عدد صفحاته ٣٨٤ مع الفهارس من الحجم القريب من المتوسط
هذا هو الكتاب الخامس من سلسلة معارك الاسلام الفاصلة التى يصدرها الاستاذ محمد احمد باشميل قد وفقت للاطلاع عليه اثناء اعدادى للبحث الذى كلفتنى بأعداده كلية اللغة العربية بالرياض عن : قيمة صلح الحديبية في تقرير السلام ،
فكان هذا الكتاب من أهم مراجعي الحديثة عن ذلك الصلح .
والكتاب يله السلسلة التى عزم الاستاذ باشميل على اخراجها تعد عملا تاريخيا هاما ينبغى أن يشكر عليه ، وأن يقرأه الشباب المسلم في كل مكان ليعرف تاريخه الصحيح وليعرف الوجه الحقيقى لذلك التاريخ المشرق .. فالتاريخ الاسلامى قد تعرض لحملات تشويه في العصور الحديثة من قبل المتنقدين - حقدا - للحضارة الاسلامية وتاريخها وتابعهم في ذلك أناس يحسبون أتباعا لهذا الدين وقد تلقوا تعليمهم على أيدى المستشرقين الحاقدين على الحضارة الاسلامية أيضا .
فتاريخنا الاسلامى بحاجة الى اعادة كتابته من جديد بأسلوب عصرى سهل ويحتاج الى تجميع مواده وتكثيفها في مؤلفات خاصة . فتاريخنا الاسلامى لم يقرأ بعد ، لم يقرأه الشباب السليم ، ولم يعرفوا منه الا بعض الجوانب ، الى جانب المقالب .
فأين الجانب الاجتماعى ؟ وأين الجانب الخلقى والحضارى في التاريخ الاسلامى ؟ لم نعرف الا الجانب السياسى والكثير من ذلك مشوه ومزور . والمؤلف في هذا الكتاب وما أصدره واعتزم أن يصدره يهدف الى ابراز الحقائق الاسلامية والمواقف الصحيحة لتوجد لدى شبابنا الروح الاسلامية العزيزة التى نعتز بتاريخها. ولا تعرف الانهزامية . فما أحوج الشباب اليوم الى هذا النوع من الغذاء !
قدم للكتاب عبد الله التل بمقدمــــــــــة ضافية بين فيها أهمية الكتاب وضرورة اطلاع الشباب المسلم على آثار تاريخنا
لا سيما ونحن نواجه تحديا سافرا مـــــــن أعدائنا ونحتاج الى تاريخنا في معركتنا مع أعدائنا عامة ومع اسرائيل العدو الاول خاصة .
* في الفصل الاول من الكتاب يتحدث المؤلف عن الاحداث السياسية والعسكرية بين غزوة قريظة وصلح الحديبية تحدث فيه عن تسع عشرة حادثة بين غزوة يخرج فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم محاربا بنفسه الشريفة ، وسرية يرسلها من قبله ليمهد بذلك لهذا الصلح التاريخى ويشعر كل من حوله بأنه على قوة يستطيع بها أن يهاجم - بكسر الجيم - قبل أن يهاجم - بالفتح - وأن يرد الاعتداء بالمثل .
والحقيقة أننا لا ندرك أهمية صلـــح الحديبية الا بالاطلاع على ما قبله من الحوادث ثم بمعرفة نتائجه وما أكسبه للاسلام والمسلمين على المدى القريب والبعيد .
وبعد ذلك يأخذ المؤلف فى سرد الحقائق التاريخية والحوادث حسب ترتيبهـــــــــــــــا التاريخى متحريا فى ذلك الصحة والدقة . ومشيرا فى كل مناسبة الى المواقف الخالدة الرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الابرار الذين ربوا على نهجه وتعليماتــــه فانتقلوا تلك النقلة الواسعة من قوم جفاة جهال الى حكماء وساسة وقادة .
وقد أبان المؤلف عن بعد نظرة الرسول السياسية وحكمته الفائقة ، لقد بت في أمر الصلح وأمر بكتابة الصحيفة ، وكان أكثر أصحابه معارضين كعمر بن الخطاب الذى عارضه بقوله : يا رسول الله - ألست برسول الله ؟
قال : بلى ! قال : أو لسنا بالمسلمين ؟ قال : بلى ! قال : أوليسوا بالمشركين ؟ قال : بلى ! قال : فعلام نعطى الدنية فى ديننا ؟ فرد الرسول عليه الصلاة والسلام ردا حكيما قال : ( أنا عبدالله ورسوله ولـــن أخالف عن أمره ولن يضيعنى الله )
ولقد أعطى الرسول عليه الصلاة والسلام فى هذا الصلح كثيرا من التنـــــــازلات السطحية والشروط الجانبية التى تمسك بها الخصم ولم تمس الجوهرى من الامر . وبذلك يضرب الدرس العملى للساسة وما ينبغى أن يكونوا عليه من الحكمة والذكاء . فالذى ينظر لشروط صلح الحديبية لأول وهلة يرى أن الغبن فيه على المسلمين وأن جانبهم هو المنهزم . ولكن الحقيقة غير ذلك . ولقد أثبتت الاحداث ، فيما بعد صحة نظرة الرسول البعيدة وصدقت الصلح وسماه فتحا (( انا فتحنا لك فتحا مبينا )) وقد أثنى على ذلك الصلح كبار
الصحابة وعلماء الاسلام ومؤرخوه ويعتبر الخطوة التمهيدية لفتح مكة وضمان الامن والحرية الدينية فى الجزيرة .
وفى الختام يحاول المؤلـــــف استخراج بعض الدروس من هذا الصلح العظيم . ومن الدروس التى ذكرها وجوب أخذ الحيطة والحذر ، وضبط النفس ساعة الاستفزاز ، واحترام المعارضة النزيهة والوفاء بالعهد .
والحقيقة أن هذا الكتاب قد جاء شاملا لموضوعه مفيدا فى بابه لا يستغنى عنه ، وتظهر قيمته فى تعدد مصادره التى أوردها فى ثبت المراجع والتى لا نشك فى أنها أخذت من وقته الشئ الكثير فكان ما فى هذا الكتاب خلاصة ما فى تلك الكتب المتعددة .
( الرياض )

