لمجلة الفكر منزلة خاصة تتمتع بها عند كثير من القراء ، هذه المنزلة جعلتنا نعتمد عليها ، ونثق بآرائها ، بل وتنتظر تلك الآراء بفارغ صبر احيانا .
وعلى هذا الاعتبار انتظرنا عددها الاخير انتظار الولهين ، لا لانها تغيبت عنا شهرين كاملين - فى عطلتها السنوية - فقط بل الآن هامة في ميدان الثقافة ومستقبل التعليم قد جرت اثناء هذه العطلة ؛ اذ أخرجت كتابة الدولة للتربية القومية ، برنامجها الجديد الذى سطرت فيه مستقبل التعليم واتجاهاته فى مختلف الدجات بشكل يبدو عليه طابع الطمانينة والارتياح ، بل والاستقرار الكامل
ولا يشك احد فى ان اسرة الفكر قد اطلعت على هذا البرنامج ، ولعل بعضا منهم قد شارك فى إعداده او اعداد مواده وجزئياته .
على ان الفكر للست دخيلة او حديثة عهد بهذا الميدان - ميدان مستقبل التعليم بتونس - بل نحن نعرف لها جهودا مشكورة في هذا الباب ، ومن بينها تخصيص عدد كامل فى مطلع عهد الاستقلال عالجت فيه شؤون الثقافة ومستقبل التعليم ، شارك
فله جمع من الاساتذة يمثلون مختلف الترعات والمشارب ، وبسطوا هناك اراءهم فيما ينبغي ان يكون عليه تعليمنا وقد صرنا احرارا في توجيهه الوجهة التي نراها ونؤمن بجدواها وفاعليتها فى مستقبل حياتنا الثقافية .
تلك هى الاسباب التى جعلت قراء الفكر يتطلعون مشرئبة اعناقهم لرأيها حول البرنامج الجديد .
اهى تؤيده ام تعارضه ؟ ؟ ؟ ام تؤيد بعضه وتعارض بعضه الآخر ؟ ثم ما مدى استجابة هذا البرنامج لحاجات الامة القومية والروحية ؟ او بعبارة اخرى ما مدى استجابته لمقتضيات حياة الاستقلال والحرية ؟
بل ما مدى استجابته لآراء اسرة الفكر او مراسليها وعلى الاخص الذين كتبوا فى العدد الخاص المشار الله ثم اتلح لهم ان يشاركوا فى إعداد هذا البرنامج فيما بعد ؟
كان خليقا بمجلة في مستوى الفكر ، وفي ظرف دقيق كظرفنا الحاضر ، ازاء قضية دقيقة وشائكة وخطيرة كقضية التعليم ، ان تتكلم فيها بشجاعة سواء أكان رايها استحسانا او استهجانا ؛ لان الذي يهمنا تصحيح وضع محفوف بالابهام والريبة وطرد اشباح البليلة الرائنة على عقول الناس ، وما تنتجه هذه البلبلة من حيرة واضطراب
ولكن الفكر - للاسف الشديد فضلت الصمت في الموضوع ، دون ان نجد علة وجيهة تبرر هذا السكوت المخيف
فيها تنفضل الفكر بالاحية على تلك الاسئلة وتطرد أشباح الحيرة والربية من نفوس قرائها على الاقل
وهل تختار كما عهدناها من قبل - العظمة على السعادة ؟ نحن ننتظر في شوق وأمل - وكلنا ثقة بأن الفكر وهى ما ذكرنا - لا تفضل السكوت في موضع الكلام . ولا ترضى - وهى تحمل مسؤولة تقبلة باعتبارها المجلة الوحيدة فى البلاد ان تترك الاحداث الهامة الخطيرة تمر دون ان يكون لها فيها فضل درس وتسديد او تعليق وان ماضيها وجهودها فى هذا الشان يفرض عليها ذلك فرضا . وذلك مهما تكن الاعتبارات والمبررات
) صفاقس المدرسة الثانوية للذكور (
