عاد الاستاذ الصديق الى الكتابة فى جريدة البلاد السعودية الغراء؛ ردا على ما كتبته فى المنهل السابق حول مناقشة رأيه فى الزعيمين الكبيرين : الاستاذ الامام محمد عبده ؛ والرحالة المصلح عبد الرحمن الكواكبى .
ويحلولى- قبل أن اعقب على مقاله الاخير - أن أصارح القراء ، بل أصارح الصديق نفسه ؛بأنى آسف لما وقع من القلم حينما أشرت الى ما ظننته تجنيا من الاستاذ على الامام محمد عبده .. مع أنه انما كان يقصد لطفي السيد دون سواه .. والواقع أنى مشارك للأستاذ زيدان - كما سبق أن نوهت فى مقالي الاول - الى ان هذا القطب هو الذى يمكن أن يقال عنه انه صاحب فكرة (( مصر للمصريين ))
وإذن فلم يتجن صديقى على الاستاذ الامام . . بل أنا الذى تجنيت - ولا حياء فى الحق - على صديقى الاستاذ زيدان ؛ وبطبيعة الحال لم يكن هذا عمدا ؛ أو اعتباطا . . على أني لا أود أن أشير هنا إلى الملابسات التى أوحت بفكرة ورود اسم الاستاذ الامام فى هذا الموضوع حين كتابة المقال الاول ، وهى ملابسات تمت بنسب من بعض نواحيها الى مقال الاستاذ نفسه؛وانما يكفى - تصحيحا للوضع - أن اسجل هذا . . وقد عرف الاستاذ زيدان ول اشك ،اننى قد لاحظت هذا فعلا قبل ان ينشر مقاله الأخير .
بقى شئ آخر ..وهو رأى الاستاذ فى الكوا كبى ؛ ويهمنى ان انوه هنا انى حينما اشرت الى الكواكبى المصلح الدينى ، لم اكن اقصد انه كان مصلحا دينيا،
متفرغا للدين فحسب على نحو ما كان عليه الامام المصلح الكبير محمد بن عبد الوهاب وانما قصدت ان اتقى مارماه به الاستاذ زيدان من انه كان لا يحسب للدين حسابا ولا يهتم بآداب الاجتماع ...
ان الكواكبي اذا كان صحيحا ما وصفه به الأستاذ زيدان - متسرعا متعجلا من انه لم يكن يحسب للدين حسابا فمعنى هذا أن دعوته التحريرية كانت تخالف الدين ... وهذا ما لم يؤيده أى دليل من آثار الكواكبي ومن سيرة حياته هذا من جهة الدين ، أما من جهة عدم اهتمامه بآداب الاجتماع : فلست أدرى ماذا يكون الكواكبى - بعد ان افنى حياته كلها فى جهاد شريف نزيه نبيل - اذا كان حقيقة - كما قال عنه صديقنا - لم يكن يهتم بآداب الاجتماع ? !
الا ترى معى يا صديقى ؛ ان مثل هذا الاتهام - وانا اراه اتهاما صريحا ! - لا يمكننا ان نقوله عمن هم دون درجة الكواكبى بالوف المراحل .. اذن كيف يسوغ ان نقوله عن الكواكبى الشريف النزيه النبيل ?الكواكبى الذى يعتبره المثقفون والمتنورون من العرب والمسلمين جميعا ؛ يعتبرونه : ثالث العظماء الثلاثة - الافغانى ومحمد عبده - فى تاريخ نهضة الشرق الحديث !
على انه مما يسر ويوحى فى النفس الامل ، ان الاستاذ زيدان فى مقاله الثانى، بدأ يعود الى الحق ،ويغير من رأيه فى الكوا كبى بعض الشئ وان لم ينصفه كل الانصاف ، واذن فليس ببعيد اذا ما اراد الاستاذ ان يعود ثانيا الى ماهو منشور من آثار الكواكبى وسيرة حياته ، ليس ببعيد ان نتفق فيه رأيا ... وان كان هذا ليس بالشيء ذى الخطر .
