الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 4الرجوع إلى "الفكر"

مقدمة الى معرفة "كفاح حشاد"

Share

لعلك ايها الشاب ، وقد بلغت فى حياتك رشدك وادركت مرحلة وعيك ودرجت بين سن الخامسة عشر وسن العشرين واخذت تعمل لا عاطفتك وقلبك بل رويتك وعقلك ، لا تعلم حق العلم من حشاد وما كان حشاد

ولعلك لا تقف على اسمه الا مرة فى السنة عندما تقبل الامة باسرها حكومة وشعبا على احياء ذكراه فتلتفت الى طفولتك ثم تلمس فى ماضى نفسك انك فجعت مع من فجع بنعي حشاد الا انك كنت لا تعقل لطفولتك فلم تفهم كل الفهم مدى المصاب ولم تشعر شعورا حادا برزية وطنك فى حشاد

اما اليوم فلا عذر لك لان لك اسباب الادراك والوعى وعليك واجب المعرفة الثابتة والعلم اليقين فلا تقتصر على نظرة عاجلة الى صورة حشاد او الوقوف هنيهة بازاء ضريحه او الاعتبار برهة عند سماعك لاسمه بل ينبغي لك ان تعلم من هو حق العلم عساك تخلع عنك غرور الشباب فتهتدى به من ضلال تهورك وترعوى عن صلابة تيهك وتتواضع بنفسك للناس حولك وتنزع عنك سلاح التدجيل والنفاق وتكبح فيك غريزة طموحك العقيم وتروض نفسك على العمل الصادق .

فان حشاد ان تفهم ما ادى فى حياته من رسالة وما خلد بموته من عبرة ليعلمك الجد والحزم فى نزاهة واخلاص ويرشدك الى القيام بواجبك فى حياتك بثبات وايمان .

لكن اياك وتقديس حشاد تقديس الاصنام والاوثان او تمجيده تمجيد السفاهة والتملق بل دع عنك العاطفة والهوى وانظر اليه نظرة الروية والعقل وخذه اليك بينك وبين نفسك لا ساحرا او الاها بل بشرا صادقا انسانا مثلك لكنه عاش عيشة الجد ومات ميتة الجد

اذاك وقد خلعت عن حشاد هالة التقديس والتمجيد وابرزته عندك فى حقيقته الناصعة لا وهم عليه ولا تزوير حق لك ان تلتمس المعرفة لما ادى بكفاحه من رسالة لتفقة ما ترك لك بشهادته من وصية وما القى عليك بتضحيته من اعباء الحزم " والفعل "(1) ومسؤوليات العمل والنشاط

ثم اياك وترهات الاساطير واباطيل الخرافات فلتكن معرفتك لرسالة حشاد معرفة تاريخية سليمة وعلمية ثابتة فلديك وثائق عديدة مباشرة وحية نابضة تضمن لك علما حقيقيا لا يشوبه الريب ولا يزيفه الوهم

الا انك في حاجة الى تحديد مظاهر " كفاح حشاد " في حد صحيح يساعدك على تنسيقها واحكام ترتيبها ويمكنك من ضبط خصائص رسالته ضبط منطقيا يرتاح اليه عقلك وتطمئن اليه نفسك

فلكفاح حشاد وجهان سلبى وايجابى وكلا الوجهين يتناول الحياة العاملة فى شتى مظاهرها من حياة سياسية او اجتماعية او اقتصادية . فاما الوجه السلبى فهدفه الاساسى تحطيم صرح الاستعمار فى مختلف هياكله ومبانيه والقضاء على قوته فى كل مذاهبها واشكالها واما الوجه الايجابى فلا غاية له الا لم ما ترك الاستعمار من شعث الامة وبعث ما تمسكت به كافة طبقات الشعب فى عهد المحنة والعسف من روح الايمان وقوى الانشاء كى تبنى تونس صرحا جديدا عصريا فوق خراب الظلم والطغيان صرح الحرية والعدالة

غير ان " لكفاح حشاد " فى وجهيه السلبى والايجابي ميزة هامة هى ميزة ذوى العمل الجدى واصحاب " الفعل " فقد كان حشاد فى كفاحه لا من ارباب المقالات والقلم فحسب ولا من اهل القول والخطب فقط بل كان ذا فكر " فاعل " سديد وساعد " فاعل " قويم

ولقد جعلت تلك الميزة الجليلة كفاحه لا كفاح بعض المثقفين الموزون وزنا او المكال كيلا او المحسوب حسابا بل كفاح الابطال لا يمنعهم الخطر عن الانجاز ولا يصدهم عن " الفعل "

ثم لعلك ايها الشاب وقد وضعت " كفاح حشاد " هذا الوضع فى حقيقة التاريخ وضوء العقل تدرك جلى الادراك وصيته لك برسالته ونداءه اليك بتضحيته فلم يبق اذن الا الرجاء من اخلاصك وجدك والامل فى عبرتك بحشاد وتاديتك للامانة .

اشترك في نشرتنا البريدية