كنت اقرا للشاعر العبقري فارس سعد ، كثيرا من قصائده المنشورة في مجلة الأديب البيروتية وسواها . . وكنت اجد فيه قوة شعرية خالدة . . وكنت اعلم انه من رأس المتن في لبنان ، مسقط رأسه ، فقصدته في صحبة جماع من الأدباء ، وجرت احاديث الشعر العربي ، وما اصيب به هن عقم وتخلف وانحطاط في الآونة الأخيرة ، فاذا بالشاعر السيد فارس سعد يقول :
" الشعر العربي الخالد لا يزال موجودا ، ولكن أين هم أولئك الخلفاء العظام ، والأمراء البلغاء الذين كانوا يميزون بين جيد الشعر العربي الخالد ، وشعر المناسبات الرخو الذي لا يعيش اكثر من الساعة التى ينظم فيها ؟! "
وهنا قلت له : " ان في شبه الجزيرة العربية عربيا أقحاحا لا تزال السنتهم فصيحة صحيحة ، يعشقون الشعر الحي الخالد . . ويقدرون اربابه اكبر التقدير ، فهل قلت شيئا في ذلك ؟ "
قال : " نعم قلت ، ولكن لا ازال أحفظه في ديوانى وسوف أظهر في الوقت المناسب للأمة . . . "
وهنا الححت عليه ليسمعني شيئا من ذلك الشعر . . فأسمعنى قصيدته الخالدة التى يصف فيها جلالة الملك فيصل المعظم رعاه الله . . فاذا هى قصيدة رائعة حقا وقد رأيت من واجبي ان اذيعها ليشاركنى الجمهور في الاستمتاع بلذتها وحسنها . . وها هي ذي :
( بيروت - لبنان )
أرهفتك العلي فأمضتك حدا
في عداها ، لا سامك الله غمدا
شرف السيف ، وهو خير سمي
لك ، ان يغتدى لرأيك ندا
قل الشرق منك فيصل حق
بهر الغرب جوهرا وفرندا
يا ابن عبد العزيز أنت ابش الناس جاها وارحب الناس مجدا
واعز الملوك في الشرق أبناءًا وأعلى أبا واكرم جدا
لك في ذمة البلاغة حق مند كانت ، من حقه أن يؤدى
كبر الشعر في فمى عن قصيد لست أرجو لأمتى فيه قصدا
انا من ينظم القلوب ويأبى
غيرها في الحلى لناجك عقدا
المني أواصر تتراخي
بين قومي وحقها أن تشدا
كيف يرعى الغريب حق بلاد
ليس يرعى لأهلها الأهل عهدا ؟!
إن للعرب ، أين كانوا ، فروعا
ليس تنسى أرومة المجد نجدا
انت أم الأمجاد يا نجد حاشا لك أن
لك ان تنكرى بني العرب ولدا
قد عرفت العقوق في البعض داءًا
فجعلت الدواء عطفا وودا
لك زرع النبوغ في كل عصر قد ملآت التاريخ قبلا وبعدا
إن زهونا بحاضر لك في المجـ ـد ذكرنا لديك مجدا تبدى
انت مرست في المحامد عدنان واعددت للفخار معدا
فصقلت السيوف سيفا فسيفا ونشرت البنود بندا فبندا
وجلوت النجوم " آل سعود " فملأت الزمان يمنًا وسعدا
حرس الله " فيصلا " صارم العرب ولا فلت العدى منه حدا
وعدتنا الآمال فيه ، وحاشا للمنى فيه أن تكذب وعدا
لا عدمنا لحسن رأيك وجها تقتفيه الآراء هديا ورشدا
ويدا يحتذي الغمام نداها فيراها أجل منه وأندى !!
( المتن ) - لبنان
