وقل اعملوا
ان خير ما ابتدىء به هذه الكلمة قوله جل جلاله : ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ) وقوله تعالى : واعدوا لهم ما استطعتم من قوة . . الخ لان العمل يؤدى الى القوة ، والقوة تؤدى الى العزة . . وهكذا كان الاسلام بادىء ذى بدء ، قويا منيعا ، كما كان المسلمون أعزة مهيبين ، ولم يتأت ذلك لهم الا بالعمل المتواصل ، والجهد الشاق ، وبذل النفس والنفيس ، في سبيل اعلاء كلمة الله ، ونصرة دينه الذى جاء به أفضل الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
ومن تكرار القول ان اعيد هنا ما جاء في تعاليم الاسلام من دعوة الى العمل الجاد ، أو ما جاء فى كتب التاريخ الاسلامي عن الأعمال
المجيدة التى قام بها المسلمون المؤمنون فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته ، ولكنها التبصرة والذكرى تدفع بى الى أن ادعو كل مسلم فى عهدنا هذا أن يعود الى تعاليم هذا الدين الحنيف ، والى سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسيرة أصحابه ، ومن تبعهم ليجد كيف قوى الاسلام ، وكيف عز المسلمون ، وتهيب الكفار جانبهم ، حتى تمكن المسلمون من الفتح وتطهير معظم بلاد الدنيا من الوثنية والكفر والالحاد .
العمل المثمر
وان العمل المثمر الذى يعيد للاسلام والمسلمين سالف المجد ، أو على الاصح : غابر ذلك المجد - لا ينحصر فى تقوية جيوش الاسلام ، ولا فى بث الروح المعنوية فى نفوس تلك الجيوش فحسب ، بل انه - قبلا يتوقف على أن يؤمن الجميع بالله الواحد القهار ، ايمانا تخضع به نفوسهم لعظمته جل جلاله ، وتسمو به نفوسهم وقلوبهم ايضا ، ليأخذوا
سبيلهم الى التواد والتعاطف والتراحم ، وبالتالى : لتجتمع كلمتهم على الدفاع عن هذا الدين فيكونوا يدا واحدة ، وقوة قاهرة ، وعزما تتفتت امامه حيل المرجفين وادعاءات المبطلين .
وما احوج المسلمين جميعا فى مشارق الارض ومغاربها الى أن تتحد مشاربهم ، وتصفو نفوسهم ، وتخلص من كل شئ ، من زيف هذه الحياة الدنيا وبريقها ، ومن حب الحياة ، الى حب الموت فى سبيل الواحد القهار .
الاتحاد والعلم
وما أحوج المسلمين ايضا الى العلم المثمر المنتج ليطرحوا التواكل جانبا ، وليخرجوا من الاعتماد على الغير الى الاعتماد على الله تعالى ، ثم على انفسهم ، وعلى انتاج العلماء من أبنائهم ، وعلى الكفاءات المخلصة من أبنائهم ، وعلى استغلال كل مواردهم لاعدادها ولتحويلها الى قوة ترهب اولئك الذين تأصل فى نفوسهم
الشريرة العبث بالسلام والامن ، تحت شعار اقرار الامن والسلام .
كسر القيود
ولقد بدأ الغبار ينقشع ولقد أفاق المسلمون في غمرة الاحداث التى مرت وتمر بهم ، الى ما يحيطهم به أعداء هذا الدين ليقضوا على دينهم . . نعم لقد أفاق المسلمون ولم يبق الا مواصلة العمل الجاد فى سبيل كسر القيود التى كادت تكبلهم ، ليصبحوا عاجزين كل العجز عن نصرة هذا الدين الحنيف .
واننى اعتقد أن تلك القيود ستتكسر الى الأبد ، إذا واصل كل مسلم عمله ، وانتصر لدينه ، وخلص بنفسه وروحه ، الى اعزاز كلمة الله . وان الله جل جلاله قد وعد أنصاره بالنصر ، والفوز بالحسنيين . وما أروع الرجوع الى سيرة الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم . . والى سيرة أصحابه ، ومن سار على نهجهم القويم . . والله من وراء القصد .
الرياض
