الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 8الرجوع إلى "المنهل"

فن الطباعة فى العالم

Share

" ان الكتابة تثبت الافكار الطائرة فى صورة محكمة " هذا ما قاله الشاعر الالمانى الكبير جوته يوما ما عن الكتابة .

ولنا الحق اليوم ان نسعد وان نفخر باننا نملك الكتابة والطباعة . . ان الطباعة فن كبير . ويسمى الناس في المانيا فن الطباعة " بالفن الاسود " ايضا . وللالمان شغف خاص بهذا الفن وهذه المهنة ، وماتزال المانيا تطبع الكثير وتقرأ الكثير .

وقد لقى فن الطباعة أكبر تطور في التاريخ منذ ٥٠٠ عام على يد يوهانيس جوتنبرج احد ابناء مدينة ماينز الالمانية . وكانت عائلته تسمى عائلة * جنز فلايش " . لم يعرف بالتحديد تاريخ مولده ووفاته ، غير انه ولد حوالى سنة ١٤٠٠ وتوفى عام ١٤٦٧ أو ١٤٦٨ . وظهرت أول طريقة للطباعة الحديثة التى اخترعها فى عام ١٤٤٥ .

وتتميز طريقته الجديدة بالطبع بحروف منفصلة متحركة يمكن جمعها وفكها واعادة تركيبها وجمعها فى أى صورة . وكان من أوائل الكتب التى طبعت بعد ذلك بطريقة جوتنبرج في ألمانيا وبعض المدن الاوروبية الاخرى كتاب " الانجيل " فى ترجمته الالمانية التى وضعها الدكتور مارتن لوثر

والواقع ان جوتنبرج ليس أول من اخترع الطباعة فى العالم . فان تاريخ الطباعة يرجع الى غوار سحيقة فى تاريخ البشرية . فلقد عرف البابليون القدماء منذ عدة آلاف من السنين انواعا من الطباعة فكانوا يستخدمون الخاتم المنبسط والخاتم الاسطوانى تطبع بعض الكلمات والرموز والصور على اللبن الطوب النيئ ،

وعرف الصينيون القدماء فن الطباعة على الورق ومارسوه قبل جوتنبرج بمئت السنين

وخاصة طباعة الالواح والكتل . فكانوا يحفرون الكتابة والصور على الواح أو كتل ملساء من الخشب أو النحاس أو أى معدن آخر ، ويدهن بالطلاء ، ثم يضغط الورق أو القماش فوق اللوح فتنطبع عليه الصورة أو الكتابة المحفورة .

وما زالت الصور تطبع في عصرنا الحديث بطريقة قريبة الشبه جدا من الطريقة الصينية القديمة .

كما أن فن جوتنبرج قد ارتكز أيضا على اختراع عقلي قدمه الشرق القديم ، وهو استخدام الحروف المفردة فى الكتابة . وكان الفينيقيون القدماء هم اصحاب هذه الفكرة - شعب تجارى نشيط كان يعيش على سواحل سورية ولبنان ، ويعمل فى التجارة البحرية وداخل البلاد

فبينما كانت طرق الكتابة الاخرى فى الشرق القديم " كالهيروغليفية والكتابة المسمارية " تعتمد على وضع رمز أو رسم للكلمة أو للمقطع بأكمله ، توصل الفينيقيون الى فكرة وضع رمز منفرد لكل حرف من الحروف الساكنة التى تتكون عنها الكلمة . . وراعو أن يكون الرمز بسيطا صغيرا نسبيا . وجاءت تلك الرموز تبسيطا للصور القديمة المستخدمة من قبل . فكان الحرف ( ١ ) يمثل بثور . و ) ب ( بمنزل وهكذا

وضعت الرموز للحروف الابجدية

وانتقلت الفكرة بعد ذلك الى الشعوب الشرقية الاخرى ، فنقلها الآراميون والعبرانيون والعرب ، وتغيرت مع الوقت والمكان صور حروف الكتابة لكل لغة منهم وفي الغرب نقل البحارة الاغريق  ظروف الكتابة من الفينيقيين الى اليونان ، حيث عدلوها ووفقوا بينها وبين لغتهم ، وأضافوا اليها رموزا جديدة للحروف المتحركة الطويلة والقصيرة .

وعن اليونان نقل الرومان  الكتابة ، وعنهم انتقلت الى كل بلاد اوروبا الغربية واخيرا الى روسيا

ولقد استطاعت النهضة الصناعية بعد ذلك أن تطور فن جوتنبرج وان تصل به الى اكمل صورة . وأصبحت الآلات والماكينات الحديثة هى التى تصف الحروف . بعد ان كانت تجمع بجهد كبير باليد لتكوين كل كلمة على حدة ، ثم تجمع الكلمات فى سطر ثم تجمع الاسطر فى صفحات ثم كتب . . واصبحت الآلات لكاتبة وآلات اللاسلكى تنقل النصوص والمقالات بصورة خارقة . واصبحت الصفحات الكاملة بما فيها من كتابة وصور تنقل باللاسلكى عبر المحيطات والى كل بقاع الأرض فى ثوان معدودات

وتقوم الآن آلات الطباعة الحديثة بطبع كميات هائلة من كل أنواع الطباعة فى اقصر

وقت ممكن . وقد ساهمت الصناعة الالمانية فى هذا الميدان ايضا مساهمة كبيرة فعالة

وقد افتتح منذ عامين بمدينة ماينز . مسقط رأس مؤسس الطباعة الحديثة - جوتنبرج - متحف عالمى لفن الطباعة يهدف الى تقديم صورة واضحة عن تطور فمن الطباعة فى العالم . . وقد بلغ عدد الزوزر الذين شاهدوا هذا المتحف حتى الآن ١٢٥,٠٠٠ زائر من ٥٠ دولة بالعالم

وقد تلقى المتحف في العام الماضي عدية قيمة من نقابة عمال الطباعة بلبنان وهي عبارة عن نموذج لتابوت حجرى قديم جدا مزدان بالصور ، يوجد بمتحف بيروت . وقد نقشت عليه آخر حروف هجاء فينيقية معروفة ، ويقدر العلماء تاريخ هذه الحروف بأنها كانت مستخدمة فيما بين القرن الثالث عشر والحادى عشر قبل الميلاد

وأهدت اليابان أقدم لوح طباعة يرجع تاريخه الى عام ٧٧٠ بعد الميلاد . وقدم مثال من السنغال " غرب افريقيا " تمثال نصفيا لجو تنبرج

لقد اصبحت الطباعة الآن ملكا لجميع شعوب العالم . ولقد كان لها بالطبع أثرها الحسن والسئ - مثلها مثل كل شئ - ولكن اثرها الحسن هو الذي يغلب عليها ، وهو خدمة التقدم الفكرى الانسانى عن الرسالة الالمانية

اشترك في نشرتنا البريدية