الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 6الرجوع إلى "المنهل"

صوفية شاعر ..

Share

فى ندوة سمر ساحر جمعتنى دعوة كريمة من الاستاذ الجليل عبد القدوس الانصارى صاحب مجلة المنهل، بصفوة من الشعراء والادباء السعوديين فى حفلة أقامها فى داره العامرة ليلة الجمعة الموافق ١٣٧٦/٦/٢ تكريما لشاعر الجنوب الاستاذ محمد بن على السنوسى وكانت بحق حفلة أنيقة حيث تبودلت فيها شتى الاحاديث الادبية والاجتماعية .. ومما زاد الحفلة متعة وروعة طلب الاستاذ الانصارى من المحتفى به انشادنا آخر ما عنده من شــــعره الحديث ، فتفضل واسمعنا قصيدة ممتعة من شعره الوثاب ، وتلاه الاستاذ حسن عبد الله القرشى فانشدنا من ذاكرته القوية قصيدة مطولة من

شعره الواعى بعنوان « سجين الحياة » فكانت موضع اعجاب الحاضرين ، وفى القصيدة الآتية احساس من التبتل الذى أثاره هذا الجو الساحر ، ومجال من التعبير أقرب الى ادب الشظف منه الى أدب الترف . وقد كان من ابرز المدعوين الى هذه الندوة الادبية هم الاساتذة محمد سعيد العامودى ، وعبد المجيد شبكشى وحسن عبد الله القرشى وعبد الفتاح ابو مدين واحمد السباعى وشكيب الاموى .

فالى هؤلاء جميعا ابعث بهذه القصيدة تذكارا لهذه الندوة الادبيه وتقديرا للفن فى شخصيات رواد الاولمب الخالد :

ظلموه فعاش فى اخوانه يتلظى على لظى احزانه !!

أى ظلم أشد فى النفس وقعا من أذى صحبه وظلم زمانه ؟؟

قد رماه الصحاب بالكبر ، اذ كان يناجى بالبعد ، طهر جنانه

ورماه الزمان بالبؤس ، والبؤس شديد ان لج فى امعانه

جانب الشاعر الصحاب . وقد كان اجتناب الجفاء فى امكانه

انما السر لو علمت تناسى الود . من أهله ومن اخوانه

ذاك ما قد دعاه للبعد عنهم راضيا بالقليل من أخدانه

والمودات فى الرجال طلاء .. بئس ذاك الطلاء فى ألوانه !!

والعداوات فى بنى الناس تجرى جرية السم ند عن أفعوانه !

اترى هذه الخلائق صيغت من شرور ، والطين فى اذعانه !!

ان جنى الطبع فى الخلائق فالعدل لدى الناس ناطق بلسانه !!

هذه صورة لحالة صوفى مقيم على اذى أشجانه

حيرة لازمته من أثر الظلم فعانى الشقاء فى ابانه

عاش فى زهرة الشبيبة سباقا ... ورام الطماح فى عنفوانه

وهو لما يزل يحاول بالسبق بلوغ المنى ... بخيل رهانه

غير أن المنى تلوح وتنأى ... كخيال السراب فى لمعانه

والرضا بالمنى يحرك فى النفس شعور العلا بقرب أوانه

واذا ما نأى عن الحر لا يستشعر الذل فى ضروب هوانه

رب يوم قضيته فى نعيم بين صفو الرضا وطيب حنانه

هو من نعمة السعادة وافى من يد ربتت على طيلسانه

فى زوايا الحياة يلتمع الحظ التماع الشعاع فى أركانه

فاذا ما استسغته جاء بالعلقم فى طعمه .. وطى دنانه !!

هكذا الحظ فى السعادة جام زيفه ينطلى على ندمانه !

والسعادات فى البرية تأتى صدفة للغريق فى أحزانه !!

وهى زور ان شئت أو هى افك فى اصطلاح الصوفى بل عرفانه

أمن الشاعر الغريب وقد عاش سعيدا بمنتهى ايمانه

عاش فى نجوة من الناس يستصغر معنى النعيم فى تبيانه

مستلذا كزازة العيش فى الوحدة .. والليل ضارب بجرانه

تعتلى روحه الى الملأ الأعلى . لصقل الفؤاد من أردانه

حين يسمو الى السماء تناجى روحه الله .. فى حلى أكوانه !

ثم يهوى بروحه حيث يلقى ضيق « الكوخ » وهو من سكانه

ذلك الكوخ عنده مثل محراب يشيع الهدوء فى أركانه

فى ذراه يسبح الله تسبيح مطيع وراغب فى أمانه !

يملأ الارض والسماء دعاء من تسابيحه ونجوى جنانه

ويريق الدعاء فى مسمع الليل فيصغى ، وما خطا من مكانه !

والدرارى وقد عراها شحوب حين صاغ التسبيح فى ألحانه

والفضاء الوسيع ضاق مداه من بقايا الدعاء تحت لسانه !

والبقايا من الدعاء صلاة ، كصلاة « الصوفى » فى وجدانه !

وصلاة « الصوفى » فيض من الروح كفيض العبير من ريحانه

كم سما شاعر بصوفية الشعر الى الخلد ، فى ذرى بستانه

ومشى فى مطارف النور فى ثوب ملاك يتيه بين حسانه

الحسان التى حبته الامانى من معين يلج فى فيضانه

ذاك من كوثر الخلود معد لذوى الطهر من يدى فتيانه

كل غصن ارق من زهر السوسن فى طيبه وفرط ليــانه

يتجلى بحسنه جل من أبدع تنسيقه وسحر كيانه

فيه من سطعة الجمال انبلاج كانبلاج الصباح فى وديانه !!

يا لهذا المقام فى الملأ الأعلى رفيع .. بقدره وبشانه !!

كل نفس صوفية تتمنى ان تنال السمو فى احضانه !!

اشترك في نشرتنا البريدية