ماذا تنتظر للعالم الاسلامى والعربى في عام ١٣٨٨ ؟
انتظر الخير والنجاح
استطيع أن أقول فى الاجابة على هذا السؤال لأول وهلة من باب التفاؤل :
أنتظر لهما الخير والنجاح في شؤونهما العامة والخاصة والنصر على أعدائهما والدمار والاندحار لأعدائهما .
وانتظر لهما كذلك أن يفتح الله لهما السبل المؤدية إلى الحياة الرغيدة والعيش الهنيء في عز وكراهة وسمو خلقى ودينى واجتماعي وبعد عن سفاسف الامور وطاعة الهوى .
وانتظر لهما التقدم في ميادين العلم والمعرفة والاستقلال فيهما كما كانت حالهم في الماضى عندما كان الغربيون يأتون الى معاهدهم لتلقى العلوم .
في وسعى ان اقول هذا وأكثر من هذا ، وأنا انظر الى العام الجديد نظرة عامة ملؤها التفاؤل وحب الخير للعالم الاسلامى والعربى .
تنكر للأرض والسماء
أما اذا نظرنا الى هذا الاستطلاع من ناحية المشاهدات التى شاهدناها والتى يشاهدها الخاص والعام وما يسمعونه من
الاقوال في الاذاعات وما يقرأ في صحافة البلاد العربية المجاورة لنا ، كل ذلك يوضح لنا ويؤكد أن كثيرا ممن تشملهم كلمة العالم العربى ، ويعيشون على التراب الذى لا تزال ذراته ممتزجة بالدماء الاسلامية التى أريقت في سبيل نصرة الدين والعقيدة الاسلامية ، والذين تظلهم السماء التى كانت الايدى الطاهرة ترتفع اليها عند الشدائد لدفع الأذى والضرر وطلب القوة والعون .
لقد تنكر بعض هؤلاء لهذه الارض والسماء وأصبحوا يشمئزون من كلمة العالم الاسلامى والدعوة الاسلامية والاتحاد الاسلامى والتضامن الاسلامى وأخذوا يجهرون بالعداء السافر لكل ذلك . . فى سبيل التشدق بالدعوة الى العربية والاتحاد العربى . . ابتغاء رضوان " اليسار " المشؤوم وازدلافا الى اليسارية الممقوتة ، رغم مشاهدتهم بأعينهم ما جلبه هذا اليسار من شرور ونكبات ومحن ودماء وفقر وبؤس لكل من اقترب منه واندفع اليه من قرب أو بعد ، ولم تكن النكسة الاخيرة للعرب - ولا نقول للاسلام - الا من جراء شؤم اليسار واليسارية .
قبلة الأنظار
لقد عاش العرب منذ وجدوا على وجه هذه البسيطة قرونا قبل الاسلام ، ولكنهم كما قال المستشرق كارليل ، كانوا : " قوما يضربون في الصحراء لا يؤبه لهم عدة قرون ، فلما جاءهم النبي العربى ، أصبحوا قبلة الانظار في العلوم والعرفان ، وكثروا بعد القلة ، وعزوا بعد الذلة ، ولم يمض قرن حتى استضاءت أطراف الارضين بعقولهم وعلومهم " اه .
نعم ، عاشوا وهم قبائل متفرقة وجماعات
غير متآلفة ، لم يسمح لهم تفرقهم - رغم وجود مزايا خلقية وعادات حسنة - أن يؤسسوا حضارة تذكر وتعرف كما ذكرت حضارتهم بعد الاسلام
وجاء الاسلام ، فجمع كلمتهم ، ووحد عقيدتهم ، ورفع شأنهم ، وهذب من طباعهم ، واستطاعوا في مدة وجيزة أن يكونوا من الأمم التى انضمت اليهم تحت رايتهم الاسلامية من الشرق والغرب - أن يكونوا منها اتحادا وقوة يعجز التاريخ عن أن يجد مثيلا لها على وجه الارض .
وصار هؤلاء المسلمون العرب ، أو العرب المسلمون ، هداة الامم وقادة شعوب العالم وسادة الارض ، وكونوا حضارة ومدنية انبثقت منها حضارات كثيرة في العالم .
يتناسى اليساريون من العرب كل هذا ويريدون أن يعودوا بالعرب الى جاهليتهم ، حيث لا دين ، ولا عقيدة ، فيتمكنوا من مد أيديهم الى اليسار والالتفاف حول اليسار
ولولا بقية من المجاملة التى يتسترون بها لقالوا : ليس من العرب من لم يكن يساريا .
أما العالم الاسلامى - ففى نظرهم - هى الدول الشرقية التى تدعو الى الاسلام .
من أعلام النبوة
وليس هؤلاء اليساريون قوما جددا أو فئة بعيدة أو هم من غير العرب ، ولكنهم - كما وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث يعد علما من أعلام النبوة ، ويرويه الصحابى الجليل حذيفة رضى الله عنه - قال : " كان الناس يسألون رسول الله عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني . قال : قلت يا رسول الله ، انا
كنا في جاهلية وشر ، فجاءنا الله بهذا الخير ، فهل بعد هذا الخير من شر ؟ قال : نعم ! وفيه دخن . قلت : وما دخنه ؟ قال : قوم يستنون بغير سنتى ، وبهدون بغير هديي ، تعرف منهم وتنكر . قلت : فهل بعد ذلك الخير من شر ؟ قال : نعم ، دعاة على أبواب جهنم ، من أجابهم اليها قذفوه فيها . قلت : يا رسول الله صفهم لنا . قال : هم من جلدتنا ، ويتكلمون بالسنتنا . قلت : فما تامرني ان ادركني ذلك ؟ قال : تلزم جماعة المسلمين وامامهم . قلت : فان لم يكن جماعة ولا امام ؟ قال : فاعتزل تلك الطرق كلها ولو ان تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وانت على ذلك .
ونحن اذن في هذا العهد الذى وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي ارتفعت فيه نداءات من كل جهة تدعو العرب الى اليسار مصدر الكفر والالحاد
وقد أمرنا صلى الله عليه وسلم نحن أتباع دينه أن نلزم جماعة المسلمين وامامهم
لنا امام
ولنا والحمدله جماعة وهم المسلمون المنتشرون شرقا وغربا من عرب وغيرهم . ولنا امام يدعو المسلمين الى التمسك بالكتاب والسنة والى الوحدة الاسلامية والتضامن الاسلامى والى اعلاء كلمة الله والاعتصام بحبل الله قولا وعملا في بلاده وخارجها بين الاصدقاء والاعداء في المجتمعات والمؤتمرات دون مجاملة لمن حوله من المخالفين او مراعاة لجانبهم .
ألا فليلتف المسلمون حول دعوته ورايته ، وليشتركوا معه في تجديد وحدتهم وتقوية
شؤونهم مبتعدين عن اليسار واليساريين كابتعاد اليساريين عن الدين والايمان بالله .
واذا أقبلوا على ذلك استطعنا أن نستبشر ونؤمل في كل خير وسعادة وعز وقوة في عام ١٣٨٨ ه وفيما بعده من الاعوام للعالم العربى والعالم الاسلامى سواء بسواء .
أما بغير هذا فلا سبيل الا الى أن نقرأ ونردد قوله تعالى : ( ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ).
