الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 1الرجوع إلى "المنهل"

مباحث لغوية, سدأد من عوز او سداد

Share

لا نزاع اعلمه بين ائمة اللغة فى أن كسر سين سداد من عوز افصح من فتحها وانما وقع النزاع بينهم في جواز الفتح ومنعه فالذى يراه ابن السكيت والفارابي والجوهرى ، الجواز . ويرى الاصمعي والنضر بن شميل ، المنع . وهو الذى يقتضيه اقتصار الاكثرين على الكسر ومنهم ابن قتيبة وثعلب والازهرى ، وبه جزم القاضي عياض فى " مشارق الانوار " حيث قال : ( وكل شئ سددت به خللا فهو سداد بالكسر ومنه سداد الثغر وسداد القارورة ومنه قولهم " سداد من عوز ، اى ما تسد به الحاجة " اه وقد وقعت قصة بين النضر بن شميل احد أئمة اللغة المشهورين ، والمأمون في حركة هذه السين نال بسببها جائزة مقدارها ثمانون الف درهم ، رواها ابو بكر محمد بن الحسن الزبيرى فى كتابه " طبقات النحويين واللغويين " ، عن ابن بشر الاصبهاني عن النضر بن شميل وهي انه قال " كنت ادخل على المأمون فى سمره فدخلت يوما وعلى ، ازار مرقوع فقال لي : يا نضر : ما هذا

التقشف ؟ فقلت : يا امير المؤمنين انا شيخ ، وحرمرو ، كما ترى فأجبت أن أتيرد بهذه الخلقان . قال النضر : فجرى بنا الحديث في ذكر النساء فقال المأمون : حدثنا هشيم بن بشير حدثنا مجالد عن الشعبى  عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ايما رجل تزوج امرأة لدينها وجمالها كان في ذلك سداد من عوز " ( وفتح السين من سداد ) قلت : يا امير المؤمنين صدق هشيم . حدثنا عوف بن ابي جميلة الاعرابي قال حدثنا الحسن بن على قال : قال رسول الله (ص) " اما رجل تزوج امرأة لدينها وجمالها كان فى ذلك سداد من عوز " ( وكسر سين سداد ) قال : وكان متكئا فاستوى جالسا ثم يقال : يا نضر ، كيف قال هشيم " سداد " ( بفتح السين ) ولم يقل " سداد " ( بكسرها ) ؟ وما الفرق بينهما ؟ قال : قلت : يا امير المؤمنين ، السنداد - بالفتح - القصد فى الدين والسبيل ، والسداد - بالكسر - من الثغر والثلمة وكل ما سددت به شيئا فهو سداد - بكسر السين - قال : وتعرف العرب ذلك ؟ قلت نعم قال الشاعر :

اضاعوني واى فتى اضاعوا

ليوم كريهة وسداد ثغر

كانى لم اكن فيهم وسيطا

ولم تك نسبتي في آل عمرو

قال : قبح الله اللحن . قلت : يا امير المؤمنين ، انه لحن هشيم - كان هشيم

لحانة - فاتبع أمير المؤمنين لفظه وقد تتبع اخبار الفقهاء - ثم قال : يا نضر هل تروى من الشعر شيئا ؟ قلت : نعم يا أمير المؤمنين . قال : فأنشدني اخلب بيت قالت العرب ، قال : قلت : قول حمزة بن بيض :

تقول لي والعيون هاجعة

اقم علينا يوما فلم اقم

اي الوجوه انتجعت ؟ قلت لها :

واين وجه الا الى الحكم

متى يقل صاحبا سرادقه

هذا ابن بيض بالباب يبتسم

قال احسن والله ما شاء قال : فأنشدني انصف بيت قالت العرب . قال : قول عروبة المدني يا امير المؤمنين اذ يقول :

اني وان كان ابن عمي وأغرا

لمزاحم من خلفه وورانه

ومعده نصري وان كان امرا

متباعدا - في ارضه وسمائه

واكون والى سره واصونه

حتى اصير الى زمان اخائه

واذا الحوادث الحقت بسوامه

قرنت صحيحتنا إلى جربائه

واذا دعا باسمى ليركب مركبا

صعبا ركبت له على سيسائه

واذا رأيت عليه بردا ناضرا

لم يلفني متمنيا لردائه

قال أجاد والله ما شاء . فأنشدني اقنع بيت قالته العرب قال ، قلت : بيت الراعي حيث يقول :

اطلب ما يطلب الكريم من الر

زق لنفسي فاجمل الطلبا

واحلب الثرة المصفي ولا

احلب اخلاق غيرها حلبا

اني رأيت الكريم وهو إذا

رغبته فى صنيعة رغبا

والذل لا يطلب العلا فهو لا

يعطيك شيئا الا اذا رهبا

كمثل عير موقع هو لا

يحسن مشيا الا اذا ضربا

ولم أجد عزة الحياة سوى

ذا الدين لما اختبرت والحسبا

قد يدرك الخافض المقيم وما

شد لعنس رحلا ولا قتبا

ويحرم الرزق ذو المطية والسر

حل ومن لا يزال مغتربا

قال : أحسن والله ما شاء . . ما مالك يا نضر ؟ قلت : فريضة لى ، بمرو الروذ اتضلعها واتمز بها قال : أفلا أفيدك الى مالك ما لا ؟ قال قلت انى الى ذلك لمحتاج قال فتناول الدواة والقرطاس وكتب ولم ادر ما كتب ثم قال لى : يا نضر ، كيف تقول إذا أمرت ان تترب كتابا ؟ قال قلت : أتربه ، قال : فهو ماذا ؟ قلت : مترب . قال : فمن الطين ؟ قلت طنه ، قال فهو ماذا ؟ قلت : مطين ، قال فمن السحاءة قال : قلت اسحه . قال فهو ماذا ؟ قال : قلت مسحى ، ومسحو ، قال : يا غلام ، اترب ، واسح ، وطن ، ثم قام فصلى بنا المغرب ثم قال لغلام فوق رأسه : تبلغ معه الكتاب الى الفضل بن سهل قال فدخلنا عليه فتناول الكتاب فقرأه وقال : يا نضر : ان امير المؤمنين قد أمر لك بخمسين ألف درهم فما القصة ؟ قال : فحدثته الحديث ، ولم اكتمه شيئا قال ، فقال : لحنت أمير المؤمنين قال قلت كلا انما لحن هشيم ، وكان لحانة ، فتبع امير المؤمنين لفظه وقد تبع ألفاظ العلماء ، فأمر لى بثلاثين ألف درهم فأخذت بكلمة واحدة استفاداها ثمانين الف درهم . اه

الرياض

اشترك في نشرتنا البريدية