الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 3الرجوع إلى "الفكر"

مطالعات, مجلة معهد المخطوطات العربية، المجلد السادس ، الجزءان الاول والثانى، ( مايو - نوفمبر 1960 )

Share

لقد ورد علينا العدد الاخير من مجلة معهد المخطوطات العربية وهو عدد مايو - نوفمبر 1960 . وهذه المجلة آلتى يصدرها معهد المخطوطات العربية التابع لجامعة الدول العربية من شأنها ان تصدر مرتين فى كل سنة : فى اول مايو واول نوفمبر . فهذا العدد الذى نريد ان نعرف به قراء الفكر هو اذن عدد مزدوج .

وهذه المجلة لا ترد علينا بانتظام ، واننا كنا رغبنا فى الاشتراك فيها ، وكاتبنا ، فلم نجب . واذا ما رغبنا فى الاشتراك فيها فما ذلك الا لتقديرنا لها ، وتقديرنا لها هو الذي يجعلنا اليوم نلفت نظر قراء الفكر اليها ، ونبدى بعض الملاحظات فى شأنها ، فى صراحة واخلاص .

قد ورد هذا العدد ، كالاعداد السابقة من هذه المجلة ، مشتملا على بحوث شتى فى شأن المخطوطات . تجد به معلومات متنوعة عن المخطوطات العربية بتشيكو سلوفاكيا ، وبالكاظمية فى العراق ، وبمكتبة روضة خيرى بمصر .

وبمكتبة ملك التجار بطهران ، وبمكتبات ايران والاتحاد السوفيتى ، كما تجد به ايضا تعريفا برحلة ابراهيم الخيارى " تحفة الادباء وسلوة الغرباء"  وبثلاث مجلدات من " كتاب الشامل " لابن نفيس ، وبمخطوطة جديدة من " انساب الاشراف " للبلاذرى ، عثر عليها بمكتبة القلاوى المغربي . وبهذا العدد ايضا نقد لبعض المخطوطات العربية طبعت حديثا ، و " معجم ما نشر من المخطوطات العربية خلال عام 1959 " ، وهو معجم ما نخاله مستوعبا ، وبه فصول نشرت من كناش اسماعيل المحاسنى الدمشقى ، ومن " نثير الجمان فى شعر من نظمنى واياه الزمان " لابن الاحمر

والذى يلاحظ في شان كل هذه الدراسات هو انها ليست على وتيرة واحدة فيما يخص الدقة العلمية والجد فى البحث .

فبعض البحوث فى شأن المخطوطات اتت مزورة ازورارا عن كل قواعد

البحث العلمى بالاطلاق . وليس ادل على هذا من المقال الذي صدرت به المجلة والذى خصه كارل بتراشك بالمخطوطات العربية في تشكو سلوفاكيا ، مخطوطات قليله لا تستحق الصدارة ، لم يزد الكاتب عن اثبات قوائم لها ، عارية من كل وصف ، مجردة احيانا حتى من الرقم . فهل محل هذا المقال صدر مجلة علمية فنية اختصاصها المخطوطات ؟

عبر انك تجد ايضا فى غضون المجلة البحث الجدى المستوعب في شأن المخطوطات . فقد اعطى محمد الفاسى موضوعه حقه وزيادة عند ما قدم لنا رحلة ابراهيم الخيارى " تحفة آلادباء وسلوة الغرباء " وكذلك فعل محمد حميد الله فى بحثه الطويل ( من ص 211 الى ص 288 )  الذي عقده لكتاب من اهم الكتب العربيه ، " انساب الاشراف " للبلاذرى الذى قد سبق ان حقق وطبع الجزء الاول منه احسن طبع . ويجدر بنا ان نثنى ثناء لا احتراز فيه على هذا الباحث الذى لم يدخر جهدا فى سبيل الخروج من عمله على احسن وجه . فلقد سافر الى المغرب واقام بالرباط زمنا من اجل كتابة مقاله . وقد اتيحت له هكذا فرصة درس المخطوط على العين ، ومقابلته بنسخة استانبول ، وبالجزء الذي طبعه عن هذه النسخه ، مستنتجا من كل ذلك نتائج مفيدة حدا مثبتا الاختلاف و الاصلاح ولقد اقترح الباحث اثناء بحثه ان تثبت المجلة صورتى صفحتين من المخطوطتين بعث بهما اليها ، فلم تفعل ، ولا ندرى لم يلب اقتراحه ، لا سيما وان المجلة لم تبخل باثبات صور اخرى عديدة .

ولنا ملاحظات اخرى فيما يخص الفصول التى استخرجت من المخطوطات ، وحققت ، ونشرت بهذا العدد من المجلة .

فكامل هذه الفصول - وان نشرت في مجلة علمية فنية - خالية تماما من كل جهاز نقدى . وهدا غريب من مجلة تريد ان تكون قدوة بها يقتدى واسوة حسنه بها يؤتسى ، ثم انه ان كان " الباب الثالث فى شعر ملوك بنى الاحمر من بنى نصر وابنائهم " الذي استخرجه خوسه باسكت ( Jose Vasquez )

من مخطوط " نثير الجمان فى شعر من نظمنى واياه الزمان " من تاليف الامير اسماعيل بن يوسف بن القائم بامر الله محمد بن الاحمر ، على ما يظهر ، قد اتى سالما حسب الظن والتخمين ، يقرأ مهما كان الامر فيفهم ، فالامر بالعكس تماما بالنسبة للصفحات من تاريخ دمشق فى القرن الحادي عشر " التى استخرجها صلاح الدين المنجد من كناش اسماعيل المحاسنى. فانك تقرأ هذه الصفحات فلا تكاد تفهم شيئا مرارا ، او انك تجد نفسك مجبورا على التقويم والاصلاح في كل لحظة عساك تفهم . . كانك تعالج مخطوطا . وياليت الناشر ، عوض هذا

التحقيق ، اعطانا صورا شمسية لهذه الفصول ، لان صورة المخطوط قد تهدينا الى القراءة الصحيحة التى لا يهدينا اليها النص المطبوع . وانه لا يسعنا هنا ايراد كامل الاخطاء الواردة فى الصفحات المستخرجة من كناش المحاسنى لانها اكثر عددا من ان يسعها الاحصاء والاستقصاء آذ هي لا تكاد تخلو منها صفحة قط ، ولكن يمكن ان نذكر نماذج منها .

فى الصفحة آلاولى - صفحة 80 من المجلة - نجد :

" وسافر معه كتخدا المرحوم الحاج عثمان " : فما معنى " كتخدا " ؟ ان هذه الكلمة تحتاج الى تعليق او تقويم

" ثبت بالريا أول ذى الحجة سنة 1081 يوم السبت فى الشام " ، والصواب " ثبت بالرؤيا اول . . . "

" ابعت غرارة الحنطة باربع قروش " ، والصواب " باربعة قروش " والذي يلاحظ ان المحقق اورد فى السطر الذى يليه التعبير صحيحا " . . . والارز بستة ونصف ، والزيت الطفاح بخمسة عشر قرشا "

وفى نفس هذا السطر لا تكاد تقرأ الا كلمات قليلة حتى تقع على خطأ نحوى فلقد اثبت المحقق " والسمن البقرى مائتين وثلاثين قرش " والصواب : " مائتين وثلاثين قرشا

وبعد نصف سطر تصل الى كلام غير مفهوم ، وهو : " وكان باشا الشام الوزير ابراهيم باشا يانى دفراد وباشاه سابقا ، والقاضى محمد افندى الهى زاده ، والمفتى . . ." فهذا كلام غير مفهوم ، يحتاج الى التعليق او التقويم او الى كليهما معا .

وفي الصفحة الثالثة - صفحة 83 من المجلة - نجد :

ثم توفى فى يوم الجمعة سادس عشرى شع المذكور " ، بدون تعليق

وبعد سطرين ، " وكان توجه حسين باشا من الشام يوم السبت 11 شع المذكور " ، بدون تعليق ايضا .

وفي السطر الذى يلى : " تولا قضاء الشام بعد مسعود افندى . . " والصواب : " تولى . . . "

وفي السطر الذى يلى : " وصار نائب ما بين له مولانا احمد افندى . . " فهذا كلام يحتاج الى تعليق او تقويم .

ولاحظ عرضا ان المحقق يثبت تارة الهمزة ويهملها تارة اخرى بدون مبرر فقلد اثبت الهمزة مرة واهملها اخرى فى سطرين متوالين وفي كلمة واحدة . وهى كلمه " افندى " الواردة برسمين مختلفين فى المثيلين السابقين .

وفى الصفحة الرابعة - صفحة 84 من المجلة - نجد :

" الى عند قوله تعالى فى سورة مريم ( ذلك عيسى ابن مريم قول الحق ) . و لان آخر ما تعلم عليه قوله تعالى : ( والسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم ابعث حيا ) . فهل من سبب دعا المحقق الى شكل بعض الآية الاولى وترك البعض ، والى اهمال الشكل تماما فى الآية الثانية ؟ والغريب هو ان المحقق صاحب مقاله ، نشرها فى العدد الاول من هذه المجلة ، ووضع فيها قواعد تحقيق النصوص .

وفى الصفحة الخامسة - صفحة 85 من المجلة - نجد :

" جعل الله قدومه خير " والصواب : " خيرا "

وفى الصفحة السادسة - صفحة 86 من المجلة - نجد :

" واعطاه عرض بذلك " والصواب : عرضا "

" ثم جاءته براوة بالخطابة تجديد للاولى " ، والصواب " ثم جاءته براءة بالخطبه تجديدا . . . " وقد وردت كلمة " البراءة " صحيحة فى نفس الفقرة بعض اسطر فيما قبل .

وفى الصفحة السنبعة - صفحة 87 من المجلة - نجد

" الى محل يقال له ير الاغراص ليجاهد . . . " ولعل الصواب : " الى محل يقال بئر الاعراص . . . "

والذى يتبادر الى الذهن هو ان المحقق اراد ان يثبت النص كما ورد بالمخطوطة ، لانه ورد بخط المؤلف نفسه . غير ان هذه القاعدة غير صحيحة إذا ما طبقت هذا التطبيق واصبحت ذريعة لعدم ضبط النصوص بصفة تجعلها مفيدة نافعة . فلم الحواشى ان لم تكن لاثبات روايات المخطوط التى لا يمكن ان تثبت بالنص الا وافسدته وحالت دون الاستفادة منه ؟ ثم ان القاعدة فى الحقيقة هي ان تثبت النص كما اراده المؤلف ، لا كما صادف ان تسربت له اخطاء - ولا عصمة الا لله - لم يقصدها المؤلف ، ولكان أول من حذفها لو وحد من نبهه اليها . الذى يجب ان تثبته هو ما اراده المؤلف وقصده واعيا مختارا ، لا ما سبق قلمه من اخطاء وقع فيها سهوا او جهلا .

وبعد فقد قوم المحقق النص ، فلقد اضاف حرف " لا فى عبارة : " . . من الاكرام ما ) لا (  يمكن التعبير عنه " ص 86 ، وكلمة " الله " فى عبارة : " ليجاهد فى سبيل ( الله ) فامتثل " . فلم قوم البعض وترك البعض ؟

انه يعسر علينا أن ننبه الى كل الاخطاء التى لا تحصى كثرة . وكل م نستخلصه من مطالعتنا الى الصفحات التى استخرجها من كناش المحسنى صلاح الدين المنجد والتى توجد بالمجلة من صفحة 80 الى صفحة 138 ، هو ان الناشر لم يجهد نفسه فى تحقيقها . ان ما قام به من عمل يستطيعه كل من استطاع تسليم مخطوط ، مع أجرة الطبع ، الى صاحب آلة طابعة .

وبصفة عامة فان التحريف والاغلاط المطبعية كثيرة فى هذا العدد من مجلة معهد المخطوطات العربية الذي حاولنا تحليله والتعريف به . فانك تقرأ (ص 203 ) : " نشتمل مكتبة لاين الطبية ، بجامعة ستانفورد في كاليفورنيا على مجموعة ٠٠٠ "  ،  والصواب : " تشتمل مكتبة . . على مجموعة ٠٠ " ، ومثل هذا كثير .

ومهما يكن الامر فهذه آلمجلة يمكن ان تعتبر محاولة طيبة من الناحية العلمية نرجو لها ان تسير فى سبيل الرقى والتطور حتى تصبح يوما - قريبا ان شاء الله - فى مستوى اسمى النشريات العلمية العالمية . فهي تقوم ، فى سبيل بعث تراثنا والتعريف به ، بخدمات جليلة . ومما يجعلنا نتفاءل ونأمل لها اكثر نجاحا فى المستقبل هو أن لها امكانيات مادية عريضة ، لانتمائها الى الجامعة العربية ، امكانيات من شأنها ان تضمن لها هذا النجاح اذا ما استخدمت احسن استخدام .

اشترك في نشرتنا البريدية