الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 4الرجوع إلى "الفكر"

قراءة تحليلية لمسرحية "ليالى العمر"

Share

بدأ المستشار الاديب فوزى عبد القادر الميلادي كتابة مسرحية ) ليالي العمر ) منذ زمن ، كمسرحية من فصل واحد تنتهى بانتهاء الفصل الاول . ثم رأى ان شخصياتها - من الثراء - يتعين اعادة كتابتها فى صورة مسرحية من ثلاثة فصول تعبر عن بعض جوانب الحياة الاجتماعية فى مصر وخاصة فى الريف قبل ثورة 23 يوليو

   وبعد ان اكتملت فصول المسرحية ، وامعن المؤلف النظر فيها ، راي ان بقدمها الى القارئ باعتبارها الجزء الاول من ثلاثية مسرحية يضم كل جزء مسرحية من ثلاثة فصول متكاملة ، تصور الثلاثية بأكملها الحياة الاجتماعية في مصر قبل وبعد 23 يوليو 1952 وذلك على غرار ثلاثية الكاتب الكبير نجيب محفوظ

تلخيص المسرحية :

والفصل الاول من مسرحية ( ليالي العمر )بعنوان ( ليلة العودة) تقع احداثه فى قصر عبد الودود باشا فى احدى قرى الوجه البحرى قبيل ثورة 23 يوليو 1952 وتقوم الخادمتان مبروكة وباتعة بتنظيف احدى الحجرات وتلميع الاثاث حيث الاستعداد لاستقبال سعدية هانم ، وبعد ان بذل عبد الودود باشا جهدا لاسترضائها ، وتوسط لديها عدد من الشخصيات لتقبل الصلح ، وتسمع باتعة اصواتا فى الخارج ، وترى سيارة سعدية هانم التى تقف امام القصر حيث

ينزل الباشا متأبطا ذراع الهانم ، ويدخل السائق حاملا اربع حقائب ، وبعد ذلك تدخل الهانم بصحبة زوجها ، وينظر الباشا الى زوجته فى حنان زائف ( لقد شرفت القصر.. هل رايت كيف امتلأ بالضياء.. لقد كان بدونك مظلما كئيبا اليس كذلك يا مبروكة ؟ )

مبروكة : طبعا يا سيدى اليوم عندنا عيد

وتشعر سعديه هانم بكثير من الراحة ، وهي فى طريقها الى القصر حيث الحقول والاشجار وحيث احسن الجميع استقبالها ما عدا خادمتها كريمة ، ويبرر الباشا سلوكها بانها مخلصة وامينة وافضل خادمة فى القصر ، وتؤكد سعدية بانها لم تمش خلفها ، وتحمل الحقائب

ويعود الباشا لتبرير سلوكها بانها قد تكون مريضة فتصمم الهانم على طردها فورا من القصر لانها ترفض الخادمات المريضات.

وتشك سعدية هانم في تصرفات الباشا نحو كريمة ، وتطلب من مبروكة بمراقبته . وهنا يتبين ان هناك اتصالا بين كريمة والباشا ، وتطلب الهانم استدعاء كريمة كي تؤدبها ، قبل الطرد من القصر وتطلب منها ابريقا لغسل قدميها وترفض كريمة ويحضر الباشا الذى يهدئ من ثورة الهانم ، وان تعفو عن كريمة ، ولا داعى من عقابها ، وهنا تفجر كريمة مفاجأة بانها ليست خادمة ولا عشيقة لاحد . ولكنها زوجة الباشا ، وهنا تتأكد الهانم بان الباشا يحب مزارعها واملاكها اكثر مما يحبها . وتعتزم الرحيل الى بلدتها وتطلب كريمة من الباشا ان يسمح لها بالرحيل كى تنتحر حسب الاتفاق لانها يجب ان تدفع حياتها ثمنا لافشاء سر الزواج وتخبر كريمة الباشا بانها حامل ، وهنا تدخل مبروكة لتعلن عن وصول الهانم لان عطلا اصاب السيارة ويعامل الباشا سعدية على انها ضيفة على سيدة القصر : كريمة هانم

والفصل الثاني يسمى ( الطفل والنار)  تدور احداثه فى حجرة المكتب بقصر سعديه التى تعانى من الوحدة ولكنها تعلم من الجرائد ان الباشا انجب طفلا من كريمة . عندئذ تقرر الهانم تعيين حسن افندى سكرتيرها مديرا لكل املاكها بدلا من الشيخ عبد الصمد ، وهنا يتبدل المشهد باكمله - عن طريق الاضاءة التدريجية - ويظهر امامنا الباشا وكريمة ومبروكة

كريمة : ( فى يدها الطفل ) انظر يا باشا.. هذا الطفل الجميل انه يشبهك

الباشا : انه جميل حقا .. (يقبله) .

(يسود الظلام على المسرح ثم يعود الضوء العادى من جديد)

وتطرد سعدية هانم المستأجرين لان الذي يعمل فى الارض يجب ان يكون فى خدمتها ، وتطلب سعدية هانم من حسن افندى الاتصال بها

وفي المشهد الثاني من الفصل الثاني حيث يحضر زهدى باشا وابنه سعيد للتوسط لدى سعدية هانم للابن ليحصل على درجة الباكوية ويعرض زهدى باشا فكرة زواج ابنه على سعدية هانم التى ترفض ان تلدغ من الباشوات وابناء الباشوات مرة اخرى ، وذلك حتى يتم الفصل فى النزاع القائم بينها وبين زهدى باشا حول قضية الشفعة ، وتعرض سعدية هانم على حسن افندى فكرة قتل الطفل ابن الباشا ، وبعد ذلك تتزوج سعدية هانم حسن افندى بعد ان تنعم عليه بالباكوية

والفصل الثالث بعنوان ( المؤامرة )

 ويدور فى منزل عبد الودود باشا حيث يحضر الموثق الذي يكتب عقدا يكون بمقتضاه ان الطفل يسرى ابن الباشا يحصل على نصف مليون جنيه عندما يبلغ سن الرشد ، ويشعر الباشا ان يسرى يتأوه ويتم استدعاء الطبيب ، ويتضح ان يسرى مصاب بالتسمم ، ويتم نقله الى المستشفى ويتم الباشا كريمة بتدبير المؤامرة لتحصل على مئات الافدنه ، وعبثا تحاول كريمة الدفاع عن نفسها امام اصرار الباشا الذى يتذكر وعيد سعدية هانم وتهديدها ، وتتضح له براءة كريمة

وفي المشهد الثاني من الفصل الثالث تدور احداثه فى حجرة الاستراحة فى مستشفى القرية حيث تعترف سعدية هانم التى شفيت من العقم بخطئها ويتم انقاذ الطفل ، ويعتذر الباشا لكريمة التى تعده بانها ستقف بجانبه ولن تتخل عنه ابدا

والمسرحية وان كانت ذات طابع اجتماعي الا انها تؤرخ لجانب هام من الحياة المصرية قبيل ثورة 23 يوليو سنة 1952 ، ودون اقحام على البناء الفني للمسرحية فان المعلومات التاريخية التى تأتى فى سياق المسرحية ، وتتعلق بالحياة فى الريف قبيل الثورة ، تاتي كجزء من نسيج المسرحية ، وليس مفروض عليها او ثمة افتعال

ومن المعلومات التى تبرز من المسرحية :

1 ( هذه الحرية الكاملة لباشوات العهد السابق فى اقتناء ما يشاؤون من مساحات واقتطاعات واراض زراعية دون قيد او حدود وهم يتوسعون في

شراء هذه الاراضى اكثر مما يهتمون بشراء المبانى فى المدن لانهم بامتلاكهم الارض - فى ذلك العصر - كانوا يملكون الارض وما عليها ، وتزداد سطوتهم ونفوذهم على الفلاحين الاجراء ، وجاء الدليل على ذلك واضحا فى موقفين بالمسرحية :

الموقف الاول : رغبة عبد الودود باشا فى ادارة املاك زوجته بعد ان يصالحها دون النظر بما تمليه عليه الكرامة والجوانب الانسانية

الموقف الثاني : وهو الاهم : شراء الباشا 1000 فدان هدية لطفله الوليد كما جاء فى بداية الفصل الثالث

2 ) شراء الالقاب والمناصب عن طريق الثروة : وقد اوضح المؤلف ذلك - فى الفصل الثاني - عندما وعدت سعدية هانم ) زوجة الباشا السابقة ( سكرتيرها حسن افندى بان تشترى له الباكوية والباشوية واصبح زوجا لها ، ومن خلال حديث الباشا عن البكاوية والباشوية ومن خلال حديث سعدية هانم عن هذه الالقاب يبين ان الحصول على هذه الألقاب يتم عبر جسور وصلات خاصة تربط بعض البسطاء بالقصر الملكى

3 - ان اصحاب النفوذ من الاقطاعيين كانوا لا يقيمون وزنا لسيادة القانون ، وينزلون العقوبات بمن يجترئ على حرماتهم ، ويتضح لنا ذلك جليا - فى الفصل الثاني من المسرحية - من تصميم سعدية هانم على انزال العقوبات بمن اجترأ على الاعتداء على املاكها سواء بتسميم المواشى او حرق المزروعات دون تسليمهم للقضاء او العدالة

4 - الفوارق الاجتماعية بين الطبقات شديدة العمق حتى ان الباشا عندما رضخ بالزواج من كريمة زواجا رسميا كان من شروط اتمام هذا الزواج انه اذا افشت كريمة هذا السر - لسبب ما - فستدفع ثمنا لذلك

5 - سيطرة رأس المال على الحكم حتى ان موثق الشهر العقارى انتقل الى منزل الباشا ليوثق عقد شراء الارض ، ولما طلب من الباشا التوسط له للننقل الى القاهرة لاعتزامه الزواج والاستقرار هناك ، نهره الباشا فى عنجهيه لانه يريد موظفى الدولة الذين يتعامل معهم خاضعين له خضوعا كاملا مثل ذلك الموثق ، ووعده بان ينظر فى نقله الى القاهرة عندما يشترى عمارات هناك لكى يقوم له بنفس التسهيلات والخدمات . وواضح من ذلك ان كلمة الباشا مسموعة لدى اجهزة السلطة كلها وذلك على حساب السواد الاعظم من الشعب الذى كان لابد

له ان يظل صامتا مما جعل الامور تسير من الاسوء الى الاسوء وهذا بعيد كل البعد عن العدالة الاجتماعية مما كان له تاثير كبير على مجريات الامور فى المجتمع المصرى قبل ثورة 23 يوليو 1952

البناء الفني في المسرحية :

أولا : الغوص في اعماق النفس البشرية ، وتجريد- هذه النفس - من كل 1 - زيف او تظاهر وخاصة فى حالات الضعف البشرى امام الاغراءات ومن ذلك انزلاق الباشا انزلاقا حادا فى حب كريمة الذي اثمر عن الزواج والطفل فالانسان مهما زادت ثروته وعلا مركزه لا يعدو في جوهره ان يكون بشرا عاديا  يحب ويكره فالباشا يجد نفسه منساقا فى حب خادمته كريمة

2 - الغيرة التى اكلت قلب سعدية هانم عندما انتصرت خادمتها كريمة عليها فى الفصل الاول ورغم ثقافة سعدية هانم الرفيعة وتربيتها فان الغيرة اعمتها كأنثى جريحة عن كل شئ حتى وصل بها التفكير الى ارتكاب جريمة قتل الطفل - بالاشتراك مع السكرتير حسن افندى - وهى ابشع جريمة ترتكب في الوجود

3 - طلب سعدية هانم من سكرتيرها حسن افندى الزواج بها ، وهو ان كان له بواعث ظاهرية متعددة منها الانتقام ومنها الكيد من الباشا والتآمر على اسرته الا ان ذلك فى الوقت نفسه يدل على ان سعدية هانم مثل باقى النساء تحن الى رجل تستظل بظله ، ويرضى عواطفها وغريزتها ولولا انه وجد لديها ميلا خاصا او عاطفة معينة نحو هذا السكرتير لما نزلت هذه الدرجات المتعددة لتأخذ بيد السكرتير وترفعه لمرتبة زوجها فى الوقت الذى يمكنها ان تبحث عن قاتل مأجور دون ان تورط نفسها فى الزواج من سكرتيرها

4 - الشعور بالاثم الشديد مهما كان الانسان شريرا فالانسان بطبعه داخله الخير والشر ونرى هذا متمثلا فى سعدية هانم فعندما فوجئت بتنفيذ مؤامرة سم الطفل رغم تعليماتها بارجاء العملية ، هذا الشعور بالاثم وتأنيب الضمير طغي على كل مشاعرها وعواطفها حتى عندما تعرضت حياتها للخطر على يد الباشا زوجها السابق عندما استبان له دورها فى المؤامرة ، ورغم سماحه لها بالانصراف اثناء لقائه بها فى المستشفى ، والطفل ما زال بعد فى خطر ..رغم هذا ، ورغم الحاح الجميع لتبتعد عن مكامن الخطر الذى كاد يذهب بحياتها فى صورة انتقام الباشا منهما رغم ذلك آثرت البقاء فى المستشفى ، وهي حزينة باكية من اجل الطفل البرئ الذي قادها الحقد الاعمى الى محاولة التفكير فى

اغتياله بل وطلبت فى احدى مواقف المسرحية( فالفصل الثالث المشهد الثاني) ان يقتلها الباشا كى تستريح من عذاب الضمير

5-رغم عجرفة الباشا ونفوذه فانه ازاء تصاريف القدر وقف ذليلا عندما  احدق الموت بابه الوحيد الذي اتى بعد طوال انتظار ، وتسلل الايمان الى قلبه كما يتسلل الى غيره من البشر فكان راحة له وبلسما حتى قبل ان يكتب للطفل النجاة ، وذلك فى الفصل الثالث المشهد الثاني

ثانيا : اعطى المؤلف المبررات لكافة التغييرات النفسية والعاطفية التى طرأت على موقف ابطال المسرحية :

1-الباشا عقب كشف سره تحول بالتدريج من رغبته فى تنفيذ القصاص على كريمة الى التعاطف معها ثم الانحياز بالكامل ، وقد دفعه الى هذا ثلاثة امور :

وهي : الحمل المفاجئ . وجمالها المفرط . ولباقتها الشديدة .

2 - انزلاق حسن افندي السكرتير الى التورط فى جريمة ضد الانسانية كانت تعافها نفسه منذ البداية ، وهي محاولة اغتيال الطفل التى تمت بعد ان نجح حسين افندي في تسميم الطفل ، ولكن العناية شاءت العناية الالهية ان يتم انقاذ الطفل فى اللحظة الاخيرة ، وقد تم تسميم الطفل تحت ضغوط نفسية رهيب اهمها :

اغراؤه بالزواج من سعدية هانم ، ووعده بحياة القصور والباكوية ومن الانتقال المفاجئ من طبقة صغار الموظفين الى طبقة كبار القوم فى مجتمع لم يكن يعرف الا المال والنفوذ والالقاب

ثالثا : تغير عواطف سعدية هانم بعد اكتشاف الجريمة من النقيض الى النقيض كان له ما يبرره  لانها احست بعوارض الحمل بعد ان تم علاجها من العقم فتحركت في داخلها عاطفة الامومة وجرى فى دمها الحنان لذلك اسرعت الى المستشفى للاطمئنان على سلامة الطفل وتقديم كل عون لكريمة وشد ازرها

لغة الحوار : اتي الكاتب بلغة فصيحة مبسطة لا هى بالعامية ولا هي بالفصحى المتقعرة بحيث يسهل على كافة الطبقات فهم هذه اللغة ، وفي الوقت نفسه يحتفظ بالطابع السليم باسلوبه باعتبار ان المسرحية المكتوبة تعد جزءا من المكتبة العربية ، وهذا لا يقلل من شأنها لو كتبت بالعامية اسوة بمسرحيات على سالم وسعد الدين وهبه ونعمان عاشور وتوفيق الحكيم والفريد فرج فكل هؤلاء لهم في المكتبة العربية الكثير من المسرحيات الجيدة باللغة العامية ، ومع

ذلك فان استخدام اللغة العامية لا تعيب المسرحية طالما تقدم لنا فكرا جديدا وجادا

وقد احسن الكاتب بتقليل عدد الشخصيات مما جعل الحوار سليما وساعد قلة عدد الشخصيات فى المشهد الواحد المؤلف على اجادة رسم الشخصيات في المشهد الواحد ، وبذلك كانت كل الشخصيات موظفة توظيفا سليما لاننا كلما قلللنا عدد الشخصيات كلما احكمنا قبضتنا عليها

كل هذه العوامل ساعدت المؤلف على تقديم مسرحية جديدة من حيث الفكرة ، وجيدة من حيث البناء ، وشيقة من حيث الحوار

ثقافة الكاتب :

  وقد تأثر الكاتب فى مسرحية ( ليالي العمر) للكاتب النرويجى هنريك ابسن ، والكاتب الايطالى لويجى ستفانو بيرانديللو ، ويبدو ذلك واضحا في صياغة الفصل الثاني من المسرحية لان الستارة اسدلت على موقف يدعو القارىء والمتفرج الى ترقب الاحداث التى ستأتى بعد ذلك بلهفة مما يساعد على التشويق تماما فى مسرحية ( بيت الدمية ) لهنريك ابسن ، كما ان استخدامه لعملية الاسترجاع فى الفصل الثاني مع تغيير الاضواء على المسرح قد عمد الى هذا التكنيك فى البناء الكاتب الايطالى لويجى بيرانديللو

كل هذا التأثر بالمسرح الاوربى ساعد المؤلف على اجادة بناء المسرحبة واستخدامه الى اكثر من طريقة لمعالجة الفكرة مما اثمر عن مسرحية جيدة البناء

ومن قراءة المسرحية يتضح لنا عن يقين بان الكاتب قد عايش المجتمع المصري ، ونقد الى اعماقه فى كافة طبقاته مما ساعد المؤلف على اجادة رسم الشخصيات ، ومما استطاع معه ان يقدم صورا نابضة بالحياة لشخصيات مختلفة من خدم وحشم الى سكرتير وباشا وهانم زوجة الباشا وشخصيات اخرى مختلفة

ومسرحية ( ليالي العمر) جديرة بالقراءة ، والمناقشة الاكاديمية كي نضع ايدينا على سمات المجتمع المصرى قبل الثورة ، وكذلك مناقشة ما جاء بالمسرحية من افكار انسانية وطريقة التكنيك لاعطاء كل ذى حق حقه

محمد الحليوى ناقدا وأديبا :

صدر بتاريخ 1984 بعنوان " محمد الحليوي ناقدا وأديبا " كتاب لمحمد الهادى المطوى وهو العمل الادبى الذى نال به من الجامعة التونسية سنة 1978 شهادة الكفاءة فى البحث .

يتناول محمد الهادى المطوي في بحثه هذا بالدرس المعلم الكاتب التونسي القيروانى محمد الحليوى من جوانب انتاجه الثلاثة : النقد والمقالة والشعر

لذلك فالكتاب ثلاثة كتب :

الكتاب الاول في الحليوى الرجل وفيه ثلاثة فصول : فصل خاص بحياة الحليوى وترجمته الموسعة وفصل فى البيئة التى نشأ وترعرع وتكون فى احضانها وهي البيئة الادبية الثقافية القيروانية وعلاقته بها وفصل ثالث فى طريقته فى الكتابة وآثاره

والكتاب الثاني في الحليوى يحتوى على بابين أحدهما : الحليوى الناقد ، مفهوم النقد عنده اتجاهه فيه ومنهجه ومواقفه من القديم والحديث والقضايا النقدية والباب الثاني : الحليوى الناثر يخص فن المقالة عنده خصائصه أسلوبه وآراءه النقدية فيه

أما الكتاب الثالث فخاص بالحليوى الشاعر منهجه الشعرى موضوعاته تحليلا وتقييما ومنزلته بين شعراء عصره

وينتهى البحث أو الكتاب بقائمة للمصادر والمراجع وفهرس للاعلام

ومن المعلوم أن الحليوي من معاصرى الشابى وأصدقائه ( انظر رسائل الشابى ) وذلك من الاسباب الاساسية التى جعلت شهرته واشعاعه مغمورين إذ طغت عبقرية الشابى وشهرته واشعاعه على جميع معاصرية فمن العدل أن تعاد للحليوي اليوم المنزلة التى هو حقيق بها وهذا ما فعله مشكورا محمد الهادى المطوى بعمله هذا..

زاد الوفاء :

صدر بتاريخ 1985 كتاب للاخ الاديب القصاص يحيى محمد بعنوان " زاد الوفاء " وهو مجموعة مقالات وتأملات وخواطر وآراء متنوعة المواضيع والاهتمامات والمشارب عبارة عن رحلة شيقة فى الادب والفن والتفكير التونسي خاصة مع وقفات تأمل فى الاجتماع والاخلاق والعمران والحضارة والقضايا الكبرى المعاصرة ومع توق دائم فى كل ذلك الى اثارة الانتباه وبعث الوعى

وهذا الكتاب هو السادس من مؤلفات يحيى محمد المنشورة سبقته خمسة وهى : " نداء الفكر " (1969 ) - " حوار فى الظل " ( 1973 ) - " احاديث النسيان " ( 1977 ) - " نوافذ الشراب " ( 1978 ) - وأخيرا " زمن الغياب ( 1984 ) . وما تزال له آثار أخرى نأمل ألا يبخل بها علينا .

* رباعيات :

صدر عن الدار التونسية للنشر بتاريخ جانفى 1985 لمحيى الدين خريف مجموعة شعرية اختار لها من الاسماء منذ زمن : " رباعيات " وقد نشرت متفرقة منذ 1969 في الصفحة الادبية الاسبوعية لجريدة " الصباح "

 والمجموعة المقدمة اليوم ليست سوى جزء صغير من رباعيات محيى الدين خريف وما أظنه الا قد انتقى ما أراد أن يحبوه بأسبقية الجمع والنشر دون اعتبار أسبقية النظم وتسلسل الظهور

وكل رباعيات المجموعة تطفح بالحب والايمان والطمأنينة وإن بدا بين سطور الكثير منها تألم وتعذب وتحسر لا تبلغ أبدا حد الغضب أو الثورة أو الحقد

ولا غرابة في ذلك فان الشاعر كما نعرفه آمن مسالم خجول عن غير نفاق وهو القائل في مقدمة الرباعيات : " أومن بأن الشعر معبر للطمأنينه واليقين وإلا لما كان هنالك هاجس يتغلغل في النفس ليوقظها من سبباتها وتجعلها راضية مستبشرة بالحياة وتدفع عنها عذابها اليومى "

* هروبا من الهروب :

هذا عنوان المجموعة السادسة للصادق شرف الصادرة بتاريخ نوفمبر 1984 عن مؤسسة " الأخلاء " وهي باقة حب وحنين يقدمها الشاعر الى المغرب العربي الكبير الذي يتطلع اليه ويؤمن بتحقيقه :

ستعود الشمس للأشراق حتما كلما نمحو من الليل دجاه "

مع يقينه بكل ما يفرق البشر هنا وهناك

لقد فرقتنا قبائل كل الديانات

لم يكف هذا فجاءت قيود الدويلات

فينا تتاجر بالحرب باسم الشعوب"

لكن الديوان حلقات وفاء وحب : حب الأمومة وحب الوطن الأم وحب الفكر " والحرية والكرامة والكبرياء :

" فانا بالحب قد شجرت غابه

شحر الحب به تخضر أوراق الكأبه ...

ومهما هرب الصادق شرف ... من الهروب فانه لن يهرب من الحب والحب لن يهرب منه أبدا ...

* احبتي والليل ..والوطن:

   هذه على ما نعلم المجموعة الشعرية الرابعة لبشير المشرقى صدرت عن مؤسسة " الأخلاء " فى أفريل 1985 والبشير المشرقى شاعر شاب يكتب فى صمت دون ضوضائية ولا تهريج ولا هروب الى ضبابية الرمز وانغلاقه بل وضوح الواقعية القاسية أحيانا :

 "الشوارع فيك تونس ترتمى فى الليل تغرقها المدامع "

ولا ثورة عشوائية على مقومات الشعر العربى .

  وقصائد هذه المجموعة وإن نزعت أغلبها الى الشعر الحر فانها لم تخرج قط عن إيقاعاته الاصيلة .

كما أن المضمون وإن اكتسى عامة بالحزن والتألم فانه مع مسحه القاتم للساحة القومية خاصة والعربية عامة لا تخلو اندفاعاته الهادئة من تفاؤل حيث أن الشاعر يرى خلف الغيوم:

" فجرا يرفرف فى الفضاء

أراه فى الارجاء طالع "

* رسائل المستشرق المجري جرمانوس:

صدر فى 69 صفحة كتيب للدكتور الفقيد عيسى الناعورى بعنوان " رسائل المستشرق المجرى الراحل الحاج عبد الكريم جرمانوس " بعد أن صدرت فى عدد خاص لمجلة المجمع العلمي العربي الهندى بتاريخ 1982

 ويشتمل الكتيب على 52 رسالة فى المستشرق جرمانوس الى الدكتور الاديب الراحل عيسى الناعورى أعدها هذا الاخير للنشر وكتب مقدمتها وعلق عليها .

والمستشرق جرمانوس غني عن التعريف يعتبر أكبر مستعرب ومستشرق فى أوربا الشرقية شغل منصب أستاذ التاريخ والادب والثقافة الاسلامية في جامعة بودابست وأسدى للغة العربية والثقافة الاسلامية جليل الخدمات أثناء عمره المديد ( توفي عام1979 عن سن 95 سنة ) وهو مجرى اعتنق الاسلام وأعلن عنه مختارا فى مدينة دلهى بالهند سنة 1930 وعمره اذ ذاك46 سنة فأصبح الحاج عبد الكريم جرمانوس بعد أدائه فريضة الحج

وهذه المجموعة من الرسائل تعرفنا بجوانب مختلفة لشخصه وشخصيته وفضله الكبير فى التعريف بالثقافة العربية الاسلامية وإشعاعها فى بلده المجر وفى اوربا عامه ومدى سعيه للتعرف بالادباء والمفكرين العرب واقتناء انتاجهم وتعلقه بهم .

اشترك في نشرتنا البريدية