الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 8الرجوع إلى "الفكر"

دور وسائل الاعلام ومدى مساهمتها، فى التنمية الوطنية

Share

- 2 - (*) نلاحظ أن السحب اليومى للصحف اليومية قد بلغ سنة 1964 :  64000 نسخة وارتفع هذا العدد سنه 1972 الى 110000 نسخة ( 9 ) بينما قدر سنة 1978  بعدد 130000 نسخة ( 10 ) وهذا الارتفاع النسبي لا يوافق النمو الديموغرافي والثقافى ذلك أن عدد النسخ المخصصة لالف ساكن قد انخفض منذ سنة 1969 .

السنة عدد النسخ اليومية بالنسبة لالف ساكن

1950 20

1962 17

1969 20

1978(11)  18

نلاحظ عند تحليل هذا الجدول ان هذه النسبة لم تصل سنة 1978 إلى ما كانت عليه قبل اعلان الاستقلال . ففي سنة 1962 يمكن تعليل انخفاض هذه النسبة بانقطاع الصحف الاستعمارية التى كانت مروجة بصورة منظمة في تونس قبل الاستقلال والتى كانت مروجة خاصة الى الفرنسيين الذين عاشوا فى بلادنا طيلة الاستعمار الفرنسي . وأدى خروج الجالية الفرنسية من البلاد الى انخفاض هذه النسبة . ولكن رغم هذا الانخفاض واذا ما قمنا بمقارنة بين عدد النسخ بالنسبة لالف ساكن فى تونس . وبين ما هو موجود فى بعض البلدان الاخرى لاحظنا تطورا ملموسا .

عدد النسخ اليومية للجرائد المنتشرة بالنسبة لالف ساكن

البلدان تونس افريقيا امريكا الشمالية آسيا (12)

1950 20 نسخة 9 271 19

1962 17 12 246 38

1968 - 1969 20 12 295 50

رغم هذا الفارق فان هذه النسبة ما زالت بعيدة كل البعد عن النسب الموجودة فى البلدان المصنعة وبعيدة عن المعدل الذي رسمه ( شرام ) (100 نسخة يومية لالف ساكن ) ورغم هذا الانخفاض الذي سجل فى السنوات الاخيرة فى ميدان قراءة الصحافة اليومية ، فان الحكومة التونسية تولى لميدان الاعلام أهمية كبرى لذلك اعتمدت على الراديو والتلفزة فى سياستها الانمائية كى تحدث تطورا حضاريا سريعا يعتمد بدوره على العلم والتكنولوجيا والثقافة ويستجيب لحاجيات المجتمع المعاصر ويفي بمتطلباته . فسنما نلاحظ انخفاضا فى نسبة القراءة للصحافة اليومية من 32 % سنة 1966 الى 18 % سنة 1976 بالرغم من ارتفاع نسبة المثقفين ثقافة ابتدائية ، او ثانوية ، أو جامعية.

فاننا نلاحظ انتشارا بصورة منتظمة لوسيلة سمعية وبصرية الا وهى التلفزة.

عدد اجهزة التلفزة بالنسبة لالف ساكن

1962 5 ر 0

1961 10

1972 30

1977 48

(13) (14)

وحسب الاحصائيات الرسمية سنة 1977 فانه يوجد حوالى 375000 جهاز تلفزة اى بمعدل جهاز لثلاثة عائلات تتركب من ثلاثة أفراد . ويعتقد ان عدد الاجهزة الموجودة حاليا يفوق بكثير هذا العدد نظرا لان مالكى هذه الاجهزة لا يقومون بتسجيلها لدى الدوائر الرسمية اثناء الاشتراء . وفي سنة 1972 نلاحظ ان البلاد التونسية قد تجاوزت المعدل الذى رسمه ويلبار شرام وهو 20 جهاز تلفزة بالنسبة للالف ساكن.

وكذلك نفس الشأن بالنسبة للراديو فمن ثلاثين جهاز راديو سنة 1950 اقتربت تونس سنة 1969 من المقياس الذى حدده شرام ، لكن الآن نعتقد ان تونس تجاوزت مقياس شرام بكثير وارتفع عدد اجهزة الراديو نظرا لتوفرها فى السوق بكثرة واعتدال اسعارها .

تونس عدد اجهزة الراديو بالنسبة للالف ساكن

1950 30

1962 50

1969 90

1977 166

تلك هى اذن الوسائل الاعلامية الموجودة فى تونس ومدى تطورها منذ السنوات الاخيرة.

ولكن هل يواكب هذا التطور النسبي لاجهزة الاعلام تطورا فى المضمون حتى يؤثر ويدخل تغييرات على السلوك الاجتماعى والثقافى للطبقات الوسطى والطبقات الاجتماعية الاخرى ؟

سنحاول اذن ان نبرز مدى تأثير الراديو والتلفزة على المتفرج والمستمع فى نطاق العائلة وفي الميدان الاجتماعى.

كثيرا ما قسم الباحثون فى ميدان الاعلام - برامج التلفزة والاذاعة الى

ثلاثة اقسام كلاسيكية : - برامج ثقافية - برامج اخبارية - برامج ترفيهية ونحن بدورنا نتساءل هل يمكن اعتبار الثقافة نوعا من الاخبار أو نوعا من الترفيه ؟ ولذلك نعتقد انه يجب الابتعاد عن هذا التقسيم لانه فى اغلب البرامج الغنائية التلفزية يقع ادماج عدة معان ( اخبارية Message ( سياسة وثقافية فى صيغة ترفيهية .

ونعتقد ان ( المدرسة ) فى الوقت الحاضر لم تعد لها المكانة المرموقة التى كانت تتصف بها منذ قرون فى منح المعرفة والمعلومات ، وان تربية وتثقيف خاصة الطبقات الشعبية أصبح اليوم من مشمولات المدرسة واجهزة الاعلام ومنظمات اخرى فى نفس الوقت ، واذن فلا يمكن ان تكون الوسيلتان ( الراديو والتلفزة ) وسيلتين للاخبار فقط وانما تكونان ايضا للتثقيف والتربية

تأثير التلفزة والراديو على بنية العائلة : من خلال بحث قام به أحد أساتذة معهد الصحافة والعلوم الاخبارية بتونس حول اقبال الجمهور على التلفزة والراديو فى تونس العاصمة ، فكان الجواب على السؤال التالي : هل أدخلت أجهزة الراديو والتلفزة تغييرا جديدا على صعيد بنية العائلة ؟ فكانت الأجوبة على النحو التالي :

1- 29,6 %  أجوبة : لم يؤثر الراديو والتلفزة على بنية العائلة . 2- 16,1 % من الاجابات : التلفزة تساعد على تكثيف الالتقاء بين أفراد العائلة وتشجع على المناقشات بينهم. 3- 13,4 % أجوبة : الاذاعة والتلفزة تحدثان جوا من الترفيه والتسلية. 4- 8,9 % أجوبة : التلفزة تمثل خطرا كبيرا على تربية الابناء والاجيال الصاعدة عموما.

-5  8,6 % أجوبة : تساعد هاتان الوسيلتان افراد العائلة على حل المشاكل الاجتماعية والحصول على نصائح تتعلق بالتربية والاخلاق وحسن المعاشرة. هذه اذن نبذة موجزة عن أجوبة المشاهدين والمستمعين لهذين الوسيلتين الاعلاميتين ، ويختلف تأثير الراديو والتلفزة بتغيير الوضع الاجتماعي والعمرانى لهذه العينة . ويمكن تلخيص الاجوبة فى الجدول التالي :

وسط شعبى 1) لا تأثير على بنية العائلة   2) ترفيه وتسلية 3) لقاء عائلي ومناقشات منتظمة 4) خطر كبير على الاطفال

وسط متوسط 1) لا تأثير على بنية العائلة  2) نصائح اجتماعية اخلاقية 3) ترفيه وتسلية 4) ترفيه وتسلية

وسط غنى 1) لا تأثير على العائلة 2) نصائح اجتماعية واخلاقية 3) توجيهات ثمينة ومفيدة 4) تساعد على تربية الاطفال

واجابة على السؤال التالي : ما هو تأثير التلفزيون والاذاعة على السلوك الاجتماعى ؟ تحصلنا على النتائج التالية :

انخفاض في المصاريف اليومية الثانوية 2 %

ادماج سياسى واجتماعى 15 %

ثقافة اجتماعية 11,6 %

التشجيع على الاستهلاك 7,6%

يقظة سياسية 4,3 %

بدون تأثير 58,6 %

واذا تأملنا فى هذا الجدول لاحظنا أن أغلب المشاهدين والمستمعين يعتقدون ان هذين الوسيلتين ليس لهما اى تاثير على السلوك الاجتماعى . وفي اعتقادنا انه يمكن شرح هذه الظاهرة : اما بعدم فهم هؤلاء الافراد لمفهوم السلوك الاجتماعى أو انهم يعتقدون بحكم وجودهم في العاصمة ان هناك وسائل اخرى لها امكانية التاثير على سلوكهم الاجتماعي ، وانهم فعلا يعتقدون ان التلفزة ليس لها اى تأثير اذا لاحظنا ان 54,26 % من البرامج التلفزية مستوردة من الخارج أغلبها برامج البلدان المصنعة 41,94 % و 12,27 % من البلدان العربية - واذا حللنا البرامج الموجهة إلى الشبان لاحظنا ان 63,71 % من هذه البرامج مستوردة من الخارج ، ولعل هذا التحليل الاخير هو الصحيح. حينئذ نعتقد ان تطور وسائل الاعلام في البلدان النامية لا يكفر وحده لمساعدة الدول على انجاز برامجها الانمائية وان مقياس شرام Schram لا يكفي وحده ايضا للحكم على بلد من بلدان العالم الثالث بانه فى طريق النمو او العكس.

ونعتقد أن الاهمية ليست فى الوسائل وانما فى كيفية استعمال وسائل وكيفية توزيعها جغرافيا واقتصاديا حسب الجهات . اذن فالنمو الاقتصادي والاجتماعى يتمثل فى ذلك النمو الشامل الذي يغطى كامل طبقات المجتمع جغرافيا واقتصاديا ، إذا حللنا الجدول التالي لاحظنا انه يوجد انخرام وعدم توازن بين الجهات فى النسب وفي معدل عدد اجهزة الراديو والتلفزيون بالنسبة للالف ساكن بتونس :

الولايات - تونس وتونس الجنوبية - نابل - بنزرت - الكاف - سليانة - باجة - جندوبة - سوسة والمنستير - القيروان - القصرين - صفاقس - قابس ومدنين وسيدى بوزيد

عدد اجهزة الراديو بالنسبة للالف ساكن 50,3  في الالف 47,6  في الالف 55  في الالف 26,8  في الالف 32,3  في الالف 27,8  في الالف 25,54 في الالف 11,8 في الالف 8,1  فى الالف 39,6 في الالف 25,3  في الالف

عدد اجهزة التلفزة بالنسبة للالف ساكن 59,2 21,6 28,9 15,1 8,8 5,5 20,5

نلاحظ من خلال هذا الجدول انخراما وعدم توازن بين المناطق الصناعية العمرانية وبين المناطق الريفية - وان النوع الاول من المجتمع هو مجتمع حضارى اكثر تطورا ثقافيا واجتماعيا ، ويزداد هذا الانخرام حدة اذا اعتبرنا ان المجتمع التونسي يغلب عليه الطابع الريفى 52 % ولذلك سعت الحكومه خلال المخطط الرابع والخامس الى الاعتناء بالقسم الثاني من المجتمع ( اي المجتمع الريفى ) .

واضافة الى هذا الانخرام وعدم التوازن يجب ان نلاحظ كذلك ان هناك ايضا انخراما داخل الوطن العربي نفسه اذا اعتبرنا مستوى الدخل الفردي

يتكون من الدخل القومى الخام (P.N.B)  اى من جملة المنتوج القومي في القطاعات الثلاثة : قطاع الخدمات ، قطاع الزراعات ، وقطاع الصناعات . وبالاعتماد على الدليل السنوى الموقع للامم المتحدة سنة 1973 حسب الدولار الامريكى أن اكثر نسبة دخل تحصل عليها العربى الواحد كان في الامارات العربيه وهى 11060 دولارا سنويا اى قرابة 5000 دينار تونسي . ولو نظرنا الى هذا الدخل ذاته فى سنة 1970 اى قبل ازمة الطاقة لوجدنا في الكويت 10030 دولارا ، البحرين 2350 دولارا ، الجزائر 730 دولارا ، ليبيا 4440 دولارا ، العراق 1110 دولارا ، الاردن 430 دولارا ، مصر 230 دولارا اليمن 220 دولارا ، تونس 650 دولارا . وليس من الغريب أن يكون هذا الانخرام اكثر حدة بعد حرب اكتوبر ابتداء من ازمة الطاقة سواء داخل الوطن العربى او بين العالم المتطور والعالم النامى من ذلك ان دخل البلاد النامية والتى يعيش فيها 75 % من مجموع سكان العالم لا يمثل سنة 1978 سوى 30 % من الدخل العالمى ، وان معدل الدخل السنوى للفرد في البلدان المصنعة يبلغ حاليا 2400 دولار فى انه لا يتجاوز مبلغ 180 دولارا فى البلدان النامية حيث يعيش ثلاثة ارباع سكان المعمورة.

والاخطر منه ذلك الاختلال في التوازن الموجود في صورة فارق بين حجم الانباء الواردة من العالم المتطور والمعدة الى البلدان النامية وبين حجم الانباء المتنقلة فى الاتجاه المعاكس.

وفى نهاية القول يمكن ان نشير باختصار الى ان هناك ارتباطا بين وسائل الاعلام وبين تحقيق الاهداف الثقافية والاقتصادية لاى مجتمع كان ومن هنا يضطلع التخطيط بدور هام فى تحقيق الربط بين الاعلام والثقافة والاقتصاد ولسنا فى حاجه لتأكيد اهمية العملية الاعلامية فى مجالات التنمية وهي اساسية ولا يمكن الاستغناء عنها البتة . وان القيمة الحقيقية تحددها درجة معرفتهم ومهارتهم واتجاهاتهم نحو قضايا التنمية الشاملة ، والمهم في نجاح وسائل الاعلام فى التنمية هو مدى معرفة مستعملي هذه الوسائل الاعلامية لمتطلبات المتقبل واذواقه وحاجياته ومن المفيد ان ننطلق الآن من النظرية القائلة : ان حقيقة الخبر (Message )   هو المستهلك (Le Recepteur ) وليس الباث L'emettur

اشترك في نشرتنا البريدية