الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 4الرجوع إلى "الفكر"

مطالعات, بين الاثار الاسلامية فى تونس،

Share

صدر عن دار الثقافة كتاب من القطع الكبير للأستاذ سليمان مصطفى زبيس تناول فيه بالبحث الآثار الإسلامية بالبلاد التونسية فقط ، وهى الى جانب الاثار الاخرى تكون ثروة من الناحية العلمية والسياحية وتدل على تعدد الحضارات التى عرفتها البلاد . والإهتمام بهذا الباب من العلم يستوجب دراية ومعرفة بالتاريخ أولا وبعدة فنون معمارية وهندسية وغيرها بدونها لا يتسى للباحث أن يتقدم خطوة في سبيل الكشف عن خبايا التاريخ وهذه الخصال توفرت في الاستاذ مصطنى زبيس المسؤول عن مصلحة الآثار بتونس والمؤلف لكثير من الدراسات فى ابرز ما خلفته الحضارات بهذه الارض

جاء الكتاب فى ست وستين صفحة من الورق الصقيل مزينا بالصور الملونة التي تمثل أهم المبانى والآثار . وقد قسم الاستاذ كتابه الى قسمين كبيرين . ففى القسم الاول استعرض فيه الدول التى حكمت تونس بعد الفتح الإسلامى من ولاة بني أمية وبنى العباس ومن اغالبة وفاطميين وزيريين وموحدين وحفصيين واسبان واتراك وذكر في كل عصر ما انجز من بناءات ومساجد وجوامع وقصور وما بقى منها لحد اليوم مبينا مدى احتفاظ أهل تونس للاثار وتقديسهم لها خلافا لما يقع في امم اخرى مؤكدا ان الفن التونسى قد برز منذ القرون الاولى من الفتح اذ انه لم يكن فنا بسيطا عند انتقاله الى مصر فنما فيها وازدهر الى ان وصل الى المظهر الذى صورته لنا التآليف المعروفة بل ان الفن التونسي عند خروجه من هذا الوطن قد كان فنا ناضحا في عنفوان قوته مكتمل الصفات والمؤهلات والمزايا لان يكون مرآة مشرفة نضرة لتقدم الدولة الحضارى قبل خروجها من القيروان ؛ وفي المهدية وفي صبرة المنصورية معالم معمارية وطرائف منقولة تبرهن على ذلك . وفي متحف الاثار بمدينة مدريد الإسبانية صندوق محلى

بأنواع الترصيع والزخارف قد نزلت فيه كتابة بالعاج تفيد أنه صنع بمدينة المنصورية برسم المعز لدين الله الفاطمى وليس من الضرورى الإمعان فى النظر اليه للقول بأنه آية ابداع وانه من أجل ما عرف من غرر التحف الإسلامية بالوجه الاعم في ذلك العصر . وهكذا يمكن القول بأن الاستاذ سليمان زبيس قد حاول في هذا القسم الاول عند استعراضه لهذه الحقب المتعددة ابراز ما للفن التونسي من اصالة رغم كثرة ما دخل عليه من المؤثرات الاجنبية ورغم ما تعاقبت عليه من أيدى الفنانين والمرممين

اما فى القسم الثاني فاننا نجد عرضا لاهم الآثار الموجودة في كل مدينة من المدن التونسية مع الاعتناء بوصف كل من هذه المعالم وصفا موجزا وذكر تاريخ بنائه والإصلاحات التى دخلت عليه وكذلك الإهتمام بالتنصيص الى المراجع التى تهم كل من يريد مزيدا من التدقيق والتمحيص لان الاستاذ سليمان زبيس أراد من كتابه هذا نشر علم الاثار بين القراء بصفة عامة وتحبيبهم له واشعارهم بهذه الكنوز التي يعيشون بينها . ونحن نشكر الاستاذ على همته ونترقب منه كتابا ضخما عن الاثار الإسلامية يجد فيه المتخصص العربى مادة له اذ ان اكثر الكتب في هذا الفن هى بالفرنسية واصطلاحاتها تنغلق في غالب الاحيان على من ليس له دراية بها . ب . ب . س .

ثلاثة كتب تصدرها الجامعة التونسية

كل القطاعات فى الدولة والمؤسسات القومية ماضية الى التعريف بكل ما هو تونسى والى استكناه حقائقه وتحديد مقوماته حتى يتسنى لنا اقامة حضارة اصيلة مطبوعة بطابع انسانى يستمد جوهره من واقع البشر التونسي ويبنى قيمه ومثله على اسس ثابتة بعيدة عن كل زيف وبهرج والجامعة التونسية ككل الجامعات فى العالم هى احق المؤسسات بالانكباب على مثل هذا العمل المثمر واقدرها على تحقيقه اذ هي تملك في شخص أساتذتها العاملين بها او المتخرجين منها أداة قوية وهى العلم الصحيح

ولقد اصدرت الجامعة التونسية في هذه الايام الاخيرة ثلاثة كتب هي : ١ - الريف ومشاكله فى تونس للاستاذ " جان بونسى" (Jean poncet)

-2 الانصارين ، للأستاذ جان كويزيني  Jean Cuisnier 3 - وثيقة لم تنشر حول تونس فى القرن السابع عشر للأستاذ جان بينيون) (Jean Pignon

ففي الكتاب الاول نجد دراسة موضوعية لحالة الفلاحة في تونس وخاصة مؤثرات الإستعمار عليها ونلمس اعتناء بتطور الحياة الريفية منذ الإستقلال ولكن يظهر ان الباحث اصطدم بعقبة كبيرة وهي التطور السريع الذى اكتسته ضروب الحياة فى تونس من جراء الوعي الذى اخذ ينتشر شيئا فشيئا وبسب تأثير الدولة فى هذا الباب واهتمامها بتطوير وسائل العيش وادخال طرق جديدة تقلب الوضع القديم قلبا وهو مما جعل المؤلف يحتاج بعد ان فرغ من كتابه الى ملحق يبين فيه ما طرا من جديد في ميدان الفلاحة بتونس ويؤكد فيه تفاؤله واطمئنانه الى ما شرعت فيه الحكومة من اصلاح زراعي ورغم ذلك فإن الكتاب ثمين جدا لانه يكشف عن معطيات الحقل الزراعي الذي يكون جزءا كبيرا من اقتصادنا .

اما الكتاب الثاني فهو دراسة علمية مدققة لمنطقة جبلية تدعى فى تونس " الانصارين " وغاية المؤلف فيها هو توضيح مشاكل النمو ومقتضاته في مجتمع يتطور يوما فيوما والكتاب كله جداول وخرائط ورسوم تتيح لكل مطلع الفرصة للتعرف عن كثب الى واقع هذه الجهة .

اما الكتاب الثالث فهو مخطوط بالايطالية يتحدث فيه رونبر ايلياط الذي قضى فى تونس حوالى القرن السابع عشر ( Robert Elyatt ) مدة وهو اسير عن البلاد التونسية واهلها والضرائب فيها وادارتها المدنية والعسكرية وقد حقق الكتاب وعلق عليه وقدم له الاستاذ جان بينيون ،

واخيرا نشكر هؤلاء الاساتذة الثلاثة على العمل العلمي الذي قاموا به ونشكر ايضا الجامعة التونسية على الاعانة التى قدمتها لهؤلاء وننتظر منها اعمالا اخرى من هذا القبيل وخاصة نقل هذه الكتب الى العربية حتى يتدرب جمهور القراء على مثل هذه المشاكل الحيوية وينتشر فيهم الوعي بمقضات العصر ومتطلباته .

اشترك في نشرتنا البريدية