الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 8الرجوع إلى "الفكر"

مسرحية العدد :، ليس للثورة قيمة (*) ، - 2 -، اللوحة الثانية،

Share

غيث وعمار وراء الصخرة ، تكون الشمس قد ملأت السهل والجبل تظهر بدوية تلبس ملية وتحمل على رأسها قفة ملآنة حشايش ما ان تقترب حتى يخرج غيث من خلف الصخرة ويعترض طريقها .

غيث : من أنت ؟ البدوية : (تشهق وهي تتفحص الزى الثورى ( ثائر . . من أين طلعت ؟ غيث : (فاتحا ذراعية كأنه يتصيدها ( طلعت من جوف الصخور ، الى اين  تذهبين ، ما شغلك هنا ، ما حاجتك تكلمى بسرعة . البدوية : لماذا انت تعترض طريقي هكذا ؟ غيث : قلت لك تكلمى بسرعة الى اين تذهبين ، ماذا تصنعين هنا فى الجبل فى مثل هذا الوقت .  البدوية : وانت ماذا تريد لماذا تسألني ؟ غيث : يجب ان اعرف .  البدوية : الجبل مفتوح لكل الناس .  غيث : بل الجبل للثوار وحدهم .  البدوية : الجبل ليس ملكا لأحد .  غيث : انه ملك للثوار وهو الآن فى حوزتهم .

البدوية : من اعطاك الحق فى ان تتكلم باسم الثوار ؟ غيث : كل ثائر له الحق فى ان يتكلم عند الحاجة باسم غيره من الثوار .  البدوية : واين هم هؤلاء الثوار الذين تتكلم عنهم ؟  غيث : (غاضبا ) كيف تخاطبيننى بهذا الكلام .. هل أنت لا تعترفين بالثوار ؟ البدوية : من قال لك انى لا اعترف ؟ غيث : هذا مفهوم من كلامك .

البدوية : وهل فى رأيك الامر يحتاج الى اعتراف ، اذا كان كذلك فما هي الطريقة من فضلك التى يمكن ان اقدم بها اعترافى ارشدني اليها . . كتابيا أم شفويا أم بطريق المراسلة واين مقركم الرسمى ، ثم باسم من اتقدم بهذا الاعتراف . . هل باسم حضرتك ، بالمناسبة ما آسم حضرتك . غيث : (ينظر اليها فى حدة ولا يكلمها ).. البدوية : لماذا لا تجيب ، لعلك تريد ان تعرف اسمى اولا انها فرصة للتعارف .

غيث : يبدو انك بارعة فى الكلام ولقد بدأت أفهم مقاصدك جيدا فلا تحاولى مخادعتي .  البدوية : وماذا هنالك حتى احاول مخادعتك ، ماذا بيننا ؟ غيث : ليس بيننا من شئ ، لكن ... البدويه : (تقاطعه) إذا ما دام ليس بيننا من شىء فلماذا لا نتعارف أليست فرصة مواتية ؟  غيث : فرصة ...

البدوية : ( وهي تمد له يدها ) آسمى يمينة .  غيث : (وقد مد يده يصافحها )حسنا اسمي غبث . يمينة : تشرفنا بالسيد غيث الثائر الشاب .  عيث : تشرفنا بالأخت يمينة والآن ماذا تصنعين هنا . . وهذه القفة التى فوق رأسك ماذا بها ؟ يمينه : (وهي تنزل القفة ) خذ انظر فيها اذا شئت ذلك . غيث : قولى ماذا بها . يمينه : هي ذي أمامك جمعت فيها شيئا من حشيشة الاكليل والزعتر .  غيث : والى اين أنت تذهبين بها (يأخذ يفتش القفة ) .

عمار : (يبرز من مخبئه وراء الصخرة وهو يعرج يتطلع في المرأة جيدا ثم  تقترب منها شيئا فشيئا ( هذه المرأة اعرفها .  يميئة : (تلتف الى عمار فى دهشة (سى عمار . . انت ايضا هنا في الجبل  ما الذى جاء بك ؟ غيث : (ملتفتا الى عمار ) اتعرفها حقا ؟ عمار : تمام المعرفة هذه يمينة (ملتفتا اليها ) ماذا جئت تصنعين هنا يا يمينة ؟ يمينة : (مرتبكه ) جئت كما ترى يا سى عمار اجمع حشايش الاكليل والزعتر .

عمار : (فى خبث ) أحقا جئت تجمعين هذه الحشائش ولمن تجمعينها ، من عندك مريض ؟ يمينة : ابنة أختى مريضة . . منذ ثلاثة أيام ومعدتها توجعها .  عمار : (ضاحكا ) لعلها كذبة عارية يا يمينة . يمينة : (وهى تتراجع أمام ضحكات عمار العارية ) أنا لا اكذب ولماذا تريدني أن أكذب ؟ عمار : (وهو يقترب منها ) اننا نعرف بعضنا بعضا يا يمينة ، أليس كذلك قولى .

يمينة :(وهى تخفى وجهها فى ذيل مليتها ) نعم . . نعرف بعضنا . عمار : من يستطيع أن يصدق أقوالك يا يمينة ؟ يمينه : اقسم انها الحقيقة يا سى عمار جئت اجمع بعض الزعتر والاكليل لابنة  أختى التى تركتها مريضة . عمار : كيف يمكن لى ان اصدق ؟ يمينة : انها الحقيقة .

عمار : ( وهو ينظر فى عينيها) قول جئت لتتجسى هذه الحقيقة . . انت امرأة .. ف .. ف ... تفعلين كل شئ . يمينة : ( فى صوتها بكاء ) احلف لك يا سي عمار انا لا اتجسس على أحد . غيث : اتعرفها جيدا يا عم عمار ؟ عمار : ( يأخذ غيث ويبتعد به قليلا ) انها امرأة سيئة السمعة كل الناس يعرفونها .

غيث : ان من ينظر اليها لاول وهلة يرتاب فى امرها .  عمار : هيأتها لا تدل ابدا على انها جاءت لتجمع الحشايش كما تدعي .  غيث : ترى انها ستذهب لتبلغ عنا . عمار : لا يداخلني الشك فى انها تفعل كل شئ .  يمينة : ( تقترب منهما ) اقسم لك يا سي عمار بسيدى عبد القادر انى لست جاسوسة ولا اى شئ انا لا ابيع الرجال الذين يكافحون فى الجبل من اجل بلادنا .

غيث : إذا كان الامر كذلك فما هو سر قدومك فى هذا الصباح للجبل .  يمينة : قلت فى نفسى اذهب باكرا لاجمع بعض الزعتر والاكليل قبل ان يشتد الحر .

عمار : انا لا استطيع ان اصدق هذا الكلام . غيث : لكن كيف تصعدين حتى هذا المكان من اجل الحشايش . . الحشايش  موجودة فى قدم الجبل .  عمار : انها امرأة كاذبة ما فى ذلك ريب .  عيث : يجب ان تذكرى لنا الحقيقة والا .. ( ينظر غيث الى عمار نظرة ذات معنى ) .

يمينه : (ترتعش خوفا ) اقول لكم الصدق . . لقد جئت لارى القائد .  غيث : اى قائد تريدين رؤيته ؟ يمينة : القائد ساسي .  غيث : القائد ساسي ؟ عمار : القائد ساسي ؟ (عمار وغيث ينظران الى بعضهما)

غيت : ( فجاة وفي لهجة حادة) قبل حين كنت لا تعترفين بوجود الثوار والآن تريدين رؤية القائد هذا هو الكذب بعينه .  يمينة  : اننى اقول الحق .  غيث : لم يعد بامكانى تصديق اقواك .  يمينة : يجب ان تصدقني يا سيد غيث .

غيث : الآن بدأ يتضح لى كل شىء انت امرأة جاسوسة . . ليس لك ابدا من شغل هنا فى الجبل الا التلصص على الثوار والتبليغ عنهم .  يمينه : التبليغ عن الثوار عند من ؟ غيث : عند الجندرمة .

يمينة : ( فى تأثر صادق ) انا .. انا اتكلم مع الجندرمة .. هذا مستحيل .  مستحيل ان افعل هذا ابدا . غيث : لكن ها هو عمار يعرفك .. ما قولك يا عم عم عمار . عمار : ( يبدو عليه التفكير ) لكن يجب ان نضع الاشياء في اماكنها . . ما المانع فى ان تكون قد جاءت لملاقاة القائد ساسى . غيث : ماذا تريد ان تقول بالضبط وضح قولك . عمار : اقول ان لهجتها صادقة فى خصوص ملاقاة القائد بامكانك ان نستوضحها اكثر اذا اردت ان تعرف ذلك .

غيث : أنا لم أعد أفهم شيئا (صارخا بالمرأة ) هل جئت للقائد ساسي حقيقة .. هل لك معرفة به ؟ يمينة : ليس لى من غرض فى هذا الجبل الا ملاقاة القائد ساسي عمار : ها هو ذا قد اتضح كل شئ الآن . غيث : ماذا فهمت ؟ عمار : المسألة واضحة انه موعد غرام .

غيث : ماذا ..موعد غرام . عمار : وهل هنالك موعد آخر غيث : انك بدأت تسئ للقايد عمار : أليس بشرا ؟ غيث : لكن هنا فى الجبل ومع هذه المرأة ، ألم تقل عنها انها سيئه  السمعة .

يمينة : لا أيها السيد من فضلك ، انك لا تفتأ تلحق بي الاهانة وراء الاهانة أنا امرأة شريفة . غيث : قولى اذن لماذا جئت الى القائد ساسى ؟ ماذا تبتغين عنده ؟ يمينة : أنا لم أجيء من تلقاء نفسي ، انه هو الذي دعاني الى ملاقاته هنا . غيث : (فى بلادة) هل حقيقة هو موعد غرام .

عمار : (فى سخرية ) ليس من اللازم ان يكون موعد غرام لعله احتاج اليها مهمة معينة ، كما هو الشأن بالنسبة لى ، الم يبعث فى طلبي من أجل مهمة معينة ( متوجها الى يمينة ) لكن لا شك ان مهمتك تختلف عن مهمتى كل الاختلاف ، والحق لا مجال للمقارنة هنا ، لا مجال ابدا لكن تستطعين معرفة نوع المهمة التى طلب اليك القائد الحضور من اجلها ، لعلك تباحثت معه فى هذا الموضوع ، أم انك تجهلين ذلك ، لا أظن انك تجهلين نوع مهمتك ، على  كل حال اذا كان الامر كذلك بامكانى ان اوضح لك (ينظر في عينيها مليا ، لعلك ادركتها الآن (ضاحكا ) نعم نعم انك تدركين ذلك جبدا وتجدين مهمتك مثلما أجيد أنا صناعة المتفجرات اليدوية وكما يجب غبث الحديث عن الثورة ..  أليس كذلك يا غيث ؟

غيث : ( فى بلاهة ) صحيح لكل منا مهمة تختلف عن الآخر . . لكن المهم أن يقوم كل واحد باداء وظيفته على الوجه الصحيح . . يجب ان تتظافر كل الطاقات من أجل تدعيم الثورة وانجاحها يجب ان نطرد المستعمرين من ارضنا .

عمار : ( مخاطبا يمينة ) ألم أقل لك انه يجيد الحديث عن الوطنية كما تجدين  أنت مهنتك . غيت : (متحمسا)  وهل تشك فى صدق اخلاصي واستماتتى من اجل هذا الوطن ، تونس .

يمينة : ( وقد سمعت كلمة تونس ) تحيا تونس .  غيث : ( وهو يرفع السلاح ) تحيا تونس .  يمينة : (تزغرد ) تحيا تونس .  عمار : لقد آن لى ان اذهب فى سبيلي ، لم تعد لى مهمة هنا . غيث : ان مهمتك لم تبدأ بعد فكيف تريد ان تذهب .  عمار : (كانه يستعطف ) سأعود الى بيتي . لقد تركت النعاج بلا مرعي .

غيث : هل تريد أن تعيد الحكاية من بدايتها ؟ ! عمار : ( فى حزن ) لقد ترقت النعاج بمفردها . . من سيرعاها ، انها ستموت جوعا بعدى . يمينه : ( وهى تشير بيدها ) انظروا ، انظروا ، من يكون هذا القادم ؟ غيث : لعل فى الامر خطرا ، هيا بنا هيا نختف وراء الصخرة (يظل عمار في وقفته لا يتحرك ) الا تريد ان تختفى ، هيا اسرع .

عمار : دعنى وشأني لا أريد أن اختفي .  غيث : انك ستعرضنا للخطر .  عمار : قلت لك دعنى وشأنى أنا لا أتدخل فى شؤونك ، لك أن تختفى أو تبقى هذا لا يهمنى .  غيث : كيف لا يهمك ، انه يهمنا جميعا ، حين تكون مصلحتنا مرتبطة بك فتصرفاتك تهمنا .

يمينه : ( بعد ان وصلت الى الصخرة تتراجع متطلعة نحو القادم ) يبدو انه صبى صغير لا خوف علينا انظروا انه صبى يركض بمفرده . غيث : (متطلعا) انه لكذلك صبى صغير .  يمينة : ترى لماذا هو يركض هكذا هل تراه قادما الينا ؟ غيث : لعل احدا يلاحقه . يمينة : أو لعله يحمل الينا خبرا . عمار : لعله يحمل اليك خبرا من القائد ساسي .

- يتبع -

اشترك في نشرتنا البريدية