١
- يعز على ابا الطيب ) ١ ( ان يكون قولك : الاليت شعري هل اقول قصيدة ولا اشتكى فيها ولا اتعتب لغير سيف الدولة - قد حذرته يا ابا الفتح ) ٢ ( وانذرته اخا الجود اعط الناس ما انت مالك ولا تعطين الناس ما انا قائل فهو الذى اعطاني كافورا بسوء تدبيره - اسمعت ما يقال في حلب ؟ - ماذا يقال - ان سيف الدولة قد احصى صلاته لك فبلغت خمسة وثلاثين الف دينار وهل استكثر ذلك ؟ ان ذلك ثمن بخس للفرائد التى خلدت بها ذكره - انه ليقدر شعرك ويتشوق الى مديحك - واني لا اتاخر عن العودة اليه لو كان يحقق لى ما اسعى اليه - اطاب لك المقام بمصر ؟ - ما اجمل مصر لولا هذا الخصى ! ! - اتزمع الرحيل عنه ؟
- اجل ! - ولمه ؟ - لقد ضن بالغاية التى ارجوها . لكن كافورا يخشدك اذا ما كنت بعيدا عن سلطانه - ساهتبل غفلته واشتغاله بمراسم العيد
٢
- ياله من وقح ! أبابي الطيب يسخر ذلك الاحمق ؟ ! - اسمعت يا على ) ١ ( بحادثة الكرخ ؟ - نعم ولكنني لم آفهم غرض ابن الحجاج ومن اغراه حتى يعترض طريقك امام ذلك الجم من الناس بذلك الشعر السخيف
يا شيخ اهل العلم فينا ومن يلزم اهل العلم توقيره
- الامر اشهر من ان يخفى عليك اتخاله المهلبي ؟ ومن غير ذلك الخليع يقدم على مثل ذلك - ولكنني علمت بان المهلبى احتفي بك واجلسك بجانبه مكانا دونه مكان صاعد خليفته وابى الفرج الاصبهاني اديب مجلسه - انه استبطا انشادى - هلا مدحته ؟ - امثلى يمدح ذلك السخيف لمستهتر ؟ ! اني لاحسبها نزوة من نزوات المهلبى - ان لم يكن هو الذي دبرها فقد اوحى بها اليه صاحباه صاعد وابو الفرج فدفع بذلك الاحمق الى فعلته تلك - وما الذى حدابهما الى ذلك ؟ - لقد غاظ ابا الفرج تصحيحى لشعر انشده :
سقي الله امواها عرفت مكانها جرابا وملكوما وبذر فالغمرا
واخذ يثرثر بما فى كتاب ابى الحسن لاخفش محاولا اثبات غلطه بان جرابا جرام بالميم مع انى اناقتلت هذه الامكنة علما . - فماذ انت صانع بعد هذا ؟ - لا مقام لي بين هذه الغوغاء - لقد انهكك ابا الطيب املك الجامح ولو اصخت لى فضت نفسك عن مثل تلك المواقف فقد صادفت غناء يهيء لك الرفه والنعيم وحزت اسما مدويا تردده الاجيال بعد الاجيال - واذا كانت النفوس كبارا تعبت فى مرادها الاجسام - أني اخاف عليك قول ارسطو : اذا كانت الشهوة فوق القدرة كان هلاك الجسم دون بلوغ الشهوة ماذا تعنى ياعلى ؟ هل اناسارق هذه الحكمة من ارسطو ؟ ان الشعر جادة وربما وقع حافر على حافر
اني انا الذهب المعروف مخبره يزيد فى السبك للدينار دينارا
- ما هذا قصدت فلانت العبقرى المبدع . - اذن ماذا ؟ - اني اخاف عليك المهالك فألا فكرت في خطر ما تؤمل فانك العافل الحصيف
يرى الجبناء ان العجز عقل وتلك خديعة الطبع اللئيم
وانى لاجلك يا على ان تكون من الجبناء - لا تغضب ابالطيب فاني المخلص الصريح فمن تراه يحقق لك هذا الامل الكبير ؟ وقد سوفك سيف الدولة وخيبك كافور واى ارض تراها تتسع لطموحك وقد ضاقت عليك مصر وحلب ؟ ! - لقد بلغى ان المعروف الشاشى عمد الى قصيدتي في كافور - اغالب فيك الشوق - فجعل مكان : ابا المسك - ابا الفضل . وسار بها الى صاحب ارجان زاعما انه رسولى فوصله بالفي درهم فاذا كان هذا عطاء ابن العميد لحامل شعري فما ظنك بصلاته - لا ارى ارجان الصغيرة ترضى نفسك الكبيرة
- وليكن . فاننى استهدف لدعوة عضد الدولة
٣
- اهذه ارجان يا على ؟ نعم - صدقت يا على لقد تركت ملوك الارض وهم يتفاخرون بشعري وقصدت رب هذه الدرة فما يكون منه وهل يتحقق لى ما اريده ؟ - اما قلت لك ذلك ؟ ! - ولكنه الامل - عسى الله أن يريك خيرا . - الي يامفلح ! - لبيك - اذهب برسالتى هذه وخبر أبا الفضل بمقدمي وتيقظ لما يبدو منه
٤
. - مولاي هذا وفد الوزير قد أقبل فى موكب فخم - ماذا رأيت منه يامفلح ؟ - لقد آتيته مضطجعا فى دسته فما أتممت رسالتى حتى اثار من دثاره وجعل يستثبتنى ثم أخذ يعجل على حجابه ليوفدوا من يستقبلك - يا أبتاه لقد اكتظ الوادى مجموع المستقبلين فهلا تأهبت ؟
٥
- هل أقضك المقام بارجان ؟ - كلا ولكنك تعلم ما أسعى اليه - ألا زرت عضد الدولة فقد جاءنى كتابه يستدعيك ! - مالى وللديلم ياأبا الفضل - ولكن عضد الدولة أفضل منى ويصلك باضعاف ما وصلتك به ؟ - اني يا أبا الفضل ملقي من هؤلاء الملوك أقصد الواحد بعد الواحد وأملكهم
شيئا يبقى ببقاء النيرين ويعطونني عرضا فانيا ، ولى ضجرات واختيارات فيعوقوننى عن مرادى فاحتاج إلى مفارقتهم على اقبح الوجوه . - انتظر فسأكتب اليه بما تقول
٦
- هل قبلت الدعوة ؟ . - كيف لا أقبلها وهي من عضد الدولة - أمنحك وعدا صريحا ؟ - ليس من خلق السياسة المصارحة يا بني ولكن الديلم ملك واسع - لعلها الفرصة المنتظرة فأكون ابن الامير أبي الطيب المتنبيء - لعلها
ولا تحسبن المجد زفا وقينة فما المجد الا السيف والفتكة البكر
وتضريب أعناق الملوك وان ترى لك الهبوات السود والعسكر المجر
٧
- كيف رأيت صلة عضد الدولة على قصيدتك : " مغاني الشعب " ؟ - لقد كان كريما يا أبا عمر ) ١ ( - أين عطاؤه يوم نثر الورد من عطاء سيف الدولة ؟ - ان صاحبك يا ابا عمر يجزل ولكن عن تكلف . وذلك يقل ولكن عن طيب نفس - لم فارقت ذاك وأتيت هذا ! - لقد حالت ظروف ذاك دون تحقيق الامل ولا أدرى ماذا يكون وراء وعد صاحبكم ؟ - بماذا وعدك ؟ - أتجهل ما وعدني وأنت وزيره يا أبا جعفر ؟ ! - انه قد ملكك مرادك في المقام والظعن - وهذا يكفى اذا لم يكن لدى صاحبكم غيره
٨
- ايه يا ابن الصباغ ماذا قال لك ذلك المتغطرس ؟ - انه مازال يفضل سيف الدولة - أتراه يفضله على ؟ - نعم - أين صلاتى من صلات سيف الدولة - يقول انك تعطى تكلفا وذاك يعطى سجية . - أو يقول ذلك ؟ نعم - انا لانأمن أن يشهر بنا كما فعل بكافور - وذلك ما يعنيه بقوله :
واني وفيت وانى أبيت واني عتوت على من عتا
- انه يتهددنا فماذا ترى ؟ - ان فاتكا وجماعته يتحرقون على كنوزه - وما يمنعهم عنها ؟ - انهم يخشونك . - ألا فليعلموا انني براء منه - اذن اطمئن ، فان آبا الطيب لا ينظم بعد اليوم شعرا . .

