الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 5الرجوع إلى "الفكر"

مقدمة في الشعب الملحون

Share

- 13 -

لم تكن الرسالة الماضية والاولى فى الشعر الشعبى غير مدخل تعجلت فيه ذكر البحور الشعبية . وكان على ، فى هذه الرسالة الاولى ، أن أمهد لهذا الشعر أولا ثم أحدد المفرد الايقاعى فيه ، واستعرض اوزانه . ويدعونى الى هذا التمهيد أمران أساسيان :

أولهما الحديث فى فقه اللغة ، والتعرض الى طبع الكلمة من حيث هى ايقاع فى لغة التخاطب التونسية ، سواء أكانت لغة التخاطب هذه حضرية ، أو بدوية ، أو قروية .

وثانيهما تحديد المفرد الايقاعى ، ويكون هذا التحديد نتيجة المبحث الاول ، وان تبويب هذا البحث الى مبحث أول ، ومبحث ثان ، وتخصيص المبحث الاول بدراسة فقه اللغة يدعو الى تأمل . ذلك لان فقه اللغة كلمة اوسع مفهوما من البحث الذى أعنيه فى دراستى هذه .

فمن مقتضيات فقه اللغة النظر فى تطور الكلمة باعتبارها كائنا يعيش مع الاحياء ويقطع معهم مراحل التاريخ البعيدة . ويقتضينى كذلك النظر فى تطور الكلمة من حيث هى لفظ واقصد بهذا الناحية الشكلية للكلمة وتطورها من حيث هى لفظ يتحمل معنى ، واقصد بهذا ائتلاف اللفظ مع المعنى اى ائتلاف الشكل مع الجوهر ، وائتلاف المعنى باللفظ ، ولباسه اياه ، يدعواننا كذلك الى علم آخر هو علم تطور اللفظ مع المعنى ، وتطور الشعب التاريخى مع الكلمة ، لان الشعوب هى التى تعطى اللفظ معناه ، وان بحثى هذا لا يطرق ناحية من هذه النواحى ، فانا لا أعنى بالمظهر الشكلى للكلمة ولا بالمعنى الذى تتحمله إطلاقا .

فالذى يعنينى من فقه اللغة أمر ثالث ، قد لا يكون احد من الباحثين درسه ، وافرده بالنظر ، فى دراسته الادب الشعبى .

وهذا الامر الثالث يمكن ان يكون علما جديدا يضاف الى فقه اللغة.

لعلك تسألنى ملحا ، ايها القارىء الكريم: فى هذا الامر الثالث؟

إن هذا الامر الثالث هو النظر الى الكلمة لا من حيث هى لفظ، ولا من حيث هى معنى بل النظر فى شىء آخر خارج عن نطاقى اللفظ والمعنى، وهذا الامر الثالث فى الكلمة هو حركيتها ، ولست أعد فى هذه الحركة ، حركية النحاة التى هى علامة وظيفة الكلمة فى الجملة ولا حركية علماء الصرف الذين بضبطون نوعيه الحركة من حيث هى كسر ورفع ونصب فى غير الحرف الاخير من الكلمة ، لان الحرف الاخير من الكلمة وحركته من خصائص علم النحو. وهكذا نرى ان النحويين اقتسموا الكلمة نصفا مع علماء الصرف.

وبقى جانب ثالث لم يطرقه واحد منهما اى من النحويين والصرفيين. هو علم الكلمة من حيث هى حركة كاملة وهى الحركة التى يعقبها سكون حيا كان أو ميتا . ومن حيث هى حركة مقطوعة ، والحركة المقطوعة هي الحركة التى لا ساكن بعدها.

وحتى علماء العروض الذين كان لا بد لهم من ان يدرسوا علم الحركة، وان يستنبطوه ليخدموا به علم العروض وغيره من علوم الكلام، كان هذا الكلام شعرا أو نثرا أو سجعا كان عربيا أو غير عربي لم يستخدموا من هذا العلم الا ما كانت تدعوهم له حاجة الشعر وحسب،

وحتى علماء الشعر نظروا اليه باعتباره حركات وسكنات، وافردوا السكون عن الحركة كما لو كان السكون يستقل بذاته كما يستقل الحرف الذي يقع عليه السكون فى الكلمة، فنظروا الى الحركة مستقلة بذاتها في الاسباب الثقيلة، وجعلوا السكون مستقلا بذاته لا ينتمي الى مفرد ايقاعى. عندما بوبوا الزحافات، وتظهر نظرة علماء العروض واضحة فى زحافى الطى والقبض.

فالطى زحاف يقع فى المفرد الايقاعى الثاني الذي هو السبب الخفيف في مستفعلن والقبض زحاف يقع فى المفرد الايقاعى الثاني من فعولن ومفاعيلن.

وهذه صورة الطى:

1          2         3 (o -- o - o -) = (o --)+(o -)+(o -) مستفعلن

فان الطى يدخل المفرد الايقاعى الثاني الذي هو السبب الخفيف ، والطى هو حذف ساكن هذا السبب فتضاف حركة هذا السبب المطوى الى المفرد الايقاعى الثالث الذى هو الوتد المجموع فيتألف من ذلك فاصله صغرى. وصورة هذه الجملة الايقاعية بعد الطي:

1        2          3 ( - o ) + ( - ) + ( -- o ) = ( - o --- o ) مستفعلن

فتأمل هذا ايها الدارس مع الزحاف الموالى الذي هو القبض.

فالقبض كالطى هو حذف ساكن السبب الخفيف الذي ورد ثانيا فى الجملة الاتقاية الا ان العروضيون يسمونه قبضا ولا يسمونه طيا. ذلك لانهم لم يقرروا في الشعر مفردا ايقاعيا ولم ينظروا الى الحركة من خلال علم كان عليهم ان يستنبطوه هو علم الحركة بل نظروا الى هذا الساكن واعنى به الساكن فى السب الخفيف الوارد ثانيا فى الجملة الايقاعية، كعلامة منفصلة، أو كحركة منفصلة والسكون ليس حركة ولا ينظر له بمفرده مقطوعا عن الحركة، فانه يمكننا ان ننظر الى الحركة مفصولة عن السكون ولا يجوز لنا ان ننظر للسكون منفصلا عن الحركة لكن علماء العروض عندما قرروا (القبض) الذي هو أحد الزحافات الاربعة التى تلحق السبب الخفيف نظروا الى السكون منفردا ومنفصلا عن الحركة.

وصورة القبض هى هذه:

1           2 (o - o --)=(o -)+(o --)فعولن        1           2      3 و (o - o - o --)=(o -)+(o -)+(o --)مفاعيلن

فانت ترى هنا فى هذين المثالين ان السبب الذي قطع عنه سكونه كان ثانيا فى الجملة الايقاعية شانه شان السب المطوى الذى وقع ايضا ثانيا فى الجملة الايقاعية فلماذا يسمى هذا الزحاف قبضا والآخر طيا؟

سمى الاول طيا لان السكون كان رابعا في الجملة الايقاعية.

وسمى الزحاف الثاني قبضا لان السكون كان خامسا فى الجملة الايقاعية ويتبين لك بعد هذا ان علماء العروض لم يهتموا بالحركة الكاملة والحرك المقطوعة، بل نظروا، كما أسلفت، الى الحركة منفصلة عن السكون والى السكون منفصلا عن الحركة - وهذا خطأ بينته فى سياق رسائلنا وخلا كل مرحلة من هذه الدراسة، وهذا البحث

فعلم الحركة اذن علم جديد كان ينبغى ان يوضع لا للشعر فحسب، بل علم يسلط على الكلام شعرا كان أو نثرا أو مقامة، لان من شأن هذا العلم الجديد، ان يضبط المسافات الايقاعية، من حيث هى ظاهرة من ظاهرات مزاج الكلمة، ولم يكن مزاج الكلمة غير مزاج الناطقين بها. وهكذا يمكننا ان ندرس طبائع الاعم بدراسة لغاتها.

فالكلمة عند الامم ظاهرة تاريخية تعيننا على فهم امزجة هذه الامم وطباعها. والكلمه ظل هذا المزاج، وأثر تلك الطباع. فاذا كانت الاقاليم من حيث هى تربة، وماء، وهواء، وجبال وسهول يقاس فوق هذه الارض بخط العرض. ويحددها المناخ ، وطبيعة الارض وخصائصها الزراعية والفلاحية فان الكلمة كذلك تعين على ابراز خصائص هذه الامم، وتعين على فهم طباعها وأخلاقها.

وان علم العروض كان اولى له ان يكون فرعا من فروع علم الحركة، هذا العلم الذي يمكننا ان ندرس به ماهية النثر وغيره من فروع الكلام الاخرى.

وبفضل علم العروض كان الشعر هو المظهر الحركى الوحيد الذى يحافظ على ماهية الكلمة العربية ومزاجها، والشعر هو الذي يشكل الكلمة ويقبلها ويرفضها. يقبلها اذا كانت الكلمة من طبعه ومزاجه، ويرفضها اذا كانت من أفق غير أفقه.

وقد كنا أشرنا الى ذلك فى الرسالة الماضية، وابدينا بعض الشك في صيغة من صيغ الكلمة العربية، وهي صيغة اسم الفاعل من المضاعف كشاذ من شد، وحاد وشاب. وقلنا ان مثل هذه الصيغة لم يقبلها الشعر العربي ولن يقبلها الا فى الضرب بعد تخفيفها.

ونحن لا يمكننا ان نجزم بان هذه الصيغة صيغة عربية، أو هي صيغة غير عربية. لان مثل هذا الجزم يدعونا الى دراسة طويلة ليس فى هذه المقدمة محلها. يقول صاحب العمدة فى صفحة 137 من كتابه العمدة الطبعة الثالثة معرجا على هذا الموضوع باقتضاب: وليس فى جميع الاوزان ساكنان في حشو بيت إلا فى عروض المتقارب.

فان الجوهرى أنشد، وانشده المبرد قبله:

ورمنا القصاص وكان التقاص      فرضا وحتما على المسلمين

قال الجوهري كانه نوى الوقوف على الجزء، وإلا فالجمع بين ساكنين لم يسمع به فى حشو بيت.

قال صاحب الكتاب: إلا ان سيبويه قد أنشد:

كانه بعد كلال الزاجر      ومسحه مر عقاب كاسر

باسكان الحاء وادغامها فى الهاء والسين قبلها ساكنة. انتهى كلام صاحب العمدة.

فانت ترى هنا فى هذا الكلام الذي نقله العمدة عن الجوهرى وعن سيبويه

ان الجوهرى وسيبويه والمبرد كلهم يقف وقفة الحيرة امام كلمة التقاص التى وردت في الست الاول، وكلمة (مسحه) التى وردت فى البيت الثاني الذي رواه سيويه، وكانهم يبحثون عن مخرج، ولكنهم لا يتشككون إطلاقا فى صيغة اسم الفاعل عن المضاعف الثلاثي ذلك لان القرآن أورد هذه الصيغة مثل كلمة (مدهامتان) فى سورة الرحمن، فما هو حل هذا اللغز، وكيف تكون هذه الصيغة صيغة عربية وهى لا تدخل الشعر،

ونحن نرى الجوهرى يتقلقل امام البيت الشعرى ويلتمس له تخريجا فيقول: (كانه نوى الوقوف على الجزء) وهو يعنى القائل الذي تنسب له البيت،

وانا أقول: ما هي قيمة هذا البيت، وأقول: ألم يصنعه احد المناظرين من علماء اللغة لتحتح به لعربية الصيغة؟ وكثيرا ما يصنع المتجادلون الحجة ليتخلصوا من الورطة فى الجدال الذى يقول التاريخ عنه انه كان عنيفا بين اللغويين ثم لنفرض ان هذا البيت لم يكن مصنوعا. فعلينا ان نتساءل من هو قائله، وهل كان قائله حجة. واذا كان ذلك كذلك فبماذا نفسر شذوذ هذا الست. ان العرب فى شعرهم لم يستعملوا هذه الصيغة. فان كل هذه الامور لا قيمة لها، فالامر يدعو الى اكثر من هذا يدعو الى النظر فى اصل المشكلة، وهي صبغة اسم الفاعل من المضاعف الثلاثي، وهل ان هذه الصيغة موجودة في النصوص القديمة التى وصلتنا سواء أكانت هذه النصوص شعرية أو نثرية.

اما انا فأرجوا ان أوفق فى القيام بهذا البحث. فانه بحث هام تجدر العناية به.

وان الشعر العربي وحده هو الذي يضعنا امام هذه المشكلة وهى مشكلة التقاء الساكنين.

ومن اجل هذا كان الشعر العربي ديوان العرب. وكان حجة على العربية أو على المفرد العربي، واننا لا نجد بعد القرآن كتابا ولا وثيقة نسلطها على الجملة العربية والكلمة غير الشعر.

ذلك لان القرآن مقدس، وان قدسيته دعت العلماء الى ضبطه والعناية به، واستنبطوا للقرآن علما خاصا هو علم القراءات،

هذا العلم الذي لم يحافظ على الكلمة العربية وحسب بل حافظ الى جانب ذلك على اللهجات العربية.

واذا استطاع علماء النحو والصرف ان يحافظوا على قوانين الكلمة العربية فانهم لم يحفظوا كيان اللهجات العربية بمثل ما حافظ عليها علم القراءات ومخارج الحروف. وهو علم قد أضاعه العرب، فاضاعوا بذلك عنصرا هاما من

لغتهم سمح للعجمة بان تدخل لهجاتهم وان هذا العنصر ما زال يحافظ عليه القرآن بفضل علم القراءات ذلك العلم الذى كان علينا ان نسلطه نحن على كل النصوص العربية القديمة باعتبار القرآن نزل بلغة العرب. وباعتبار ان القرآن كان نصا من تلك النصوص القديمة، والقرآن والشعر هما العنصران اللذان ساعدا على ضبط الكلمة من حيث هى دال ومدلول، وشكل وفحوى. ومن حيث هى حركة وسكون. فالكلمات ضبطت في الشعر وفق مزاج الايقاع العربى ، ووفق فطرة العرب.

واذا كان النثر العربى حرف وبدل من حيث هو مفرد، ومن حيث هو جملة، بمفعول التاريخ الاسلامى، ذلك التاريخ الذي كان احد مظاهره اختلاط العرب بالاعاجم هذا الاختلاط الذي تفرضة الدعوة الاسلامية، والرسالة المحمدية التى جاءت للناس كافة.

فان علماء اللغة وقفوا امام هذا الكلم العربى وقفة الحيرة ذلك لان اللغة لعربية هى لغة القرآن وهى لغة الدين وهى لغة الجنة. وهكذا نرى فى الدعوة الاسلامية تناقضا تاريخيا.

ويبرز هذا التناقض فى الاممية الاسلامية واخراج الدين الاسلامي من نطاق دين العشيرة والقبيلة الى الامم كافة. ثم فى المحافظة على احد مقومات القومية العربية التى هى اللغة.

فالدين الاسلامى دين حافظ على القومية العربية. وألغي في الوقت نفسه الحدود القومية والاقليمية لكل الامم . فالناس في الاسلام سواء، لا فضل لعربى على اعجمي.

فالدين الاسلامى لا يدعو البشر الى كلمة واحدة، والى فكرة واحدة فحسب فهو يريد ان يدعم هذه الاممية ويجعل لها لغة واحدة تقرب بينها واختار من بين هذه اللغات لغة العرب،

وكم راود هذا الامل المفكرين فى احقاب التاريخ القديم والحديث بان يجعلوا للبشرية لغة واحدة. ويبقى الاختلاف بينهم فى اختيار هذه اللغة؟ وعلى اى اساس يقع اختيار هذه اللغة.

اما المسلمون فانهم اختاروا ان تكون هذه اللغة اللغة العربية. لان الله سبحانه وتعالى اختارها من بين اللغات الاخرى وأنزل بها فرقانه على الناس والخير فيما اختاره الله.

ومن أجل هذا الغرض عمد علماء الاسلام الى تدوين اللغة العربية، وساعدهم القرآن والشعر على ذلك. وهذا ما يفسر اختيار النحاة للشعر شاهدا لهم فى

قاعدة يقعدونها عندما يعوزهم المثل من القرآن. وتبع علماء النحو علماء الصرف فنظروا الى معانى الافعال وصنفوها وجانسوا بينها واستنبطوا من ذلك القياس.

واذا كان علم النحو عنى بنوعية الحركة فى اواخر الكلمة، وعلم الصرف بنوعية الحركة فيما عدا ذلك - فان هذا العلم اى علم الحركة، يعنى بالحركة دون الالتفات الى هذه النوعية والاهتمام بها.

فالرفع والنصب والكسر لا يتعدى، فى مفهوم هذا العلم، ان يكون حركة. إن الحركة واحدة فى هذا العلم والسكون تابع لها لا يفارقها. ولم يكن السكون غير النقطة الاخيرة أو نقطة النهاية فى المد الحركى.

فالسكون لم يكن له قط وجود ذاتي. لذا أهملته عندما عددت الحركات.

فالسكون هو القفلة، اعنى قفلة الحركة، وهو نقطة النهاية فى الخط الحركى. والخط الحركى خط سمعى.

فاذا كان علماء الهندسة قد هندسوا الخط البصرى.

فعلى م لا نهندس نحن الخط السمعى؟

واذا كان الخط البصرى يرسم على الورق وغيره من الادوات التى يكتب عليها فان الخط السمعى يرسم على الحروف. والكلمات.

ونقطة النهاية فى الخط السمعى تقع تارة على حرف صحيح وتكون احيانا اخرى حرف مد.

وتكون نقطة النهاية تبعا لذلك تارة، لها صورة منطوقة وذلك اذا وقعت على حرف صحيح من حروف الهجاء، وتكون احيانا اخرى غير منطوقة اذا كانت مدا ويسمى هذا المد سكونا ميتا، واتسع فيه علماء القراءات، وعلماء الموسيقى لان الحركة التى يكون المد نهايتها لها مسافات متفاوتة ياتي الحديث فيها فى غير هذا المبحث، والمد لا صورة له فى النطق وليس له حد الساكن الحى، بل هو امتداد للحركة فى انواعها الثلاثة، وبما ان هذه الانواع الثلاثة لا تهمنا فى هذه الدراسة فاننا نقول ان المد هو امتداد طبيعي للحركة، فالحركة لها صورتان:

الاولى: الحركة الطبيعية وهي التى تقع على كامل الخطب السمعى بين نقطتى البداية والنهاية.

وتكون نقطة البداية فيها مرسومة على أحد حرفين من حروف الهجاء.

أقول على أحد حرفين لان الحركة الواحدة لا تررسم الا على حرفين من حروف الهجاء، الا الحركه الممدودة فانها ترسم على حرف واحد يضاف له احد حروف العلة الثلاثة فى الكتابة تعويضا للحرف الثاني الذي نرسمه للحركة الصحيحة.

وهذه صورة الحركة من حيث هى خط سمعي، أو خط صوتى.

لان هذا الخط له فى الواقع جانبان: جانب المتكلم، وجانب السامع.

فمتى اعتبرنا جانب المتكلم قلنا فى صفة هذا الخط. خط صوتى، وخط سمعى لان المتكلم له صفتان: صفة المتحدث وصفة السامع، وهو فاعل في الحالين فاعل الصوت وفاعل الاستماع.

ومتى اعتبرنا السامع فانه لا يمكننا ان نسمى هذا الخط خط خطا صوتيا لان السامع لم يكن فى هذه فاعلا بالدرجة الاولى.

وبما ان الاستماع كان قدرا مشتركا بين المتكلم والسامع، لذلك اخترنا ان نسمى هذا الخط خطا سمعيا.

واننا نرمز لهذا الخط السمعى بأحرف ثلاثة: الباء والسين والنون.

الباء تشير الى نقطة البداية |------|                              ب النون تشير الى نقطة النهاية |------|                                              ن السين تشير الى المسافة الواقعة بينهما |------|                                              س فتكون صورة الخط: |------| = (-0)                        ب    س     ن ويتفرع هذا الخط السمعى الى صورتين أصليتين: 1) الى خط: |------| = (- 0)                ب    س    ن  ص                                           × 2) والى خط: |------| = (- 0)                 ب     س    نم

الخط الاول هو الذي يرسم على حرفين صحيحين.

والخط الثاني هو الذي يرسم على حرف ممدود ولهذا اخذنا الحرف الاول من كلمتى صحيح وممدود واشرنا بالصاد للصحيح وبالميم للممدود.

وهكذا تكون النون نونين (ن م) و (ن ص).

(ن م) تنتهى بحرف من حروف المد الثلاثة: الواو - الألف - الياء.

ومثال خط ( بسنم ) با - بو - بى |------|                                        ب     س    نم

اما خط (بسنص( فانه الحركة التى تقع على حرفين صحيحين ويسمى النحاة السكون فى هذه الحركة سكونا حيا.

وصورة الخط (بسنص) |------| ومثاله: لم - كم - بل                           ب    س    ن ص و (قلـــــ) فى (قلب).

ويتولد عن هذين الخطين خط مقطوع، ويثبت فى هذا الخط المقطوع (ب س) وتعوض (النون) بحرف (قاف) اشارة الى القطع.

وهذه صورة الخط (بسق) |----/--|       |----/--|                               ب      س   ن ص    ب      س    ن م                                             ق                        ق

وفي هذا الخط المقطوع نثبت نقطة البداية (ب) والواسطة (س) وهي التي تقع بين نقطتى البداية والنهاية ونحذف نقطة النهاية التى هى النون.

وهذه هي عملية تحويل الخط (ب س ن ص) (ب + س + ن ص) - ن ص = (بسق) ثم عملية تحويل الخط (ب س ن م) ( ب + س + ن م) - ن م = (ب س ق)

والقاف لا يرمز لشيء بل هو علامة القطع. اذن فالقاف يشير الى نقطة مجهولة في الخط السمعى توجد قبل (ن) التى هى نقطة النهاية.

وبما ان هذه النقطة مجهولة، فانه يمكننا إن نعتبر القاف نقطة اعتبارية.

وكل الخطوط الا (ن) متساوية في المسافة الصوتية وهذه صورتها: ( - ) ( - )

وان اى خط سمعي: (ب + س + ن - ن) لا يمكن ان ينفرد فى الصوت بذاته ويتحتم الحاقه بخط طبيعي كامل ، اعنى بذلك أحد الخطين:

(ب + س + ن م) أو (ب + س + ن ص)

وعملية الجمع بين الخطين (ب س ن ص) و (ب س ن م) كالآتي : (ب س ن ص) + (ب س ن م) = (ب س ن ص ب س نم) اما عملية الجمع بين أحد هذين الخطين مع الخط (ب سق) فانه يتحتم جمع (بسق) الى أحد الخطين (بسننص) أو بصنم.

اما جمع (بسننص) أو (بسنم) فان ذلك لا يمكن ان يكون فى لغة العرب إطلاقا.

ويسمى الخط المتألف من (بسق بسنم) أو (بسق بسنص) خطا مركبا الا انه لا يعدو ان يكون خطا سمعيا واحدا.

اما اللهجة التونسية وفى الشعر الشعبى فان (بسننص) و (بسنم) تجمع الى (بسق).

وهذه صورة الجمع: (ب س ن ص) + (بسق) = (بسننص بسق)                        و (ب س ن م ) + (بسق) = (بسنم بسق)

وقد كنا اعطينا امثلة لذلك فى رسالتنا الماضية من امثال: كلين، قمن على معنى أكلنا وقمنا فى لغة العرب.

ويأتى تفصيل هذه المصطلحات الحركية فى الرسالة القادمة.

اشترك في نشرتنا البريدية