حدثني المرحوم محمد عمر عرب قال : " كان الشاعر الكبير الاستاذ فؤاد الخطيب من رجال سوريا الافذاذ الذين ساهموا بنصيب وافر ، واثر محمود في الحركة الوطنية وقد لاقى على اثر انسحاب حكومة الملك فيصل من الشام ودخول حكومة فرانسا عنتا عظيما فهجر السياسية بل وغادر البلاد الى مصر . .
وقد نشرت له جريدة " حضارة السودان " قصيدة يندب فيها السياسية وانه اعتزم العودة الى حظيرة الادب جاء فيها :
من مبلغ القوم شطت دارهم ونأوا .... اني رجعت الى شعري ، وأوراقى
عفت السياسة حتى ما اهم بها .... لانها كلفتني غير اخلاقي
وشاء القدر ان يقدم الى الحجاز ويتصل بالملك حسين ثم يتولى وكالة وزارة الخارجية في حكومته . ولكن برغم مشاغله السياسية كان يجول جولات صادقة فى الشعر والنثر . ويجتمع بكثير من شباب الحجاز المثقف ينفث فيهم من روحه القوية . ويوجههم الى طريق الادب الصحيح .
وفي احدى هذه المسامراات اراد احد الادباء وهو الاستاذ أحمد الغزاوى مداعبة الشاعر فخط له فى رقعة صغيرة هذين البيتين :
قل للذي راح يشدو غاضبا حنقا .... على السياسة فى نجح واخفاق
كيف اعتذارك بعد القول ترسله .... اني رجعت الى شعري واوراقى
فلم يجب الشاعر بشئ ، وراق لى حبال هذا الحوار - وكنت احد الحاضرين - ان انبرى للاديب بالرد على ما سأل عنه الشاعر الكبير فقلت :
لم ارسل القول الا بعد تجربة .... وبعد بحث وتفكير واطراق
خضبت السياسة لما كنت مرتقبا .... نجم السعادة يجلو كل غساق
واننا في ظلام دامس . فعسى .... فجر الحضارة يهدينا باشراق
فنرتقى فوق هام الشهب منزلة .... عليا . ونبلغ مجدا اسه باق
لما اناخ بنا شعب ذوو شرف .... قلنا اتانا الغني من بعد املاق
واخصبت ارضنا من بعد مجدبة .... فمرحبا بالحيا من بعد اغلاق
فغيرت عبر الأيام ما رسمت .... يد الفراسة من قيد ، واطلاق
فعللونا بالفاظ منمقة .... من رائق القول ، او من رقية الراقي
وجرعونا مزيج السم فى عسل .... والصقوا الذل فينا اي الصاق
واستأسدوا اذ رأوا منا سالمة .... ظنا بانا ضعاف ليس من واق
اذ ذاك عفت مشاريع السياسة فى .... قوم تحملني اضعاف اطواقي
نايت عنها لعلى ان ارى بدلا .... منها فعدت الى شعري واوراقى
ولم اخض ثانيا بحر السياسة فى .... ظل المليك بلا لأى واخفاق
الا لعلمي بأني سوف انجح في .... اسعاد قومي في الدنيا باشراقي
