الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 8الرجوع إلى "الفكر"

قصص البشير خريف فى الميزان

Share

سيدى الاخ الكريم (1)

لقد احببت منذ زمن ان اخصص بحثا للتنويه بقيمنا الادبية التونسية اذ لمحت طغيان الانتقاد المتحذلق الهدام الخالى من روح التقدير والتذوق النزيه للآثار الحية الجميلة . وانتم تعلمون موقفى من اول ساعة ازاء ما تسمونه " محاولات " وادعوه انا آثارا ادبية تونسية رائعة ممتعة لا غبار عليها . ولست فى حاجة بتاتا كيما اتذوقها ان استنجد بجان بول صارتر ، او اعتمد عن دستويافسكى ، او الوذ بغستاف فلوبار فى " تربيته العاطفية " . فهذا عبث محض ، ومخرقة جوفاء . يكفينى ان يكون " افلاس " نجاحا باهرا من الوجهة الفنية ومن حيث التجربة الانسانية وحتى بالنظر الى الموعظة الاخلاقية . فلقد غصت الى اعماق واقعنا الانسانى والتونسى فى الآن نفسه ، وكنت فى نفس الساعة كاتبا عربيا تونسيا ، له منحاه الخاص ومنهاجه المعلوم فى الايجاز والوضوح وتجنب التحاليل الضافية المضجرة ، والصور النفسية الباثولوجية المعقدة ، من مثل غثيان صارتر الوجودى ، وهستيرية اشخاص دستويافسكى  التى تجعلهم اشباه مجانين - فاشخاصنا التونسيون العرب لم تبلغ بعد نفسيتهم ، والحمد لله ، ذاك المستوى المزعج من الثورة والنقمة واليأس والانكار . . وما علينا ان نطالبك الا بتقديم نفسيات تونسية شرقية من ذاك الوسط الذى عشت فى احضانه ، فيكون بذلك ادبك صادقا ، اما اذا رسمت لنا صورا هى نسخ طبق الاصل من ابطال زولا مثلا - او اشخاص مورياك فلن يكون قصصك جديرا بالاعظام . من حسن حظ هذه الامة الاسلامية ان المأساة الوجودية لم تتغلغل بعد فى اعماقها وان آفات هذه الحضارة الهدامة الملحدة الشيطانانية لم تبلغ منها مبلغا بعيدا . وكذلك كان ادبك تونسيا بمحاذاته لواقعنا النفسانى الذى هو اقرب الى السذاجة والفطرة ، حتى فى احلك ساعات المأساة . ان اشخاصك على الحقيقة لمتأثرون بماضهم الشرقى الاسلامى ، وان لم يتفوهوا ، فيما لحظت ، بالفاظ تشعر بواقع العقيدة الاسلامية . ومن المعلوم ان ذلك الشعور المضحر بالاثم والخطيئة الذى هو من خصائص المسيحية ليس من شأن ابناء الاسلام وبناته - فلقد ادخلت

النصرانية على اتباعها مركب الخطيئة ، بما سنته من اقرار واعتراف بالذنوب بين يدى الكاهن ، مما جعل المؤمن فى صراع مستمر وجهاد مرهق ممض مع نفسه . اما المسلم العاصى فهو فى اطمئنان لوثوقه بعفو الله الغافر الوحيد للذنوب . . فليس لنا اذن ان نطالب اشخاصك الواقعين فى الاثم ان يحصل لهم مثل هذا الصنف من تندم على الوقوع فى اى رجس او خطيئة ، اللهم الا ان نلحقهم خطأ وظما بشخصيات متأثرة بالمسيحية مما نجد نماذج له بعمل القصاصين الغربيين الذين وصفوا واقعهم الاجتماعى.

اما الثورة والنقمة العارمة على الوضعية الاجتماعية وحتى الانسانية فى مجموعها ، فهى فيما اعتقد ابعد الاشياء عن امزجتنا المتأثرة بروح الشرق والاسلام - على الرغم مما يذهب اليه بعض من آخذك عن عدم تصويرك لها فى رسمك ملامح ابطال النفسية . فالثورة قرينة للنفى والالحاد ولفكرة المناقشة والمعارضة لصنع الخالق المدبر الحكيم . وعقيدة الايمان بالقضاء والقدر متأصلة فى اعماقنا الوراثية واعماق شخصياتك التى اجدها مسلمة وان لم تفه باسلامها . انها مستسلمة للاقدار . من حيث لا تشعر . فهى شخصيات قصصية باتم معنى الكلمة ، ان رجعنا الى النظرية القائلة بكون القصة تفترض وتقتضى بطبعها الايمان بقضاء متحكم جبار هو المتصرف الوحيد فى مصاير البشر . ولنا بطبيعة الحال ان نسمى هذا القدر صدفة . " المكتوب " هو العبرة الحالكة المتشائمة البليغة التى تستخلص من اروع القصص . . ان الفرد لا ارادة له امام الاقدار . او ليست الاقدار الساخرة والصدف العمياء هى التى حكمت على البطلة الفتاة بالتبذل والعهر ، اذ اوقعت اسرتها فى الفقر اثر موت الوالد الهرم . . بيد ان هذه الاقدار الساخرة قد يكون لها اسم آخر وذلك هو المجتمع الجاهل او المنحل المضطرب المذبذب شأن مجتمعنا هذا المتقاسم ما بين سننه التقليدية المحترمة وواقع حاضره المملوء بالمجهول والمغامرات ، مما يولد المواقف الغريبة ويدفع الى احضان المأساة . وهما لا ريب فيه ان للبيئة الفكرية والوسط الثقافى اثرهما فى هذا النوع من جبرية قد يستغلها القصاص . فلامراء ان كلا منا كان حوالى سنة 1028 ، 16 جويلية كان مولدى شخصيا سنة 1906 في 16 جويلية ) لامراء ان كلا منا كان في ذا العهد ، وفى ذاك الطور من مقتبل العمر ، واثر ما قرأه من ادب معاصر روائى برفع من شأن الحب ومغامراته ، ويندفع مع تيار الحلم والخيال والمثالية فى هذا المضمار - لامراء ان طائفة كبيرة على الاقل من ابناء ذاك الحبل المتكونين مثل ذلك التكوين ، كانوا الى حد ما وبدرجات متفاوتة صورا طبق الاصل من شخصية بطلك ( سليم البرجى) (1 )الذى وجدت فيه شخصا طائفة من ذكريات ذاك العهد وارتساماته وحتى من غروره واباطيله . ولا شك ان الافلاس نشأ عن ذلك الغرور - ذلك الغرور الادبى المبعد عن واقع الحياة القاسة الشوهاء,

فما ينفك البطل متنازعا مقسما ممزقا ما بين امثلته العليا للحب وبين واقع مبتذل قذر . . والخيبة متمثلة من اول اتصاله بربة هواه ) فاستسلامها للقبل ، وخوفها فقط من اثر الحمير كان بمثابة الصفعة الاولى لاحلامه  ولك للغريزة اثرها وحكمها فى مثل تلك السن ، فهى حين تطغي تسدل قناعها على كل معنى آخر ، لكن الرغبات الاخرى ما تلبث ان تتيقظ وما يلبث الصراع ان يعود . . . والحق ان شخصية بطلك سليم شخصة تروقنا بانسانيتاتها الصارخة ، وبما حوته من اليم المتناقضات المستقاة من واقعنا الانسانى لسنا فى حاجة هنا الى الاستشهاد ، على غرار الد . . ف . بشخصيات راسين من هرميون واضرابها " هل انا احب ؟ هل انا ابغض . . " ليس من شأن قصتك ، وهذا من حسن الحظ ان تتعمق فى هذا الصنف من التحليل انما يهمها ان تقدم لنا صورة بسيطة واضحة من واقع انسانى متواضع نجده مرتسما فى اعمق اعماق تجريتنا التى عشناها كأيناء بيئة معلومة وفى اطار تاريخ ومجتمع محدودين مضبوطين . . على ان هذه التجربة نراها فوق هذا, ومن اجل ذاك الاتصال بواقعنا والاستقاء منه ، نراها قد اتسع نطاقها وانفست مجالها الى آفاق انسانية شاملة ، بحيث تكتسى لدى ذوى الانصاف صبغة انسانية ترفعها مقاما ، وتكسبها اجلالا واحتراما . . ان هذه الآثار من صنع فن متزن موضوعى كلاسيكى راسخ البناء محكم التنسيق والتشيد ، فيه فيه من متعة وعبرة ومن عاطفة وفكر ومن تجربة عميقة وبارع خيال ومن مشاهد نابضة فى الآن نفسه بالواقعية والشعر : ومن عجيب خطرات وبديع لمحات تنبئ عن خفقة الشعور المرهف الحساس المشبع بالعطف الصامت المتئد على شقاوة الاوادم وضعفهم امام قسوة الاقدار ، ومن فلسفة ضمنية كئيبة متشائمة منبعثة احببنا ام كرهنا من صميم هذه المهازل الباكية التى تمثل الاخفاق والغرور وتحيلنا الى كلمة القرآن " ان الانسان لفى خسر الا . . "

اجل ان هذه الشخصيات ليست بالخارقة للعادة ، انها عادية . ولكن الادب القصصى يظهر ابداعه وتتجلى قيمته فى مثل هذه المواضيع التى قد تبدو تافهة مبتذلة غير مقتضية لطول البحث والتحليل والتبسط والعرض . ولكن هذه الغرائز الانسانية وتلك الاهواء متشابهة بمالا تحويه من آلام وصراع ومئاس مهما كانت المنزلة فى المجتمع . ولقد قلت

والناس شتى فان تسير غرائزهم

وجدتهم فى كفاح العيش امثالا

وهذه شخصية " خليفة الاقرع " ما تنفك امام عين بما حوته من دمامة منتصرة ظافرة ، ومن شقاوة فى طيها الارغاد والرفاه - هذا الى التأويلات المتنوعة المتناقضة الذى يمليها عرض هذه المشاهد التعسة المزرية لحياة المرأة فى ذاك الجو الجاهل الشعبى الخاضع لسطوة التنجيم والطلاسم وزائف المعتقدات - واذا الحجاب انقلب وبالا على العفة ، واذا الشراهة الجنسية

المكبوتة تتخذ لها منفذا . . مما يلحق اقصوصتك هذه الرائعة بكثير من اقاصيص الف ليلة وليلة التى صورت هى ايضا شبق المرأة ومكايد النساء ( كقصة الحمال والبنات واضرابها ) . فثبت ان قصتك هذه متصلة بصميم واقع انسانى ومجتمع تاريخى بقيت ملامحه على تعاقب الدهور ، فيكون خليفة الاقرع ذا نظائر واشباه فى تاريخ المجتمع العربى الاسلامى . . اذ تصبح عاهته نفسها هى التى تمهد له السبيل وترفع امامه الحجب ، وتميط عن طريقة انواع العقبات . وفى نظرى ان تضييق الحجاب ، فى العهد العباسى بالاوساط الحضرية هو الذى دفع بالمرأة السجينة الى توخى الحيلة والكيد, وتعددت امثال هذه الاحداث والمآسى الحريمية . ثم كان من اثر ذلك نشوء ادب يسئ الظن بالمرأة ويمثلها فى صورة مخلوق شيطانى ، - فهذه النظرة المتشائمة اليائسة الى الجنس الآخر انما نشأت فى الاوساط الحضرية وفى عهد متأخر نسبيا وهى متأثرة بواقع اجتماعى تقدمها ، وهو ذلك التضييق للحجاب وما صحبه من رد فعل من جانب المرأة . فعلى ضوء هذه النظرية يحسن بنا ان تفهم تلك النظرة المتشائمة الى المرأة وغدرها وما اشتهر من كيدها ومكرها . اضف الى ذلك ان القينة او الامة المغنية زادت الطين بلة ، فقد تفشى على العهد العباسى هذا الصنف من نساء ضعيفات العفة ، ممن قلما عرفن ، بطبيعة مهنتهن ، بالتصون والخفر والتحرز من الريب . وقد صور الجاحظ القينة فى احدى رسائله كامرأة لا ترجى منها عفة او حفظ للعهود ، وعلل ذلك تعليلا واضحا صريحا مرده الى صلتها اليومية بمعلمها ومخرجها فى فنها ، مما يضطرها الى التضحية بانفس متاع . . وكذلك صور لنا الشعراء من عرفوا من القيان - وكذلك عرفهن على بن العباس المشتهر بابن الرومى . ونعود الى المرأة المخدرة المحتجبة ، - فلقد دفع تضييق ذلك الحجاب حولها الى انزلاقها ، ثم الى اثقال كاهلها بالتهم وتصويرها بابشع الصور . ولا غرو ان يعتنق أبو العلاء المعرى هذه النظرة المتشائمة دون فحص او تمييز او عرض على مسبار العقل الذى يؤمن به . . لكن الرجل كان هنا مقلدا لوسطه بطبيعة تشاؤه المتغلب على عقله . ذلك ما اميل الى القول به شخصيا . . على كل حال فالمعرى عكس لنا فى نعرة تشاؤمه نظرة تفشت عن المرأة فى ذاك الوسط العباسى المتحضر - او ليس هو ينهى عن ادناء اى ذكر من النساء ، وبأى حجة او مبرر . حتى بذريعة تعليمهن القرآن وتلقينهن آيات الذكر . ونرى المعرى تبعا لتشاؤمه واساءته الظن بالمرأة وبالغرائز الانسانية على الاطلاق وبالانسان عامة ، يامرنا وينصح الينا بزيادة التشديد والتضييق فى الحجاب فانظر اليه كيف ينهى حتى عن ادناء رجل ضرير من المرأة لكى يعلمها ، اللهم لا المكفوف المرتعش يدا من الهرم والذى تثغمت لمته اى ابيض شعره

ويتركن الرشيد بغير لب

اتين لهدية متعلمات

ولا يدنين من رجل ضرير

يلقنهن آيا محكمات

ولمته من المتثغمات

سوى من كأن مرتعشا يداه

حتى الذكور غير البالغين يتعين اقصاؤهم وابعادهم

اذا بلغ الوليد لديك عشرا

فلا يدخل على الحرم الوليد

فأنت وان رزقت حجى بليد

الا ان النساء حبال غى بهن يضيع الشرف التليد

فلربما ، اذن ، اتخذ ابو العلاء من اقصوصتك العجيبة تأييدا صارخا لنظريته فى وجوب التضييق المتناهى على المرأة . . ذلك ان فنك حر لا يمت باى صلة او تبعية لاى مذهب فى الاجتماع او منهاج فى الاخلاق . . ومن هنا تعددت التآويل ، بحيث يتفق على استغلال اقصوصتك التقدمى والرجعى ذلك انك وصفت الحياة كما هى ، غير عابئ بتأييد فكرة واضحة فى صوغ مجتمع افضل ولا عامد الى ترجيح مذهب على آخر . . ويعجبنى فيك هذا الاخلاص للواقع وهذا الانقطاع الصرف للحقيقة ، وذلك التحرر من كل قيد والتزام الا الفن والضمير . . فهذا هو الفن الحر الذي دعوت اليه اجده متمثلا فى اقاصيصك الطلية المتينة التى تمثل مجهودا صادقا امينا متحر جلال الحق وجمال الفن ونقاوة التعبير . وما عليك بعد هذا ان تتخذ موقفا ، او تدخل ممعة النضال المذهب او السياسي ، او تناصر التقدميين الحمر او تعمل على تأييد الرجعيين . ان فنك ليعجبني ويستهوي بمقدار ابتعاده عن هذه الضوضاء الحزبية العابرة المتلاشية كالفقاقيع ، انه ليستهويني بما فيه من سمة الاستقرار والنفوذ المتعمق الى حقيقة انسانية لا تتبدل بحال . وتلك هى السمة او الخاصية التى قد يحسن بنا ان ندعوها خلود الادب . واديك من ذاك الصنف الخالد الذى من شأنه ان يقرأ مرارا وتكرارا ، لانه ثرى بالتجربة ، مزود بالشعر والعاطفة الانسانية ، منسجم طلى في اسلوبه وتعبيره مقتصد بليغ فى وسائله وادواته ، مبتكر فى صوره واخيلته . . بحيث نلمس شخصية فنانة مبدعة لها مقوماتها الواضحة المعالم البينة الآثار ،

ولا ادل على خصب هذا القصص ودسومته من هذه الافكار الحمة التى يوحى بها وتلك الآفاق الانسانية التى يفتحها امامنا وحتى تلك البيئات الانسانيات وتلك العقليات الحاضرة والبائدة التى يميط عنها الستر . احل لم اتمالك وانا

اقرأ اقصوصتك من ان اعود القهقرى الى عصر الف ليلة الذى ما فتئت مخلفاته قائمة فى عصرنا ، وما لبثت ان التمست بعض النور من لزوميات شاعر المعرفة البصير . فهذا عزامك او منجمك ( الحاج المغربى) هو ايضا موضع للنقد والتسخط والذم اللاذع المرير ، وبالخصوص فى صلته بالمرأة المغراة بالتوجه الى دكانه - وكذلك طائفة العجائز السواحر اللواتى ما انقرضن بعد ، ولهن حظ لا ينكر من قصصنا التقليدى المأثور

وان جئن المنجم سائلات

فلسن من الضلال

بمنجمات

........وابعد عن من ربات مكر

سواحر يغتدين معزمات

يقلن " نهيج الغياب حتى

يجيئوا بالركاب مزممات ونعطف هاجر الخلان كيما

يزول عن السجايا المسئمات"

او لم يشر هنا ابو العلاء الى ذاك الدور الذى يلعبه السواحر واشباههن فى تقريب الصلة بين المرأة والرجل ، وبالخصوص فى اخضاع الرجل لسلطان زوجه او خليلته ، بالرقية المكتوبة او التعزيم والبخور او بما هواخطر وافحش من ذلك بين ظهرانينا او كان متفشيا الى عهد ليس بالبعيد وكذلك يحتل ) حاحك ( مكانة مرموقة فى واقع مجتمعنا الاسلامى التاريخى . وهذه شهادة ابى العلاء كافية فى منحه ما يجب له من التقدير : فى مضمار قصص مستلهم من واقع حياتنا . . على ان التنجيم والسحر ما انقرض ضا بعد حتى فى البلاد المعزوة الى التقدم والنور . فلاشئ يعدل غرور الانسان وبلاهته ، اللهم الا ما حواه من ضروب المكر والدهاء . ولقد مررت ذات يوم فى شبابى على دكان معزم بنهج تربة الباى ، قد ارخى على بابه سترا ابيض وكتب عليه هذه الآية " عالم الغيب فلا يظهر على غيبه احدا " . فعجبت لامر الرجل كيف يكتب على بابه ما يبطل صناعته ، ويهدم دعواه .. فعال فى الاية المتصلة بما قبلها هو الله . . والله لا يطلع على غيبه احدا اللهم الا رسله يمنطوق الاية التى بعدها . . فهذا مظهر طريف للحماقة والجهل الفاحش المركب كما يقال . . .

ومهما كان من امر فقصتك ذكرتنى عهدا بائدا وجوا للحارات العربية المتداعية الرئة الاثواب قد عرفته وعشت فى احضانه . . حتى هذه " السطوح البرص " التى طالما سرحت فيها الطرف متأملا بدائع ما تنبت من غض الاقحوان او عتيد الشوكران . . وكذلك يخلد لنا فنك اجواء من حياتنا القومية الشعبية

التى نراها اليوم اشرفت على التلاشى والفناء تحت معول التقدم الجبار والتطور السريع وكذلك يكون القاص كما يكون الشاعر ببارع صوره وشيق ارتساماته مؤرخا لهذه الآناء العابرة المتلاشية ، ومستعيدا بصفاء فنه وهزة ريشة السحرية غوابر ازمنة مآلها الحتمى ان تنقرض بلا رجوع لولا عمل الفنان الملهم الخلاق الباعث لها مدى السنين . . فمما لامراء فيه ان عمل الفن الملهم والشعر الصادق هو الذى يحتفظ لنا باروع وامتع الصور والاحاسيس الغابرة ، ويمنحنا اجنحة سحرية ننعتق بها من ربقة حاضرنا السخيف, وننطلق عليها فى اجواء الزمن المديدة الابعاد . القاص كالشاعر مضطلع من حيث لا يشعر بمهمة الشاهد العدل على عصره وبيئته بما تمخضت به من الاحداث ، وتطورت فى ضمنه من الاوضاع والازياء والقيم ، وتحمست له من المعتقدات والافكار ، واختلجت به قلوبها من المشاعر المؤلمة او المبهجة ، وشغل حواسها من مشهد الحياة المتعددة الالوان.

وانا ازعم ان قصتك " افلاس " هى من هذه الناحية تاريخية ، بالمعنى المتعمق الفنى للتاريخ . انك لم تقدم لنا دائرة معارف عن جميع احداث سنة 1925 كما طالبك بذلك بعضهم . فليس من شأن القاص او الشاعر ان يقدما تسجيلا محكما مفصلا ، وعرضا مستفضيا عملاقيا للحوادث بجزئياتها . اننى غير مؤاخذك بالمرة على انك لم تشكل ملفا ضخما لقصتك ، ولا مبديا اسفى لكون بطلك لم ينتظم فى سلك الحركة الوطنية ، ولم يتأثر بالاحداث الاجتماعية او السياسية التى جرت فى تلك السنة من تاريخ حركتنا القومية . . او لعله تأثر بها ، كما تأثرنا بها كلنا يومئذ ، لكنك اهملت ذاك الجانب من شخصك عن قصد ، موجها اشعة نبراسك الى ناحية واضحة ، وتلك هى جانب العاطفة واللازمة او المحنة النفسية التى كان يجتازها - ومن المعلوم ان كل اعتبار يتضاءل فى مثل هذه الظروف ، ومن شأن الاهواء الجامحة والعاهات النفسية ان تصرف اتجاه الانسان عن كل غرض سواها . . على ان قصتك هى تاريخية ، بل ربما كانت اصدق وثيقة عن التطور المشاهد يومئذ فى العقليات ومظاهر الشعور . فمعلوم ان وضعية " سليم " لن تتحدد مطلقا فى يوم الناس هذا ، ولا شك ان تلك الشخصية وليدة لتلك الفترة من الزمن اذ كانت المفاهيم الادبية محاطة بهالة من الاجلال لدى طائفة من الاحداث والكهول ، واذ كانت المثل الروائية للمرأة المثالية تداعب مخيلاتنا ، وان كان واقع المرأة لدينا يصفعها ويناقضها على طول الخط . . ومن هنا تولدت معضلة وعقدة نفسية جديرة بالحل . . وتلك هى الوضعية التاريخية التى عرفها ابناء جيلنا وتناولتها قصتك التاريخية ، التى اراها اصدق وثيقة ادبية عن التطور الذى قد لحق المشاعر فى ذلك الوسط وذاك الجيل . وتلك الوضعية بعينها هى التى الهمت ابا القاسم صلواته " فى هيكل الحب . كان هنالك

شعور بالنقص والفراغ والخلاء من جانب العاطفة ، اى من جانب المرأة المثالية الجديرة بالحب والهيام . لقد كان فى ذاك العهد كثيرون من اشباه ونظائر الشاب المثقف الملتهب المشاعر ( سليم البرجى)

ولقد كان كل منهم على حد تعبيرك . . " اذا خلا الى نفسه يجد انه ينقصه شئ . . ينقصه الحب " حب عميق يملأ فراغ قلبه ، ويجعل من تلك التى تستجيب اليه عروس احلامه ، وبطلة روايات تدور فى خلده . . . ) الفكر سنة 1959 ص 231

تلك هى المرحلة التاريخية لتطورنا العاطفى والاجتماعى التى تناولتها قصتك . وليس بالصحيح ان يقال ان قصتك . . . " بدون زمن محدود " على حد تعبير الد . . ف . فهى بطبيعة ابطالها وملامحهم النفسية واتجاههم الفكرى والشعورى لا يمكن ان تقع احداثها الا فى تلك الفترة من التاريخ التونسى ، ، وعلى فرض انك لم تعين بالضبط سنة 1925 ، فوجود هذا الصنف من نماذج انسانية بعينها كاف لتحديد رقعة الاحداث فى الزمان .

إن شخصية " لطيفة " او " فوزية نعيم " الممثلة الامية القاصرة الملتقطة فى احضان الابتذال واللهو الداعر لهى مما يرجع ظهوره الى الربع الاول من قرننا هذا ، حيث كان التمثيل يعيش على الهامش ، وحيث كانت المرأة العفيفة لا تبرز امام الجماهير ، وان كانت طائفة من النخبة المفكرة تشكو ذاك النقص فى مجتمعنا . ان بطلتك لتحمل اذن طابع ذاك الوسط والبيئة التاريخية ، ولا نتصور اليوم وجود نسخة منها اذ قد دارت عجلة التاريخ ، وتطور مجتمعنا تطورا معاينا وسار بخطى حثيثة نحو تغيير مفاهيم ذاك العصر واقرار مفاهيم اخرى وقيم جديدة كانت تعد يومئذ احلاما ومثلا عليا ، وان ابتذلت اليوم منذ صارت لحما ودما . ولقد اشرت بايجاز وبلاغة الى هذا الواقع التاريخى الغابر الذى قد يبدو موطن انتقال قد تمخض عن عصرنا الحالى وهو موطن ملئ بالتناقض والاصطدام بين متباين العواطف والنزعات . . انك ارخت بوضوح وصراحه هذا المنعرج من تاريخنا الشعورى والفكرى " فى مصر رفع قاسم امين راية الدفاع عن المرأة وفى تونس كتب الطاهر الحداد " امرأتنا فى الشريعة والمجتمع " . فكانت الموازنة بين محاسن كل تربية ومساويها " . . وكان الشيخ الصدراتى وهو الرجل البوهيمى المتحرر نسبيا فى ذاك العصر له وجهة نظره فى الموضوع . وان كانت ذهنيته مليئة بالآراء والنزعات المتناقضة التى لم تتوحد بعد ، شأن الكهول والشيوخ النيرين من ابناء ذاك العصر ، ممن امسوا مسرحا حيا لمعركة الماضى والحاضر وهى شخصية حية جذابة ، وان كانت تعسة مخفقة بطبيعة اتصالها بمهنة مفلسة بائرة كمهنة التمثيل فى ذاك العهد - على انها لا تخلو من عظمة ونبل ومثالية . وما ظننت ملامحها الا مقتبسة من واقع حى يرجع الى ذاك العصر وحتى الى

عهد ليس بالبعيد : وبعد او ليس الانقطاع الخالص لفن ما مطية مضمونة الى الافلاس والاخفاق المطلق فى مسرح الحياة . . ان الفن كيفما كان بطبيعته مأساة والفنان مظلوم يتكبد قساوة الحظوظ ، ويقاسى العزلة المريرة والانفراد وان كانت له اسرة على ان الشيخ كان بالفعل فاقدا لكل اسرة " اذا خرج من عالم التمثيل ودخل الحياة الواقعية يشعر بانه اجنبى عنها . . يقضى اكثر اوقاته فى المقاهى والحانات . . " . . ولقد حلم بحياة الاستقرار فوجدها الى حد ما فى تلك المومس التى التقطها وحاول تعليمها وتخريجها . . وان كانت هي ايضا تحمل مأساتها وتطمح الى استقرارها المنشود رغم خادع المظاهر وكاذب الاوهام والتعلات . .

ان اخفاقها فى حبها الوحيد هو الذى رمى بها الى التمثيل وكذلك سامة الخلاعة والابتذل . ان هذه البغى تبتغى لها منزلا وبعلا قارا يحوطها بحبه ويحمى فلذة كبدها . . ولكن شاءت الظروف ان تضعها فى ذاك القفص المذهب ، وبين يدى رجل يكبرها سنا بكثير ، وقد تحطمت قواه . . انها لثائرة ضمنيا على وضعتها ، وان كانت الثورة صامتة . . ولئن نفى بعضهم عنها هذه الثورة ، فنحن نزعم انها ملازمة لها من يوم ان " اخذت تكسر الوجوه " . ولئن استجابت لراغبها الشاب ، فان ذلك كان من فعل الصدف ، ولمجرد التعلة ومحض التسلية ، وللتشفى من حظ جائز ، وللعودة بين الفينة والاخرى الى احضان وسط قد الفته بمفعول مهنتها السالفة . . الصدف والاقدار والسوابق هى التى حكمت هنا حكمها ، فضلا عن تلك الروح الثورية الكامنة فيها والتى تدفعها الى تحدى الشيخ المستبد المتحكم ولو فى طى الكتمان .. فليست شخصتها بالغريبة كما يذهب الى ذلك الد . . ف . انما هى شخصية انسانية شخصية امرأة عرفت الشقوة والابتذال واستسلمت لحافز الغرائز ودعوة الاقدار . . حقا انها لم تبحث لدى سليم عن المال ولا بحثت عن الحب . . ولكن عن المال ولا بحثت عن الحب . . ونحن او ما كفى مبررا لهاانها تستتمتع ببعثها الهيام وامتلاكها القلوب وباثباتها لنفسها سلطان انوثتها . . ولكنها ما لعبت دورها فيما يظهر كما يجب مع محبها الحدث اذ ما تخلصت من ماضيها ولا تغلبت على المالوف من اوضاعها وعاداتها وكذلك ، ما يلبث الغرور والحماس العاطفى ان يميط ستره عن اعين سليم - وما ابدع تسميته بسليم . . لم تكن تلك " تربية عاطفية " على غرار ما اراده الد ف . فى اندفاع واضح الى المقابلة بين بطلك وبطل غوستاف فلوبير وان لم يكن هناك اى وجه للمقارنة فيما اعتقد . . انما كانت تجربة شاب مثقف اوقعه غروره فى تلك الصلة ، وغلبت عليه احلامه وذكرياته الادبية ، لكن الواقع قد صفع تلك الاحلام . . وان تمادى الشاب فى حبه ، على الرغم من كل خيبة - وبعد ان حاول بغير جدوى ان يبت الحبل ، ولعل ذلك كان بدافع

الغيرة ، او بعامل عاطفى كالاخلاص المثالى للحبيبة الاولى مما هو شائع فى تلك السن ، او بعامل التعود والالف والحنين الغريزى ، او بدافع التغلب على ما ظنه ممنوعا عنه - او بكل هذه العوامل معا ، - على كل اننى لمعجب بعدم تعرضك لتحليل هذه العوامل المشتبكة ، وكأنما آثرت ان تعتمد كلمة ابى الطيب

لهوى النفوس سريرة لا تعلم

انك فى الواقع قد جعلت من سليم ، ومن غيره ايضا ، فريسة القدر . . . ولكنك لم تقل ذلك حرفيا ، كما يشترطه الد ف . . وليس بالضرورى ان يسمى القصاص كل شىء باسمة . . ليس بالضرورى ان تردد كلمة راسين عن فينوس ربة الحب المتشيئة بضحيتها ، ولا ان تجعل فى فم سليم كلمة هرمييون " أه ليتنى اعلم عواطفى . . هل انا احبة . . هل انا ابغضه . . ليس بالضرورى مطلقا ان يلبس قصصنا التونسى لبسا اعجميا ، ولا ان نشترط عليه ان يردد علينا كلمات مأثورة عن دستويافسكى او بول صارتر . فان فيض الفكر لا يحد ومواقف الحياة لا تعد . . ومن حسن حظك ايها الاخ انك احسنت التعبير عن جبرية الاهواء ، وغموض امرها مما يسمى عندنا " محنة . . " .

وبعد فلتسمح لى ايها الصديق ان اتخيل ما آل اليه امر بطلك سليم اثر خيبته النهائية، اى حين وجد الوكر خاليا، والدار لا انيس بها ... انني لأتصور الرجل مافتئ لحد الآن حيا يرزق، وقد صدمته تلك الخيبة ودفعت به الى الاعراض عن باطله، فعاد الى احضان الجامع وحصل على التطويع ثم درس الحقوق وقبل فى العضوية وهو اليوم يحتل منصبا مرموقا فى القضاء. فلتسمح لى اذن بان اذهب اليه وان استفسره عن تلك الفترة من عصرنا الدفين ...

اما رابح فما خلته الا فى حدود السبعين من عمره وقد تزوج بطلتك، ذلك انها لما التحقت به بالجزائر وجدته قد اصيب فى حادثة سيارة وهو رهن المستشفى وفى حالة يرثى لها، فعمدت الى معالجته وبذلت دمها من اجله واقامت الى جانبه شهرين تمرضه .. فكتب صداقه بها .. وتابا الى الله .. وبعد فقد اصاب بعض الشعراء اذ قال:

والشعر لمح تكفى اشارته

وكذلك القصة، فالتحليل المتناهى قد يفقد الاحداث روعتها، وهناك دوما جانب من الغموض والخفاء يجب أن يبقى محدقا بالسلوك الانسانى، اذ لا يبلو السرائر سوى الله. على ان هذه المواقف وهذه الحركات الانسانية صريحة في حد ذاتها كافية الابانة عن واقع النفوس. والفن فى صميمه انتقاء واختيار وابراز للاهم فالاهم، واطراح للحشو واجتناب للهذر. وكذلك حمدت الله ان لم تكن قصتك دائرة معارف سياسية تاريخية اجتماعية، اذ اقتصرت على الاوكد فالاوكد من ذلك الاطار، وهو ما اشرت اليه من الجو العاطفى الفكرى مما يتصل بالمرأة ووضعتها على الخصوص. وكذلك مشاهد قصتك فهى متعددة على الرغم مما يذهب اليه الد.ف من انه لم يكتشف بافلاس سوى مشهد واحد اى مشهد البادية والقطار يطويها .. ان هذه المشاهد متعددة، لكنها مرسومة على نمط موجز بليغ وهى ذات لحمة وشيجة بالاشخاص وعواطفهم، مرتبطة كل الارتباط بأحداث القصة، كمشهد بطحاء باب منارة فهو غاية الابداع وانما نراه قبل كل شئ بعينى البطلة التى تكتشفه من نافذة علو الشيخ اسماعيل. وكمشهد الحانة الاسرائلية بسيدى مردوم، وهو مشهد ذو صلة وثيقة بمجرى الاحداث .. وانظر الى وصف العاصفة والمطر والرعد فى اقصوصة " خليفة الاقرع ". أفليست ملتحمة بتلك العاصفة الاخرى الانسانية ومشاركة بهولها فى صوغ الاحداث، مما يجعل الطبيعة متحكمة والصدف قاهرة والاقدار وحدها جبارة نافذة المفعول ...

ان التعمق النفسانى ذا الاتجاه المنهجى العلمى، وكذلك ابداء الآراء الفلسفية ليس من شأن فنان ملهم من صنفك الذى يروقنى.

كفى القاص ان ينقل الينا تجربته كما سجلها بأوفر ما يمكن من الامانة والصدق، وبأمتع واحكم اسلوب فنى - وما عليه بعد هذا أن ينقلب الى علامة نفساني او واعظ اخلاقي. ليدع لسان الحال يتكلم من خلال الاحداث، ليدعه وحده يعبر عن واقع الانسان وحقيقة الحياة، فما افصحه لسانا، وما أبرعه فى سوق العبرة الى الألباب. ما اسمج القصص ذى الاتجاه العلمى او الوعظي .. ولكن العلم والموعظة منبثقان دوما من حنايا قصصك، وسواء قصدت الى ذلك أم لم تقصد، وتلك هي خارقة الشعر والفن الملهمين الخالصين ان فلسفة برمتها لمنبعثة من مطاوى قصصك، وان اهملت تسطيرها، واغفلت

تقريرها .. وليس من غرضى الساعة أن اعمد الى استخراجها وايضاحها وتحليلها. فلقد يكون ذلك قتلا لها، وتضييقا لمجالها الفسيح المتناول أرجاء هذا العيش الانسانى الزاخر العباب .. ولكننى أميل الى القول انها فلسفة رصينة متئدة موسومة بطابع تشاؤم متزن وديع، وتلك هى المسحة الشرقية العريقة اللطيفة التى يمتاز بها هذا الاتجاه فى تأثره بتيارات الغرب.

وبعد فنحن امام قصص تونسى ممتع دسم ثرى فائق الاسلوب واضح ملامح الشخصية والفكر قد انصهرت فى بوتقته مختلف العناصر والتأثيرات دون ان تفقده منحاه التونسي الرائع الاصيل، او تقصيه عن مغزاه الانسانى الناصع الجليل.

وبالآخرة، فأنا ما قمت الا ببعض ما يجب من اكبار واجلال لعمل حرى بالتقدير. وكفاه فخرا أنه اقام الدليل واضحا على ان القصة ليست بهذا العمل الضخم المستعصى انجازه على القريحة العربية. بيد أن هذه العبقرية التونسية عليها ان تتوخى في ابراز ذاتها منحاها الخاص بها، لا أن تعمد الى التلفيق والتركيب المزجى والتنكر لحقيقتها وماضيها، متشبثة بأذيال غيرها تشبثا سخيفا. ليس من شأن قصاصنا التونسى المنتظر، - ولقد كنت يا اخي بالفعل ذاك المهدى المنتظر لقصتنا التونسية، فلم يعد مهديها منتظرا اذن مذ بعث الى الوجود وبعثت القصة التونسية معه - ليس من شأن قصاصنا التونسى ان يكون صورة طبق الاصل من موبصان او دستويافسكى ولا حتى من محمود تيمور - لا نلتمس منه الا أن يكون تونسيا أى ان يكون شخصيا نجد فيه صورة ممتعة صادقة من انفسنا ومشاكلها، ومتحفا أخاذا لمشاهد مجتمعنا، وعرضا رائعا لمعضلات هذا الكون الانسانى فى مجموعه مما يزودنا حكمة ويملؤنا عبرة ويفتح لنا شواسع الآفاق .. ويعرفنا بحقيقة انفسنا بما حوته من ظلام وضياء.

فهذه كلمة وجيزة مقتضبة عن فنك القصصى الذى قد حرك مشاعرى وايقظ أفكارى ..

اشترك في نشرتنا البريدية