قطوستي بديعة تخطف أنظار الغواة
وفروها ، فى مثله تحسدها كل فتاة
لم تعطه ، ولن تعير أبدا ، حتى المسات
تختال في بياضه الثلجي بين الغانييات
وهن قد ودت به أكتافهن العاريات
لو تكتسى معشاره ولو بأغلي الثروات
القطوس : لفظ لاتينى ( كما ننطقه اليوم Catts ) قد وزعوه على جمع أطراف الدنيا التى لامسوها أيام مجد انتشارهم ، بما فى ذلك من البلاد العربية .
الا أننا نجد القواميس العربية قد استعملت من هاته اللفظة الثلاثية المقاطع نصفها الاول فقط ، فنزعوا عنها ذيلها ، اذ اثبتوا القط تاركين طوس الذى هو ذيلها .
انه لعز على أن أقطع ذيل قطوستى ، الذى هو نصف جمالها ، ولعله : ذيل الطاووس فى هذه القطوسة التى تعاشرنى بأجيالها منذ 60 عاما .
فهي تهز ذيله تياهة فى المغرمات
كاشفة عن كل سر من مفاتن الحياة
غاوية بفروها تخلب لب الغاويات
فلا يجدن إلا أن يلعقنه بالنظرات
أو يتمسحن عليه كهبوب النسمات
وعندها تبدى الرضا وهرة المخرفات
وما عساها أن تقول في جواب الحاسدات
ما أن تحببن لها غير الهرا والترهات
حتى إذا لأطفتها ردت لك الملاطفات
وما ضر اخوانى قراء العربية أن نتمم عليها ما أسقطه الفيروزبادى من ذيلها الجميل ، غفر الله له . على أننا نعرف أن فعلته قد كانت تقليدا أعمى لفريق ضال من أعقاب هؤلاء اللاطينيين الذين أورثوا أعقابهم من الايطاليين هذا الاسم منقصا ، بحيث تلقاه ( قاطو ) على لسانهم . ونجده أكثر بترا وتشويها فى فم اخوانهم الفرنسيين اذ قلبوا طاءه شينا ونطقوه ( شا ) ولم يبقوا من طائه الاحرفا خفيفا أثريا قد كتبوه فى خطهم تاءا ولكنهم يعضون عليها حتى لن يبين هذا الذنب من أفواههم أبدا .
ويعجبني تعليل الاستاذ البشير خريف لما عمله مدونو القاموس العربى فى ذيل هذا الحيوان الاليف ، فقد قال " إن العرب أقرب الى المشرق ، وقد سهل عليهم قطع ذنبه انهم وجدوا قطط بلاد السيام مقطوعة الاذناب " وهو تعليل وجيه جدا بحجته الجغرافية في تنوعات هذا الحيوان فقد غزوا بلاد الصين من قبل ان يبدأوا فى تدوين قواميسهم . ولابدع أن يرى تجارهم تلك المقاطيع بأعينهم . وهو تعليل يسهل علينا اعادة الحق الى نصابه بان ترجع لحيواننا اللطيف اسمه الكامل غير منقوص من حقه ، خصوصا وان قطوستى تركية كاملة البهجة
فإن تزدها زايدت لغاية المعابثات
ولم يزل نشاطها يزداد بالملاعبات
شبابها يعينها والطبع فيه مغريات
وقد تعض يدك والدهر كله عظات
إن أعجبتك فتنة فاحتمل المفاجات
إن الحياة كلها عواقب مشتبكات
والذيل الوفير فمالي ولهاته النقيصات ، زادها الله كمالا فيما يجد من نسلها الجميل .
ولعل من المناسب أن نعرف أن الاصمعى قد عدد لتلميذه المأمون أسماءه فى العربية من السنور والهر و .. وأورد عن كثرة أسمائه التسعة لطيفة في كتابه " النوادر " فلو حسب اخواننا أن ارجاع هذا الذيل على قطوستى إحداثا لاسم جديد ، لما كان ثقلا أن نكمل التسعة بما يصلحها من هذا العاشر . فرقم 9 من شر الارقام فى أسرارها ومع ذلك ، فان " الرجوع الى الاصل فضيلة " وارجاع الحق لمستحقيه من صلب العدالة البشرية . وكم للشعراء من رجوع بالكلمات القاموسية الى اصولها كما نصه ابن رشيق فى كتابه " العمدة فى صناعة الشعر ونقده " وبينه صاحب " خزانة الادب " فى شرحه .
وقد نص المحدثون من العلماء على أن من نواميس الحياة " ان الرجوع الى الاصل ، بادنى سبب " فاستبقوا لهرتى ذنبها ، نزع الله ذنوبنا جميعا ، اكتعين ابتعين أبصعين !
