الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 7الرجوع إلى "المنهل"

قال لي أبى

Share

وعند بئر ابى عتبة قال لى ابي نحن الآن في نقب بني دينار والنقب كما قال جدك في اللغة - الطريق فى الجبل او الحرة وبنو دينار فخذ أعلى من بني النجار ، من الخزرج ولعلهم استقصوا مكان سكناهم عن باقى بني النجار الذين سكنوا ناحية المسحد النبوى من جهاته الثلاث الشرقية والغريبة والشمالية استقصى عنهم بنو دينار فيما اظن لسبب من الاسباب فسكنوا هذه الحرة والناحية التى قلت لك عنها المغسلة كما تعرف اليوم بهذا وتعرف قديما بالغسالين اقول يا بني وهكذا قال جدك . . كان النبى صلى الله عليه وسلم بعد منطقة السقيا فى طريق نقب بنى دينار فى حرة الظاهرة وها نحن أولاء نمضى . . قال لى جدك وأشار الى جبل احمر على يسرى الطريق مستدير على نفسه وشاهدت في اعلاه قلعة عثمانية لها طريق مسود الجانبين قال انه يعرف اليوم بالضليع الاحمر . . انما سابقا فان اسمه " الانعم " مضموم العين وهو الذي بنى عليه الزمعي وليست هذه البناية الحاضرة - والتفت والدى الى بناء مربع عن يمينه قال يقول جدك وهذا مسجد بني دينار الثاني ويعرف قديما بمسجد المغارتين وقد عرفت لك المغارتين بانهما الأصيفران ، ويعرف اليوم بمسجد الخضر وهو على ميل واحد من مسجد زريق وقد قلت لك ما قال جدك ان مسجد زريق انتهى منذ ازمان وفي مكانه على التحديد كانت زريبة الدواب ثم محلات السيد محمود احمد وقد قسته بالسيارة

فكان كيلوا واحدا تماما من عند مسجد الغمامة - وصح اعتبار الكيلو الواحد ليوافق فى اقوال المؤرخين الميل الواحد تقريبا لانني قست ما بين مسجد الغمامة كما يعرف اليوم الى ثنية الوداع اي عند القرين الفوقاني فكان كيلوا واحدا وقد ذكر المؤرخون ان هذه الثنية على ميل واحد من مسجد زريق ومسجد زريق على حسب ما حددته لك يسامت مسجد المصل او مسجد الغمامة من الشرق تماما وكما عرف المؤرخون ذلك . .

قال لي ابى ثم قال جدك ان النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى هذا الجبل ومعه بعض اصحابه فاذا بشاة ميتة قد انتنت فامسكوا على انوفهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما ترون كرامة هذه الشاة على صاحبها ؟ فقالوا : يارسول الله ما تكرم هذه على احد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " للدنيا أهون على الله من هذه الشاة على صاحبها " . .

ومضيت يا أخي في الله مع والدى وهو يحدثني حديث جدى عليهما رحمة الله فقال والدى لا تنس ان هذا النقب في اعلى الارتفاع هذا هو ثنية الوداع الغربية الهابطة الى العقيق . .

ثم قال : قال : جدك وان الثنية او الطريق هذا كان يعرف بالزقيقين . . اي الطريقين ايضا والواقع كما ترى فقد صدق جدك في الرواية فهذه الشمالية كما ترى مرصوففة بالحجارة يعلو بعضها عن بعض كالدرج وهذا

ما كان ولا يزال يعرف بالمدرج ولعله كان لتسهيل سير المشاة ، واما الجنوبية فقد تركت للطبيعة ولعله ما كان للدواب ويلتقيان كما ترى فى اسفل الطريق وهذه النقطة التى نحن فيها عند أول المدرج هي اعلى نقطة فى حرة الظاهرة وعندها تنتهى وتبدأ حرة الحوض كما ينتهى عند هذا الارتفاع نقب بني دينار الذي ذكر المؤرخون ان طريق الرسول الاعظم صلى الله عليه وسلم الى بدر كان منه وذكروه بنقب المدينة

وانحدرنا في الحرة فقال : قال جدك : في هذا المكان انه حرة الحوض لان زياد بن ابى سفيان وضع حوضا هنا وان ويبك احد رجال حكومة الاتراك وضع الحوض وجدده ووضع عليه الديوان الذي تراه فى ايسرنا والحوض هو الذي ذكرت لك سابقا انه احدى برك الحج الثلاث .

ومضينا فى الانحدار حتى منتهاه الى الوادى فكان فى ايسر الطريق مسجد ذو منارة حسنة ، وقال : ان الذي عمر هذا المسجد رجل من سادات اهل المدينة هو السيد عبد المحسن اسعد وكل الارض فى شماله والآبار هى ابار عروة بن الزبير واقربها الى الطريق بئر السقاية ثم العسيلة ثم بئر القصر وهي الاخيرة الى الشمال وعندها قصر عروة على مرتفع الحرة ولا يزال اثره باقيا الى اليوم ( واشار بيده اليسرى الى ما بجنوبى المسجد والجنوبى الغربى منه ) وقال : وهذه حرة الوبرة الا ترى انها تشبه وبرة البعير فى اختلاط سواد الحرة ببياض الرمال التى تذروها الرياح من ناحية مزارع ابي هريرة المعروفة الآن فى منطقتها بابى بريقة محرفة وما اكثر المنازل والأثار في هذه الحرة حرة الوبرة وما اكثر الافاعي مندسة فى رمالها

تحمل في اثيابها الموت وقد يكون منها القصير المندمج في نفسه اجرش الجلد ابرشه ( يا حفيظ سلم سلم ) وانتشار العمران في زمننا هذا ربما يقلل من اخطارها ونحمد الله تعالى فقلما نسمع عن اصابة رغم كثرة هذه الهوام

قال أبو : ورأيت حداثية قال لي ابى : ورأيت جدك يمضى الى بركة ابن الزبير ويقف عليها وينصت بعض الوقت ثم يبتسم ويقول يا بني لقد قيل ان عروة بن الزبير كان مزواجا وجاء ذات يوم فرأى اطراف البركة قداصطفت بالواردات من النساء عليها فنظر وضحك فقيل له ما يضحك ابن الزبير ؟ قال كل من عليها زوجتى يجئن يردن ماء البئر التى كانت يوما ما من حقهن ثم استدار جدك الى جهة الجبل الاسود بعد الوادى وقال انه يعرف اليوم بغرابة . . اما فى التاريخ فهو تضارع وفيه قصر عاصم الاموي وسده . الاثرى انه يواجه البئر الثانية من ابار عروة المعروفة اليوم بالوسطى من مغرب البئر بعد الوادي ولا يزال باقى الأثر ! واما السد فهو قائم وان لحقه بعض التهدم يبلغ امتداده نحو سبعة امتار بعرض متر تقريبا والارتفاع يتفاوت بنسبة التهدم فى نحو المتر .

ثم تركنا البركة ومضى والدى يقص الخبر وقال قال جدك هذا وادى العقيق الكبير هنا قادما من ناحية الحليفة السفلى وستراها ان شاء الله وترى على ايسرنا جبلا اسود بعد تضارع الى جهة المغرب للجنوب انه جبل المكمين وعنده اكمل عبد الله بن انيس رجم ماعز رضي الله عنهما فقد اخرج لتنفيذ الحكم الشرعى عليه بالرجم الى حرة بياضة عند قلعة قباء الآن وتتوسط طريق قباء فلما اوجعته الحجارة

فر يعدو الى هذه الجهة فادركه عبد الله بن انيس وقد مسه الاعياء فاكمل عليه الرجم رحمه الله تعالى .

قال لي ابي : الا ترى هذه السلسلة من الجبيلات التى تمتد فى المغرب امامنا انها لم ترد فيما ذكر المؤرخون اما اليوم فتعرف بالاسفاف وتنقسم الى قسمين الرديدة ما يلى العقيق من هنا والضليع ما يلى البيداء من هناك ثم ارانى واديين يلتقيان فى مشرق هذه السلسلة قال يقول جدك ان الشمالي من هذين الواديين هو المجموعة الشمالية والقريبة من سيول البيداء تمضى الى ناحية جبل الكمين وتضارع من مغرب الجبلين

وتعرف الناحية وسيلها اليوم بالدعيثة واما الجنوبي فهو وادى العقيق في مبتدئه اذا اعتبرنا ان وادى النقيع ينتهى عند الخليفة السفلى . . وارانى جدك على مرتفع الوادي فى الحرة اثر بناء ضخم ازالته الإيام قال انه قصر هشام وهو على الميل الرابع في منتهاه وهذا البناء الذى تراه الآن هو للشيخ محمد الحافظ القاضي بالمحكمة الشرعية المدينة .

واود ان اترك القارئ في هذه الحلقة عند هذا الحد وفي منتهى الميل الرابع لنعود سوية باذن الله فى اليوم القادم من الشهر الآتي والى الملتقى وفى امان الله .

اشترك في نشرتنا البريدية