الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 2الرجوع إلى "الفكر"

ندوة القراء، الى ناقد اتباعى،

Share

الشعر . . والأدب بصفة أجمل ، كائن متحرك ، ينمو ويتوالد ، ويتخذ شتى الأشكال ، وشتى المقاييس والصور ، فى سبيل أفق أروع ، وصحو أجلى وآنق . . .

و (الحركية ) في الأدب ، مبدأ ( إغرائى ( لا أعرف كيف أتملص منه ، هو من في الصميم ، أستنشقه ، وأصعده ، وأردده في أحلامي . . لم اعرف الاطمئنان الفنى - حياتى - .

كنت أحلم بعنف . . أهدم بعنف . . أشعر بعنف . . أتحدى كل النظم الأدبية التى حفظتها ، ورددتها على مسامعي رياح الدنيا قاطبة .

لم أطمئن فنيا .. فثرت بهمة النار والأعاصير . . أدفع باب المستحيل بقبضة من عزم ودم وأطل على الحياة الكبرى ، فاندمج توا فى قوانينها الثابتة ، وأغوص فى جذورها ، وأكشف عن هيولاها . . .

إني أحلم بفن ) مطلق ( ، أدق وأعمق مما أتصور . . مما يمكن أن يتصور . . أحلم بقصيدة عذراء ، لم تجد بأطيب منها البساتين . . ولا بأعف . .

وكلمة أحلم بقصيدة ) مستحيلة ( . . قصيدة لا بعدها بعد . . . هي الابداع . . ولا نكران !! ..

فلك القصيدة الحرم

لقصائدى الشعرية . . كما لكل قصائد الدنيا . . ) كون شعرى خاص ( . . وهو ما أسميه . . ) فلك القصيدة الحرم ( . . كون كامل من ) الأساطير .. والأحلام . . . والظلال . . . والخيالات . . والحب . . . واللاوعى . . )

وأنا . . بهذا الفلك الأسطورى العجيب ، أبحث عن قارئ من طراز آخر . ابحث عن قارئ . . . . شاعر ! . .

إذن . . فالقصيدة تمثل ( نقطة التحام ( وفرصة التقاء ، بين الواضع من جهة تكييف الجو الشعرى المناسب ، والقارئ - من جهة اخرى - والذى تتمثل وظيفته فى أن يهتدى الى ) المفتاح السحرى ( الذي يمكنه من ) الولوج ( فى عالم الجمال . . والدفء . . والقداسة . .

من اللفظة إلى الفلك

مهمة اللفظة فى القصيدة مهمة شاقة . . وعسيرة جدا . . وهذا يحتاج من الواضع الى حد أسمى من ) التمرس ( الفنى الصادق ؛ والموهبة العنيفة الحادة .

فاللفظة فى حد ذاتها - لا تعنى شيئا - ولا ( تبوح ) بشئ . . إن جازت العبارة - ولكنها ) تنويـــ)ه ، وهي كما يقول مالارميه : ) لا تصور الشئ ، بل الأثر الذى يحدثه ) .

يقول نزار قبانى فى إحدى قصائده :

" ونهدك تحت ارتفاف القميص شهى شهى كطعنة خنجر "

ويمكن لنا كذلك أن نستشهد بالشاعر العبقرى رامبو وخاصة بفصله فى الجحيم ، وباشراقاته وبقاربه السكران ، وكذلك بفرلين ...

شفافية اللفظة . . تجعلك تنفذ فيها ، وتتخللها ثم ) تجتازها ( . . . فتتمكن من ) الولوج الى داخل الفلك الشعرى ( .

فوجود العبارة ، وسيلة بحث ، والعبارة الناجحة ، هي تلك التى :

خبر الشاعر مواهبها التبليغية ، وأحسن توزيع الأدوار على ألفاظ القصيد بكيفية تجعل كل لفظة فى بيئتها الفنية ، أو التاريخية أو الحضارية ، التى يجب أن تكون فيها .

فاذا صادفت لفظة ، وعجبت لغموضها ، أو لسذاجتها أو لنبلها . . ثق انها أدت مهمتها - تلك التى قصدها الواضع - باخلاص وتفنن ، ولتجهر باعجابك ، ولتصفق لها . .

شعري . . والنقد المسمم

واللفظة - في قصائدى - لشفافيتها . لا تسمح لك كونها السحري ، ان أنت أعملت فيها بكل - فظافة ووحشية - ) معول النقد والتشريح ( . . . إن

أنت زججت بها فى غياهب مخابرك ومجاهرك ، وقتلتها درسا ، وبحثا وشرحا ، وتمحيصا ، وتقييما ، وتحليلا ، وتركيبا ، ، الخ . . لا ٠ لا ٠٠

لا تقف عند اللفظة ( كمادة عقلانية ( من حيث هى ) مدلول منطقي ( . لكن تحدها . . الى حيث هى . . ) نوطة موسيقية ) . . في سمفونية خالدة لا أحلى ، ولا أسمح .

وقد قال كروتشه : " على الناقد أن يقف أمام مبدعات الفن ، موقف المتعبد ، لا موقف القاضي أو موقف الناصح "

قصائدى . . كالحب هى .

قصائدى كالحب هى . . قد لا تفهمها . . ولكنك تحسها ؛ وتشعر بخفقانها بين أعشار قلبك ، كأنها تبحث عن وتر خفي . . لن توقظه إلا هي .

لقد قلت فى مجال آخر :

" إفسحوا المجال للكبد هذه المرة . . وأنتم تقرؤون هذه القصيدة إستمعوا إلى نبضات الكلمة ، وهى تحن ، وترجو ، وتتوجع ؛ وانظروا إلى مواكب المعانى ، ومهرجانات الحروف ، وهي تزغرد وتصخب . . . "

ماذا ؟ ٠

إنكم على موعد مع رقصة كمانية ، وشطحة بيانو . . لا أغرى ، ولا أجود . . صدقوني . . إن أنا قلت لكم : لا مجال للعقل فى شعري ، أنا اشعر ، ولا اعقل ، ولا أستوعب شيئا سوى الرقص ، والعطر ، والكبريت ، أنا بلا أعصاب ، بلا جفون ، أمام نجمة عاجية ذات أعصاب . . فاغفروا لى " .

عمادة القصرين - القصرين

اشترك في نشرتنا البريدية