(سوريا )
إيماض فكرك حتى اليوم يحتدم على زجاجة روحى بات يضطرم
عروقنا خاطفات نوره شغفا من أول اللمح ، حين اللمح يستلم
مازال في الكتب بعض من سريرته تزهو الحروف بها مجدا وتعتصم
علقت بالأفق من روحي كواكبه فما غشت افق روحي بعدها ظلم
على (مسلية) هل الطفل فارتعشت على مراقده اليقظات والحلم
في كفه ريشه صغرى وفي فمه نجوى على شفة التاريخ ترتسم
قد كحلت ناظريه في لفائفه مراود فى جفون السحر تنتظم
ورف منه ذكاء راح يمطره من بارق اللمح ما تزكو به الديم
(القيروان) سقته من مراشفها حتى تدلى عليه الناضج التمم
فيها عباقرة من كل متقد لهم على ابن رشيق في الهدى سيم
سر ، وما السر ، فضيه ولا تهني يا ريشة لعباب الدهر تقتحم
يا ريشة ابن رشيق من أنامله أرضعت طفل خلود فانتشت حلم
من حين ما غطها في حبره برقت لنا الخواطر حتى أمطر الكلم
غيوثه لم تزل تهمي منضرة لنا مذاقا بنبل الشمس يتسم
أقبل الريشة العصماء في يده كما يقبل أزهار الشهيد فم
إني لألمحه خلف الزمان على أريكة الجهد يضنى وهو يبتسم
الليل بين يديه واجف هلع يطوى على عينه اليقظى وينحطم
أزاح أنجمه وانسل مختطفا أفكاره ، فمراياها هي النجم
وغاية النجم لو ندرى ولهفته أن يستنير بما يسخو به القلم
وأنمل ابن رشيق في غزارتها ترقرق الكتب والايام تستلم
في غرفة الدهر جاث خلف منضدة يخط لا تعب يشكوه ، لا سأم
وشمعة دونه خرساء صابرة الشمس تغفو بها والبدر ينكتم
تنير للكتب ان تهدى مسالكها الى الخمائل حيث الجني يزدحم
فى كل سفر شموخ من مكاشفة فهل على كل سفر يشمخ الهرم
وخير ما ضاء في قنديله أدب له على كل حس مرهف ضرم
النقد أعلى به ميزانه ألقا في كفتيه يزان الدر والتوم
في (عمدة) ، شاد فيها صرح مملكة من جوهر الادب السامي لها دعم
لفظ ومعنى على آفاقها اختلفا أي يصيح وأي منهما يجم
إن أخرس اللفظ فالمعنى وان شردت ابعاده فهو كاب هامد رمم
أو أطفأت وقدة المعنى وعاش على رمادها اللفظ ، ماذا ينفع الأيم
كلاهما واحد فليرقصا أبدا على العطاء معا ولينتش النغم
والأذن للروح أقداح فإن قبلت أسكوبها الروح فهو الرائق الشبم
ما خلد البحتري اللفظ منسجما ولا حبا المتنبي مجده الحكم
لكنما يهب التخليد مستعرا شعر على اللفظ والمعنى له قمم
شعر يجل عن التمحيص ريقه ولا تردد فيه لا ، ولا نعم
لكنه ومضة سحرية خطفت ما يكنز القلب او ما يخبيء الفهم
والشعر لص شريف الخطف راحته جلت فما نالها القانون والحكم
ولن يهاب سجونا في مطاوحه فسجنه وان تمادى الروح والرحم
والصبح يا ابن رشيق طالع أبدا من دفتي كتب قد حفها العظم
النور في الحبر لا في الشمس مولده ان الدواة لبحر بالسنى عرم
كم أبحر الفكر فيها ضد سفرته وظل يبحر والأمواج تلتطم
على سفينته تلهو معربدة حضارة ببريق الفكر تلتثم
حضارة هي تاج الكون ما برحت على يواقيتها تستشرف الأمم
لها على شرف الحمراء ، زاهرة وفي دمشق وفي بغداد مبتسم
ظلت على وهجها مادام يشعلها على العروبة شعب ليس ينفصم
هل كنت يا ابن رشيق ان دنا سفر تبدى جواز رحيل حين تقتحم
امامك الارض أرض العرب واسعة لاحد يقسمها تربا ولا تخم
ما بالنا اليوم أشياعا تمزقنا يد الشتات فلا شمل ولا شيم
مضيعين ونور الضاد ترشدنا معثرين ولا تشكو لنا قدم
يجتاحنا طامع من كل ناحية ويستبي ارضنا في قدسنا نهم
فشق يا ابن رشيق من (( صقلية )) قبرا وأشرق علينا ، لفنا الغسم
وضئ على روحنا ، فى راحة قلم واحدب على جرحنا ، في راحة علم
