الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 10الرجوع إلى "الفكر"

ذكريات مريض

Share

ان الطفل الذى يعيش مع لعبه ، يكلم دميته يلعب معها يعامل الاشياء كما يعامل البشر بعضهم بعضا ) ذلك الطفل لو كان يملك اللغة لكان من اشعر الشعراء ( اما الشاعر عندما ينظر الى الاشياء بعين الصبى فهو مريض يتذكر

شهر فى بيت

بيت في دار لم يعد لها وجود

شهر فى بيت لم يزل يحيا فى العدم

مع ابسط ما يكون فى الدنيا .

مربعان من الشمس منشوران على القاعة

يتشكلان على السرير ، على طيات لحافه

ينتقلان على حائط اخضر

يتكسران على اعلى زوايا الخزانه

ويغيبان

غارقين فى مستطيل مشرق

سوف يصبح ازرق بعد الزوال

انه مستطيل مستطيل

فى اعلى النافذة المقنعة

بحائط لطيف حساس

دوما تحذره الانعكاسات

التى يحزن لفراقها

سيما إذا ما شوهته وبللته نقط شرسة من المطر

واضاءت بحزن حاشيته

فبدت مثل عينى ذلك الذى يبكى فى نفسه

لكنه حائط كثير المرح

ايضا انه طيب مع الجدران الاخرى

ينشيها ويعطيها من كل ما يتلقى

انها مدينة له خاصة عندما ينسحب

المربعان من الشمس

ولكن هذان المربعان يبعثان حيوية خاصة

في هذه الحياة

يعودان هما هما من يوم ان قدما

ويلعبان الدور نفسه

تتم مهمتهما ثم ينصرفان

وكان ليست لهما مهمة

ولكن ما ان ينصرفا

حتى نشعر انهما قدما لمهمة

او تراهما قدما عفوا ؟

على القاعة مربعان من الشمس

منمقان باطياف الارابسك

اطياف الظلال

ظلال الحديد المطرق

اننا نحس الهواء :

ظل غصن الياسمين النحيف

الذي يرتجف فى الخارج

بين قضبان الحديد .

المربعان المشمسان

يحملان هذا الانعكاس

يتفسحان به ويرجعانه

بنغم آخر ولون آخر .

والانعكاس يتجدد منبسطا تارة او بكل الاشكال

على القاعة المزخرفة ، على اللحاف الوردى

على الحائط الاخضر ، على أعلى الخزانه

ثم يغيب

يوم ويوم ويوم

تاتى وتنزل فى الحجرة

ثم تصعد الى الهواء المشرق

تأتى وتنظر اليها الحجرة كلها

وفي الثريا المدلاة في السقف

تلمع العيون

وتبقى الحجرة واجمة اشكالا ووجوها

وفى كل الارجاء تقريبا يولد حوار نورانى

كانه الهمهمة

بين الجدران والحزانة

بين خطوط السرير وطيات اللحاف .

وكان الهمهمة صدى لصوت المربعين

عندما يرتفع

ينسحبان ومعهما كل ما قالوا

وجمهرة ) الضوء الكلام ( تتبعهما

وتبقى الحجرة كانها صحراء

الجدران صحراء

الخزانة ، القاعة ، خطوط السرير

وطيات اللحاف .

وتستأنف آلاتهم العزف

ومن جديد يأخذون اشكالهم والوانهم ومعانيهم

ولكن بلا اتحاد

لا شيء يربطهم

كل ينطوى ويتنسك

الجدران تغرق فى سطوحها

وتمتص الانعكاسات فى نسك

النافذة تنام ظلماء . . مغمضة في النهار

والباب فى وحدته

في تأمل

والفضاء الذي فى غفوته

يكشف لونه الرصاصى على اردية

منهمكة فى حوار مع النهار

الذي يتساقط من فوقها

كل شيء يغرق فى عالمه

ولا يفتا يحفر نفسه ويغرق فى نفسه

محاطا بالف غرابة بالف حكاية

حتى يأتي المساء

فيتغيرون ويتناسون انفسهم

في ضياء الليل .

لطخات الظل المنفعلة

تخنق ضوءا كهربائيا بائسا

آتيا من الخارج

والضوء يتقيا ظلالا مشوهة بالنور

انه عالم الليل

يتجدد ويتتابع .

فانوس الحجرة يمسحهم بخطفة واحدة

تشرق من فوق

فتملك كل الاشياء بضوءها

وتتآسر الاشياء مطوقة بظلها النقي

حيث تغرق بصرها

وتبقى مشدوهة

عمياء عن الفانوس

وهو فى اعرى عرائه الكهربائى

الفانوس الذي يشرق من فوق

الفانوس الذي يرقص

الفانوس الذي يصيح

دونما اكتراث

بالاشياء

الغارقة في النوم

اشترك في نشرتنا البريدية