الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 5الرجوع إلى "الفكر"

مجلة الفكر والثقافة الوطنية

Share

اوردت جريدة " البتى ماتان " فى صفحتها الادبية ( 60-     1   2  ) تحت هذا العنوان مقالا تحدثت فيه عن مجلة الفكر وعن دورها فى خدمة الثقافة بهذه الربوع قائلة

" ورد فى مجلة الفكر منذ خمس سنوات فى عددها الاول " ان المتأمل فى روحانيات مجتمعنا وفى شؤونه المذهبية والعقائدية يلاحظ فراغا مريعا "

وبديهى ان الثقافة فى تلك الفترة لم يتيسر لها ان تزدهر ازدهار كاملا فمن كان المسؤول اذن عن ذاك الفراغ ؛ هل هو الجمهور ام المثقفون ؟ والجواب عن هذا السؤال دقيق جدا يتطلب دراسة وافية لنفسية الفريقين اذ ليس من اللائق ان نلقى المسؤولية على فريق دون آخر

فى الحقيقة لم يكن الجمهور ظاهر اللهفة بما يكتب فقلة اهتمامه من جهة ببعض ما نشر وبرودته وقلة تشجيعه من جهة اخرى اضعفت جهود الكاتب الى حد العقم فكان الجمود والاجماد

فهل ملئ ذاك الفراغ ؛ نحن نأمل ذلك من كل قلوبنا لكن الذى نعتقده هو ان الاستاذ محمد مزالى لم يؤسس مجلة الفكر فحسب بل بذل جهودا جبارة فى سبيل مد الثقافة الوطنية بدم جديد فوار وفى سبيل انقاذ ثقافه ما فتئت مقصورة على عصبة قليلة معزولة عن الشعب .

فما نادت به مجلة الفكر هو فى الحقيقة محاولة للتجديد عظيمة اذ ان الثقافة التونسية شديدة التأثر بكل ما هو شرقى الامر الذى يجعلها مهددة بفقدان شخصيتها وفقدان طابعها المتأثر حتما بالواقع التونسى وبالطبع التونسي الخالص وهذا ما جعل مجلات عربية ادبية عديدة تعيش ردحا من الزمن ثم تزول وقد حرمت من كل صلة بالشعب وبواقعه ، غير ان " الفكر " بفضل نشاط تواصل خمس سنوات ساهمت مساهمة فعالة فى بعث اليقظة فى العقول وفى تفتيق الاذهان للخلق الادبي القيم وفي انبعاث حياة أدبية ثرية وذلك بربط الصلة بالترات الشعبي الخصب بكل مافيه من سذاجة وبساطة وبجعل الثقافة مفتوحة للجميع بقطع النظر عن درجتهم الفكرية

يقول الاستاذ مزالى بوصفه مديرا لمجلة الفكر او بوصفه رئيسا لجمعية قدماء الصادقية : " فنحن احوج ما نكون اذن الى مذهب اصيل منتزع من واقعنا ومستلهم من ماضينا وحاضرنا يلقى اضواء ساطعة على مختلف جوانب حياتنا ويكسب اعمالنا معنى ساميا "

وقد أجادت مجلة الفكر خاصة فى القصة والاقصوصة الشعبيتين فساعدت فى خلق طور هام فى تاريخ الادب التونسى يشبه طور " زولا " .

اذ بهذا الصنف من الادب يستفيق القارىء من غفوته ويصير معتزا بماضيه وبشؤون حياته اليومية ومكانته فى المجتمع ومن تصفح جل اعداد مجله الفكر شعر فى يسر ان هذا الاتجاه دخل ببراعة فائقة فى حيز الفعل ثم  ان الاستاذ مزالى جعل من مجلة " الفكر " منبرا حرا لجميع المثقفين فاتاح الفرصه لجميع الاتجاهات الفكرية ان تظهر وان تلمع فى سماء الادب حرصا منه على خلق تربة صالحة للخلق والانتاج الادبيين

وقد كتب الاستاذ مزالى بهذا الصدد قائلا : " انه من الغبن فى ذات البشرية ومن الاجرام فى ذات الفكر كبت التفكير الحر او حصر الحقيقة في فرقة دون فرقة او مذهب دون مذهب او عصر دون عصر ، ومعناه ان الحقيقة ان كانت - ثمرة بحث مستمر وطلب دائم هى " بناء " يساهم فيه البشر جميعا انى عاشوا وحيثما وجدوا " .

فلا يسعنا نحن اذن الا ان نعبر عن ابتهاجنا لنجاح عمل هو بلا شك حدث هام فى تاريخ الادب التونسى وهو بالاضافة الى ذلك يتواصل بحزم دائب وذكاء وقاد . "

اشترك في نشرتنا البريدية