الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 2الرجوع إلى "الفكر"

ربطة العنق

Share

- السيارة ليست لنا - الدار ليست لنا المصنع ليس لنا - وانت يا أبى ؟ - أنا لك يا بنى ... لك وحدك

طرق الباب فنهضت لافتحه . . كنت انتظر ان يطرق الباب هكذا فى عنف . في يوم ما . . فى ساعة ما من النهار أو الليل . انتظرت ذلك منذ اكثر من اسبوع وكدت اهفو لهذا اللقاء الفريد بكل جوارحى . . . لقائى مع من ؟ لست ادرى لكنه لقاء على كل حال .

الباب يطرق فى عنف ثانية وثالثة وانا وراء الباب اصلح من شأنى واعقد باعتناء وتريث ربطة فى عنقى من حرير شفاف جميل كان اهدانيها صديق قديم لا اذكر الآن وقد مضي على هديته اكثر من سنتين فى اى مناسبة ولاى سبب اعطانى هذه الربطة وهو يقول :

- الآن وقد اخترت لى ما يروقك من هذه الربطات فدعني اختر لك واحدة منها . . هذه مثلا . . . لو كنت مثلك حرا لوضعتها فى عنقى لكن هذه الربطة لا تليق بامثالى فهى حمراء قانية كالدم يسيل من العنق . . . خذ . . . هي لك ما دامت قد لقيت هوى من نفسك . ضعها على صدرك واذكرني بخير

ربطتها بعنقى وشخصت بصرى فى مرآة الجدار خلف الباب مباشرة وقد اشتد الطرق فازعج الهادى وكان ينام كعادته بعد الفطور

- بابا . . بابا . . . الباب يطرق .

فتحت الباب فحيانى احد اثنين انتصبا أمام سيارة سلحفاة ظل دولابها يسعل من حين لآخر فيرقص لسعاله منفذ الدخان من خلفها ويعمنا ضباب ثقيل . رفعت يدى الى انفى . . .

- السيد مصطفى فلان ؟ - بلى - مصلحة شرطة الاجرام - أم . . أم . . كنت انتظر كما ولم اكن معكما على موعد - اتركب معنا أو ٠٠ - اتبعكما بهذه السيارة - كما تريد .

وتقدم الهادى من الرجلين واخذ يد أحدهما بين راحتيه الصغيرتين وطفق يجره الى مدخل البيت جرا .

هيا . . ادخل . . . ادخل "سيصور" لك أبي زهرة جميلة . ولم يجبه الرجل ولم يتقدم

- دعه يا هادى . . ليس له وقت لهذا . . . في مرة أخرى فقال الهادى متأسفا :

- مرة أخرى . . مرة أخرى . . قد لا يعود . . لم أره قبل اليوم . . أنا لا اعرفه . . سوف لا يرى زهورى التى رسمتها لى . . يا خسارة . . الله غالب . . الشغل . . دائما الشغل !

فقال الرجل - كم عمره ؟ قلت : خمس سنوات قال : ما شاء الله . . . ما شاء الله .

ومد يده الى جيبه فاخرج قطعة من الحلوى وناولها الهادى فلم يأخذها منه ولم يتحرك . . فقلت استدرجه :

- الا تريد الحلوى ..؟ انها لذيذة جدا . فأجاب وقد طأطأ رأسه : - مرة أخرى . . يا خسارة . . زهورى أيضا جميلة حدا

سبتمبر 1968

اشترك في نشرتنا البريدية