الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 7الرجوع إلى "الفكر"

كلمات منثورة

Share

ما عسى تنفع الخمسون أو المائة مليم تهبها للبائس الضرير المنتصب على قارعة الطريق وللأطفال يتنازعون أعقاب السجائر فى لهفة وشراسة عند قدميك بالمقهى ؟ !

ثمة أحوال من الفقر والبؤس تشعرك بالقهر والعجز حتى تهم لساعتك بالاجرام هدما ونهبا ولكن . . . سرعان ما تهزأ من نفسك وتنكر ثورتك وتؤوب إلى راحتك وسكونك

يفجعنا الموت فى القريب والصديق ويودى بالسليم الشديد الأسر من الأحبة فى لحظات ولا نكاد نصدق ، رغم القلق والذعر ، أنه قريب منا متربص بنا قد ينقض علينا فى كل حين . . كذا تخدعنا الحياة بأمنها ونعيمها وما نحن فى الحقيقة إلا فى حال حصار مستمرة وفى هدنة ممددة مهددة

قيل لبعضهم : " ما السعادة ؟ " قال : " أن تؤمل كثيرا ولا تترقب شيئا "

ما أشد وطأة الفراق على المقيم ولو كان دون الراحل حبا ووجدا

أن تسئ إلى غيرك . . . . لكأنك عمدا تفقأ عينك بيدك

الفكر الحى ينبع حتما من الشعور أو يلتقح به وما سوى ذلك رماد .

أرأيت الزرع أول نشأته يسم الأرياف زغبا للطيفا قد زان التربة السمراء وازدان بها ؟ !

هذه الخضرة العميمة المترامية . . هذه الخضرة الزاهية البهيجة . . إنها الحياة أبدا متحددة متوالدة تدعوك إلى الايمان . . بسمة إغراء وبارقة أمل . . رغم وحشية الانسان وفظاعة جنونه . . رغم أشباح الفناء المهددة بالانفجار فى كل آن

بعض النفوس تكاد تخفى عنا لشدة قربها منا . . كالهواء نقتات به من حيث لا نشعر يتخلل كياننا ولا ندرك له شأنا إلا حين نفتقده .

فرق ما بين الشعر وترجمته كالذى بين الخبر والحال شكا ويقينا . . . توهجا وفتورا

شد ما أخاف على نفسى منها كأنى بها أحيانا تهم - لفرط عداوتها لذاتها - أن تدمر فى لحظة ما أفنت العمر والجهد فى اكتسابه

من غريب ما يعرض للنائم حالة شاذة من الغيبوبة الواعية . فقد تتخدر أعصابه وينعزل عما حوله ويسبح فى أحلامه و كأنه مع ذلك مفتوح العين يراقب نفسه وتراقبه ، لم يتبدد شعوره بذاته ولم يمح وسط أمواج النوم الزاخرة . . كالذى يشرب خمرا يكاد يمتلئ منها ولا يتاح له السكر

رب باك على فقيد عزيز قد أحرقته اللوعة تحسرا عليه وإنما هو يبكى نفسه ويرثيها من حيث لا يشعر

ليس كالفكر سماحة ومرونة . تستطيع أن تزوده كما شئت وتوجهه الوجهة التى تريد . قد يرضى بالخليط من الغذاء يلتمس من هنا وهناك ويسيغ المادة الغفل فيزداد بها تمكنا ورسوخا . حرية وانطلاقا .

أما الخلق فأبى شموس يتطلب الوحدة ويتوق إلى الصورة الكاملة والمثل الحى لأنه لا يستقى إلا من الحياة

رب فرحة مصطنعة أثقل على النفس وأشد أذى من حال الحزن والكآبة . . لهى أشبه فى زيفها بالخمر تغرى بالخفة والسرور وتترك الخيبة والفراغ . . .

إحساس غريب بالأسف والندم كما لو هزئت من نفسك وبخستها من أجل غيرك إنكارا لها وامتهانا

طالما نتجنى على الدهر والناس لا نفتر عن الشكوى ونحن فى الحقيقة نجتلب لأنفسنا جل ما يصيبنا من أذى وما الناس إلا مجرد واسطة أو تعلة لا غير

كل يقهر أو يتجاوز حتى الموت . أجل ! حتى الموت . قد يعذبنا بهوله وجبروته لحظات ثم يطوينا ونطويه ويخلص منا ونخلص منه ونكون سواء كأن لم يكن شئ

هل يبدد فراغ الفعل وخيبة الظفر سوى الطلب العنيد والشوق المجدد ! ؟

كم من جرائم . . كم من خيانات نقترفها وراء ستر الضمائر نتدبر على مهل مواقفها وأطوارها ولا رقيب يفسد علينا لذتنا الآثمة ! لو درى الناس ما يختلج فى قلوبنا أحيانا من خواطر ونزعات تعبث بحرمتهم وكيانهم لآنتفى الأنس وأجدبت الروح وماتت الفضيلة وأصبحنا وحوشا ضارية يترصد بعضها لبعض

لا يكون الانسان إنسانا حتى يجرب من الألم أقصاه . فلا خير أبدا ولا حياة إلا ما اعتصر من الألم اعتصارا

صمت العابد الخاش . . صمت يعمق ويغور ويجل ويعظم فاذا هو صوت مجلجل تتردد أصداؤه متجاوبة فى معبد الذات

دعنى فى " بساطتى " و " سذاجتى " ربما كانتا أبصر بحقيقه الحياة والناس من فطنتك ودهائك

اشترك في نشرتنا البريدية