الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 1الرجوع إلى "المنهل"

منهل التلاميذ والكتاب الناشئين, القرآن وأثره فى النظام الاجتماعى

Share

( ان هذا القرآن يهدي للتي هى اقوم )

القرآن الكريم كتاب جمع بين دفتيه امور الدنيا ونظمها، واخلاق الانبياء والمسلمين وعاداتهم ، ونعيم الآخرة وعذابها ، وقد أمرنا بأن نتراحم ونتوادوان فحسن المعاملة فيما بيننا ، قال تعالى ( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتى هى احسن ) وقال (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ) وقال تعالى : ( انما المؤمنون اخوة فاصلحوا بين اخويكم ) قرر الدين الاسلامى بهذه الآية الشريفة امرين عظيمين : ( الاول ) ان جميع الناس على اختلاف طبقاتهم متساوون فى الاعتبار والاحكام ( الثانى ) انها خففت من تلك الانفة والعصبية التى كانت قبل القرآن وبعده . كذلك امرنا القرآن باحترام الناس واعتبار آرائهم ، ويدخل فى المبدأ الاول احترام الناس باشخاصهم وآرائهم التى يظهرونها على ملأ من الناس قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم )الآية هذا التشريع البديع وهذا المبدأ الجليل هو الذى يسمح لصاحب الرأى ابداء رأيه على وجه الصراحة ، لا يخشى أن يصادمه احد فى رأيه ولا سخرية فى قوله

أمرنا القرآن الكريم بالصبر فى الشدائد ، وان نتحمل الاذي من الاعداء وكثيرا ما عنى بذكر الصابرين ، فتارة يبشرهم واخرى يجعلهم من الصادقين فى ايمانهم ، المخلصين فى عقيدتهم ، قال تعالى ( وبشر الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبة ( الآية ، وقال جل ذكره ( والصابرين فى الباساء والضراء وحين البأس اولئك الذين صدقوا واولئك هم المتقون ) صدق الله العظيم . لا شك أن أعظم أمر يتحصن به الانسان فى سبيل ابراز فكرته ، وتنفيذ عرضه هو تحمل المشاق

والصبر على المكاره ، وهذا هو الخلق العظيم الذى استطاع به النبى صلى الله عليه وسلم ان يعمم دين الله وأن ينشره فى اطراف الارض ، ولا يخفى ان النبى صلى الله عليه وسلم لاقي في سبيل تبليغ الدعوة أذى عظيما وضررا متنوعا ، ويحمل اصحابه الكرام رضوان الله عليهم اجمعين صنوف العذاب وضروب الآلام . واذا تفحصنا تاريخ الامم وبواعث نهضاتها نجد أن للصبر حظا كبيرا فى سبيل نجاحها .

مما مر ذكره يدرك بعض ما بجمعه هذا الكتاب الكريم بين دفنيه من بواعث الرقي واسباب الفلاح ودواعي السعادة والنجاح فى الدين والدنيا والأخرة

ولكن مما يؤسف ان المسلمين فى العصور المتأخرة اهملوا العمل بتعاليم هذا الكتاب المقدس ، اهملوا العمل بتلك الآيات التى تكون منهم قوى معنوية تدعو الى الصبر والاتحاد والتعاون وتأخذ باطراف الحق فتد فع عنه وتذب دونه ان هذا القرآن هو الكتاب القيم الذي يرفع من نفوس العاملين بتعاليمه الى الدرجة العليا ، وهو الذى يجعلها غريزة محترمة غير ذليلة ولا مهانة قال تعالى (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ) ان هذا القرآن هو الكتاب الآمر بالجد والسعي المتواصل فى قضاء مصالح المسلمين فقال ( هو الذى جعل لكم الارض ذلولا فامشوا فى منا كبها وكلوا من رزقه) وقال ( قل سيروا فى الأرض ) الآية .

والقرآن هو الكتاب الذى جمع كل الفضائل فاوعى ، وبين وشفى مسحر الباب العرب الفصحاء ، فسيطر على عقولهم ؛ وملك قلوبهم ، ونزع منهم تلك العادات التى تنافى العدل والانسانية والتى تحل بالمروءة والزمهم بالامانة وبدهم من ضدها فقال ( ان الله يأمركم أن تؤدوا الامانات الى أهلها )ولا يخفى ماللامانة من أثر فعال فى حياة الامم وبقاء الشعوب .

ولله الحمد والمنة أن مدرسة العلوم الشرعية بالمدينة المنورة قد قامت في عهد جلالة مليكنا المفدى بقسط وافر من تعليم القرآن وتجويده وتحفيظه لابناء هذه

البلاد المقدسة الذين هم أحق الناس باتباع تعاليم القرآن وحفظه ، لان بلادهم هى المصدر الوحيد الذى انبثقت منه شموس العلم وسطع منه نور القرآن الوضاء وناهيك بان عدد الذين حفظوا كلام الله فى هذه المدرسة عن ظهر قلب بالتجويد وحسن الاداء منذ تأسيسها الى اليوم قد بلغ عددهم (١١٥) حافظا وهذا فى مدة لا تزيد عن (١٦) عاما ذلك الا بفضل الله جل وعلا ثم بهمة ومساعدة حكومة جلالة مليكنا المعظم ( عبد العزيز آل سعود ايده الله انه سميع قريب .

المدينة المنورة

اشترك في نشرتنا البريدية