الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 7الرجوع إلى "المنهل"

مكتبة المنهل ، تاريخ الجزائر، فى القديم والحديث

Share

جزآن كبيران : صفحات الاول ٣٥٩ والثاني ٤٠١ طبعا بالمطبعة الجزائرية الاسلامية بقسطينة تأليف الاستاذ المحقق الشيخ مبارك ابن محمد هلالي الميلي العضو بجمعية العلماء المسلمين بالجزائر محتوى هذا الكتاب على رسوم عدة لعمارات تاريخية قبل الاسلام وبعده وصور ملوك الجزائر في القصور الأولى وكتابتهم ونقودهم و به رسوم النقود الاسلامية بتلك النواحي في اعصر الاسلام من عهد الدولة الأدريسية بعام ١٠٨٩ ه والجزءان محليان بخريطتين للجزائر  يطلب من ادارة مجلة الشهاب بالجزائر ومن ادارة مجلة المنهل بالمدينة المنورة

تفضل علينا مؤلف هذا الكتاب النفيس بإهداء نسخة منه لمكتبة المنهل وشفعها بكتاب رقيق دل على جم ادبه ونبل عواطفه .  

ومنذ وصل هذا الكتاب الى يدنا اتخذناه سميرا ، نتيجة تعطشنا لمطالعة بحث نزيه جامع محقق ، مكتوب باسلوب حديث واضح مفصل ، عن هاتيك الاوطان العربية النائية التى تربطنا بها روابط الدين واللغة والعروبة .

وكلما أمعنا فى مطالعة فصوله زدنا مؤلفه اكبارا ، وازددنا به شغفا وله تقديرا وها نحن نستعرض للقراء بعض ما استدعي اعجابنا من هذا الكتاب الجليل فنقول : المؤلف في كتابه هذا عالم بحاثة ، ونقادة صيرفي ، لا يمر بحادثة اجتماعية او تاريخية ال اوقف عندها وقفة المدقق الفطن ، ومن سعة مداركه وقوة ملكته نراه يستعرض بعض المذاهب التاريخية السائدة في هذا العصر  ، لدى الغربيين والمستغربين ، وبعد ما يسردها سردا جميلا شائقا ، يعنى بهدمها من اساسها اذا خالفت الحق وهو موفق فى عمليات الهدم ، كما هو مسدد فى عمليات البناء

والتشييد ، بما يبديه من نظرات صائبة ، يعطف بها على تلك ، ويقيمها على انقاضها اقامة المهندس المجيد الحاذق .

ففي البحث الذى طرقه فى تبيان علاقة التاريخ بالنقل يقول :

وترى المؤرخين اليوم من كتاب الفرنج ، يستنقصون المؤرخين الاسلاميين بالتساهل فى النقل - الى ان يقول : وانهم اقتصروا على سرد الحوادث من غير تعليل ولا استنتاج وبذلك أهملوا روح التاريخ وسره "

وينبرى عقب هذه الأقوال ، بالرد عليها باسلوب علمى هادىء يكاد يكون مبتكرا حيث يقول : " ولست أرى رأيهم فى ذلك كله فان ابن خلدون من مؤرخينا وهو الذي علم هؤلاء نقد كتب التاريخ بما أبداه فى مقدمته ، واما أهمالهم لتعلل الحوادث والاستنتاج منها فليس من ما يقدح فى منزلتهم بل ان القارىء يجد فى كتبهم المادة بصورتها وتبقى له الحرية فى التعليل والاستنتاج فاذا فكر وحكم فى قضية تاريخية لم يبعد عن الحقيقة الخ .

ومما يجدر بالذكر بصفة خاصة ما لاحظناه من استقلال المؤلف في تفكيره استقلالا منشؤه سعة المدارك والمعية الفكر ؛ فنراه يبدى لك رأيه من غير ان يقسرك على اتباعه ، وأنت اذا دققت فيما يعرضه من نظرياته الخاصة فى امهات المسائل التاريخية ونتائجه او بعبارة اخرى فى اصول التاريخ وفروعه تجد نفسك ، اذا كنت منصفا ذا عقل قويم ملزما بموافقته ، فان ما يرسمه لك فى هذا الصدد مهيع واضح المعالم . يقول فى الطريقة المثلى لتدوين التاريخ : -

" وعندي ان احسن طريق يسلكها المؤرخ ان يضع بين يدى القارىء الحادثة التاريخية كما هي ثم يرشده الى كيفية الاستنتاج ، فيكون المؤرخ نزيها فى نقلة والقارئ في مأمن من عثرة ذلك المؤرخ لانه اذا غلط فى نظره استطاع القارئ ان يدرك غلطه فرب حامل فقه الى من هو افقه منه الخ

وكم يستفيد التاريخ الحديث لو اتبعت هذه الطريقة ، واعتنق هذا المبدأ

الرشيد في تدوينه ، إذا لأمنا من التحريف فى حوادث التاريخ وأمنا من التدريس في نتائجها

واذا كان مما عيب على عميد كلية الآداب بالجامعة المصرية الدكتور طه حسين انه يرسم للناس مبدأ الشك فى الحوادث التاريخية والعلمية ليبنى عليه علالى التحقيق من جديد ويدعوهم الى اعتناق هذا المذهب الذي قلد فيه ديكارت حالما انه لا يكاد يطبقه على حادثة تاريخية او حالة اجتماعية ما فى مباحثة الكثيرة فى ميادين العلم والادب والتاريخ معنا ؛ بل انه يجزم ويمعن فى الجزم مادحا وقادحا باحثا وناقدا ومحللا وراويا واذا كان هذا من اهم الماخذ على راسمى المبادىء ومقررى المناهج العلمية فى البحث والاستقراء والتمحيص ، فان الاستاذ مباركا قد صار فى نجوة من هذا العباب ؛ فهو قد طبق بحق مبدأه العلمي ؛ على تدوينه التاريخي فى كتابه هذا " تاريخ الجزائر "

وبعد فان المؤلف بعلمه هذا المجيد . قد ساهم بحق فى النهضة العلمية الحاضرة بنصيب وافر . وماذا نقول فى كتابه وقد قال فيه امير البيان شكيب أرسلان :

" واما تاريخ الجزائر فوالله ما كنت اظن فى الجزائر من يفري هذا الفرى وقد اعجبت به كثيرا "

جزي الله المؤلف الفاضل خير عن الاسلام والعرب واثابه انه سميع الدعاء

اشترك في نشرتنا البريدية