الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 5الرجوع إلى "المنهل"

شهرية الادب

Share

مقدمة

هذا باب جديد يفتحه الاستاذ الانصارى فى مجلته ليطلع منه القراء على لون ليس جديدا ولكنهم فى حاجة إليه حتى يتابعوا الحركة الفكرية فى بلادنا ويرموا ببصرهم إلى العالم العربى ليطلعوا على حركته الأدبية وإنتاجه الفكرى ليسعهم أن يسيروا مع القافلة المجدة فى هذا السبيل !

ولن يكون من (( وظيفة ))هذا الباب ، النقل والعرض لآراء الناس بل التعليق والتصوير والمناقشة لما يستحق النقاش ، لأن القارئ يريد من الكاتب أن يريه شعوره ورأيه وفكرته هو ،ليعرف مدى ما يتمتع به من حرية فى الفكر والرأى والتعبير وقدرة على الهضم والاستيعاب.

ولن يكون هذا الباب مفتوحا لأحد دون أحد، بل لكل صاحب قلم ممتاز أن يدخل منه ويكتب ما شاء مما يدخل تحت عنوانه.

بدعة قديمة تتجدد

كنا منذ عشر سنين نقرأ كثيرا من المقالات فى صحفنا بأسماء مستعارة كابن رشيق ، وابن جلا ، وابن واصل ، والغربال، والمنسف، والصموت الحساس، وهول الليل ، وسهران، إلى مقالات أخرى لأدباء يرمزون إلى اسمائهم بالحرف الأول من الاسم واللقب

وما أدرى سبب ذلك ? أهو جبن من الكاتب ? أهو استخفاف بالقراء ،أهو خوف من أذى يلحقه إذا عرف ?

لا شئ من هذا ، فما ينشر فى صحفنا - والحمد لله - منخول مصفى لا يعقب أذى يركض إلى الكاتب متى نشر مقاله باسمه الصريح

ولقد اختفت تلك البدعة ثم أخذت تظهر هذه الأيام؛وتأخذ مكانها بوضوح فى جريدة المدينة المنورة حيث نجد تجد على صفحتها الأولى : (( مستعجل )) و (( حى ))

و (( مستأن )) وفى جريدة البلاد السعودية أيضا ؛ فهى لم تسلم من هذه البدعة      ومن رأيى أن الكاتب الذى لا يستطيع ان يحتمل المسئولية أمام القارئ، أو لا يحب أن تكون بينه وبينه صلة روحية هو كاتب يحسن به أن يسكت لان ذلك خير له . والكلمة التى لا يعرف قائلها لا تحدث الأثر الذى تتركه كلمة معروف قائلها لأن المقال يوزن بالقائل ، فاذا كان عظيما كان القول مثله ، أما الكلام الذى لا ينتسب إلى أحد أو ينتسب إلى مجهول ، فان أثره يقل إلا فى النادر ، ولهذا أدعو كتابنا المتوارين خلف الاسماء المستعارة أو الرموز أن يظهروا أمام القراء بأسمائهم الصريحة ليتلقوا-إن أحسنوا-التقدير أو اللوم إن اساءوا ،وكل نفس بما كسب رهين .

هل أفاد الادب ?

اجتمع فى (( ندوة المنهل ))للشهر الماضى بعض الادباء وأخذوا يتناقشون فيما بينهم : أأفاد الأدب ? واتفقوا جميعا على أنه أفاد إلا واحدا منهم فقد شذوز عم أنه لم يفدنا ، وقبل أن يتفقوا سلك كل منهم طريقا وقال كلاما فيه ما يبعث على الابتسام غير البرئ وفقد الحديث الذى دار بينهم وقرأناه منشورا بالمنهل الماضى الرابطة،وان كان الجو العام واحدا ، فتجد الحوار سائرا سيرا حسنا ثم ينقطع فجأة لان أحدهم أراد ذلك وقفز بكلام حديد يقطع الفكرة قبل النمو والنضج والاكتمال .

أما موقف ذلك الواحد الذى شذ عن (( الجماعة )) وزعم أن الادب لم يفد (( فائدة مذكورة فى حياتنا الاجتماعية وفى توجيهها وسائر مرافقها )) - فمؤسف لانه صدر من (( أديب )) معروف أخلص للأدب وتصباه ، وبذل من أجله ما عز وغلا ، ذلك هو الاستاذ محمد عمر توفيق . وما أدرى أهو مؤمن بما يقول أم غير مؤمن ? ولكنه يخيل إلى أنه غير معتقد ما زعمه لانه ما زال يحرص على الادب ويغنى من أجله ! أفتراه يغنى من أجل )) شئ (( غير مفيد ?! ومن الغريب أن يناقش ويسأل : أأفاد الادب ? انه كمن يقول للآكل السليم جسمه : أأفاد الاكل ? وأغرب من ذلك قوله الذى أذكره بمعناه لبعد مصدره عنى : (( أكنا نخسر شيئا لو فقدنا أدبنا ? )) .. وأنا أجيبه : نعم ، كنا نخسر كثيرا ، كنا نخسر

أرواحا ونفوسا ونهضة ووعيا وسموا . أما إذا أراد المغالطة فاننا نستطيع أن نسأل شبيه سؤاله : ماذا كان العالم يخسر لو فقد القارة الامريكية كلها ? ... ونجيب جوابه . كلا ، لن يخسر شيئا لان الانسانية ما كانت لتقف عن المسير بفقدان أمريكا .. ولكن هذه المغالطات لا يقام لها وزن فى ميدان البحث الصحيح .. وأظن أن صديقنا الاستاذ لم يكن جادا حينما أنكر إفادة الأدب لأنه لا مجال للانكار بعد أن قام الدليل على أن البلاد قد أفادت من الادب وحركه القلم ، فما ثم ميدان إلا وللأدب فيه فتح وعمران ، والتقدم الذى نراه فى كثير من النواحى مدين للأدب الذى هو أحد رجاله ، و ان من الظلم أن يزعم زاعم انه لم يكن لدعوات الأدباء التى جهروا بها أثر فى حقل لاصلاح العام ، أو يدعى أن الادب لم يفد بعد ما ظهر من تقارب الطبقات وسمو الذوق والوعى القومى والاتجاه إلى العلم والعمل والصبوة الى الكمال وللتوثب الى العلا ، والقلق الذى يحمل على السعى والكفاح ، والاتصال بالعالم ؛ والتأثر بحركاته وأحداثه ، وكل هذا سبيل يمهد لرفع مستوى المعيشة والخلق والعقل .                       [ مكة ]

اشترك في نشرتنا البريدية