الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 6الرجوع إلى "الفكر"

كاليفولا

Share

- الفصل الثالث -

المشهد الاول ) 1 (

قبل ارتفاع الستار دوى طبول واسطوانات نحاسية . يرفع الستار عن شبه " حفلة سوق " فى الصدر ستار وأمامه على منصة صغيرة ، هيليكون وسيزونيا . العازفون واقفون من الجانبين . بعض النبلاء جالسون ظهورهم الى النظارة ومن بينهم سيبيون

هيليكون - ) يتكلم كالمنادى فى الحفلات الشعبية ( اقتربوا ، اقتربوا ! ( الاسطوانات النحاسية ) نزل الآلهة مرة اخرى الى الارض . وقد اعارهم كايوس القيصر والاله المكنى بكاليكولا ، شكله البشرى . اقتربوا ايها الميتون الغلاظ . المعجزة المقدسة تقع على عيون الاشهاد . الاسرار الآلهية تعرض لانظاركم ، وهى ميزة يمتاز بها ملك كاليكولا المبارك . ) الاسطوانات النحاسية ( .

سيزونيا - اقتربوا ايها السادة ! تعبدوا وقدموا صدقاتكم . فان السر السماوى يعرض اليوم باسعار فى متناول الجميع ( الاسطوانات النحاسية )

هيليكون - جبل الاولنب بما فيه من معابر ، ومناورات واسرار وخيانات ودموع . اقتربوا اقتربوا لتعلموا جميع الحقائق عن آلهتكم ( الاسطوانات النحاسية )

سيزونيا - تعبدوا وتصدقوا . اقتربوا ايها السادة . ستبتدى الحفلة قادة . ستبتددى الحفلة . ( الاسطوانات النحاسية ) العبيد يضعون اشياء مختلفة على المنصة ( .

هيليكون - اعادة الحقيقة بصورة مدهشة . انجاز لم يسبق له نظير اضخم المظاهر للقوة الالهية جيء بها على وجه البسيطة حفلة تفوت الحدود . الصاعقة ) العبيد يشعلون الصواريخ ( الرعد ) يجرون برميلا مملوءا بالحصى ( القدر بعينه فى سيره المنتصر . اقتربوا وشاهدوا ) يجذب الستار يظهر كاليكولا فى زى الالهة فينوس - زى مضحك (

كاليكولا - ) بتلطف ودلال ( أما اليوم ، فانى فينوس

سيزونيا - لنشرع في العبادة . اسجدوا ) يسجد الجميع الا سيبيون ( واعبدوا بعدى الصلاة المقدسة لكاليكولا فينوس : آلهة الآلام والرقص

النبلاء - " آلهة الآلام والرقص " سيزونيا - " المخلوقة من الامواج " النبلاء - " المخلوقة من الامواج " سيزونيا - " يا مثيلة الضحك والندم " النبلاء - " يا مثيلة الضحك والندم "

سيزونيا - " والحسرة والاندفاع " النبلاء - والحسرة والاندفاع " سيزونيا - " علمينا عدم الاهتمام الذى يحيى فينا الغرام من جديد "

النبلاء - " علمينا عدم الاهتمام الذى يحيى فينا الغرام من جديد " سيزونيا - " ولقنينا حقيقة هذه الدنيا وهى انها لا حقيقة لها " النبلاء - " ولقنينا حقيقة هذه الدنيا وهى انها لا حقيقة لها " سيزونيا - " وامنحينا القدرة على الحياة فى مستوى هذه الحقيقة التى لا يعادلها شىء "

النبلاء - " وامنحينا القدرة على الحياة فى مستوى هذه الحقيقة التى لا يعادلها شئ سيزونيا - استراحة ! النبلاء - استراحة !

سيزونيا - ) تعود الى الدعاء ( اغدقى علينا هداياك ، وانشرى على وجوهنا قساوتك الخالية من التحامل ، وبغضك المجرد وافتحى فوق ابصارنا يديك الملايين بالزهور والاغتيالات

النبلاء - " يديك الملايين بالزهور والاغتيالات " سيزونيا - " واستقبلى ابنائك المفلتين . استقبليهم بملجئك العارى من حبك ، الخالى من الاهتمام ، من حبك المؤلم ، وامنحينا اهواءك التى لا غاية فيها ، وآلامك الخالية من العقل " واسرارك التى لا مستقبل لها "

النبلاء - " والسرارك التى لا مستقبل لها " سيزونيا - " انت الخالية ، أنت المحرقة ، انت عديمة الانسانية ، ولكن انت المحبة للارض اسكرينا من خمر مساواتك ، واشبعينا الى الابد من قلبك الاسود المالح

النبلاء - " واشبعينا الى الابد من قلبك الاسود المالح " الانتهاء من الجملة الاخيرة من طرف النبلاء . يتحرك كاليكولا بعد ما كان جامدا طيلة الصلاة . فيتكلم بصوت قوى جدا (

كاليكولا - منحتكم ما تطلبون يا ابنائى . . . ستتحقق رغباتكم ) يتربع على المنصة . فيتقدم النبلاء الواحد تلو الآخر فيسجدون ويقدمون عطاياهم ويقفون الى اليمين قبل ان يخرجوا . يمر الاخير مضطربا وينسى تقديم عطيته . فيثب كاليكولا واقفا ( هبه ! هبه ! " تعال هنا يا ولدى " العبادة شىء جميل ولكن التصدق بالمال أجمل منها . ) يعطي النبيل المال ( احسنت . . حسنا . لو لم تكن للالهة ثروة غير محبة البشر ، لكانوا على فقر كاليكولا المسكين . ولكم الآن ايها السادة أن تنتشروا فى انحاء المدينة لتذيعوا خبر المعجزة المدهشة التى اتيح لكم حضورها . فقد رأيتم فينوس رؤية مادية باعينكم . وفينوس تحدثت اليكم . انصرفوا ايها السادة ) حركة من النبلاء ( لحظة ! اتبعوا عند خروجك معبر اليسار . لاني وضعت بمعبر اليمين حرسا مكلفين بقتلكم ) يخرج النبلاء بسرعة كبيرة وشىء من الفوضى يتوارى العبيد والموسيخيون (

المشهد الثاني

هيليكون - ) مهددا سيبيون باصبعه ( عدت الى فوضويتك . يا سيبيون ! سيبيون - ) يخاطب كاليكولا ( لقد فكرت ياكايوس

هيليكون - أى معنى لهذا الكلام ؟ سيبيون - أنت تدنس السماء بعدما ارويت الارض دما هيليكون - هذا الشاب ولوع بالكلمات الرنانة ) يذهب ويمتد على مقعد طويل (

سيزونيا - ) فى هدوء كبير ( كم انت تجازف بنفسك . ايها الشاب . فانه يوجد الآن برومة أناس يموتون لانهم تلفظوا بكلمات اقل من هذه فصأحة بكثير

سيبيون - لقد قررت ان اقول الحقيقة لكايوس . سزونيا - هيا كايوس ، كان ينقص ملكك وجه جميل كهذا للوعظ بالاخلاق الحميدة

كاليكولا - ) باهتمام ( اذن انت تؤمن بالآلهة ، يا سيبيون ؟ سيبيون - لا ،

كاليكولا - لا افهم حينئذ . فلماذا هذه السرعة فى التقاط الكفريات ؟ سيبيون - يمكن لى أن انكر شيئا والا يكون لى الحق فى تدنيسه أو ان امانع غيرى عن الايمان به .

كاليكولا - هذا تواضع ! هذا التواضع بعينه ! آه ياعزيزي سيبون ! كم انا مسرور من اجلك ، وكم اغبطك . لان التواضع هو الشعور الوحيد الذى قد لا يمسنى أبدا . سيبيون - لست تغبطنى أنا ، بل أنت تغبط الآلهة نفسها .

كاليكولا - اذا شئت فان هذا الامر سوف يبقى السر الكبير لعهد ملكى وغاية ما يمكن أن الام عليه اليوم ، هو اننى تقدمت خطوة جديدة في طريق السلطة والحرية . فان فى منافسة الآلهة لرجل يصبو الى السلطة شيئا مقلقا . فأعدمت هذا الشىء واقمت الدليل لهؤلاء الآلهة الخياليين ان الانسان يستطيع ان يقوم بوظيفتهم المزرية بدون سابق تمرن على شرط ان تكون له ارادة .

سيبيون هذا هو الفكر يا كايوس . كاليكولا - كلا يا سيبيون ، بل هو التبصر . فقد فهمت انه لا يوجد الا صورة واحدة يتمكن بها الانسان من الاعتلاء الى صف الآلهة ، وهى ان يعادلهم فى قساوتهم

سيبيون - وان يكون طاغية كاليكولا - وما هو الطاغية ؟ سيبيون - روح بدون بصيرة .

كاليكولا - هذا غير متاكد يا سيبيون . فالطاغية هو رجل يضحي بشعوب فى سبيل أرائه ومطامحه . أما أنا فلا رأى لى ولم يبق لى ما اصبو اليه من ناحية العزة والسلطة ، واذا كنت استعمل هذه السلطة فذلك من قبيل التعويض

سيبيون - التعويض عماذا ؟ كاليكولا - عن حماقة الآلهة وبغضهم سيبيون - البغض لا يعوض البغض . وتنفيذ السلطة لم يكن حلا . ولا اعرف الا صورة واحدة لرخص عداوة الدنيا

كاليكولا - وما هى ؟ سيبيون - الفقر كاليكولا - ) مهتم بتنميق رجليه ( يجب ان اجرب هذه الصورة ايضا سيبيون - وفى انتظار ان تجرب ، فان عددا كبيرا من الناس يموتون حولك

كاليكولا - عددهم قليل جدا ، فى الحقيقة يا سيبيون . أتعلم كم هو عدد الحروب التى رفضتها . سيبيون - لا .

كاليكولا - ثلاث حروب . وهل تدرى لاى سبب رفضتها ؟ سيبيون - لانك تتهاون بعظمة روما كاليكولا - لا ، بل لانى اقدر حياة البشر سيبيون - أنت تسخر منى ياكاوس

كاليكولا - أو على اقل تقدير ، لانى اقدرها اكثر من تقديرى لغاية الاستيلاء . والحقيقة هى انى لا احترمها أكثر من احترامى لحياتى نفسها . واذا استسهلت القتل فلانه لا يعسر على أن أموت . لا . كلما فكرت فى الامر زدت اقتناعا باني لست طاغية .

سيبيون - وماذا يهم ، ما دامت النتيجة تكلفنا اكثر ثمنا مما لو كنته كاليكولا - ) بشئ من التضايق ( لو كنت تحسن الحساب ، لعلمت أن أقل حرب يشنها طاغية عاقل تكلفكم الف مرة أكثر من تصرفاتى هذه .

سيبيون - لكن العقل يقبلها ، على الاقل ، والمهم هو ان يفهم الناس . كاليكولا - الناس لا يفهمون القضاء والقدر . ولذا جعلت نفسي القضاء والقدر . فقد اتخذت وجه الآلهة الحيوانى وغير المفهوم وهذا ما تعلم عبادته من كان حولك من الرفاق منذ حين

سيبيون - وهذا هو الفكر يا كايوس ، كاليكولا - كلا بل هو الفن المسرحى ، يا سيبيون، وغلط جميع الناس ، انما هو فى قلة اهتمامهم بالتمثيل ، ولولا هذا الغلط لعلموا انه من حق كل انسان ان يمثل الفاجعات السماوية وأن يصبح آلها . ويكفيه فى ذلك أن يجمد قلبه .

سيبيون - قد يكون ذلك فعلا ، يا كايوس ، وكانى بك اذا ما قلت حقا قد اعددت كل ما يلزم لترى فيالق من الآلهة بين البشر تقف فى وجهك يوما قاسية بدورها لتغرق فى الدم الوهيتك العابرة . سيزونيا - سيبيون!

كاليكولا - ) بلهجة حادة وبغاية الدقة ( دعيه يتكلم " يا سيزونيا " لا تعلم كم أنت مصيب فى قولك ، يا سيبيون ؟ لقد اعددت كل ما يلزم غير انى اتصور بصعوبة هذا اليوم الذى نتحدث عنه ، وانما اتخيله أحيانا ، واشاهد على جميع الوجوه التى تتقدم نحوى من ظلمات الليل المريرة ، وعلى ملامحها التى قبحها الحقد والجزع ، اشاهد بسرور كبير وجه الآلها الوحيد الذى عبدته فى هذه الدنيا ، بائسا وجبانا مثل قلب البشر ) في غضب ( والآن انصرف . فأنك ذهبت بالقول الى اقصى ما يمكن أن تصل اليه ) يغير لهجته ( لم احمر بعد أظافر رجلي . . . وقد ضاق الوقت ) يخرج الجميع الا هيليكون فيستمر يطوف حول كاليكولا بينما يشتغل هذا بصبغ اظافره ( .

المشهد الثالث :

كاليكولا - هيليكون ! هيليكون - ماذا ؟ كاليكولا - هل تقدمت فى عملك هيليكون - اى عمل ؟ كاليكولا - القمر

هيليكون - نعم فى تقدم ، المسألة تتطلب قليلا من الصبر ، لا اكثر ولكنى اود أن اتحدث اليك كاليكولا - قد اجد الصبر الذى تقول ، ولكن ليس لدى كثير من الوقت ، يجب أن تسرع يا هيليكون .

هيليكون - قلت لك اني سأبذل كل جهدى . ولكنى أود قبل ذلك أن أخبرك باشياء خطيرة كاليكولا - ) كأنه لم يسمع ( وألاحظ لك انى ظفرت به بعد .

هيليكون - ظفرت ، بمن ؟ كاليكولا - بالقمر هيليكون - طبعا ، طبعا . . ولكن اتعلم انهم يأتمرون بك ليقتلوك ؟

كاليكولا - وأزيدك انى ظفرت به تماما . ولكن فى الحقيقة مرتين و ثلاث فقط . . . غير انى ظفرت به على كل حال

هيليكون - لقد مضى وقت طويل وأنا احاول التحدث اليك . كانيكولا - كان ذلك في الصيف الفارط . قضيت وقتا طويلا وأنا انظر اليه واداعبه على اسطوانات الحديقة . وفى النهاية فهم قصدى .

هيليكون - كفانا من هذا اللعب ، ياكايوس . اذا أنت لا تريد الاصغاء الى ، فان وظيفتى تأمرنى بأن أتكلم بالرغم من صدودك . وشأنك اذا ابيت أن تصغى

كاليكولا - ) مستمر فى تحمير اظافره ( هذا الدهن غير صالح . لنعد الى حديثنا عن القمر كان ذلك فى ليلة جميلة من ليالي اوت هيليكون يعرض غيظا ويسكت ( فأبدى شيئا من الدلال وكنت ممتدا على فراشى . فكان كله دما عند طلوعه ، فى الافق . ثم أخذ يصعد رويدا رويدا ويزداد خفة شيئا فشيئا . ثم اخذ يسرع فى الصعود . وكان يزداد انشراحا ونورا كلما ازداد صعودا حتى صار كالبحيرة الفضية الماء في وسط ذلك الليل الذى ملأته خشخشة النجوم . فتقدم ضدها ، وكان جميلا لطيفا ، خفيفا عاريا فدخل البيت ووصل الى فراشى وسال فيه ، وغمرنى بنوره وبسماته . . حقا ان هذا الدهن لا يصلح لشئ أرأيت يا هيليكون انى استطيع الجزم بانى نلت القمر بدون ما فخفخة .

هيليكون - أتريد أن تصغى الى لتعلم ما هو الخطر الذى يهددك كاليكولا - ) يتوقف عن تزيين أظافره وينظر اليه بحدة ( انى لا اريد الا القمر ، يا هيليكون ، وأنا اعلم سلفا أى شىء سيقتلنى وانى لم انفذ بعد كل ما يمكن أن يعيشنى . ولذا اريد القمر . وسوف لا تعود أمام ناظرى ما لم تنلنى اياه .

هيليكون - سأقوم بواجبى وأقول ما على أن أقوله . لقد انتظمت مؤامرة ضدك . يرأسها شيريا . وقد ظفرت بهذه الصفيحة وستجد فيها أهم ما فى الامر . وهأنا أضعها أمامك الصفيحة على احدى الارائك ويخرج (

كاليكولا - الى أين يا هيليكون ؟ هيليكون - ) على الباب ( الى البحث عن القمر

المشهد الرابع

) نقر على الباب المقابل - يلتفت كاليكولا بذعر فيرى الشيخ النبيل (

الشيخ - ) يتردد ( أتاذن ، يا كايوس ؟ كاليكولا - ) بفقدان صبر ( أدخل ) ينظر اليه ( أتيت لمشاهدة فينوس من جديد يا جميلتى ؟

الشيخ - ليس هذا الغرض من مجيئى . آشت . . . آه ! عفوا ، يا كايوس . . . اردت أن أقول . . أنت تعلم شدة حبى لك . . ثم انى لا ارغب فى شىء سوى أن انهى ما تبقى من حياتى فى الامن والسلام

كاليكولا - اسرع ، اسرع . الشيخ - نعم حسنا ) بسرعة ( المسألة خطيرة جدا . . هذا كل ما هناك .

كاليكولا - كلا . . انها ليست خطيرة الشيخ - أى مسألة ، ياكايوس ؟ كاليكولا - وفيم تتحدث الآن يا غرامي ؟

الشيخ - ) ينظر من حوله ( معناه . . ) يتردد ثم ينفجر ( مؤامرة ضدك كاليكولا - أنت تخمر . . . هذا ما كنت أقول هناك خطر بالمرة الشيخ - كايوس ! انهم يريدون قتل كاليكولا - ) يذهب اليه ويمسكه من كتفه ( اتدرى لاى سبب لا يمكن لي ان اصدقك ؟

الشيخ - ) اشارة القسم ( اقسم لك بجميع الالهة ، ياكايوس كاليكولا - ) يتلطف وهو يدفعه نحو الباب ( لا تقسم لا تقسم . . . واصغ الى . إذا قلت حقا وجب على أن افترض انك تخون اصدقاءك . اليس كذلك ؟

الشيخ - ) وقد فقد صوابه ( معناه يا كايوس ، ان حبى لك . . كاليكولا - ) بنفس اللهجة ( ولا يمكن أن أفترض منك هذا السلوك . لان أمقت الجبن الى درجة انه لا يمكن لى أن اتمالك عن الامر باعدام كل خائن . وأنا اعرف قيمتك فمما لا شك فيه هو أنك لا تنوى الخيانة ولا تريد لنفسك الموت

الشيخ - من دون شك ، كايوس ، من دون شك . كاليكولا - أرأيت انى كنت محقا فى عدم تصديقك ؟ فانت لست بالجبان أليس كذلك ؟

الشيخ - آه ! كلا ، كلا ، كاليكولا - ولا بالخؤون

الشيخ - طبعا ، كأيوس كاليكولا - فلا مؤامرة هناك ، حينئذ ، قل لى . . أردت أن تمزح الشيخ - ( وقد انحل ( تنادر . . . مجرد تنادر

كاليكولا - ولا أحد يريد بى شرا . . هذا مما لا شك فيه ؟ الشيخ - لا أحد ، لا أحد . . . من دون شك كاليكولا - ) يتنفس بقوة ثم بهدوء ( اذن توارى عن ناظرى ياجميلتى فان الرجل الشريف الاحساس هو حيوان نادر فى هذه الدنيا . وهو نادر الى حد اني لا أطيق رؤيته مدة طويلة . . يجب أن أبقى وحدى لالتذ بهذه الحصة العظيمة

المشهد الخامس

ينظر كاليكولا مدة طويلة الى الصفيحة من مكانه . . ثم يأخذها ويقرأها ، يتنفس بقوة ثم ينادى الحارس (

كاليكولا - آتنى بشيريا ) يهم الحارس بالخروج ( انتظر ) يقف الحارس ( بكل تقدير واحترام ) يخرج الحارس . يتمشى كاليكولا مدة طويلة طردا وعكسا ثم يتوجه نحو المرآة ( كنت قررت أن تكون منطقيا ، ايها الابله . . يجب أن نعلم عند اى حد نقف ( بتهكم ) لو يؤتى الى بالقمر . يتغير كل شئ ، أليس كذلك ؟ وكل ما كان مستحيلا يصبح فى حيز الامكان . . والتبعية تغير صورة جميع الاشياء دفعا واحدة . ولم لا ؟ كاليكولا ؟ فمن يدرى ؟ ) ينظر من حوله ( ألاحظ أن عدد الناس يتضاءل حولي شيئا فشيئا . . أمر عجيب ) يخاطب المرآة بصوت دفين ( كثر عدد الاموات كثر عدد الاموات . . هذا عمل يقلل من عدد الناس حولى . . . ولم يعد فى استطاعتى الرجوع الى الوراء ، حتى ولو يؤتى الى بالقمر ، حتى ولو يتحرك الاموات من جديد عندما تلاطفهم الشمس . فان الجريمة لا تدفن فى التراب ) بلهجة غضب ( المنطق يا كاليكولا ، المنطق يجب أن تتبع المنطق . الحكم الى النهاية ، الاستسلام الى النهاية ! لا ! لا يمكن الرجوع الى الوراء . . . بل يجب مواصلة السير الى النهاية ) يدخل شيريا

المشهد السادس

) يتقاعس كاليكولا على أريكته ، ملتفا بمعطفه . تلوح عليه علامات التعب (

شيريا - أرسلت فى طلبى يا كايوس ؟ كاليكولا - نعم يا شيريا . . أيها الحرس ، المشاعل ! ) سكوت ( شيريا - ألك شىء خاص تريد أن تقوله لى ؟

كاليكولا - لا يا شيريا . ) سكوت ( شيريا - ) فى شىء من الغضب ( وهل انت واثق من أن حضورى ضرورى ؟

كاليكولا - كل التأكيد ، يا شيريا ) سكون من جديد ثم بسرعة ( ولكن معذرة . . . فكرى مضطرب ، واستقبلتك بصورة غير لائقة . اليك هذا المقعد ، اجلس ولنتحدث كصديقين فأنا محتاج الى التحدث مع شخص ذكى ) شيريا يجلس ويظن طبيعيا لاول مرة بداية المسرحية ( شيريا ! أترى في امكان رجلين تساويا عقلا وعزة أن يتحادثا بصراحا كملة ولو مرة واحدة في حياتهما ؟ أن يتحادثا كأنهما عاريان أمام بعضهما تاركين جانبا كل الظنون وجميع مصالحهم الشخصية والاكاذيب التى يعيشان بها ؟

شيريا - أرى ذلك فى حيز الامكان ، يا كايوس ، ولكنى لا أظنك قادرا على العمل بهذا القول .

كاليكولا - الحق معك . وانما اردت أن أعلم هل أنت على رأيى ، فلنخف اذن وجهينا وراء قناعين ولنلتجيء الى أكاذيبنا ولنتحدث كما لو كنا نتقاتل . متدرعين متوثبين شيريا ، لماذا لا تحبني ؟

شيريا - لانه لا يوجد فيك ما يحببك الى الناس ، يا كايوس ، ولان الحب والبغض من الاشياء التى لا يتحكم فيها الانسان ، وأيضا لانى أفهمك جيدا ولان الانسان لا يستطيع أن يحب وجها يحاول أن يخفيه فى أعماق نفسه . كاليكولا - لماذا تبغضنى ؟

شيريا - فى هذا اخطأت ، يا كايوس . فأنا لا ابغضك وانما اعتبرك مضرا وقاسيا وانانيا ، ومتكبرا . ولكنه لا يمكن لى أن ابغضك لاني لا اعتقدك سعيدا كما انه لا يمكن لى أن اخونك لانى لا اعتقدك جبانا .

كاليكولا - اذن لماذا تريد قتلى شيريا - قلت لك انى اعتبرك مضرا . وأنا ميال ، بل محتاج الى الامن واغلبية الناس مثلى انهم عاجزون عن الحياة فى محيط يمكن فيه لاية مكرة خرقاء أن تدخل فى لحظة واحدة فى حيز الواقع ، وتدخل غالبا فى حيز هذا الواقع دخول الخنجر في القلب وانا مثلهم لا اريد أن اعيش فى هذا المحيط . لانى افضل أن يكون مصيرى بيدى

كاليكولا - الامن والمنطق لا يتفقان . شيريا - هذا حق . ان ما أقوله غير منطقى . ولكنه تفكير سليم كاليكولا - استمر شيريا - ليس لى ما ازيده عما قلت . فانى لا اريد ان اشاركك منطقك فأن تصورى لواجباتى كانسان غير تصورك . ثم انى اعلم ان اغلبية رعاياك تفكر مثلى . فانت عرضة فى وجه الجميع ومن الطبيعى أن تضمحل

كاليكولا - كل هذا فى غاية الوضوح والشرعية ، بل حقيقي بالنسبة للاغلبية . ولكن لا بالنسبة اليك . فانت ذكي والذكاء يشترى بالثمن الغالى ، أو ينكر نفسه أما انا فانى أدفع الثمن . فلماذا لا تنكر انت ذكاءك ولا تريد دفع ثمنه ؟

شيريا - لانى أحب ان أعيش وان اعيش سعيدا ، ولانى اعتقد انه لا يمكن تحقيق هذا ولا ذاك اذا اطلقنا العنان للمحال وجميع عواقبه . فانا مثل غيرى من البشر ، واذا احسست بمضايقة من طرف من أحب ، فانى أتمنى موته أحيانا لاتخلص منه . وقد ياتي لى أن اشعر بميل نحو نساء تحول دون تحقيقه قوانين العائلة او الصداقة . فاذا اردت أن أكون منطقيا وجب على أن أقتل أو ان املك . غير انى لا اعير أى اهتمام لهذه الافكار المائعة فلو اجتهد كل واحد لتحقيقها لاستحالت الحياة وفقدت السعادة . واعيد لك القول بأن الامر الذى يهمنى هو ان اعيش وان اعيش سعيدا

كاليكولا - كلامك هذا يفترض انك تؤمن بالمثل العليا . شيريا - اعتقد انه توجد اعمال اجمل من غيرها كاليكولا - وانا اعتقد انها كلها سواء

شيريا - اعلم ذلك يا كايوس . ولهذا لا ابغضك . لكنك تضيق على الخناق ولذا وجب اعدامك . كاليكولا - هذا صحيح جدا . ولكن لماذا تخبرنى به وتجازف بحياتك ؟ شيريا - لان غيرى ينوبنى فى هذه المأمورية ، ولانى ابغض الكذب ) سكوت (

كاليكولا - شيريا شيريا نعم ، كايوس كاليكولا - أرأيت انه في امكان رجلين تساويا عقلا وعزة أن يتحادثا بصراحة كاملة ولو مرة واحدة فى حياتهما ؟

شيريا - هو ما كنا نفعل فيما اظن . كاليكولا - أجل شيريا . ومع هذا فانك كنت تظننى عاجزا عن هذا العمل . شيريا - كنت مخطئا ، يا كايوس ، اعترف بغلطى واشكرك . وها أنا الآن فى انتظار حكمك

كاليكولا - ) فى غير انتباه ( حكمى ؟ آه ! تقصد . . . ) يخرج الصفيحة من معطفه ( اتعرف هذا . يا شيريا ؟ شيريا - كنت على علم انها بين يديك

كاليكولا - ) يجلس ( اجل ، شيريا . فحتى صراحتك كانت مزيفة . لان الرجلين لم يتحادنا بصراحة كاملة . ولكن هذا لا يهم والآن سنضرب حدا للعب الصراحة ونعود الى الحياة كما كانت فى الماضى . يجب ان تحاول مرة اخرى أن تفهم ما سأقول لك . وان تتحمل شتائمى وخلقي ، اسمع يا شيريا ، هذه الصفيحة هى الحجة الوحيدة

شيريا - انا ذاهب يا كايوس . فقد اتعبنى هذا اللعب المكفهر الوجه فهو وجه اعرفه جيدا ولا اريد أن اراه مرة اخرى

كاليكولا - ) بنفس اللهجة المتحمسة ( بل ابق هنا لحظة اخرى . هذه هى الحجة الوحيدة أليس كذلك ؟ شيريا - لا أظنك محتاجا الى الحجج لتأمر بقتل رجل

كاليكولا - صحيح ، ولكنى أريد أن أناقض نفسى مرة . وهو عمل لا يضايق أحدا . فجميل أن يناقض الانسان نفسه من حين لآخر فهو عمل مريح ، وانا محتاج الى الراحة يا شيريا

شيريا - انى لا أفهم . ولا اشعر بميل الى هذه التعقدات . كاليكولا - من دون شك ، يا شيريا . فانت رجل سليم . لا تطلب مستحيلا ) ينطلق ضاحكا ( انت تريد أن تعيش ، وان تعيش سعيدا ، لا غير .

شيريا - أظن أنه من الاليق أن نوقف سير هذا الحديث عند هذا الحد .

كاليكولا - لم أنته بعد . قليلا من الصبر أرجوك . . لدى هذه الحجة انظر . . . أريد ان اعتبر انى لا استطيع القضاء عليك بدونها ، هذه فكرتى وفيها راحتى انظر اذن الى ما تؤول اليه الحجج فى يد امبراطور ) يقرب الصفيحة من مشعل  شيريا يقترب منه - المشعل يفرق بينهما - الصفيحة تذوب ( أرأيت أيها المتآمر انها تذوب . . . وكلما ازدادت هذه الحجة انعداما فان البراءة تزيد شروقا على وجهك فما اجمل جبينك هذا ، يا شيريا وما اجمل البراءة ، وما اجلها ! تعجب فى صولتى . فان الآلهة نفسهم عاجزون عن ارجاع البراءة اذا هم لم يسلطوا العقاب اولا وامبراطورك هذا لا يحتاج الا لقبس ليغسل ذنوبك ويشجعك ، استمر ، يا شيريا ، وواصل تفكيرك حسب الادلة التى أقمتها لى . فان امبراطورك ينتظر راحته فهى الصورة الخاصة به ليعيش ، وليعيش سعيدا شيريا ينظر الى كاليكولا فى دهشة . يريد أن يتكلم ثم يعدل ويخرج مسرعا . كاليكولا يستمر ماسكا صفيحته فوق القبس وهو يتبع شيريا بالنظر مبتسما (

اشترك في نشرتنا البريدية