوتنا ابناء فلسطين العزيزة احرارا فى بلدهم يقررون مصايرهم بانفسهم ويقومون لله تعالى بما يجب عليهم من اخوة وتعاون مع بقية اخوانهم المسلمين وليس ذلك على الله بعزيز وانما هذا يتطلب منا ايمانا صادقا وعزيمة مخلصة وترك الاهواء والترهات والمجادلات التى لم تفدنا ولن تفيدنا وانما جلبت علينا كل شر ، ونجاهد في سبيل الله سبحانه وتعالى صفا واحدا كاننا بنيان مرصوص ، وهذا يستوجب علينا قبل كل شئ ان نجاهد انفسنا حتى نطهرها من الادران ومن العقائد الفاسدة ومن التيارات الهدامة التى عصفت بنا وفرقتنا شعوبا وفئات متناحررة متناثرة يتآمر بعضنا ضد البعض الآخر ويدس بعضنا للبعض الآخر وتستنزف قواتنا وامكانياتنا في محاربة بعضنا للبعض . وكان الاولى بنا ان نوجه كل هذه المجهودات وهذه الامكانيات لندافع عن انفسنا واراضينا تجاه اعدائنا الذين استباحوا حرماتنا واستحلوا اراضينا واستهانوا بكرامتنا .

اسأله سبحانه ان يمن علينا بتحقيق هذه الاهداف وان يوجهنا الى الاتجاه الصحيح وان يأخذ بيدنا الى ما فيه خير ديننا وأوطاننا وشعوبنا وان يوجد منا امة واحدة كما قال سبحانه " كنتم خير امة اخرجت للناس تامرون بالمعروف وتنهون عن المنكر " فهذه هي الامة الواحدة .

ليست بيننا قومية ولا عنصرية ولا جنسية " لا اله الا الله محمد رسول الله " . فاذا سلكنا هذا السبيل فنحن بحول الله منتصرون ونحن لا نريد العدوان او الاعتداء على احد ولكننا نريد استخلاص حقوقنا واستعادة كرامتنا وابعاد اعدائنا عنا حتى ترتاح نفوسنا ونطمئن الى الاستقرار في أوطاننا كمسلمين نعبد الله وحده ونتبع سنة نبيه صلوات الله وسلامه عليه ونتأخي ونتعاون فيما بيننا فيما فيه نفعنا في ديننا ودنيانا وأمامنا كتاب الله وسنة رسوله .

فلماذا لا نحكمهما ونهتدى بهما ونوحد كلمتنا عليهما ؟ ولا يضل من اتبعهما ، ولكن الامر يحتاج الى القصد والعزيمة الصادقة والايمان المخلص ، هذا كل ما يراد منا ايها الاخوة فارجو الله سبحانه وتعالى ان يمن علينا بفضلة وكرمه وان يجعل حجكم مبرورا وسعيكم مشكورا وذنبكم مغفورا انه على كل شئ قدير . والسلام عليكم ورحمة الله .

اشترك في نشرتنا البريدية