الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 4الرجوع إلى "الفكر"

كلمات منثورة،

Share

الممثل الحاذق الممتاز ينسيك أصلا أنه يمثل وانه ليس إلا يلعب " دورا ، فاذا أنت لا ترى فيه إلا شخصيته الثانية المستعارة لبسها ولبسته هوية أصيلة .. نسبا لا مطعن فيه ، وكأنه يحيا على سجيته لا تطفل ولا ادعاء ولا تكلف ولا استكراه لما أوتيه من احكام التقمص ومدى الاشعاع وقوة الحضور .

ترى الأنف الذي يوجه غيرك ولا ترى الشئ الذي تصدر وجهك !؟

ما تعطيه مدنية اليوم بيد تسترده بالاخرى ، وليته كان عطاء سليما غير مغشوش !

لقاء الأحبة قوت وحياة .

موسيقانا ... وهل لنا من موسيقى ؟ ! غناء لا لون له ولا طعم ولا روح . . نغم ملفق .. نشاز مستعار بعضه من الشرق وبعض من الغرب وليس إلا التقليد ! ومع ذلك فتراثنا الحي يختلج فى أعماقنا ، ويتلجلج فى صدورنا جنينا رائعا يقتل على الدوام ... كالأخرس طفحت نفسه بالرؤى والأحاسيس ، يكاد يختنق طربا ويفحم ، ولا صوت ولا صدى في عالم الضياع والخذلان والتنكر والجحود .

البغى التى تأكل بجسدها أطهر وانبل من ذاك الذي يبيع ضميره فى سوق النخاسة هانئا مستريحا كأن لم يتدنس ولم يمسخ ذاته ولم يخرج من انسانيته .

لا وجود للانسان أصلا . الانسان وهم يجهد ليكون .

الكاتب الحق ليس يهتم بالمجد والشهرة حتى ولا بالبقاء والديمومة قدر ما يهتم بالجهد الذى يحقق هذا البقاء والدوام .

إنما جزاؤه فى ذات الجهد وفي صميم الخلق وأن يحس احساس اليقين انه بذل ثمن الدوام والبقاء ؛ فما من صفحة ولا فقرة أو كلمة من كلماته المعتصرة من جوهر كيانه إلا وهى ذرة من الخلود ... ذرات متراصة متلاحمة تتحدى باشعاعها الباقى الموت والعدم .

ما من حضارة إلا وهي كصانعيها الى زوال . إنما العبرة بما بذلته من جهد فى خلق الانسان ... تطهيرا لمعدنه المشترك الهجين ، وتخليصا له من براثن الحيوان الكامن فيه .

أن تتذوق حياة البشر وتسيغ كيانهم شرابا هنيا مقبولا ... وتدع ذاك الكيان يتسرب الى نفسك على مهل ويشيع فى ارجاء ذاتك ، وانت تصغى الى سريانه حتى يقر قرارا ويشف صفاء ... أن تكون فضاء حيا ... إناء شاعرا ذكيا ... أليس فى ذلك طريق الى المعرفة الحق وسبيل من سبل الحدس الصادق الرفيع !؟

اشترك في نشرتنا البريدية