الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 3الرجوع إلى "المنهل"

سمار البادية

Share

مالي أراهم قد تم عقدهم واكتملت حلقة مجلسهم في هذا الليل الاليل ؟ ! ما لهذا المجلس الذي قد اتخذ من سكون الليل وهجعة قاطني هذا الكون مطية للمسير بالحديث حتى لا يجد سلطان الكرى سبيلا الى اجفان رواته وقصاصيه ؟

ألا ليت شعري هل كان سماره على موعد مع بدر السماء ؟ ! أم ان النسيم من حولهم قد عبثت به أنامل الطبيعة فنشر رواه المتموج على الكون لتصحو الازاهر وتعطر مجلسهم وتوحي اليهم دروس الحياة للحياة ؟ !

لا أدري لعل لهذا ما يناقضه في انفسهم . وكل ما اعرفه ذلك الصدى الرنان الذي تجذبني موسيقاه لانصت باهتمام الى موضع الجدل حينما تخيم غمامته على ارضه . . فما اعذب حديث القوم اذا جدوا . وما أجمله اذا هزلوا . . وما وما اقساه رغم حلاوتته إذا تذاكروا  وما ألطفه اذا قصوا .

حديث يفيض رقة وعذوبة في ذلك المجلس قد اتخذوا منه ويتخذون مسرحا للمعارك والاحداث ، ويجعلون منه ميدانا للصراع والجدل اللامقصود . ويلقون من خلاله دروس اللياقة والادب . . يمسك بزمام القيادة فيه والحديث . رجال تذوقوا حنظل الحياة وشهدها . . وعبروا مسالكها وتحدوا أشواكها وورودها . عاشوا في دياجير الظلام فقدحوا من صخورها أشعة ونيرانا تتأجح وتطارد فلوله .

وبعد ان تخرجوا من عراك الحياة هاهم يسكبون عصارة تجاربهم في مجلسهم على مسمع ومشهد من اولئك المفتية الذين تتفتح اعينهم وتتهيأ مداركهم لخوض خضم الحياة والسير في متاهاتها ودروبها . ليخرجوا اليها وقد أعدوا العدة وتسلحوا بسلاح الجد والعمل بهدى من وحي التجارب . وبايمان من لغة القوم واسمارهم

مجيب امر هؤلاء في اسمارهم ومجالسهم في تلك الهيد تنطوي امامهم ساعات الليل وتستأذنهم النجوم على مضض للمغيب . ويرافقهم بدر السماء واقفا نفسه على منحهم اشعة مرهفة ، فاذا رأى عيونهم تلحظه وقلوبهم تسأل عنه ونفوسهم ترتاح لرؤيته التحف السحاب حياء وخجلا . ولم لا يرافق مصباح البيد سمار الصحارى في مجالسهم وقد أولوه من نفوسهم منزلة قل أن يمنحوها لغيره . . ولعله قد هاله وأعجبه اولئك الشباب والصبية الذين أحاطت بهم العادات والتقاليد بسياجها فأيقظتهم بل وألزمتهم على ان لا يفارقوا هذا المجلس وان لا ينطقوا ببنت شفة . وان يتابعوا فقرات ما يدور فيه من روايات وأقاصيص تغرس في نفوسهم حياة لعزة والكرامة . وتربى

فيها حب الشجاعة والبطولة . وتنمي بين جوانحها غرائز الاعجاب بالعظماء من غطارفة البرد واسودها . وبجانب كل ذلك فللنقد اللاذع وللتعليق الخاطف مجال فسيح وباع طويل حول ما يدور فيه من احاديث وهم يضفون على من أبلى حسنا ثوبا فضفاضا وحلة . ويكيلون لمن اساء بما هو ادرى به ، وبذلك تصقل المواهب وتنشأ البطولات . . وتطغى عاطفة حب الخير والنصرة للحق واخيرا يرتفع الذكاء وتتقد ملكاته وهنا يبرز الابداع .

اشترك في نشرتنا البريدية