الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 2الرجوع إلى "المنهل"

مكان العرب من العالم :، مشاعر الجزيرة الناهضة، يعبر عنها ابناؤها

Share

الفجر يتجدد

قرأت بيتا من الشعر وقفت عنده طويلا اسأل من قائله ؟ ! فقد تنسمت فيه ريح النفس العربية الحرة الأبية والعقل العربي المدرك العارف . أما البيت فهو :

من هنا شع للحقيقة فجر

            من قديم ومن هنا يتجدد ؛

الا انها البشرى اثلجت صدرى ، اذ اسمع وأرى من يؤمن بأن الفجر قد شع من هنا فأضاء الدنيا . . . ومن هنا يتجدد !

وشطر البيت الأول تقرير لحقيقة تاريخية لا يختلف فيها اثنان . ولكن الايمان الذي عبر عنه الشاعر في الشطر الثاني بقوله : " ومن هنا يتجدد " هو بيت القصيد .

. فلكم كان يحز فى نفسي ان اسمع واقرا كلاما لرجال من العرب المبهورين بمظاهر الحضارة الراهنة ، يدل على انهم قد تحولوا عن كعبتهم فحقروا انفسهم وظنوا ان الخير عند غيرهم من أمم الأرض ، لقد فتن هؤلاء التقدم المادي في ميادين العلم والصناعة ، وبما ان العرب تخلفوا في هذه الميادين فقد حققت عليهم كلمة

التأخر والجمود . واذن فينبغي أن تكون قدوتهم - إذا ارادوا نهوضا وتقدما - تلك الامم الناهضة السابقة حتى لقد قال رجل يزعمون انه أديب الجيل أو عميد الأدب ، ان واجب العرب هو الاخذ بالحضارة الاوربية بخيرها وشرها ! ! حلوها ومرها ! ونشر هذا الرأى فى كتاب على الناس

ولقد جاء هذا الشاعر ببيته البليغ ولم اقرا بقية قصيدته بعد - يزيل فى سهولة ويسرتك الأوهام الضالة وينبه العرب الى الفجر الذي شع على الجزيرة وأضاء الدنيا بالخير والعدل من قديم . هذا الفجر ، سيتجدد اشعاعه من هنا أيضا ، حيث بيت الله الحرام .

ان هذه الحقيقة ينبغي ان يؤمن بها العرب تماما فيعملوا على تحقيقها الخيرهم وخير الناس جميعا .

ان القوى العلمية والمادية والصناعية في يد الانسان المؤمن التقى تتحول إلى اعمال خيرة نافعة للناس كافة ، وهذه القوى نفسها فى يد الانسان الجاحد الضال . تتحول إلى أعمال ضارة مدمرة لبني الانسان جميعا .

وقرأت بعد ذلك فى عدد المنهل الخاص قصيدة كاملة للاستاذ السيد محمد السنوسي فاذا بابياتها تتضمن من المعاني ما يتسق مع هذا البيت القوى :

من هنا شع للحقيقة فجر

                من قديم ومن هنا يتجدد

أم القرى

لقد بدأت يقظة العرب وها أولاء أبناء الجزيرة يعبرون عن مشاعر قومهم في قوة وبلاغة ووضوح . . ويدفعون ببيانهم النهضة حتى يسترد العرب مكانهم من العالم .

يقول السنوسي في قصيدته " أم القرى " :

يا مركز الاشعاع يا ينبوعة

مركز الاشعاع يا ينبوعة

يا كوثر الأضواء يا ام القرى

منك استمد الكون سر جماله

وسمى ( دمقراطية ) وتحضرا

ثم يقول :

تتضرع الدنيا لديك ويرتمي

في لابتيك ( جبينها ) متعفرا

واليك تتجه القلوب فوجهي

قلب العروبة نحو توثيق العرى

مدى انا ملك الرقاق ولطفى

بيديك هذا العالم المتوترا

يقظة واشراق

ويتحدث عن الشرق - ويعني به العرب - في قوة وبلاغة فيقول ، لافض فوه :

الشرق والاشراق من اسمائه

ما كان الا الحاكم المتسيطرا

فاذا تغشاه الضباب وقيدت

خطوات امته القيود تأخرا

فالليث يجمع نفسه متحفزا

للوثب حين تراه يمشى القهقرى

والنسر ينفض من جناحية الندى

قبل الصعود الى السماء مبكرا

وهدوء امواج البحار تأهب

للمد يكتسح الشواطئ صرصرا

ودخان اذيال السحاب طليعة

لسنا البروق تلظيا وتسعرا

لا الشرق مخمور الشعور ولا السني

سكرى ولا وعي الشعوب مخدرا

دعوة ابن عبد الله

انه رجل يحسن التعبير عن مشاعر قومه العرب فى بيان بليغ ومن قبل ذلك قال عن دعوة " ابن عبد الله " صلى الله عليه وسلم :

في دعوة كالشمس ساطعة السنا

تهدى الضليل وترشد المتحيرا

الفضل للأعمال فى دستورها

لا للمناصب والمناسب والثرا

واذا البرية تحت ظل لوائها

اسلامها القربى وتقواها العرى

امم تؤلفها العقيدة نسبة

ومن العقيدة ما يفوق العنصرا

الأسوة الحسنة

والآن هل عرفتم طريقكم ايها العرب للنهوض والتقدم ؟ انه سبيل

أجدادكم التأسى بمحمد وأصحابه صلوات الله وسلامه عليه وعليهم اجمعين

ان رسالة محمد صلى الله عليه وسلم قائمة مدوية موجهة الى العرب أولا ثم الى العالمين . وان هذه المشاعر الطيبة التى تجيش بها نفوس امثال شاعرنا السنوسى لدليل على بشائر الفجر بإذن الله

ولعل من المصادفات العجيبة ان تنبت الجزيرة شعرا حيا كهذا الذى تقرأه فى الوقت الذى يصبح فيه عميد الادب المزعوم فى مصر بقوله : " ليس فى مصر شعر ولا شعراء "

الا فليهون على نفسه " العميد " فان الجزيرة التى نبت الشعر فيها ونما ، ونزل القرآن فيها واضاء الكون لا زالت ، كما هي بارضها

وسمائها ورمالها وصحرائها وسكانها الذين يتحركون بعد الغفوة ويهبون بعد السكون فاذا عم فى الطليعة قولا وعملا

وفي فحولة واعتداد بالنفس بختم الشاعر قصيدته بقوله

املقت من ادبي إذا هو لم يكن

شعلا تنير صوى الطريق لمن سرى

وبرئت من قلمي اذا هو لم يكن

فننا باحلام العروبة مثمرا

غرس نضحت عليه فيضا من دم

حر يؤجه الشعور ثائرا

الا فلتطمئن أيها الفتى فلن تملق من أدبك ، ولن تبرأ من قلمك ، ذلك لانك صدقت فيما قلت واحسنت و ما على المحسنين من سبيل "

اشترك في نشرتنا البريدية