الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 5الرجوع إلى "الفكر"

كلمات منثورة

Share

من القيود ما يحفز النفس ويستثير كوامن الطاقة فيها فيكسبها منعة وقوة ٠٠ . لهى أشبه في فعلها بالرياضة المحكمة تجمع القوى وتركزها تركيزا فاذا هي أشد ما تكون تحديا وصمودا للمصاعب والاهوال كذا الحرية إن لم تضبط هدمت نفسها . . كالنار يأكل بعضها بعضا حين لا تجد وقودا ثم تتلاشى وتموت

إذا لم تجد فى الشعر تلك الموسيقى التى هى صوت القلب ، همسه ونجواه . . إذا لم تجد ذلك النغم الذى هو سر الانسان ولغزه فانما أنت تلوك لفظا أو تمضغ ماء

الألم يرافقنا دوما لا ينى يمس قلوبنا وخزا ولذعا ؛ على أن بعض الطباع تجتلب السرور بأيسر جهد بل تولده توليدا وثمة طباع تتحس الهم والألم دأبا وتنجذب إليهما انجذابا

أى ظمأ ٠٠ أى لهفة مسعورة في صفحتى البيضاء ! لقد شربت من الربيع عبا فلا هي ارتوت ولا هو انقطع دره

ما أوقح الحاضر فى هزئه بذكريات الماضى فكأنما لم يتغذ منها ولم يتحول بها عنها ولم يدر انه بهزئه ذاك يقتطع فلذة من كيانه بل يهدم نفسه بنفسه سفها وحمقا

إن لوحة أو أغنية أو قصيدة لتشدك الى أرضك أكثر من ألف

خطبة حماسية مكرورة المعانى تملأ رأسك بطنينها لحظات ثم تتبدد أدراج الرياح

ما أشد خداع الشهوة وما أنفذ سحرها الى أعماق الكيان ! تزين متعة اللحظة وتضخمها حتى تملأ على المرء نفسه كأنه بازاء غنم لا يفنى وسعادة لا تعوض إنها فرصة الدهر وملك الأبد . ثم لا تلبث أن تبرد وتبوخ فاذا هى شىء مألوف مبذول تافه سخيف

ليلة لا كالليالي عمقا وصفاء وإن جللتها بقع من غيوم بيضاء . . . أهو دوار أم عارض سكر ولا خمر ؟ أم الاستغراق فى هذا الخضم الهائل الوادع حتى كأن النجوم أصداف وهاجة فى غوره البعيد الدانى ؟ لقد خيل لى لحظة أنى أمشى على أم رأسي أو كأني أسير مقلوبا والسماء من تحتى كالملكوت المسخر لبصرى يتيه فى أرجائه ويغوص يعبث على رسله بما فيه من كنوز . .

قلوبنا أشح بالدمع منها بالضحك والابتسام على أن الفكاهة الرفيعة ليست أقل عسرا وامتناعا من أدب المأساة إن لم تكن أشق وأعسر .

ليست السعادة فى الرضى تمام الرضى عن النفس لأن وعيك لرضاك يذهب السعادة لعل السعادة مجرد الشعور العميق بامكانها

قد يستطيع القصاص المبدع أن يحملنى الى أى بلد شاء فاذا أنا به ، سميعا بصيرا كأني من أبنائه أتحسس روحه التذ بالعيش فيه وأشقى الا أن هناك أشياء يسيرة تفوتني حتما قد لا تتم الحياة الا بها . . خاصية الطقس . . . طبيعة الالوان . . . نكهة الهواء . . موسيقى الأصوات . . مما لا يدرك إلا بالمعايشة والمعاناة

أن تحس بأنك جهيض لا غير بعد جهد الايام والسنين ، صورة محرفة عن كيانك الحق وجوهرك الاصيل فلا أنت هو ولا انت غريب عنه . . . كالنسبة الكاذبة يتعلل بها الدعى المغموز الاصل حينا ويلعنها أحيانا . . . لقد أخفقت أن تكون وليس لك إلا أن تتحامل على نفسك وتقنع رضيت أو لم ترض بقشر من وجود

لسان الفنان وراء قلبه موصول به يستقى منه رأسا كأن لا حجاب بينهما ولا حاجز بل هما موصولان في الحقيقة بنبع كيانه وأعمق أعماقه . صنوان اتحدا رغم افتراقهما

قد يفوق بعضهم الفنان تجارب ومادة حياة ولكن بين الفكر واللسان هوة لا يستطيع أن يتخطاها وهيهات أن يضفى على المعدن الخام الموفور لديه شكلا ورونقا وصفاء

هذه القدرة النادرة على التسامي بالمادة وتحويلها ، هذه الكيمياء العجيبة هي من اختصاص الفنان دون غيره ممن قد يفوقونه ذوقا وخبرة وذكاء .

وإنك لتجد من الفنانين المثقفين ايضا ( من لا يكاد يقول قولا أو يقوم بحركة ، مهما تكن بسيطة مألوفة ، أو يلزم هيئة ما إلا وهي موزونة موقعة عليها مسحة من الطرافة وأثر بارز من الشخصية

هؤلاء عيشهم كله فن ؛ لكأنهم لم يقنعوا بنتاج الفكر فاذا هم قد نحتوا أنفسهم تماثيل حية تحفا رائعة تغدو وتروح بين الناس آية للناظرين

من السخف أن نقول بالموضوعية فى الادب لأن الادب كالفن كله اتفاق نسبى محدود بين الذاتيات

لم يقترب الانسان قط بعلمه ولم يبتعد بروحه من الله كاليوم

هذا الضمير الذي هو قوام الذات وجوهرها . . كالحصن يعصمنا من سخافة الفضوليين وخبث الاعداء . . إنا لنلعنه ونود انعدامة حين يخفى عن الصديق ظنوننا السيئة فيه وأحكامنا الجائرة عليه

ما نفع بكاء الساعة مع خيانة العمر وظلم الأبد ؟ ! أمواتنا فينا بين جنوبنا ينتظرون فى لهفة أن نبعثهم الى الوجود الحق ولكننا لا نعي ولا نسمع . . أن تضع مجرد غصن في التراب فاذا الحياة تسرى وتخلق من جديد ! . كذا الأموات أبدا يتوالدون فى نفوس الأحياء وينعمون لساعتهم فى نفوس الأموات .

كيف تلعن الألم وهو في كل مرة يحييك بعد موت ويبعثك افضل مما كنت ؟

اشترك في نشرتنا البريدية