الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 5الرجوع إلى "المنهل"

ديوان السلطانين

Share

جاءنا هذا البحث القيم من كاتبه الاستاذ الشاعر محمد بن احمد عيسى العقيلى :

مخطوط من المخطوطات النادرة التى طمرت فى ظلام النسيان ولم بتيح لها أن ترى النور ، وفى حوزتى نسخة قد تكون اقدم نسخة من هذا الديوان الفريد الذى عاش مؤلفاه فى النصف الاول من القرن السادس الهجرى . .

وقد حدث بى الرغبة ودفعتنى الامانة العلمية - فى هذا العهد - عهد البعث والنهضة العلمية ، والذى من اجل اهدافه احياء تراثنا الخالد ، ان أكتب هذا البحث المتواضع عن الديوان وصاحبيه . .

موطن الشاعرين وقبيلتهما موطنهما بلدة ( الجريب ) بضم الجيم المعجمة ، من جبال ( الشرفين ) الذى قال عنه الهمدانى فى كتابه ( صفة جزيرة العرب ص ٦٩ ) جبل الشرفين ، أو الشرف ، المطل على تهامة وهو جبل واسع وفيه قرى كثيرة مثل الخوقع - الضالع - المقطع - وسوقهم الاعظم الجريب يتسوقه يوم وعدهم ما يزيد على عشرة آلاف انسان

قبيلتهما حجور وورد فى المصدر نفسه ص ١١٣ ( واما جبال حاشد فى شمال هذه الزاوية فالشرف - الوضره - الموعل الخ ، ومنها بلاد حجور ، وحجور اربعون الفا منها حجور المخافر وبلادها الجريب وسنحيب - حيران بالحاء المهملة وجدلان وقبر عليان - حتى يحاذى حكم بن سعد العشيره ) انتهى

والدهما السلطان الحسن بن ابن الحفاظ بن شرحبيل الهمدانى الحاشدى الحجورى من أمراء الاقطاعيات المتوارثة ، المنحدرين من سلائل الملوك الحميريين آلت اليه الامارة من أسلافه وكان من العزة وقوة المركز بحيث التجأ الى سموحه الامير ( ابراهيم بن الفاتك النجاحى ) فى اثناء تصدع رابطة الدولة النجاحية وشيوع الفتن والتنافس بين امرائها

الشاعران ورث السلطان سليمان مركزه الاقطاعى عن والده ونشأ فى كنفه أخواه : الخطاب ، وأحمد ، فنشأ الخطاب مترسما نهج أخيه سليمان الذى اضاف الى مجد الاسرة ومجد الامارة المجد الادبى . .

ونفهم من مضمون القصائد ان الخطاب كان يعتبر أخاه الاكبر سليمان بمنزلة الاب وانه لديه بمنزلة الابن الاثير ، ثم لعبت الاحداث دورها فاذا الخطاب ينزو على مركز الامارة وينحى اخاه قسرا . . ويخرج سليمان مغلوبا الى منطقة تهامة مستنصرا بالنجاحيين ثم بالامير يحيى بن حمزة السليمانى

لم يكتف الخطاب بما احرزه من التغلب بل تمادى الى قتل اخيه احمد ومازال فى نصب شراك حيله وتدبير مكائد مكره حتى استدرج اخاه سليمان فى العودة وقتله

منزلتهما العلمية تدل اشعارهما على شاعرية خصبة ومعارف واسعة تتجلى فيها ومضات الابداع واصالة الفن ، ولم نقف لسليمان - عدا اشعاره الخالدة على مؤلف

أما الخطاب فقد ورد له اسم مؤلف هو ( شرح رسالة النفس ) ويقال انها على رأى الباطنية

شعرهما سجل حافل باحداث عصرهما من الناحيتين السياسية والاجتماعية مما لا تظفر به فى مطولات كتب التاريخ فتقف منه على ما يهم الدارس والباحث من العراك المذهبى والنضال الحزبى والنزاع القبلى بين مختلف النزعات ، وشتى المذاهب والقبائل والمطامع الشخصية فى ذلك المعترك الجارف لذلك التاريخ . .

اما من الناحية الفنية ، فالديوان ينبض بالحياة ويحفل بشتى الالوان والظلال وتتجلى فى قصائده روح الاستقراطية العربية والنزعة الاقطاعية وروح الفروسية والطموح المتطرف

نسخة الديوان تنقص بعض وريقات من أولها ، وآخرها والموجود يضم ١٢١ صفحة من المقاس الآتى :

١٩ سم طول الصفحة ، ١٥ سم عرض الصفحة ، ١٦ سم طول الكتابة فى الصفحة ، ١٤ سم عرض الكتابة فى الصفحة وتحتوى النسخة على ٧٤ قصيدة و ١٠ مقطوعات والنسخة قديمة جدا ، وان تاريخ نسخها غير معروف والشاهد على قدمها ان قسما منها نسخ من ( المسودة ) الاصل التى بخط السلطان سليمان نفسه وورقها متين غير مخطط وخطها واضح الرسم يقرؤه الاديب بشىء من التمعن اليسير لان اغلبه غير منقوط

ويظهر ان النسخة لم تبق على ترتيبها الاصلى فبعض قصائد سليمان ادرجت فى القسم الخاص باشعار الخطاب ، والعكس

الديوان ينقسم الى قسمين : ١ - قسم خاص بأشعار السلطان سليمان ٢ - قسم خاص بأشعار السلطان الخطاب . . وقد اشرنا الى ان النسخة لم تبق على ترتيبها الاصلى ولذلك لاحظنا ان بعض قصائد القسم الاول ادخلت فى القسم الثانى وبعد هذه الملاحظة نورد نماذج بعض ما ورد فى القسم الاول على حسب ترتيب النسخة

اشعار السلطان سليمان ١ - واول قصيدة فى النسخة فى مدح ( الوزير من الله الفاتكى النجاحى ) ونلاحظ ان مدحه للنجاحيين هو بحكم الاضطرار ومقتضيات الظروف والا فهو كما نلمس من مضمون اشعاره ثائر النفس ينظر اليهم كدخلاء قدفت بهم الامواج من اقصى البحور على حد تعبيره

استهل القصيدة بقوله : تذكرت الصبا بعد المشيب                 وعصرا كنت أعهد بـ ( الجريب ) تغزل فى صدرها تغزلا رقيقا ثم تخلص الى المديح

٢ - قصيدة الى اخيه الخطاب . . استهلها بقوله :

لولا بصيرتك التى شفافها                   كل ( الجواهر ) فى الورى اصدافها

٣ - قصيدة فى الوزير من الله الفاتكى : ٤ - قصيدة استهلها بقوله :

اقرا السلام على جميع عشائرى                             يا راكب ( الحرف ) العسوف الضامر

من حل ما بين ( الجريب ) و ( ريدة )                     والسفح من ( حرض )  وطود الباقر

وقد حدد فى البيت الثانى مواقع عشائره ادق تحديد ، وفيها يفخر بقحطانيته العتيدة وقبائلها الشديدة البأس . . ٥ - قصيدة فى الفخر ٦ - قصيدة بديعة يمدح بها اباه ويهنيه بعيد الفطر اولها :

اذا سأل الله الشهور فانه                    سينبى بما أوليته ( رمضان )

وهى عامرة الابيات رائعة المعانى انظر الى البيت الثانى ما بعده :

ثنا آن يرضى الله منك ثناهما          لصدقهما مما فعلت بيان

الى أن يقول :

وقربت فيه صامت المال والورى                قرابينهم ( معز ) تساق و (ضان)

كفلت ضعاف المسلمين تقيمه                 فحول عنهم صرفه ( الحدثان )

عفاف وعزم طائل . . لا يرده                   عظيم ، وبذل دائم وطعان

ودارت اياديك النضيرة وانثنت                  الى ( مصر ) لم تثنى لهن يدان

حملت اليها مال ( يحيى بن احمد )           وقا فات مجهول و شط مكان

وفى البيت الذى قبل الاخير اشارة الى علاقتهم السياسية أو بالاحرى علاقة والده بالعبيديين بمصر . . ٧ - ومن جملة القصائد الواردة فى هذا القسم قصيدة غزلية رقيقة :

عرج برسم الطلل الشاسع                          ما بين ( حيران ) الى ( زادع )

ومنها :

وطفلة بيضاء رعبوبة                         تميس مثل الغصن الماذع

اعجب من خلخالها مشبع                  ومن ( بريم ) قلق جائع

وناهد يهتز فى صدرها                       كحق ( عاج ) فى يد ( الصانع )

واشنب ما ابتسمت خلته                     كضوء برق مسرع لامع

٨ - ومن القصائد فى هذا القسم قصيدة بديعة فى قوم من بنى هاشم استنصر بهم فبادروا الى نصرته فأغار بهم على ( الواديين ) واولها :

فدا لرجال انطقتنى سيوفهم                      قبيلى على عز القبيل ومالى

ومنها فى وصف تلك الغارة :

فلبت ندائى واستجابت لدعوتى                        أسود ، تراءت فى جسوم رجال

بجرد عناجيج وبيض صوارم                             تلوح بأيديها وسمر عوال

فلما اطمأنت بالبراح واقبلت                            تبهنس من عن يمنتى وشمالى

شكوت اليها ما جرى فكأنما                           احرقها من خلفها بمقالى

انظر الى قوله : احرقها من خلفها بمقالى ، فانه فى رأينا من ابلغ ما قيل فى بابه . .

فسارت تريد ( الواديين ) كأنها                      نشاطا وازماعا . . سهام نصال

وقد سبقتها الرسل قبل وصولها                      تسير امام الجيش سير عجال

فحاطت ( عصيرا ) بالعدو ، وقد جلا               ضحا ، ناجيا منها بدون قتال

وطارت هزيما فى البلاد شواردا                      جموعهم لم تعتصم بمنال

الى قوله :

فدارت عليهم بالصوارم دورة                شفت كل داء فى الفؤاد عضال

وولت وبيض الهند تحمد مرتعا              به رتعت فى عاتق وقذال

وقد جندلت فى القاع كل سميدع           معظم عم فى الندى وخال

فلما انثنت والنصر يخفق حولها            يظل على راياتها بظلال

شكرت لها الفعل الذى فخرت به          صحيحا . . فيالله أى فعال

ولابدها من أن تزور مغيرة . .              ربا ( الساعد ) ( ١ ) المحلال غير هزال

٩ - ومن القصائد قصيدة يحرض الشاعر قومه فيها على النجاحيين وقومهم الاحباش أولها :

ليت شعرى عن معشرى وبنـ                          ـى عمى وقومى وعدتى ونصيرى

وملاذى وملجأى وسهامى                            وسيوفى فى كل خطب عسير

نصرتى الشم من غطاريف همدان                   ابن زيد و ( موله ) بن ( حجورى )

هل اتاكم فعل ( العبيد ) وما جـ                      ـاءوا اليه من الفعال النكير

الى ان يقول :

لا يكون ( اعبد ) بها ضرب الموج                    هنا امس من اقاصى ( البحور )

وعلوج خزم من ( الحبش ) احمى                     منكم عند عودة المستجير

١٠ - وهناك قصيدة يمدح بها السليمانيين ونستخلص من مضمونها ما يأتى :

أ - ان اخاه الخطاب اغار على اطراف الدولة النجاحية وظفر ، فاستخفه هذا الظفر واوغل فى عدائه

ب - سام السليمانين - حلفاء النجاحيين والتابعين لهم سياسيا - سامهم الذل واشتط فى ارغامهم مما جعلهم يتناسون الاحقاد العائلية بينهم ويوحدون صفهم لرد عاديته

ج - ان غانم بن يحيى بن حمزة ورئس السليمانيين صاهر آل فاتك النجاحيين بالتزوج باحدى الاميرات ، وقد دفعته صلة الرحم على ان يغضب لاصهاره ويقف بجد وصدق فى صفهم . .

د - ينذر اخاه ان غارته حفزت قبائل تهامة وغيرهم للوقوف فى صفوف النجاحيين ويحذره من مغبة ذلك ويقول فى هذه القصيدة موجها الخطاب الى أخيه الخطاب :

اغرك أن أغضى ابن ( يحيى ) على القذا                    مرارا ولم يفتح لك الطرف ( غانم )

فسمتهم سوم الذليل وانهم                                 أسود شرى عند اللقاء ضراغم

اتاك ( ابو الغارات ) يدلف غاضبا                         لاصهاره والصهر للصهر لازم

١١ - وبعكس القصيدة السالفة التى يمدحهم بها ويشيد بنصرتهم لاصهارهم ، نراه فى هذه القصيدة يحرضهم على الثورة على النجاحيين ، ويعنفهم على خضوعهم لاولئك الاحباش ويستهل قصيدته بهذا البيت الذى ملؤه الفخر والحماسة والاعتداد :

كفى شرفا لى شامخا وجلالا                      ومجدا على برج ( السماك ) تعالى

وعزا وذكرا شائعا ومعاليا                           سرت فى ( سماء ) الخافقين تلالا

الى ان يقول :

خنوع الرقاب الغلب من آل هاشم                        وقد أصبحوا لا يقطعون عقالا

ولا قتيد ، رأسى فى يد ، ورؤسهم                        يمينا غدت تقتادهم وشمالا

اما منعة فيكم . . الا من حمية                           تحرك فيكم فتية ورجالا ؟

الا نخوة تنآى بكم عن محطة                            من الذل فيها ذلكم يتوالى

وتسمو بكم لو عز مطلب انفس                          ترى العز ، بالسم الزعاف زلالا

فتشكف مسدول القناع بنخوة                            تؤثر ، قتلا دائما وقتالا

اخوف الردى يغضى العيون جفونها                       على الذل حالا يستمر فحالا

فالقوا القنا والبيض والسمر واحملوا                       عصيا دقاقا تنتقى وحبالا

وفى رأيى انه بلغ غاية قوة التأثير واعنف بلاغة التعريض . . ١٢ - ومن قصيدة فى الفخر هذه الابيات الرائعة :

وحاسدين سمى عن ارضهم فلكى                 صدورهم بنيار الغيظ تضطرم

راموا التحلى بـ ( دراكى ) فما قدروا               و ( الصقر ) يعجز عن ادراكه الرخم

لم يحسدونى الا اننى رجل                        رزقت من درك العلياء ما حرموا

واننى عالم فى المجد ما جهلوا                    وجاهل من ذميم الفعل ما عملوا

لاموا على اننى وفيت ما نقضوا                    وشدت من رتب العلياء ما هدموا

اقارب باعدت بينى وبينهم                         على وشائجها الاخلاق والشيم

والماء يسقى بطبع واحد شجرا                    فى الارض جما ومعه الكرم والسلم

والارض ينظرها الراآءون واحدة                   وفى الذى نظروه الوهد والاكم

١٣ - ومن قصيدة ارسلها الى اخيه الخطاب بعد قتله لاخيهما احمد :

ذرفت دموع العين فى الخدين            وتعلق الارق الطويل بعينى

وفقدت سيد يعرب وهمامها              رحب الفناء مشرف الجدين

يا قاتل الاسد الهصور قتلته               وقبلت فيه مشورة العبدين

اقتلت ( صنوك ) طالبا شرف العلا       ليس العلا بقطيعة الصنوين

اطمعت فى مال يخلف بعده             والمال لا يربو على الظلمين

تنعى المرؤة فى نواحى ( مسور )        وتنوح صفوة خالص الابوين

١٤ - واما وقد ارودنا البعض من قصيدة سليمان فيحسن بنا ان نورد جواب الخطاب قبل ان نصل الى القسم الثانى :

الحق ابلج واضح النورين                   والله لا يرضى بذى كفرين

قف فاستمع منى الجواب مبرهنا           ( كالشمس ) يخطف نورها العينين

ما كان يحسن كشف فعلة ( احد )        الا تكون بابشع السترين

لكن اذا ما شئت كشف فعاله              فانا بذلك ابيض الثوبين . .

لا تحسبن باننى لم افنه                     الا مخافة شركة الامرين

ترضى لاحمد سفكه دم اخته               أترى بذلك تواصل الاخوين

متجرئا بالسيف يضرب رأسها               وكأنما اضحت صريعة دينى ؟

فنذرت حين اتى بسوء فعاله                 اجريت منه الموت فى الودجين

طهرته بالسيف يوم قتلته                     ونفيت عنى اخبث القولين

وزعمت انى استشير بنى اخى               وان رأيى أضعف الرأيين . .

والله ما شاورت فى رأى ولا                  فى همتى عبدين . . أو حرين

ومما اقتطفناه من القصيدتين نقف على الاتهام والدفاع فى اجلى بيان واوضح عبارة يستغرق النشر فى تفصيلها صفحات . .

١ - وعدا القصيدة السابقة ثلاث قصائد تفصح عن تاريخ حافل بالخصومة المرة والشقاق والعداء المتأجج استهل الاولى بقوله :

لقد بعث الخطاب لى ولنفسه                - كما شاء ربى - محنة وعذابا

وكنت اظن الخير لى منك قسمة             فاخلف ظنى عند ذاك وخابا

فلا نعمتى يوما شكرت وقد همت           عليك ، وجادت فى ثراك مصابا

ألم تكشف الضعف المساتير بعدما          حويت - بجور - ما لهن نهابا

وكلفتهن المشى قد خضبت دما              رخائص اقدام لهن خضابا

وفى الثانية يقول :

وهل ينكر الخطاب فضلى ونعمتى          عليه قديما وهو يومئذ طفل

وما زلت انميه والهى برأسه                  مع يدى اليمنى اذا اجتمع الحفل

وانزلته في رتبة الولد الذى                   غدا واحدا ، لا يرتجى بعده نسل

ولولا اعتقادى أنه لا يخوننى                وامنى ، لم يعلق برجلى له حبل

والقصيدة الثالثة فى معناهما

١٦ - ومن القصائد قصيدة بديعة فى وصف وطنه ( الجريب ) وغدر اخيه به مما كان سبب مبارحته لذلك الوطن الغالى . .

١٧ - ولنختم هذا الفصل بهذه القصيدة التى ختمت بها حياة هذا الامير العربى النبيل والشاعر الموهوب الخالد فقد قالها نادبا نفسه وقد ساقه الحين الى الوقوع فى قبضة اخيه الذى قتله ولم يرع حقوق الاخاء :

دعانى لحب المسلمين وداد                 ورق لهم منى حشا وفؤاد

فأوقعت نفسى فى الهلاك ولم اكن          .  .  .  .  .  .  .  .  .

نظرت سوادا فى البياض فغرنى              اذا وبياض فى البياض سواد

فمن مبلغ عنى ( بكيلا ) ( وحاشدا )      بان قتال الماكرين جهاد

بعدت من ( الخطاب ) بعدا ولم يكن      لقربى اليه مرجع ومعاد

فقربنى منه ( شيوخ ) وثقتهم                وما كان فى قربى اليه سداد

فان حضرت منى الوفاة فانهم               وفاتى ، وقربى للمنون ارادوا

وما اسفى فيما اتاه . . وانما                 أسفت لما لحوا على وزادوا

وراح على هذه الوتيرة المؤثرة يندب نفسه وينعى حظه الى ان قال ، وقد ادركه الشمم العربى الاصيل وهاب به مقامه الرفيع :

لقد بلغت نفسى من الامر مبلغا         يقصر عنه حمير وزياد

وهبت الجياد الجرد والالف بعدها      بها قلمى يجرى عليه مداد

وسيرت فى الجو البعيد عساكرا         يضيق بها يوم المغار بلاد

اشعار السلطان الخطاب اما وقد انتهينا من استعراض انموذجات من شعر السلطان سليمان فعلينا الآن أن نقوم بعرض بعض نماذج من شعر السلطان الخطاب ١ - قال يؤنب العكيين ويحرضهم على قتال الدولة النجاحية ورجالها الاحباش :

حتى متى . . اسفى وطول وجومى        اصلى بنارى همتى وهمومى

متتابع الزفرات يرجع غمرها               عوج الضلوع بها الى التقويم

غضبا لما قد حل بـ (العرب) التى         اضحت تسام خلاى شر مسيم

مستضعفين ترى الهجان المرتضى         تبعا لكل معلط مخزوم

متعوضين عن السيادة والعلا               بلذاذة المشروب والمطعوم

وانها لصرخة من نفس ثائرة تهيب بالاحرار للتخلص من سيطرة كل واغل ودخيل وما احوج العروبة الى شاعرية قوية تهيب بابناء العروبة فى المحميات وشواطىء الخليج العربى وغيرها . . ومنها :

يا صفوة العرب الذين نمت بهم             فى المجد خير معارق وأروم

انى لاذكركم ، وأذكر حالكم                فابيت خلف صبابة وغموم

ما العذر ما ان لا تزال ( عبيدكم )          امراءكم ، هذا من التحتيم

تمضى أوامرها عليكم فى الذى             تمضى من التأخير والتقديم

لا ترفعون لها يدا عن طاعة                  ذلا لأ لؤم أنفس وجسوم

واقول من عجب . . وطول تفكر           فيها مقال المطرق المهموم

يا ليت شعرى ما الذى قد غالها             افساد رأى أم ضلال حلوم

٢ - ومن قصائده فى السيدة بنت احمد الصليحية العينية الآتية :

سلام كأنفاس الرياض وشابها             نسيم هدوء والنواظر هجع

بجرعاء واد من ( تهامة ) بعد ما         سقتها غيوث ( للمساكين ) همع

وارضعها خلف من الطل آخرا           من الليل مازالت به الروض ترضع

فجاءت كأن المسك خالط نفحها       لها فى انوف الناشقين تضوع

على ضوء شمس للهداية لم تزل         لها ابدا من مشرق الدين مطلع

الخ . .

وله فيها القصيدة الرائية الآتية :

حرام على النوم غير غرار                  يلم بجفنى بعد طول نفارى

ويأبى على نفسى السلو الى مدى         انال به حق وادرك ثارى

واظهر اعلام الهدى مستنيرة               اشعة اقمار بها ودرارى

ومنها :

سأركبها سيساء عاصية القرا               واكشف داجى ليلها بنهارى

واشعلها من عزمتى بصوارم                واضرمها من همتى بنيارى

ثلاثة اصناف ( بياض ) وناصب           لدى و ( زيدى ) احطنا بدارى

ضربتهم بعضا ببعض كأنما                 اصك حجارا منهم بحجارى

وقبل ان يدب الشقاق والعداء بين الخطاب واخيه سليمان قال الاول يمدح اخاه :

صفى مشرب الدنيا لى المتكدر        ويسر لى من أمرى المتعسر

أأخشى زمانى ما حييت وجنتى         رضاك وفى ميمون وجهك مسفر

اما لكنا ، قول المنيب تعطفا           علينا ولطفا انت باللطف اجدر

ورفقا بنا رفقا فان قلوبنا                 زجاج ، بادنى جفوة تتكسر

نحبك اعظاما ونخشاك هيبة            ونرمق حينا بالعيون فتحسر

٤ - وقال يودعه وقد خرج الى ( البوابة ) :

اودع . . لا عن جفوة وملالة                 عرتنى ولا انى بقومى اسامح

ومنها :

وفوضنى فى ماله واموره                مليك له خلقان ، عذب ومالح

وبعد هذا الاعتراف بالجميل . . والاشادة بالعطف الابوى كان منه ذلك العقوق الصارخ والقطيعة الحمراء والعداء الملتهب الذى دفعه الى الضراوة لقتل ذلك الاخ الاكبر والوالد العطوف . .

٥ - له هجاء مقذع فى الامير غانم بن يحيى السليمانى الذى نفهم من قصيدته الرائية انه غدر بابنه ولزمه اسيرا لديه ومستهل القصيدة :

من رصف ذى الحسب الاصح الاشهر                        الواضح المعروف غير المنكر

٦ - وله قصيدة قافية قالها جوابا على الامير جعفر بن محمد العلوى

الشهارى وقد كتب اليه يتهدده . . وللاسف الشديد ان قصيدة الشهارى أو رسالته ليست تحت ايدينا ، قال الخطاب :

عليك سلام طيب النشر بعده              جواب وكأس للمنون دهاق

بايدى رجال مصلتين كأنهم                 وانت هلال فى السرار محاق

رجال شروا بالامس ما كنت بعته            وقدت الى حوض المنون وساق

أأنكرت زأر ( الاسد ) حولك تمه          ومنك خوار عندها وزعاق

ضراغم غاب من ( حجور ) و ( قادم)     بأيديهم بيض جلين رقاق

فطلق ثلاثا يا ابا الفضل بنته                 ( شهارة ) حقا حان منك فراق

تهددنى بالا نجدين بني ابى                 وهم قدم اسعى عليه وساق

علاى علاهم وافتخارى فخارهم            احن الى ذكراهم . . واشاق

ولولاهم ما كنت الا كقينة                   بقاع لادنى الطالبين تساق

وان نفوسا قد اشرت لبذلها                 الينا ، لاسياف العشير تراق

متى شئت أوردها فان سيوفنا               حداد ، وقدما لذ منك مذاق

ويصدقنى ظنى بأنك راجع                  الى ( الرس ) ملويا عليك خناق

أبت أن تزكى ما لها لك ( حاشد )         وضاق فضا ( همدان ) عنك وضاقوا

   جازان

اشترك في نشرتنا البريدية