الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 3الرجوع إلى "المنهل"

على هامش شعر وشاعر

Share

ان لفصل الربيع الزاهر الزاهي عند الادباء والشعراء مقاما كبيرا وحظا من الحياة وفيرا فعندما يخرج الشتاء ببرده القارس ولونه الشاحب ومناظره المؤذية ما بين اشجار سلب ، يتخللها النسيم البارد المفجع بصوته الرهيب كناع لفصلة ، وبين امواه تخدر يد اللامس ، يتحاماها الظمآن ويزهو فيها الزاهد عندما يخرج ويبدو في الفضاء هذا الجو المعتدل الدافيء وتكتسي الارض حلتها السندسية ، ويبدو الزهر مكللا رؤوس الشجر ، وتقوم خطباء الطيور على منابر ذوات الروح لتملأ الاجواء بأصواتها المفرحة المشجية ، عندها تشحذ القرائح ويطيب المقيل والسمر

وللزهريات في الأدب الخصب مكان رفيع . وهذا صفي الدين الحلى وزهرياته الرائعة المشهورة منها القصيدة الفريدة التى مستهلها : ) ورد الربيع قمرحبا بوروده

وشهرتها عند الادباء تغني عن ذكرها وانا معجب أيضا بشاعر الاندلس ابن خفاجة

حيث يقول :

والروض وجنة أزهر والظل فر

ع اسود والماء ثغر اشنب

فى حيث اطربنا الحمام عشية

فشدا يغنينا الحمام المطرب

واهتز عطف الغصن من طرب بنا

وافتر عن ثغر الهلال المغرب

فكانه والحسن مقترن به

طوق على برد الغمامة مذهب

) لفتة الى الماضي (

نصير الادب . وعلى جهة المصادفة اتفقت بالشاب الاديب ورئيس تحرير جريدة الجزيرة التى تصدر بالرياض ) الاستاذ عبد الرحمن بن معمر ( وهو من هواة مجلة المنهل اتفقت به فى مجلس بالطائف بالمكتبة السلفية للاخ السيد محمد المؤيد فتعارفنا وجرت المذاكرة مع لفيف من الادباء والعلماء الافاضل واستطرد قائلا انه معجب بجميع موضوعات المجلة وحفزني على الاستزادة شاكرا ، كما نوه بالسيد احمد الشامي وأشاد بمؤلفه القيم ) قصة الادب في اليمن وبمؤلف السيد زيد الوزير ) دراسات عن الشعر اليمنى ( .

عود الى البحث (

في الجنوب العربي بلا شك من يضاهى وصاف الطبيعة أولئك من عراقيين وشاميين واندلسيين ، فالجزيرة العربية منبع الوحى ومهد العربية الفصحى ومشكاة البلاغة التى طبقت الدنيا والذي يعد كل مفوه في الدنيا من قديم وحديث مقتبسا من مشكاتها ، نعم فى الجزيرة افذاذ ولكن حظهم من مواطنيهم الى ما يقرب من الاهمال ، فشاعر الحلقة هو الشاعر الفحل الوصاف والحافظ الجليل والمؤلف القدير : ) أحمد بن صالح بن ابي الرحال العمري القرشي ( الصنعانى ينتهى نسبه بالتدريج المسلسل الى عمر بن الخطاب الخليفة الثاني رضى الله عنه ، وهذا الرجل العظيم له مؤلفات قيمة فى كل فن ، وأهمها فى التاريخ : ) هطلع البدور ومجمع البحور والمؤلف هذا من مراجع مؤلفي عصرنا كالعلامة محمد بن محمد زبارة ، ومؤرخ الجنوب وشاعره الاخ محمد بن احمد عيسى العقيلي

وغيرهما ، وقد ترجم له كثير من المؤلفين المعنيين بتاريخ التراجم ، كالشوكانى فى البدر الطالع وكزبارة في نشر العرف وهو من رجال القرن الحادي عشر الهجرى

الوصف (

تبارى الشعراء والأدباء في وصف منتزهات صنعاء ) حدة ( بني شهاب ) والغراس ( ) وبير الغرب ( ) والسر ( ) ووادى ظهر ( ووادى ) ضلع ( و ) الروضة ( وتعد الاخيرة أجملها فهي مدينة كبيرة فى قاع افيح ومناظرها طبعية خلابة وتحيط بها البساتين والحدائق الغن من جميع جهاتها ، وهي المصيف التى يتمتع بأجوائها ومناظرها وفواكهها وزهورها الأئمة والملوك وسائر الناس لاتساع رقعتها . وقد كرس كثير من الادباء المناظرة بينها وبين متنزه بير الغرب نظما ونثرا ، وأوسع الكثير بمدحها ، ووصف مناخها . . منهم السيد الامام عبد الله بن على الوزير رحمه الله أحد اسلاف السيد العلامة المعاصر ابراهيم ابن على الوزير ، فقال :

ما يعدل الروضة الغنا وبهجتها

سوى الجنان فلا تنقص ولا تزد

مروجها نعمة للناظرين وفي

افنائها نغمة للطائر الغرد

اقمارها عانقت اغصانها جدلا

فصافحتها قماراها يدا بيد

والفوح يحمل في ارجاء ساحتها

مجامر الند في الحارات والسدد

والنهر يمشي الهويني في مصايفها

كانه الملك يمشى مشي مقتصد

يسقي قوارير كرم للبياض بدا

كلؤلؤ منثور ومنتضد

ورازقيا غدا فى كف أكله

كانه ذهب فى كف منتقد

لا اخطر الروضة الغناء فى فكرى

الا ودارت جنان الخلد في خلدى

الشاعر ووصفه (

ولكن الشاعر الفحل ابن ابي الرجال العمرى القرشى يجيد وصف الروضة باسلوبه السهل الممتع . وبعد وصفه لهذه الجنة لم يكن من هؤلاء الذين يتهالكون على الملاذ الحسية ، ويحيط بمجلسه وندمائه الكاس والطاس استمع يا أخي القارىء لوصفه ولندمائه ولعلو نفسه وشرف همته : ) ٢ (

روضة قد صبا لها الصغد شوقا

وصفا ليلها وطاب المقيل

جوها سجسج وفيها نسيم

كل غصن الى لقاء يميل

صح سكانها جميعا من الدا

ء وجسم النسيم فيها عليل

ايه يا ماء نهرها العلب صلصل

حبذا يا دلال منك الصليل

ايه يا ورقها المرنة غنى

فحياة النفوس منك الهديل

روض صنعاء فقت طبعا ووصفا

فكثير الثناء فيك قليل

ته على الشعب شعب بوان وافخر

فعلى ما نقول قام الدليل

نهر دافق وجو فتيق

زهر فائق وظل ظليل

لست انسي انتعاش شحرور غصن

طربا والقضيب منه يميل

وعلى رأس دوحة خاطب الور

ق ودمع الغصون طلا يسيل

ولسان الرعود يهتف بالسحب

فكان الخفيف منه الثقيل

وفم السحب باسم عن بروق

مستطير شعاعها مستطيل

وزهور الربا تعجب من ذا

شاخصا طرفها المليح الجميل

فانبرت قضبها تراقص تيها

كخليل سقاه خمرا خليل

وعلى الجو مطرف الجو ضاف

وعلى الشط برج انس اهيل

فيه لى رفقة رقاق الحواشي

كاد لين الطباع منهم يسيل

اريحيون لو تسومهم الرو

ح لجادوا فليس فيهم بخيل

نتهادى من العلوم كؤوسا

طيبات مزاجها زنجبيل

وغوان من المعاني كعاب

ريقها حين رشفها سلسبيل

طاب لى ليلها وطاب ضحاها

كيف اسحارها وكيف الاصيل ؟ !

حبذا ندماؤك يا أخا قريش ، وحبذا أخلاقك العالية مع رفاقك رقاق الحواشي الكرماء الذين لو سامهم السائل النفوس لجادوا بها ) والجود بالنفس أعلى غاية الجود ( وهم يتهادون بل يتعاطون كؤوس العلوم ، والغوانى من المعانى الكعاب جميل جدا ولا تقل يا أخي : انه كد نفسه واتعب فكره فى الجناس المصحف ) في الغواني والمعاني ( فالرجل يجل عن تكلف الصناعة اللفظية . رحم الله العمرى القرشى والى اللقاء جازان -

اشترك في نشرتنا البريدية