فصل مستل من الكتاب القيم الذي اخرجه للناس حديثا الاستاذ البحاثة المعروف محمد احمد بن عيسى العقيلي بجازان
أشرنا إلى أن الصوفية قديمة قدم الزمان فى تاريخه البعيد وانها قد عرفت فى شتى الديانات القديمة من وثنية وغيرها ، واليمن معروفة كسائر البلاد العربية بالوثنية - قبل الاسلام - وانما أثبتت البحوث الاثرية أن وثنيته كانت تستند الى نظام كهنوتى ) ١ ( وقواعد تعبدية لها معابدها المشيدة وهياكلها المؤيدة بقوة السلطان ولتلك المعابد موارد ثابتة تنهال عليها من " النذور " ) ٢ ( والهبات ولها خزائن وسجلات وسدنة وكهنة وغير ذلك ، فهى بذلك تكون قد قطعت شوطا بعيدا فى حضارتها القديمة ونهجها العقدى ، فى وثنيتها البعيدة ، ولا يبعد أن تكون قد عرفت ضروربا من نزعات التبتل التصوفى على نهج ونمط تلك الوثنية ، أضف الى ذلك تأثير اليهودية ثم النصرانية ) ٣ ( فى كثير من البلاد العربية ومنها " اليمن " ) ٤ ( و " تهامة " وكل منها عرفت ) التصوف ( وتذوقت طرقه . والنصرانية تكاد تكون طقوس رهبنتها وعزلة رهبانها فى الاديرة والصوامع هى ما قلده مبتدعة المتصوفة وجهلتها فى الزوايا والتكايا
وغيرها .
فهل بقى من رواسب الماضى البعيد اثر " عدل مقتضيات الزمن وأخذ يبرز فى ملامح خافتة بعد أن شعت شمس الاسلام وبددت بأنوارها الساطعة أشباح الاوهام ؟ أو أن الصوفية نجمت في أنحاء ) تهامة ( - التى خصصنا هذا الفصل لدراسة الصوفية والمتصوفة فى ارجائها خاصة - كما نجمت فى شتى البلاد الاسلامية عامة والعربية خاصة ؟ وهذا ما سنحاول توضيحه بقدر امكاناتنا المتواضعة وما تحت أيدنا من المصادر .
جاء فى كتاب ) ظهر الاسلام ( للدكتور أحمد أمين ص ١٦٨ ج ١ ان ) ذا النون المصرى رحل الى كثير من البلاد ك ) وهران ( بالمغرب والى " بيت المقدس " وو ) انطاكية ( و ) اليمن ( حوالى عام ٢٣٧ ه
ومعروف ان ) ذا النون المصرى ( الصوفى هو رجل التصوف الاول - فى وقته - وزيارته لتلك الاصقاع لا تحمل غير احتمالين هما :
١ - اما أن يكون قد تسرب التصوف إلى بعض تلك الاقطار وقد راسلهم وراسلوه
٢ - واما أن تكون رحلته تبشيرية لنشر طريقته .
وهذا أقدم ما وقفنا عليه عن وفود الصوفية او وجودها فى اليمن وتهامة
