الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 1الرجوع إلى "المنهل"

رأي سعادة الأستاذ :، عبدالله عريف، - أمين العاصمة

Share

انتظر للعالم العربي ان يبرأ من هذه الجراح العميقة المؤلمة التى اثخنته في عام ١٣٨٧ ه ، ويهب واقفا واعيا بعد هذا الترنح ، ليبدأ دورة جديدة من دورات الحياة : يستأنف الجهاد . . ويمحو آثار العدوان . ويحافظ على حريته وكرامته وشرفه . . وهي أشياء اغلى من كل الجهود التي تبذل من أجلها ، وانفس من الدماء التي تراق في سبيلها

وانتظر للعالم الاسلامي ، بعد أن استرخت اعصابه طويلا ، وادركته سنة تسرب في أثنائها الى بنائه الضعف ، ورانت على خصائصه الكريمة غشاوة . . وضاعت وحدته ، واستبد به من حوله ، ولحق ببنائه أبلغ الضرر وأشد النكبات ان يهب تحفزه دوافع تاريخه المجيد ، وحيويته الفذة ومصالحه الاكيدة في الحال والاستقبال - لمظاهرة العالم العربي والتضامن معه ، على نحو يؤكد مقدرة المسلمين والعرب على العمل التعاوني المنظم المنتج في سبيل مستقبل افضل لكليهما . . والمساهمة بعد ذلك في خير المجموع البشري وتقدمه ، بوسائل مستمدة من رسالة الاسلام . . ومن تجارب الغرب والشرق - دون التقيد بمذهب من المذاهب الحديثة

أنتظر أن يدرك العالمان : الاسلامي والعربي معا ماهية دعوة التضامن الاسلامي وحكمة العروبة على حقيقتهما . . وان يحددا اهدافهما في شتى سبل الحياة ويرسمان معا . . ويتفقان على مبادئ

واضحة وجلية . . ويضعان بذلك بذور العمل الاسلامي والقومي على اساس دقيق شامل واضح المعالم والسبل . . ويبدأ العمل من الآن ، ويستمر معهما يورثونه الاجيال التالية من المسلمين والعرب . . يستبشرون بالذين ثم يلحقوا بهم من خلفهم ان لا خوف عليهم ولا هم يحزنون . . فالعب والمسلمون واصلون الى ما يبغون مهما كثرت العقبات ، أو طالت الطرق . . ما دامت القافلة تسير وكل من سار على الدرب وصل

انتظر ان يترجم العالمان : الاسلامي والعربي معا القيم التي انطوت عليها رسالتهما العظيمة الى سلوك ونشاط ومواقف ومعدات وأساليب تمثل تمثيلا موضوعيا واقعيا معالم الطريق الجديد السارى فى كيهما . . فلا يقفان عند المستوى الفكري بل لا بد لهما من أن يربطا ربطا عضويا بين المجال الفكري ، ومجال التطبيق والتنفيذ والا كان الامر من قبيل أحلام اليقظة التي لا طائل من ورائها . . وأن يتناول ذلك مجالات التحرر ، والفضائل الانسانية والسلام ، والعقيدة الدينية السليمة البعيدة عن التعصب ، والتي تلائم بين العقل والعاطفة ، وبين القديم والجديد ، وبين المادية والروحية . . مع ما يقترن بذلك من بذل الجهود في التعمير والاصلاح والرعاية الاجتماعية ، واتساع مفهوم الاخلاق . ويقظة الضمير بمفهومها الواسع . . وازدهار الروح العلمية في النواحى التكنية ، وفي شيوع مبادئ الصدق والامانة والنزاهة والموضوعية . . واستبعاد الذات والنقد الذاتى . وقصارى القول ، كل ما يصل المسلمين والعرب بالحياة الاسلامية والعربية في مواطنهم من جهة . . وبين الحياة العالمية من جهة اخرى

أنتظر في هذا المصطرع الدولي العنيف الذي تتكاثف فيه الذئاب للابتلاع أن يتكتل العالمان : الاسلامي والعربي . . وذلك لا يتأتى الا ببرنامج اقتصادي واجتماعي وسياسي مؤسس على دراسات واقعية لاوضاع البلاد الاسلامية والاقطار العربية العامة والخاصة . . وتتجه دائما الى تحقيق الهدف النهائي في تحقيق الخير الاوفر للعدل الاكبر من المسلمين والعرب . . وتوفير حظهم من ارخاء المادي والمعنوي وتأهيلهم بذلك لخدمة انفسهم ، والانسانية جمعاء ويتوصل الى ذلك بوسائل مستمدة من تاريخهم واستعدادهم وظروفهم . . مستفيدين - كما قلت - من تجارب الآخرين . . وغير مقيدين بها .

وما ذلك على الله بعزيز . .

مكة المكرمة

اشترك في نشرتنا البريدية