الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 5الرجوع إلى "المنهل"

شاعر تهامة في القرن السابع محمد بن حمير

Share

جمال الدين محمد بن حمير التهامي شاعر الدولة الرسولية فى عهد مؤسسها الملك عمر بن على الرسولى الملقب ب ) المنصور (  ولد بوادى ) سهام ( وكان فى أول امره منقطعا الى ) محمد ابي بكر الحكمى ( ) ١ ( و ) محمد بن الحسين البجلى ( ) ٢ ( الذين  آلت اليهما زعامة تلك المنطقة روحيا واجتماعيا وقد بلغ من نفوذهما الروحى ان  عمر الرسولى جعلهما فى مقدمة من استعان  بهما لتوطيد حكمه .

وعندما تولى ) عمر الرسولى ( على اليمن  جعله لسان دولته " الشاعر " وصوت  دعايته الناطق وقد اشار الى ذلك الشاعر ) المخلافى ( القاسم بن على بن هتيمل فى  قصيدة جوابية منه لابن حمير منها ( ) ٣ ( :

لانبا الغيث عن ) سهام ( ولا زال

يمج المياه ريا ) سهام (

بلد توجد المروءة والثروة في

ها ، ويعدم الإعدام

جمعت في ) محمد ( آلة الفضل

فحارت في مدحه الافهام

الجواد الجواد والسيد السيد

والصارم الحسام الحسام

راعف ) السيف واليراعة ( تمضى

بيديه السيوف والاقلام

انما لابن حمير قدم السبق

وحيدا ، وتستوى الاقدام

قمت فردا بدولة الملك المنصور

بالشعر حين عز القيام

بقوف تهز من اعجز الجيش ال  

رسولى ، وهو جيش لهام

نحن سيفا غمد وقد علم العالم

انا ) ذو النون ( و ) الصمصام (

انا لولاك ، ما عرفت وما السيل

بشئ " فى الاصل " لولا الغمام

وجد الشاعر فى الملك الجديد عبقرية تستحق التمجيد وانتصارات فى ميدانى سياسية والحب بالنسبة لعصرهما - تسحق التخليد وبرا وتقدير يدفعه الى

والتفاني والاخلاص فاوقف فنه وشاعريته  على أمجاده .

سجل الانتصارات

ولناتى هنا على بعض تلك المواقف  ورائدنا الاختصار فى هذا البحث . فى عام ٦٣١ نقض الامير ) عماد الدين بن يحيى بن حمزه ( صلحة مع ) المنصور الرسولى ( فنهض اليه فى جيش لجب استعاد به فى اسبوع واحد جميع ما كان صالح عليه الامير - قبلا - من البلاد العليا وهى ) البون ( و ) الحسب ( و ) الحادر ( وحصون ) عبين ( و ) الرديني ( و ) قلحاح (  وفى ذلك يقول بن حمير مخلدا ذلك الانتصار :

هنئت بالنصر لما جئت في لجب

مظلللا بالردينيات والقضب

ومرحبا برسول الملوك وان

غاب المسما كان والجوزاء لم يغب

غزوت )   مبين ( اذ هاجت شقاشقها

وفي ) الرديني ( الفاف من العرب

فاليوم ) قلحاح ( لا يرغوبها ) جمل (

و الذئب لو نطحته ) الشاه ( لم يثب

وفي سنة ٦٣٥ تقدم الملك لاستعاده  ) مكة المكرمة ( فى الف فارس - وذلك  للمرة الثالثة - وعندما دنى منها وكان بها حامية قوية للايوبيين بقيادة قائدهم ) جفريل ( اذاع انه سوف يمنح كل جندى يقبل اليه الف دينار وفرس وكسوه فأقبل اليه اكثر  جند الحامية مما اضطر ) جفربل ( إلى مغادرة ) مكة ( ناجيا بنفسه . فدخلها المنصور الرسولى معبرا - وفي ذلك يقول شاعره  

ماضر جيران نجد حيثما بعدوا

لو انهم وجدو لى مثل ما اجد  

ومن اباح لاهل الذمتين دمي

لا فيه لا دية منهم ولا قود

فل للقصائد دمى وارملى وخذي

مثل النجائب في القفر الذي تخذ

قصى الحديث عن المنصور ما فعلت

جنوده وعن القوم الذي حسدوا

لقيتهم بجنود لا عديد لها

وهم كذلك جنود ما لهم عدد

فزلزل الرعب ايديهم وارجلهم

حتى ) السماء ( راءوها غير ما عهدوا

ولووا وكان الذى يلقي بهم اسد

فعاد ثعلب قفر ذلك الاسد

ومن يلوم ) اميرا ( فر من ) ملك (

لاذا كذا . ولا كالخنصر العضد

بن حمير والشعراء

كان بن حمير على شاعريته الخصبة سريع البديهة حفيف الظل وقد وفد الى الملك الرسول الشاعر المعروف التاج بن العطار المصرى - الذى كان على صلة بالملك من مصر ابان تردده اليها فى خدمة الايوبيين - فجمعهما المجلس يوما فقال ابن العطار للملك  يا مولاى انى شاعرك من مصر وأراك تفضل   بن حمير ويناله من برك ما لم انال ، فقال  الملك ان بن حمير خدمنا وهو حاضر القريحة سريع البديه وانت مع فضلك  وادبك بطئ الاستجابة . ثم التفت الى بن  حمير مبسما مشجعا وقال ما تقول فى  موقف بن العطار فقال بديهه

مستشعر بعمامة معقودة

لو بعثرت ملت الفضاء ) خميرا (

وابوه ) عطار ( فما بال ابنه

يهدى ) الصنان ( الى الرجال بخور

وكان به شئ من ذلك فضحك الملك حتى بدت نواجذه ثم قال لابن العطار اجبه مفحم

حصر المجلس يوما الامير اسد الدين  ومعه شاعره المدعو ) على بن أحمد فأخذوا

الامير فى الثناء على شاعره مما غاط بن حمير فقال الملك ما تقول فى شاعرية على  بن أحمد فقال ارتجالا :

انا البحر فياضا بكل غريبة

احلى بها ) المنصور ( درا وجوهرا

وما ان ابالي عن ) على ابن احمد (

وعن شعره ، ) دقن بن احمد ( في المسك

فقال له الملك ضاحكا لما غيرت القافية

قال خوفي من ابن اخيك ؟

الشاعر وعمارة الشيباني

قصد الشاعر احد امراء الاقطاعيات المسمى ) عمارة الشيباني ( وكان ممن اقرهم الملك الرسولى على اقطاعياتهم لماله من نفوذ قبلى . وهو صاحب حصون ) يمن (  و ) الشواهد ( فلم يأذن له بالدخول فكتب  رقعة بها

بالباب : صلحك الله امرء لسن

انضه السير والادلاج والسهر

وافي الى ارض ) خولان ( فصادفها

مثل ) القتادة ( لا ظل ولا ثمر

فاعادها اليه بعد ان وقع على ظهرها

بل كالغمامة فيها الطل والمطر (  

وأذن له بالدخول والانشاد ووصله  واضافه ثم أذن له بالعودة . وفي الطريق اعترضه مواليه فنهبوا كل ما معه فاحتدم قلب الشاعر غيظا واشتعل حنقا من ذلك  الامير الذى تركه ببابه اياما ثم اذن له بعد ان  وقع له البيتين ووصله واضافة وقلبه منطو على امر يبيته

انصرف الشاعر عائدا يغلى غيظا انه  كشاعر لا يملك من القوة الا لسانه وموهبته الفنية وماذا يصنع ازء امير اقطاعي له القوة  والامتياز الاداري في اقطاعيته . وهنا نرى الشاعر يدرك يدرك ضعفه المادى امام ذلك

وانما تعاوده الثقة بنفسه ويهيب به  الاعتداد بفنه فيدير اوجه الرأى هل يهجو الامير ويلطخ سمعته بالوحل بشتي الهجاء المقذع والشتم الفاحش فيرى ذلك لا يشفى  غليله من ذلك الغدر المدبر والمكيدة المبيتة  والخديعة المركبة فيحيل الرأى فى روية  وتدبر فتسعفه موهبته الشاعرة إلى شىء  بالنسبة الى ذلك الامير انفجار ينسف حصونه وثورة بركانية مدمرة تاتى على اقطاعيته فينشئ هذه القصيدة اللاهبة  وينشدها بين يدى الملك

ما شاق قلبي ادلاج وابكار

ولا شجتني اعلام واثار

ولا اسائل اهل النجد ان نجدوا                                                                               ولا اسائل أهل الغور  ان غاروا

الى ان يقول :

قد يزار ) الذئب ( إذ لا حوله ) اسد (

ويصهل ) العير ( ان لم يلق ) خطار

سررت و ) اليمن ( الخضراء حين صفت

لابن ) الرسول ( فما في تلك اكدار

وكان فيها ) عظاريط ( زعانفة

فما بقى من بني ) البظراء ديار

لكن بقى فرد ) ثؤلول ( تعاب به

والنار تسهل مركوبا ولا العار

ان قلت لم يبق سلطان سوى ) عمر (

قالوا بلى . وبقى السلطان ) عمار (

او وقت لا قصر الا قصر ) دملوءة (

قالوا ) يمين ( عليه التاج والغار

فخد ) يمينا ( ولا تقبل مغاذرة

فا  لكلب ( حيث خلى بالعظم جبار                                                                       لم يتفق قط ) سلطانان ( فى بلد

هل يدخل ) الغمد ( بتار وبنار

ما غبت الا رمى بالعين ) دملؤة (

وظل ينشد والاقداح دوار

وابن المجلى يمنيه بملحمة

كلاهما انفقا ) طبل ( و ) مزمار (

. مولاى لا تحتقره ) فابن ملجم ( قد  عدى ) بحيدر ( والغداد غدار  بئس الخبيثه تحت الفرش ) قملة ( والسد شر كمين تحته ) الفار (  فكان فى انشادها القضاء الماحق والاثر الساحق فنبهت مخاوف الرسول واثارت  شكوكه فجهز جيشا قويا عام ١٦٣٩ استولى  على حصونه وقتله ؟

الشاعر في عهد الملك المظفر

في عام ٦٤٨ تمكن ) المظفر ( من استعاده السلطة التى نازعه عليها ابناء عمه كما  استعاد عدن ولحج وحصون المعافر وفي ذلك  يقول الشاعر من قصيدة

وان ملت ولى فذي دولة له

وفي ) يوسف ( انعم المعوض عن ) عمر (

اغار بها من سفح ) ملحان ( شزبا

محجلة الارساغ واضحة الغرر

ونادت ) زبيد ( يا مظفر مرحبا

اضاء بك النادى وقر بك المقر

حصون أبيه وهي بالشرع ارثه

وبالسيف ، ليس السيف الا لمن قهر

نماذج من مدائحه فى غير الرسوليين

وفي محمد بن الحسين البجلى يقول من قصيدة

مبارك الوجه ما ان حل فى بلد

الا اقام مقام العارض الهطل

ومن مدحه فى بنى المجلى رؤساء المراوعة فى ذلك التاريخ

حبيت من ربع ومن منزل

كان محل العادة العيطل

وطبعك الهجر لنا فى الهوى  والجود طبع فى بنى المجدلى  توفى بمدينة زبيدة عام ٦٥١ ودفن فى مقبرة باب ) سهام ( شرقى قبر الشيخ مرزوق بين حسن الصوفى كما حققه ) الخزرجي ( كما ذكر ان له ديوان شعر  وهو عزيز الوجود

اشترك في نشرتنا البريدية