بينما كنت انصت الى الدكتور " خوان برنيت " ( استاذ اللغة العربية بجامعة برشلونه ) وهو يلقى محاضرة عن مناهج الترجمة عند العرب ، كانت تتوالى على سمعى محاضرة اخرى عن الموضوع نفسه ( لست ادرى ان كان هذا يحدث لغيرى ، علما بانى سليم العقل ، بالقدر الذى تسمح به متناقضات العصر وتغييرات المسلمات العشر ، وعلما بأن المحاضرة كانت جد شيقة) وهأنذا أنقل الى القارىء مقتطفات من كلتى المحاضرتين معا .
- انهم ( اننا ) وضعوا ثلاثة شروط اساسية يجب توفرها فى كل من يقدم على ارتقاء سلم الترجمة وهي أن يتقن اللغة التى يترجم عنها ، أن يكون له اسلوب حسن فى اللغة التى يترجم اليها ، أن يكون ذا معرفة جيدة بالمادة التى
يترجمها - قام الشاعر الكبير . . . بترجمة قصة لكاتبة اسبانية معروفة وبما أن الشروط الثلاثة متوفرة (الكاتبة تقيم فى باريس ، المترجم يتقن اللغة الفرنسية ، الفرنسية والاسبانية ولغات أخرى هى لاتينية) فقد جاءت ترجمته ترجمة رائعة تستحق التصفيق بالآكف والاشارة بالأصابع - لم يكن يجرؤ حنين بن اسحق على ترجمة شىء فى الرياضيات لجهله فى هذا العلم ، ولذلك فقد اراد ان يختص ابنه منذ الصغر بالرياضيات حتى يكون قديرا على ترجمة الكتب الرياضية - لقد قام الوزير الرئيس الاديب بترجمة لوركا الى العربية عن طريق زوجته التى تتقن اللغة الانجليزية وبمساعدة المغتربين العائدين من أمريكا الجنوبية ، فكانت موفقة استحق عليها الوزارة والرئاسة - اعتذر حنين ابن اسحق عن ترجمة صفحات من كتاب الفلسفة لارسطو لانه لم يفهم محتواها - صدر كتاب مختارات لشعراء قارة بأكملها فلاقى صدى كبيرا ، وقد استعان المترجم بدفاتره القديمة حين كان يدرس التركية وشيئا من الفرنسية - يقول الجاحظ ان ترجمة الشعر شبه مستحيلة وان مترجم الشعر يجب أن يكون شاعرا - أنا مراسل مجلة كثيرة الدفع والانتشار ، وقد ترجمت اخيرا قصائد لنرودا ، أرجو أن تساعدني بترجمة بعض الكلمات التى لم اعثر عليها فى القاموس ، وقد سألت معلمتى عنها فضحكت وقالت الى الدرس القادم - أنشأوا (انشأنا) دورا للحكمة كانت فيها اقسام تختص بالترجمة وكانت تؤلف لجان يعهد اليها بهذا الامر الخطير - نسخ احدهم ما ترجمه الآخر ووضع له عنوانا آخر وغلافا جديدا وأعاد توزيع الكلمات والصفحات
الغريب ان المحاضرتين انتهتا بهذا السؤال " كيف تنسى أمة لها هذا المنهج والنهج شروطها الاساسية ؟ " .
