الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 8الرجوع إلى "الفكر"

مضى الليل

Share

مضى الليل و آستبشر الساهر وليل الشجى له آخر

طويل كطول السنين الجاف حزين كما غرد الطائر

له وقعه حين تندى الجراح وللجرح سابره الماهر

ليالى كان القطيع الضغيف يروعه الأسد الخادر

سرى اليأس مختلطا بالنفوس ولليأس معوله الكاسر

وهب الألى همهم همها يؤلبهم هدف ظاهر

لك الله يا شعب من صابر ظفرت وقد يظفر الصابر

تقحم أبناؤك المخلصون شدائد يذكرها الذاكر

دهى الخطب فيها حلوم الرجال وشد على قلبه القاصر

و ند من الشعب نفر قليل بهم يفزع الغدر والغادر

تلاقوا على حب خضرائهم وحب البلاد لهم قاهر

و لموا الشتات و قد أجمعوا على الموت أو يهزم الآسر

و شقوا الفجاج لعراض الفساح وما نام عن وتره الواتر

و جمع كلمتهم فى البلاد حزب على جمعهم قادر

بدا ينشر الوعى بين الورى وفى ظله انتبه السادر

و أوقد في شعبنا جذوة أحس بها الثعلب الماكر

فقام كمن هاجه أرقط ومن دونه خائن سافر

يشتت يقتل فى ثورة بها اختلط الجور والجائز

يروم ليخمد عزم الشعب و ما رامه مطلب خاسر

وما نام في الحزب حراسه ولا التام جرح به ناغر

و أهدى الضحايا على تربه بها يرخص البذر والباذر

شبابا وشيبا لقوا حتفهم ومه العلى باهض نادر

وعرس الكرامة قربانه دم أحمر فيضه مائر

ومن بين من تجتلى أنجم سنا ضوئها ساطع باهر

على نورها فى الضباب الكثيف مشى ضاربا فى الدجى السائر

وكان الطريق له مسلك طويل به يتعثر العابر

وجاءت سنون كجنح الظلام بها اختلط البر والفاجر

فلا علم خافق في السماء ولا حاكم رافض ثائر

ولا لغة الضاد مذكورة بها يصلح النغم النافر

زمان احتوى البيت سكانه و أبدل من جنسه الخائر

وفر العفاة الى ربهم و فى الضيق يذكره الذاكر

ودب السقام بكل الوجوه وللدمع قد يلجأ الصاغر

ولكن اذا جد جد النضال فقد حسم الأمر الآمر

وجاء الذى لا ونى سيره و لا عزمه خائر فاتر

حبيب مشى في القلوب فأحبب بمن ضمه الخاطر

وأنذر من كان في غيه و بالزجر يرتدع الزاجر

تماسك لم يثنه عاصف و موج الردى لاطم زاخر

وضحى بما عنده لم يعد له فى الدنى مأرب آسر

سوى أن يرى تونسا في الورى معززة شعبها ظاهر

وكان الذى هد صم الصفا بحق و لو نكر الناكر

وبان الصباح على رسله و باكرنا وجهه الناضر

فأشرق عن غادة حرة ربيع الزمان بها ساحر

زهاها الجمال فلم تحتجب و عن وصفها عجز الشاعر

لها كل يوم كفاح جديد و درب الباء بها عامر

وما انفك من قادها مخلصا بأسحارها جفنه ساهر

يرى اليوم ما في غد غيره يراه بذهن له سابر

بأمثاله تحسم المشكلات و يزهو و يفتخر الحاضر

اشترك في نشرتنا البريدية