أبرز ما طبع تفكيرى منذ الصغر هو حب المطالعة . وبالتحديد مطالعة الصحف . وعلى وجه التخصص مطالعة زوايا إعلانات الموتى فى الصحف
يبدو ذلك مستغربا بالنسبة لمن تجمعك به صدفة وتتبادل معه الرأى فى شأن ما تطالع . . . اذ سرعان ما تلمح الاستخفاف يرتسم على وجه . . والاستغراب على وجه آخر ، دون أن تتاح لك فرصة كافية لشرح الملابسات التى دفعتك الى ذلك . . ودون أن تجد أذننا صاغية لتقول لأحد : إن الأمر يتعلق بنزوة شخصية . ولكنها تركة أمنت عليها :
كان والدى فى أخريات أيام حياته مواظبا على الاشتراك فى أكثر من صحيفة ، تصل على عنواننا بالبيت . ولضعف بصره وفقدان اهتمامه بالقراءة كان يدعونى إليه ويشير بأن أفتح الصحيفة عند إعلانات الموتى . . . فأتلوها عليه جميعا قبل أن يتهيأ للخروج الى السوق . وقد رأيت أنه نادرا ما كانت صحيفة من هذه الصحف تغفل من حساب موتاها واحدا من معارفه أو من معارف معارفه . .
ان شبكة اتصال والدى بالمدينة أوسع من شبكة المياه والكهرباء فيها . وصلاته بأسر الموظفين وبالعائلات المتصاهرة متشعبة للغاية ، بعدد الادارات التى انتقل اليها والتى كان سرعان ما يوطد أواصر تعارفه بكل موظفيها ثم - وكأنما تنتهى مهمته عند هذا الغرض - ينتقل من ادارة الى اخرى وبكل يسر الشئ الذى عد نبوغا تفوق به على كل موظفى الدولة . . . حتى أن والدتى التى كانت ترسل اليه الخادم فى الصباح كانت تسأله قبل الخروج عن الادارة التى يمكن أن يجده فيها مسعود
وهو بالرغم من احالته على التقاعد ، منذ عشر سنوات على الاقل ، لا يزال يتردد صباحا وبالتناوب على مختلف الادارات التى عمل بها ويتعرف الى كل موظفيها المنتدبين حديثا ويحقق فى قراباتهم ويشاركهم فى تبادل الرأى حول
القوانين التى تهم الزيادات فى الرواتب لما عرف عنه من شغف بمناقشة مثل هذه القوانين . . . ذلك ليتفرغ فى المساء الى مواعيد الدفن ، فيخرج على رأس الجنازات فى طليعة السائرين وراء الميت مباشرة . . ويعود مع العائدين منها فى آخر طابور المعزين . . . . هذا اذا لم يجد موضعا لقدمه بين أقرباء الميت فيتلقى التعازى كفرد من أفراد الأسرة .
والغريب أنه كان يفعل ذلك دون أن يكلفه الامر إسالة دمعة واحدة أو تتحرك خلجة فى وجهه للاشعار بالاسى . ولولا أن عينيه كانتا خلف نظارتين داكنتى الخضرة لأبصرت عدم الاهتمام مجلى فى ملامحه .
ولطالما تمني والدى في حياته أن يرى اسمه فى قائمة أولئك الذين تحاط أسماؤهم بالدعوات الصالحات بأن يسكنوا فراديس الجنان . ولما لم يكن ذلك ممكنا على الاطلاق . . فقد أكد على وصية واحدة من الوصايا التى يوصى بها الميت : أن يعلن عن موته فى صحيفة عين اسمها ، كان لمحرريها بعض التقدير فى نفسه ، لأنهم يجيدون فى نظره صوغ الاعلان عن الميت بطريقة تفجعية وحدد مساحة الاعلان ومكانه واختار نوعية التأبين الذى يلائم المزاج والمقام وغداة وفاته بعد سنوات ، حرصت أشد الحرص على تنفيذ الوصية ، وحبرت إعلان الدفن بنفسي ليلة الوفاة ، بعد أن أغلقت باب الغرفة ، واختليت برفاته ، أستلهم منه شتى العبارات التى كان لها وقع فى نفسه ، مما جعل أفراد عائلتنا يظنون أني قاتل نفسي لا محالة بكاء على جثمانه . . فانهالوا على باب الغرفة طرقا عنيفا ، وفكروا فى خلع الباب لانقاذى ، بينما كنت بين القلم والورق وكدس من الاعلانات القديمة انتقى لفظا من هنا وآخر من هناك وأكتب الاعلان تلو الآخر . . . . وأجرب قراءته بصوت مسموع فى حضرة جثمانه ، وأقول : لو كان حيا لأفجعه هذا النعي . . . وأسال - على الاقل دمعة واحدة من عين لم تعرف البكاء
ومن سوء حظه وحظى أن الورثة الذين كانوا يستعجلون تصفية التركة اعتبروا أن الاعلان عن موتاهم يعد خرقا لتقاليد العائلة ، وأن مشاركة الناس لهم فى الأحزان ينقص الأجر ، ويحرم الميت ثواب الآخرة . وتركوا بذلك لوعتي موصولة ، كلما فتحت صحف اليوم وارتمت نظراتى على صفحة إعلانات الموتى كنت أرى إصبعه وهي تشير الى المكان البارز الذى كانت تحتله الاسماء الكبيرة ، وأبناء العائلات والمعلنين بأثمان باهضة . . فيذكرني ذلك بتنفيذ الوصية .
وتحت وطأة تأنيب الضمير قررت أخيرا أن أرسل ذات الاعلان رغم تباعد الزمن الى نفس الصحيفة مع المبلغ اللازم لنشره
ومن الغد ظهر الاعلان . ولكن ليس فى نفس المكان الذي كان المرحوم يحرص على الظهور فيه اذ كانت الاولوية فى هذه المرة لمجلس ادارة شركة صابون " القطوس " الذين نعوا رئيس مجلس ادارتهم . . وتحت تأبين مجلس ادارة شركة " صابون القطوس " ظهر الاعلان بنفس التعابير التى حبرتها ، وظهر معه اسمى بالحروف البارزة كما طلبت ذلك من الجريدة . ولعلى افتخرت في ذلك اليوم بظهور اسمى أكثر من افتخارى بتلبية وصية الرجل الذى جعل من صفحة اعلانات الموتى أكثر الصفحات تغذية لوجدانى . وحفزني ذلك على أن تكون أبرز أماني أن أصبح محررا فى جريدة تعنى بشؤون الموتى . . وفي حال استحالة وجود مثل هذه الجريدة فاننى سأقنع - على الاقل - بتحرير زوايا الموتى فى صحيفة سياسية أو أدبية
هذه الأمانى هى التى دفعتنى أخيرا الى الباب عندما قررت أن احملهم على الاستفادة بخبرتى . . .
فكانت ليلة من الليالي . . .
تحاملت على ترددي ، واتجهت صوب الشارع الذى توجد به ادارة تلك الجريدة التى كان والدى يعجب باعلاناتها . ومن بعيد لاحت لى واجهتها المشعة . . . وعلى باب العمارة صفيحة من الحديد سوداء رسمت عليها يد . تشير سبابتها الى الطابق الثاني
وبينما كنت أصعد الدرج ، كان هناك رجل آخر ورائى فى عجلة من أمره : أشيب الفودين ، أنيق المظهر ، تحت ذراعه رزمة من الاوراق . . فأخذ يتجاوزنى . . ثم صرت ألاحقه الى أن وصلنا معا باب الادارة حيث كان الحارس الذي هب يعترض سبيلنا ، فأزاحه الرجل باشارة من يده ، وظن أني مرافقه فأفسح الباب لكلينا
وفى ومضة البرق غاب الرجل فى الردهات ، بينما ظللت أتعرف الى المكاتب بصفة موظفيها التى علقت في لافتات على الأبواب . . الى أن وقفت عند باب " رئاسة التحرير .
وضعت يدى على الأكرة وأطللت : قاعة فسيحة الأرجاء تتوسطها طاولة مستطيلة من الابنوس اللماع ، وحولها صفوف من الكراسي المتناظرة وأرضية مفروشة بالزرابى التى تغرق نعومتها الأرجل ، ومكتبة تغطى الجدار من كل ناحية مرصوفة بالكتب المتقنة التجليد بينها لا شك مجموعة الجريدة التى بدت بارزة الحجم واللون والتذهيب
فى قاع الغرفة رجل بدين ، منتفخ العينين ، لم يحس بوجودى ، ولم يرفع قلمه الذي كان يندفع بآلية على الورق الى أن انتهيت الى طاولته فأحس بظلال طيف ما فسأل دون أن يرفع عن الورق وجهه : من أكون ٠٠ ؟
وعبثا حاولت العثور عن كل الكلمات التى نضدتها فى ذاكرتى لأواجهه بها . . فأسرعت الى التعريف بنفسي
- ابن المرحوم . . علالة المفطوف . وتوقعت أن تكون الاجابة غير قوله نعم . . تفضل " قلت موجزا الموضوع : - أطلب عمل محرر لديكم قال الرجل ، وهو يواصل كتابته - وما هى مؤهلاتك . . كانت كلمة المؤهلات من بين الكلمات التى تهيأت للأجابة عنها ، فابتسمت لأكون أكثر قربا من نفسه وثقة بمواهبى وقلت :
اختصاص فى تحرير زوايا الموتى . آثارت الاجابة فى نفسه شيئا من الغرابة . فكفت أصابعه عن الكتابة ورفع عينين تغرقان فى تجاعيد وجه داكن الحمرة ، واستعاد اجابتى ليحقق فيما لم يكن ينتظر سماعه . وسمعته يقول :
- اعلانات الموتى يا بنى . . هى الباب الوحيد الذى لا نحتاج فيه الى متخصص . . إعلانات الموتى يحررها المعلنون
ورغم أنه عاد ليمارس الكتابة فقد تلكأت فى الانصراف ، وأنا أعيد عليه حكاية والدى واهتمامه بتطوير هذا الباب ، وبوصيته وبوجوب أن تكون
اعلانات الموتى أكثر حزنا وباعثا على البكاء ، لا مجرد كلمات للنعى الساذج الذي لا يشتم منه غير رغبة المعلنين عن سرعة تخلصهم من أحد أفراد أسرتهم
وعندما كنت أعتقد أن رئيس التحرير غارق فى تأملاته التى يكتبها بان لى انه كان يستمع جيدا الى آرائى فأقلع عن الكتابة حين انهيت شرح وجهة نظري ، وناولني ورقة وأمرني بالجلوس الى طاولة الأبنوس لأكتب إليه مجموعة من أخبار النعي :
وزير من الوزراء تفاجئه السكتة القلبية " . . " طفل وحيد والديه يتخطفه المنون " . . تاجر ثرى له مجموعة من الورثة يذهب ضحية حادث طائرة بناء ينهار عليه جانب من جدار " وأتممت كل ذلك فى سرعة فائقة . وما إن تأمل رئيس التحرير ما كتبت حتى كان للاحزان التى سكبتها فى كل نعى تأثير عليه . . فرجاني أن أتصل من الغد بادارته . . وشيعني وهو يقول ساخرا :
- سيكون الطريق الى " الجلاز " مستقبلا من باب هذه الجريدة . . أسمعت يا بني ؟ كل شئ على ما يرام .
منذ أسابيع أصبحت زميلا لفيلق من المحررين والاداريين . وأمر رئيس التحرير أن يفرد لى جانب من مكتب الاعلانات ، ويرفع بيني وبين بقية موظفى هذا المكتب حاجز من اللوح . . وأعلن في الصفحات الاولى للجريدة أن الادارة نضع على ذمة المعلنين أخصائيا فى تحرير أنباء النعي
و لاضفاء صبغة الاختصاص على مكتبى جعلت فى زواياه الآيات والأحاديث والحكم التى تذكر بالموت وتشير اليه وتخفف الكرب . وعلى باب المكتب سرعان ما كتبت لافتة عليها : " أينما تكونوا يدرككم الموت "
وإمعانا فى مشاركة زبائنى أحزانهم أصبح السواد طابع ملابسى ، ونظارة فاحمة لا تنزل عن أرنبة الانف الا حين مغادرة المكتب . . وبين كل الزملاء الذين لم يطرق اسمى آذانهم عرفت بلقب " عزرائيل " .
ولم يكن ذلك ليثبط من همتى قط ما دام دخل الجريدة من أخبار النعي في
نمو مطرد . . وما دامت صفحة إعلانات الموتى تكتسح بقية صفحات الأخبار . . وتلتهم جانبا منها فى كل حين . . ووفود زوار مكتبى يفوقون عددا وكيفية زوار بقية المحررين بما فى ذلك رئيس التحرير نفسه .
وبانتصابى على المكتب اتخذت الاعلانات عن الوفيات شكلا جديدا شمل الأحياء من الناس ، فكثير من العجائز كانوا يتوافدون على إدارة الجريدة ويحجزون لأنفسهم مساحات مما يخصص للاعلان يدفعون ثمنها الى حين توافيهم المنية بعد أن يضعوا التوصيل بالدفع وكلمات النعي المتفق عليها مع الادارة فى جيوبهم . وبلغ اهتمام المواطنين بتأمين نعيهم حدا أصبحت فيه الصفحات المخصصة للنعى من قبل الجريدة محجوزة لعدد من الشهور
وأصبح رئيس التحرير نفسه ، ذلك الرجل المتورم العينين ، شديد الاغتباط بزيادة الوفيات وبرواج الجريدة ، يمر بمكتبى من حين لآخر ويداعبني بقوله : ماذا لديك من الموتى فى هذا اليوم يا عزرائيل ؟ . . ويختتم وقفته بعد أن أوافيه بالحسابات وأتلو عليه بعض الاعلانات بنكتة ساخرة كأن يقول " ما دمت معنا يا بني فلن نأمل عمرا طويلا " .
وأضحك . . ويتضاحك للمزاح
ومر رئيس التحرير ذات يوم . . ولكن على غير العادة ، اكتفى بالاشارة إلى بأن أتبعه دون أن يقف وقفته المعتادة ليقرأ الآيات والأحاديث على الجدران . وفى ذات المكتب الفسيح ، وعلى نفس طاولة الأبنوس اللماعة ، جلسنا لاول مرة رأسا لرأس
كان من الواضح أنه يريد الافضاء الى بأمر هام ، ظننته وفاة أحد الأعزاء عليه . . . ولكن رأيته يغلق الباب بالمفتاح من الخلف ، ويرمي ببعض الاوراق ويشير على بأن أكتب حبرا بوفاة رئيس الحكومة . . . وحين أخذت القلم ووضعته على حافة الورق أبى القلم أن يتزحزح من مكانه ؛ فالجريدة كانت نشرت في عناوين الصفحة لا اولى من هذا الصباح نشاطات رئيس الحكومة وعددا من صوره يستقبل السفراء والوزراء . . .
غص حلقي وتعكر صفو ذهنى ، فلم أجد شيئا أكتبه . . فلمح الاستغراب على وجهى . وأراد أن ينقذ حيرتى ، فأخبرني بأن رئيس الحكومة صدم هذا الصباح - وهو فى طريقه الى مكتبه - بسيارة شحن وهو يعاني من سكرات الموت ، وتتكتم الأنباء لأسباب سياسية عن اشاعة الخبر حاليا .
حينئذ تحرك قلمي ، وجرى فيه بعض الحبر ، فكتبت عنوانا للنعى : " عزاء للشعب " ثم تأملته فاذا بها جملة جوفاء لا تحمل حرارة المشاعر . فأبدلتها بجملة أخرى : " من لنا بعده ؟ " . . ثم شطبت ثانية على هذه الجملة التى بدت تشعر باليتم والعقوق وأثبت مكانها بدلا من ذلك مثواك فى سواد الأعين " .
ومد رئيس التحرير يده الى قلمي فأخذه بين أصابعه وهو يشير الى قائلا النعي في السياسة لا يعرف العاطفة يا بني . . الشعب أقوى من كل أحد . والمعارضة تنتظر الفرصة للانقضاض على السلطة . . إننا نلبس العهود كما نلبس الاحذية الجديدة . . اكتب ما سوف أمليه عليك . . " صفحة سوداء ذهبت الى غير رجعة " .
وبعد التروى الممعن أمرني بمحو هذا العنوان لاكتب مكانه : " القدر ينتقم لك يا شعب " . وأخذ يملى تفاصيل الحادثة مستعينا بالبلاغة والخيال والتهاويل ، وإظهار مشيئة الله التى تثأر .
وتراجع بكرسيه الدوار الى المكتبة وراء ظهره وأخذ يتصفح صورا عديدة لرئيس الحكومة اختار من بينها صورة التقطت له فى احدى حفلات الكوكتيل عند زيارته لبعض الدول فى الخارج ، وعلى رأسه قبعة ، وبين شفتيه سيفار غليظ وهو يحادث احدى الممثلات
ومسك كلمات النعى بالصورة ووضعها فى درج مكتبه ، وأغلق عليها وناولنى المفتاح قائلا : - إنك سترابط الليلة بالمصحة . . . حتى إذا فاضت روحه ، فما عليك إلا أن تملأ بالصورة وخبر الوفاة المساحة التى أشرت على المحرر بتركها بيضاء فى الصفحة الاولى . واذا تحسنت حاله ، فهذه الصورة القديمة . . ضعها مكان ذلك . واكتب كلمة بالشفاء العاجل . . وأعط إذنا بسحب الجريدة فى آخر لحظة
تسلمت المفتاح وأصغيت الى التعليمات . .
منذ الثامنة ليلا رابطت بالمصحة أسائل الاطباء ، وأقدم صفتى لهم كمحرر فى الجريدة الموالية لرئيس الحكومة ، وكانت تعليقاتهم حول خطورة الحادث مختلفة . . ولكنه لم يمت حتى الساعة الثانية بعد منتصف الليل
وسئمت وقوفى مع الواقفين فقررت أن انزل الى شوارع المدينة امضى
بعض الوقت ثم أعود للسؤال آخر الأمر . وظللت أمشى وخطاى تقودنى نحو باب بيتنا .
كان الليل قد توغل فى حدود الثالثة صباحا ، وبدأ النوم يتلاعب بى . . فتكاسلت عن العودة الى المصحة والتجأت الى أقرب صيدلية اتصل منها بالمصحة . وعلى الخط وجدت ممرضة تسأل : من أكون . . فامتنعت عن تقديم اسمى وصفتى ، ولكنى سألتها بايحاء : كيف حال الرجل ؟ .
وقالت الممرضة : من الرجل ؟ قلت : الرجل الكبير . . والدنا . . . أعرفته ؟ قالت : نعم عرفته . . لقد توفى . . . . لك أحر العزاء ولم أدر كيف وضعت الهاتف ، ولا كيف وجدت نفسي فى مكتب رئيس التحرير ولا كيف كنت آمر الطباعين والمحررين بأن يصغوا جيدا الى أوامرى
وتنفست الصعداء حين كانت لوالب المطبعة قد بدأت تدور وتطوى الصورة والغانية والسيقار
وذهبت أخيرا لأنام . كم من الوقت نمت ؟ . . لا أدرى ! حين أخذ جرس الباب يرن متواليا وتناهى الى صوت والدتى ترد على سؤال احدهم بأنها لا تعرف أحدا هنا يسمى " عزرائيل " . لكنهم أزاحوها عن الباب ، واقتحموا الغرفة ، ورفعوا الغطاء عن وجهي . . وأمسك اثنان منهم بذراعي
وفى الشارع دفعوا بى فى سيارة سوداء خط على كلا جانبيها بالطلاء الأبيض : " أينما تكونوا يدرككم الموت " . .
