الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 2الرجوع إلى "الفكر"

رسالة إلى الشابي ...

Share

عرفتك مذ كنت طفل المشاعر

رأيتك ملتهب الحس ثائر

يلعلع شعرك ، كالرعد ، فى وجه

                       كل الطغاة

ويلمع كالنور فوق المنائر ...

يهد جدار الظلم

وأسمع صوتك كالنسر فوق القمم

ودبت روائع شعرك في كل حس

تدغدغ قلب المحب الولوع

بأحلى أغاني الهوى والشباب ،

فخلتك قيس المعنى

بليلى ولبنى

وتغمر قلب الكئيب الحزين

وتغرقه في بحار الدموع

ونهر الأسى والضباب

ودنيا العذاب

وتقذف في مهج الثائرين

هدير البراكين حين تثور

فخلتك من جيل عنترة إذ يلبى

نداءات عبس

ويهزم ذبيان إذ تعتدى

وخلتك نذ أبي الطيب المتنبى

يحرك شعرك قلب الجماد

ويبعث عزما ...

بسيف ابن حمدان يوم الطراد

فيجرى " الدمستق " منهزما مثل

                   عبد ذليل

قفاه على هجمة الذل والجبن للوجه

                          لائم "

وفي قلبه حسرة مرة ...

على كل ما كان رائم

أيا من تجاوزت بالشعر أكبر غايه

لقدعشت عمرك بالعرض حتى النهايه

تغني " أغاني الحياة "

فأصغت للحنك كل الحياة

وذوبت فيها الفؤاد

وأشعلت فيها الأنامل مثل الشموع

وأغرقت كل الصحائف في حالكات

                              المداد

وغسلتها بالدموع

وأغرقتها في قرارة بحر الألم

وأنبت فيها شذى الزهر

فطارت أغانيك شرقا وغربا

وأسكرت ، من خمرها ، الناس ،

                    عجما وعربا

وعادت روائع شعرك من مشرق

               الأرض مثل الضيا

فكانت بآذاننا مثل رجع الصدى

يجوز أعالي الجبال ...

يحلق عبر المدى

ويرجع مغتسلا بالندى

يرجعه الشرق للمغرب

كوحى إله وصوت نبى

ويمضي كآلهة الشعر فوق جناح

" أبو للو "

ومن شرفات سماء " الأولمب "

يطل

وكالنور من مطلع الشمس ، فى

               الفجر ، حين يهل

و كالسيف من غمده إذ يسل

فحركت أعصاب حسى

وألهبت بالعزم كل القلوب

وأجريت فيها دماء الظفر

بشعر يهز فؤاد الحجر

ويجتث كل الجذوع بفأس

كعنترة إذ يلبى

نداءات عبس

تموت الخيول الكريمة في حلبة

السبق ركضا

وتطوى سابكها الأرض ومضا

وتوشك تسبق ، فى عدوها ، ظلها

وتقضى العجاف أمام المحاريث مرضى

تروضها صفعات السياط ، وكم

شربت ذلها !

وتخشى ، إذا التفتت ، ظلها

أيا شاعر الحزن والحب والثورة اللاهبه

وجدت ظلاما كثيفا ...

يبرقع بالحزن وجه الوطن

وجدت عدوا لدودا ..

يصب على الشعب نار المحن

وجدت زهور الحياة ومنبع شعر الغزل

تعيش وراء الجدار ...

وراء الستار ...

وراء الخمار ...

وتقنع بالعيش عيش الجوارى .

وجدت لشعرك ألف مجال .

يحس به كل قلب

فحركت كل المشاعر

وأنطقت كل الحناجر :

فناح الحزين .. على حزنه

وهام المدله  .. فى خدنه

وثار السجين  .. على سجنه

وردد شعرك كل الرجال ..

وكل النساء ..

وكل الشباب ...

فشعرك يختزل الحزن والحب والثورة

                            الثائره

ويقضي على القوة الجائره

فقد كنت فى عالم الشعر بحرا عباب

ونحن ، ترى ، ما عسانا نقول ؟ !

أندب من عدم الحزن ؟ من موت

                        ليل العذاب

أنبكى على أن طيف المذلة أضحى

سراب ؟

ونبكى على أن صانعة الذل والظلم

صارت يباب

أنبكى لأن زهور الحياة ...

عرائس دنيا الغزل ...

ومن كن للشعر منبع وحي يروى

                      القلوب ...

آلهة للخيال الرحيب ...

ملأن جميع الربوع ...

كزهر الربيع

وزين كل الرحاب ...

فينبت ورد

إذا ضاع عطر او اهتز نهد

ويبتسم الكون مثل الأمل ؟

ترى ما عسانا نقول ؟

فهل نستعير من " الدونكيشوت "

سيوف الخشب

ونغزو طواحين ريح يصيرها الوهم

خصما لدود

أيا وجع الحرف اذ يولد

به شحنة من عذاب المخاض وعسر

الولاده

ويا حسرة السيف إذ يغمد

بكف الشهيد

ويصدأ فى الغمد قبل الشهاده

ويا نخلة في السما تصعد

وتحجب غابة نخل ...

كأن عراجينها فى

نحو الحسان قلاده

أيا خالد الشعر إن الرزايا ..

بدنيا العروبة أضحت ..

كغابة حزن كأمواج بحر

وقد كان خصم العروبة مستعمرا

             جائزا لحكم غاشم

يقاومه الشعب بالنار تكوى ...

وبالشعر يوقظ ماضى العزائم

فأصبح خصم العروبة أخلص أبنائها

وقادتهم ، جاوزوا فى

مجال القطيعة أكبر أعدائها

وفي كل يوم نحاول قربا

فنزداد بعدا

وفي كل يوم نحاول وصلا

فنشبع صدا

وفي غمرات القطيعة ضاعت

بلاد

وماتت عباد

وأضحت

قصائدنا فى مجال الفخار حداد

اشترك في نشرتنا البريدية