الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 1الرجوع إلى "المنهل"

رأي :، للاستاذ شكيب اللآموى

Share

   فى العالم         الرابع والثلاثين لمجلة انشأها فرد . . واستمرت تعمل بهذه الفريدة طيلة هذه الاعوام . . ليس على وتيرة واحدة . . وليس كصحيفة صفراء . . بل مجلة سايرت جميع الاحداث التاريخية التى مرت بالامة العربية طيلة ٣٤ عاما . . ونمت المجلة . . وتطورت ٠٠ اكثر بكثير مما يخطر ببال فرد ناء . . لا يعرف عن حياتنا شيئا . . وتقبلت المجلة - وصاحبها على رأسها - العلوم والفنون ، والادب والشعر ، والتاريخ ، والبحوث بانواعها ، حوت كل طريف وجديد ونافع!!

     أول ما نستهل كلمتنا ، اذن ، بتحية هذا الاستاذ العلامة . . الصادق فى رسالته . . الصادق فى وفائه . . الصادق فى حياته العامة والخاصة . . الصادق فى مجتمعه وبيئته . . المدافع بحق واخلاص وحمية عن كل قضية يعتقد فيها واثقا من الحق والعدل .. فيرمى بكل ثقله فى ميدان تلك القضية.. يتقبل بسماحة ورحابة صدر كل ما يمكن أن يكون عكس رأيه ، رادا على " مناقشة " بمجادلة الرد تلو الرد ، لا يتهجم على أحد ولا يزل لسانه بسبب أوشتيمة ، أو تحامل شخصى ، معتقدا واثقا بشرف الكلمة . . التى كونتها أشرف لغة أخرجت للناس ... وأشرف أمة نطق بها لسان . . فالامة التى تجمعها لغة القرآن وأدب القرآن لن تضل ولن تنية . . ولن تتبعثر . . وكلما مرت بالامة ضلالات ، وبعثرات - رجعت الى تاريخها تستنطقه ، والى قرآنها ، تستهدى

به . . والى مجدها ، تسترشده . . فاذا هى كحصان أصيل ، يعثر . . يكبو . . وما يلبث ان ينفض عن جبينه الغبار ، وما يلبث ان ينطلق الى الامام ، وبأقصى سرعة ، ليكون فى المقدمة . . ليكون المجلى والمصلى والسباق فى الميدان

أرجع بك يا اخي العربى الى التاريخ البعيد . . البعيد . . السحيق . . فى القدم . . لأطبل وأزمر بمعارك الفخار والعزة التى تكلل هام التاريخ العربى . . لانك ستضحك ملء شدقيك وتقول : نغمة قديمة ، اسطوانة مكررة ، لان ٥ حزيران المنصرم قد طغى على كل تاريخ . . ولا تعرف الاجيال الحاضرة ، الصاخبة ، المتذمرة ، من التاريخ الا ٥ حزيران . . ولا بد لنا من أن ننصاع لاشمئزازات هذه الاجيال . . وتساؤلاتها التى تدور حول نفسها فلا تجد لها حلا . . فالامة العربية قد ولدت في ذلك اليوم ، ولادة متعسرة شاقة شوهاء . . ومن هنا يجب ان نبحث اوضاعنا . . وهذه السنة ١٣٨٨ ه اما اما ان تصحح هذه الولادة ، وتحسنها ، وتعالجها . . واما ان يستمر التشويه والتشنيع . . والزيف والبطلان ، فنغرق فى الوحل الى اذقاننا ، ونبقى فى تيه وضلال وبهتان!! . . فما هى تباشير ١٣٨٨ ه اذن ؟؟

 المنكسر . . والخسران . . والمقهور . . لا  تطاوعهم أنفسهم ان يتفاءلوا ، فيقولون ان ١٣٨٨ عام يمن وبركة وخير وعز . . المنكسر الذي كسرته نفسه . . وقهرته امته . . يفتش فى داخل نفسه عن أسباب الانكسار . . فاللهم اشهد اننا أسباب النكبة . . نحن . . نحن . . لا غيرنا . . واذا لم نتخذ الاسباب . . نحذرها . . نطوقها . . نقضي عليها . .

فاننا سنستمر في الخسران والانكسار . . التنظيم من العدو ، يجب ان يقابله تنظيم العلم يجب ان يقابله علم . . الشجاعة يجب ان يقابلها شجاعة . . التكتيك يجب ان يقابل بالتكتيك . .

عدونا منظم . . متعلم .. أتقن اساليب المكر والكر والفر . . والخداع . . والمغالطة . . الحرب خدعة . . لا يلام فى كل حال على ممارسة هذه ) الفنون ) ! فهل نحن على مستوى هذه الفنون ؟ . . ثم عدونا تحرسه وترعاه ، وتحوطه ، وتمده قوى لانهاية لمواردها وثراتها ، واعتدتها . . وهي مصممة على مساندته فى كل حال . . فهل من سند لنا ؟ لا أظن غير الله جل وعلا ثم سواعدنا ، وانيابنا وأظافرنا . . وغير ثرواتنا التى يجب أن نشترى بها السلاح والعتاد فى كل جهة من جهات العالم وان نصنعه بأيدينا آخر الامر.

 ثم عدونا يفتح لنا كل يوم جبهة لالهاننا عن القصد الاساسى . . عن الجبهة الاولى والوحيدة التى يجب أن نكرس كل جهودنا لها . . فهذه جبهة فى اليمن ، وهذه اخرى الآن فى الخليج العربي ، وهكذا . . يشاغلنا العدو فنشتغل ببعض قبل أن نشتغل بالعدو نفسه . ورقعة الامة العربية رقعة واسعة عريضة ، لا أول لها ولا آخر ، ورقعة العدو ضيقة محدودة يستطيع استخدام مواصلاته المرتبة المنظمة السريعة على طرقه المسفلتة بكل اتجاه ، فضلا عن استعمال مطاراته ، كل اسلحته الحديثة ، بكل سرعة . . وخفة . . لان استنفار بضع ساعات يكون الدكتور والسباك والنجار والحداد والاستاذ كل فى موضعه وفي وحدته . . فأين لنا نحن هذا التنظيم وهذه الوسائل ؟ !

     أراني قد ابتعدت عن الموضوع . . ولكن أمر العدو يدخل فى كل خلجة ودقيقة من خلجات ودقائق حياتنا . . انه يحطم كل تكتيكاتنا وخططنا الاصلاحية والتعميرية والتقدمية . . اما نحن فيجب أن نرصد كل قرش ، وكل طاقة وكل جيل ، معدين كل الإعداد لمواجهة العدو ، ومنع توسعه أولا ، ثم لسحقه فى النهاية .

   العدو لا يتحمل انكسارا واحدا ، واحدا فقط . . لانه أين يذهب ؟ . . أما بنو العرب فيذهبون بكل اتجاه . . شرقا عرب . . شمالا عرب . . وجنوبا عرب . . والمطلوب انكسار العدو فى معركة واحدة فقط ! فهل العرب ( مجتمعين ) قادرون على ذلك ؟ أم هم بانتظار ( بطل ) ؟ . . التاريخ يقول كلما ادلهمت الامور ظهر بطل ، أو أبطال . . ولكن قيادة المعركة الواحدة التى يتعلق عليها مصير الامة العربية كلها الآن ليس بالامر السهل . فهل ننتظر أو نعد العدة ، ونهئ الظرف فى عام ١٣٨٨ ه لظهور مثل هذا البطل ؟ . . ومن يكون ؟ لا ندرى ! لانه ظلم لنا وللتاريخ أن نتكهن من يكون . . فالميدان مفتوح ، ومن اراد ان يكون البطل حقا وصدقا وفعلا فليتقدم . . لا يتقدم بشحمه ولحمه ، ولكن يتقدم فيفتح صداه لكل العرب ، ويجمع حوله كل العرب ، ويستمع لكل العرب ، وينضم حوله كل العرب ، ليدخل المعركة آمنا مطمئنا على ان العرب جميعا معه لا عليه . واسمحوا لى يا سادة يا كرام ! بترديد ذكر العرب ، فالعب مسلمون . . اكثريتهم الساحقة مسلمة . . ومليونان أو ثلاثة لا يحتاجون لتجميع ٦٠٠ مليون مسلم ، بل ٨٠ مليونا اكثر من كفاية لسحقهم ، وخلاصنا وخلاص الدنيا منهم ومن شرهم!!

وظهر الآن في الافق بطولات فردية ،

فلسطينية ، لم تكن بالحسبان سابقا . . بل كانت بالحسبان ، ولكنها كانت ( مجمدة ) . . الكل كان ينظر لها نظرة شك . . عشرون عاما وهذه الطاقات مجمدة . . مهملة . . تتقاذفها الايدى كالكرات . . والارجل كذلك . . والفلسطيني يقول بملء فيه: يا عالم يا عربى ، أنا جالدت الاستعمار الانكليزى بقضه وقضيضه ، بجيوشه وطائراته واساطيله ٣٠ سنة . . أنا عملت أعظم المعارك مع الانكليز والاستراليين والنيوزيلنديين والكنديين ووحوش الاستعمار ٣٠ عاما . . في رؤوس جبال صفد والخليل ونابلس وطولم وجنين . . وفى بيسان ، والكرمل ، وطبرية ، وعكا ، ولا احد يسمع ! اعطوني السلاح . . افتحوا لنا باب الحرية الحمراء . . فدماؤنا مشوقة لتضرجه وثلجه . . ولا أحد يسمع !

     والآن . . بعد استنفاد كل الوسائل وبعد الانكسار المربع . . قيل للفلسطيني . . تفضل ! وانقض كالجبار . . كالاعصار . . كغضب الجبار . . ليأخذ بالثار . . بامكاناته المحدودة . . انه يبذل كل يوم دمه ، بلا حساب ، ولا هوادة . وتعلقت انفاس الامة العربية كلها به . . ولن يرجع هذه المرة ، لن يهادن . . لن يتهاون . . سيلقى بكل قوته فى المعركة ، سيقود معارك التحرير كلها حتى النصر ، حتى آخر فلسطيني . . ولكنه يدعو فى السر وفي العلن : اللهم احمنى من اصدقائى . . أما اعدائى فانا كفيل بهم . . لقد عرف الفلسطيني عدوه اليهودى جبانا نذلا خسيسا . . لقد كال له في كل معركة بفلسطين زمن الاحتلال الانكليزى البغيض الصاع ، صاعين والف  صاع . . لقد أذله ومرغ جبهته فى التراب ، فى كل ثورة ، رغم مدافع الانكليز ودباباتهم ..

وصلهم واذلالهم . . ومحاصرتهم له . . ومن ذا ينسى من أجيالنا ثورة عام ١٩٢٩ م وبعدها ١٩٣٦ م حتى " لعبة " الجلاء والتشريد . . ودعوة الدول العربية كلها لحرب ١٩٤٨ .

والمتتبع لحوادث ما بعد ١٩٤٨ يرى بام عينه ان فصول رواية ١٩٦٧ هى نفس فصول ١٩٤٨ . نام العرب عشرين عاما ، ليستفيقوا على ضربة تفقدهم الامل ، وتردهم الى اليأس . . والمطلوب الآن العمل السريع والاستعداد السريع . . لرد ضربة حاسمة قاصمة ، تعيد للعربى أمله بنفسه وبأمته وبتاريخه . . العمل السريع لتهيئة اجيال الامة العربية كلها لانتصار أبلج كريم : يصحح الاوضاع البالية المهترئة . ففي الوقت الذى يعمل فيه الفلسطيني في قلب اسرائيل يجب ان يقابله استعداد العرب على حدود اسرائيل . . ومن الخليج الى المحيط المفاجأة العدو مفاجأة مذهلة . . ننتصر فيها ولو مرة واحدة ، وليس المطلوب غير الانتصار مرة واحدة ، انها تكفى ، لتجعل العربى سيد نفسه ، وارضه ، وبلاده ، وثرواته ، ويمشى بعدها فى ركاب النصر حتى النهاية ، وحتى آخر الدنيا .

    ترانى يا استاذ عبد القدوس ! أجبت على سؤالك ؟ أم فتقت لك اسئلة اخرى . . غير ذات صلة بالموضوع ؟ لست ادرى ؟ . . ولا أدرى سوى شئ واحد هو : اننا لا نستطيع ان نفلت من قبضة ٥ حزيران اننا لا نأكل ولا ننام ولا نصحو ولا نفكر الا حوله وفيه ومنه وله . . الى ان نزيل عاررا لحق بكل فرد من افراد الامة العربية من هنا لعشرات السنين القادمة .

                               جدة

اشترك في نشرتنا البريدية