ان القصة روح قبل ان تكون مظهرا ، وفكرة قبل ان تكون حادثة وان روح القصة الحي وفكرتها الصميمة يجب ان تكون قبسا من الانسانية التى اليها مرد الفن الرفيع . محمود تيمور
- 1 - الشيخ اسماعيل الصدراتى والممثلة فوزية نعيم والممثل سليم البرجي عائدين من التمرين فى " كروصة " بين القصبة وباب منارة . وكانت اجراس الخيل ووقع حوافرها تملأ سكون ليلة من ليالي شتاء 1925 . واذا بالشيخ يصيح ، مشيرا الى احد المارة
- هذا كه موش الباجي ؟ شد يا كرارصى . يلعن السخط والله يعطيني لحية هارون الرشيد والا انا واياه للبرمناص . اوقف الكرارصى ونزل الشيخ . - امشيو توه نخلط على ساقى . قالت فوزيه : - يا ولدى اخطاك . ها الشوهه باش تعملها . نزل الشيخ وتابعت الكروصة سيرها خيم الصمت وثقل الجو ، واخيرا قال سليم : - ما اصعبو الشيخ ! - آش ريت ؟ - عاد حتى معاك انت ؟ يحبك ياسر - كل واحد يقاسي اللى كتب له يجد ما كان يتوقع . بل آنس اطراحا فيه تكلف ، فتجاسر قائلا : - برشه ناس يحسدوا الشيخ ويتساءلوا كيفاش منجمتو مع اخلاقو المزمرة .
- ما يخفاكش المرأة ليها راجل فى هاالدنيا . وانا وبنتى وامي اشكون باش يقوم بينا ؟ .
- والشيخ عندو باش يقوم بيكم ؟ - انت ماهو احسن من بلاش ويره ؟ شعر سليم بانه سيد الموقف ، واخطر ما قد يقع له صفعة من يدها اللينة . لا ضير ، هما على انفراد ، وليس من يذيع الخبر . دخلت الكروصة فى ظلمة بين باب الجديد وباب الجزيرة فاقترب منها وتحسس هل من نفور وضمها وقبلها وانتظر ...
- هكه سليم ! استني . رد بالك من الحمير يمشيش يبلحطلك وجهك .
واخرجت منديلها وبللت طرفه بريقها واخذت تمسح له ولما خرجت الكروصة الى ضوء باب الجزيرة تركت له المنديل وهمست . - تحت شفتك ما زال شويه .
عندها وصلوا امام نهج سيدى البيدى فنزلت ، خفيفة كالروحانية ، واختفت فى ظلام زنقتها . صاح سليم بالكرارصى : - كمل لباب بحر من فضلك. - ايص ! قدم !...
وطريق الكرارصى سوطه فى الهواء وانطلقت الكروصة بجلاجلها تخترق الانهج نحو باب البحر ثم البيقة ثم باب سويقه وسليم مستلقى ينعم ...
اهل المقاهى فى العابهم وضوضائهم والباعة " بنصباتهم " والدكاكين انقلبت اندية بعد انقضاء النهار فى بيع وشراء هو ذا صاحب الدكان فى جماعة من اخوانه يسمرون بالتاي والاحاديث الحلوة . وتلك الدكاكين الخابئ ضوؤها أو المرصع ظلامها باقباس " السواقر " ان بها انسا وحركة وحديثا ذا شجون .
الكروصة تهرول وسليم ينعم : "ايها العباد ، اسمعوا وعوا ، انا سليم ابن حميدة البرجى ، انى سعيد ! ". وتذكر صيحة لامرتين وسط بحيرته : " توقف ايها الزمن ".
