ولم أقصد ( * ) فيما ذكرته من شعر كل شاعر مختارا له سبيل من قلد أو استحسن باستحسان غيره ولا نظرت الى المتقدم منهم بعين الجلالة لتقدمه ولا المتأخر منهم بعين الاحتقار لتأخره بل نظرت بعين العدل على الفريقين وأعطيت كلا حقه ووفرت عليه حظه فانى رأيت من علمائنا من يستجيد الشعر السخيف لتقدم قائله ويضعه موضع متخيره ويرذل الشعر الرصين ولا عيب له عنده الا انه قيل فى زمانه ورأى قائله ولم يقصر الله الشعر والعلم والبلاغة على زمن دون زمن ولاخص به قوما دون قوم بل جعل ذلك مشتركا مقسوما بين عباده وجعل كل تقديم منهم حديثا فى عصره وكل شريف خارجيا فى أوله فقد كان جرير والفرزدق والاخطل يعدون محدثين وكان أبو عمرو ابن العلاء يقول لقد نبغ هذا المحدث وحسن حتى لقد هممت بروايته ثم صار هؤلاء قدماء عندنا ببعد العهد منهم وكذلك يكون من بعدهم لمن بعدنا .

